رسالة إماراتية شديدة اللهجة لـ”الشرعية” عملية الاغتيال مرتبطة بوصول معين

عدن – تقرير خاص – المساء برس| يبدو أن تعيين السعودية لمعين عبدالملك رئيساً لحكومة “الشرعية” لم يرق لأبوظبي وقيادتها العسكرية المسيطرة على المحافظات الجنوبية اليمنية.
فما إن وصل عبدالملك إلى محافظة المهرة شرقي اليمن حتى باشرت أبوظبي باستئناف الاغتيالات في عدن، حيث اغتال مسلحون مجهولون يستقلون دراجة نارية الشيخ حميد الأثوري إمام مسجد التقوى في حي النصر بمنطقة الصولبان، وبعدها بساعات، حسب معلومات غير مؤكدة، تم اغتيال إمام جامع عبدالله عزام، في منطقة المعلا، علماً أنه إذا صح اغتيال إمام مسجد عبدالله عزام فإن هذه هي ثاني عملية اغتيال في يوم الواحد وهي أيضاً ثاني عملية اغتيال تطالب إمام نفس المسجد.

    رسالة إماراتية

اغتيال إمامي مسجدين آخرين في يوم واحد، إذا صحت معلومات اغتيال إمام المسجد الآخر، وبالتزامن مع وصول عبدالملك إلى المهرة يراه مراقبون رسالة واضحة الدلالة أرادت أبوظبي إرسالها إلى “الشرعية”، مفادها أنها لن تسمح لها بالعودة إلى عدن والعمل منها كما تشاء “الشرعية” لا كما تشاء أبوظبي.
ولم يعد خافياً أن الإمارات هي من تقف خلف عمليات الاغتيال التي طالت المئات من رجال الدين والقادة العسكريين والأمنيين ومسؤولين مدنيين والتي تجاوزت حتى 26 مارس 2018 الـ350 عملية اغتيال حدثت جميعها في المحافظات الجنوبية المسيطر عليها من قبل قوات إماراتية ومسلحين موالين لها، ومعظم هذه الاغتيالات حدثت في مدينة عدن.

    فريق إسرائيلي أمريكي فرنسي لاغتيال خصوم أبوظبي بعدن

كان الموقع الأمريكي الإخباري “بازفيد نيوز” قد كشف مؤخراً عن استئجار الإمارات لشركة إسرائيلية مقرها في الولايات المتحدة توظف ضباط وجنود عسكريين سابقين في الجيش الأمريكي لتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية حسب الطلب في أي مكان في العالم، وحسب شهادة أبرز مسؤولين في هذه الشركة فقد تعاقدت معهما الإمارات لتجهيز عدد من المرتزقة الأمريكيين ممن كانوا يخدمون في الجيش الأمريكي سابقاً مهمتهم تنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات داخل عدن.
وحسب شهادة المسؤولين في الشركة فإنهما شاركا على رأس هذه المجموعة وقاما بتنفيذ 30 عملية اغتيال ضد رجال دين موالين للإصلاح وشخصيات أخرى أرادت أبوظبي التخلص منها رغم أنها ليست شخصيات متهمة بالإرهاب أو موالية للإصلاح.

    انتقال مهمة الاغتيالات إلى فريق يمني بتوجيهات إماراتية

فريق الاغتيال الذي كان يتكون من ضباط ومجندين من جنسيات إسرائيلية وأمريكية وفرنسية، حسب ما كشفه الموقع الأمريكي، لم يعد يعمل اليوم في اليمن، لكن هذا الفريق لم يغادر عدن إلا بعد أن أكمل الجزء الثاني من مهمته المطلوبة وهي تدريب أشخاص جنوبيين جندتهم أبوظبي للعمل لصالحها، حسب شهادة قائد فريق الاغتيال ذاته، والذي أكد للموقع الأمريكي أنه طُلب منهم تدريب المجندين الموالين للإمارات لتنفيذ عمليات مشابهة للعمليات التي كان ينفذها فريق الاغتيال بما فيها عمليات الاقتحام والمداهمة والاختطافات وعمليات أخرى تنتهك القانون الإنساني الدولي.
حسب مصادر خاصة جداً، تحدثت لـ”المساء برس” في وقت سابق من العام 2017، فإن خلية مكافحة الإرهاب التي شكلتها الإمارات في عدن عبر عدد ممن كانوا يقاتلون ضد قوات صنعاء وجماعة أنصار الله في 2015، هم من يقفون خلف عمليات إرهابية واغتيالات حدثت خلال عامي 2016 و2017م، كاشفة أيضاً أن “مهران القباطي” الذي كان يقاتل ضد الحوثيين كان يتزعم جماعة مسلحة تقاتل ضد قوات صنعاء باسم “المقاومة”، غير أنها ارتكبت جرائم أخلاقية منها اغتصابات وسرقات ونهب ممتلكات ولم تكن تنتمي للقوات العسكرية التابعة لـ”الشرعية”، ونشطت في مجال نشر وتجارة الكحوليات والمخدرات وأبرزها العقاقير في أوساط الشباب وصغار السن في عدن.
وأضافت المصادر حينها، إنه وقبل أن يصبح مهران القباطي قائداً لقوات مكافحة الإرهاب التابعة لأمن عدن كان يقوم بتنفيذ عمليات اعتقالات ومداهمات واغتيالات بناءً على توجيهات يتلقاها من ضباط إماراتيين في القاعدة الإماراتية العسكرية في عدن، بشكل مباشر، وأنه إذا ما أرادت قيادة القوات الإماراتية إحضار أي شخص في عدن أو اعتقاله كانت تقوم بتكليف القباطي وجماعته بتنفيذ المهمة، وأن مهمته هذه لا تزال سارية حتى اليوم، فوحدة مكافحة الإرهاب التي يقودها القباطي هي تابعة لأمن عدن الذي يقوده شلال شايع الذي صنعته وصعدته الإمارات لهذا المنصب رغم أنه – أي شايع – لا يلتزم بأي توجيهات تأتيه من وزارة الداخلية التابعة لحكومة “الشرعية” إذا تعارضت مع توجيهات أخرى تأتيه من قيادة القوات الإماراتية.

    الذراع السياسي للإمارات جنوب اليمن

المجلس الانتقالي الذي شكلته الإمارات ودعمت قياداته الذين تحتجز أبوظبي عوائلهم في الإمارات لضمان استمرار مهمتهم لخدمة أبوظبي وتنفيذ توجيهاتها، بات هو الذراع السياسي الذي تستخدمه أبوظبي لشرعنة بقاء قواتها جنوب اليمن ولشرعنة صراعها ضد حكومة “الشرعية” التي لا تستطيع العودة إلى عدن حتى اليوم ولا تستطيع اتخاذ أي قرار سياسي أو إداري أو عسكري في ظل وجود المندوب الإماراتي في عدن.

    الإصلاح أمام مستقبل مجهول وصراعه باسم الشرعية مع أبوظبي مستمر

وعبر المجلس الانتقالي أيضاً تستهدف أبوظبي نفوذ حزب الإصلاح في الجنوب بالكامل وتسعى حالياً عبر أذرع سياسية سلفية ومؤتمرية أخرى في تعز ومأرب والجوف لضرب الإصلاح والتخلص منه، أو على الأقل تقليص نفوذه وتقييده داخل حكومة “الشرعية” المنفية وغير الموجودة أصلاً في اليمن، وعلى الرغم من ذلك إلا أن حزب الإصلاح، والذي أيد بقيادته ومثقفيه ونخبته وقواعده التدخل السعودي الإماراتي عسكرياً في اليمن في مارس 2015، لا يزال يعتبر هذا التدخل العسكري يأتي لمصلحة اليمن والشعب اليمني ويعتبر ما تمارسه الإمارات جنوب اليمن أنها مجرد أخطاء صاحبت هذا التدخل، غير أن ذلك لا ينطبق على كل من ينتمي للإصلاح، فتيار القيادية في الحزب توكل كرمان بات يتهم مباشرة السعودية والإمارات بأنهما دولتان محتلتان للأراضي اليمني ويصف هذا التيار التدخل العسكري للتحالف بأنه عدوان ضد اليمن.
ولأن هذا التيار في الإصلاح كان من مرحبي ومهللي ومصفقي التدخل العسكري نكاية بالحوثيين وحتى لا يقال “أنتم أيدتم التحالف وصفقتم له ورحبتم به واليوم تصفونه وتتهمونه بممارسة الاحتلال وأنه عدوان”، فقد اتجه تيار الإصلاح الموالي لتركيا وقطر إلى الهروب من هذه الحقيقة عبر القول في اللقاءات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي بأن الحوثيين هم سبب ما يمارسه التحالف في اليمن من احتلال، وأنه لولا الانقلاب الذي نفذه أنصار الله على الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي لما تدخل التحالف عسكرياً ليحتل اليمن، لكن ما يهرب منه تيار الإصلاح التركي القطري، هو الاعتراف بأن تأييد الحزب لهذا التدخل وتجنيد أعضائه وقياداته كموظفين لدى التحالف في الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية طوال ما يقارب 4 سنوات من الحرب على اليمن، هو السبب الرئيسي الذي شرعن للرياض وأبوظبي التحكم والسيطرة على اليمن وقراره وقرار حكومته المنفية “الشرعية” والخاضعة قسراً للإقامة شبه الجبرية في السعودية.
ويرى مراقبون أنه طالما لا يزال حزب الإصلاح يفكر بهذه الطريقة ولا يريد أن يعترف بخطئه الذي ارتكبه في 2015، فإن صراعه غير المتكافئ مع أبوظبي داخل اليمن لن ينتهي حتى وإن تغير رئيس “حكومة الشرعية” وحتى وإن تغير “هادي” نفسه الذي يبدو أنه قد خرج نهائياً من السعودية ومن الحياة السياسية برمتها أيضاً، وهو ما يدعو إلى التساؤل: هل يدرك الإصلاح أن الوقت قد حان للبحث عن نقاط مشتركة مع جماعة أنصار الله واستغلال انشغال الرياض بقضية خاشقجي لإيجاد أرضية توافقية وعقلانية تتم بشكل هادئ وسلس لوقف الحرب نهائياً والعودة إلى أرض الوطن؟!، وهل يدركون أيضاً الرسالة التي وجهتها أبوظبي اليوم من عدن باغتيال إمام مسجد جديد بالتزامن مع وصول معين عبدالملك إلى المهرة؟، وهل يدركون أن الإمارات لا تزال تمتلك أوراقاً ومبررات تستطيع عبرها مواصلة منع “الشرعية” ومسؤوليها المنفيين من العودة إلى المناطق التي لا يسيطر الحوثيون عليها، وممارسة أعمالهم منها؟.

    إحصائية اغتيالات رجال الدين بعدن

رصد “المساء برس” عمليات الاغتيال التي طالت أئمة وخطباء المساجد في عدن منذ سيطرة القوات الإماراتية على المدينة وحتى اليوم، يسردها الموقع بتواريخ تنفيذها فيما يلي:
4 يناير 2016م: اغتيال الشيخ علي عثمان الجيلاني، إمام وخطيب مسجد القادرية.
31 يناير 2016م: اغتيال الشيخ سمحان الراوي، إمام وخطيب مسجد ابن القيم.
28 فبراير2016م: اغتيال الشيخ عبد الرحمن العدني.
29 ابريل 2016م: اغتيال الشيخ مروان أبو شوقي.
5 يوليو 2016م: اغتيال الشيخ عابد مجمل، خطيب مسجد الفاروق.
21 يوليو 2016م: اغتيال الشيخ فائز الضبياني.
23 يوليو2016م: اغتيال الشيخ عبدالرحمن الزهري، إمام وخطيب مسجد الرحمن.
15 أغسطس 2016م: اغتيال الشيخ صالح حليس، إمام وخطيب مسجد الرضا.
10 أكتوبر 2017م: اغتيال الشيخ ياسين الحوشبي، إمام وخطيب مسجد زايد.
18 أكتوبر 2017م: اغتيال الشيخ فهد اليونسي، إمام وخطيب مسجد الصحابة.
28 أكتوبر 2017م: اغتيال الشيخ عادل الشهري، إمام وخطيب مسجد سعد بن أبي وقاص.
5 ديسمبر 2017م: اغتيال الشيخ عبد الرحمن العمراني، إمام وخطيب مسجد الصحابة.
12 ديسمبر 2017م: اغتيال الشيخ فائز فؤاد، إمام وخطيب مسجد عبدالرحمن بن عوف.
5 يناير 2018م: نجاة الشيخ صلاح الشيباني، إمام وخطيب مسجد الفرقان.
18 يناير 2018م: اغتيال الشيخ أيمن بايمين، أحد أئمة جامع العادل.
24 يناير 2018م: اغتيال الشيخ عارف الصبيحي، إمام وخطيب مسجد الرحمة.
13 فبراير 2018م: اغتيال الشيخ شوقي كمادي، إمام وخطيب مسجد الثوار.
14 فبراير 2018م: نجاة الشيخ جلال المارمي، إمام وخطيب مسجد آل البيت.
28 مارس 2018م: نجاة الشيخ ياسر العزي، إمام وخطيب مسجد ساحة الشهداء.
28 مارس 2018م: اختطاف الشيخ نضال باحويرث، إمام وخطيب مسجد الذهيبي.
24 أكتوبر 2018م: اغتيال الشيخ حميد الأثوري إمام جامع التقوى.
24 أكتوبر 2018م: اغتيال الشيخ محمد راغب إمام جامع عبدالله عزام

قد يعجبك ايضا