الإمارات تحقق حلماً إسرائيلياً قديماً في سقطرى

إبراهيم القانص – وما يسطرون – المساء برس|

ثلاثة آلاف وسبعمائة وستة وتسعون كيلو متراً مربعاً، من اكتمال الجمال الذي وصل حد السحر، هي النموذج الأمثل للجنة بتنوعها الحيوي الفريد وموروثها الطبيعي الذي لا يزال بكراً.

جزيرة سقطرى اليمنية، مفتاح البحار السبعة، وشفرة الأسرار الكونية، منحتها الطبيعة عقد امتياز بأن تكون وطناً حصرياً لكائنات بحرية وبرية وطيور ونباتات نادرة، حتى أطلقت عليها شعوب الحضارات القديمة، كالرومان واليونان، “جزيرة السعادة”.

تعرّض أرخبيل سقطرى منذ القدم لمحاولات احتلال برتغالية ورومانية، لكنه ظل متمسكاً بهويته اليمنية، وموقع الجزيرة على مفترق ممرات مائية استراتيجية في المحيط الهندي جعلها هدفاً للأطماع الدولية، التي وصلت حد الصراع سعياً للسيطرة على حركة التجارة العالمية، فمن يستطيع السيطرة على سقطرى سيتمكن من السيطرة عسكرياً على الطرق البحرية الرئيسية.

لكن الأحداث الأخيرة من الصراع على جزيرة سقطرى، والذي انتهى باحتلالها إماراتياً، كشفت أن الجميع كان يسعى للسيطرة على الجزيرة خدمة لأهداف إسرائيلية تندرج ضمن المشروع الكبير للكيان المحتل وهو حكم المنطقة العربية من الفرات إلى النيل، والذي تمكن الكيان من تطويع عدد من دول المنطقة لتحقيق مشروعه وعبر قوى عالمية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أولى ثماره في إعلان الإمارات التطبيع الشامل إسرائيل، وكذلك السعودية وإن كان تطبيعها لا يزال سرياً ولم تعلن عنه بعد، لكنه قيد التنفيذ ومكتمل الأركان.

ما تسعى الإمارات الآن من خلال احتلالها لجزيرة سقطرى اليمنية هو تحقيق الحلم الإسرائيلي القديم، ففي عام 1939م كان لدى بريطانيا مشروع لتوطين اليهود في الجزيرة، حيث اعتبرت المملكة المتحدة توطين ألف أسرة يهودية في الجزيرة أمراً منطقياً، إلا أن محاولتها باءت بخيبة أمل كبيرة، حيث رفض وزير مستعمراتها الذي كان حينها حاكماً لعدن فكرة التوطين، ولم تتمكن الحكومة البريطانية من منح اليهود أجمل مكان على سطح الأرض وهو جزيرة سقطرى، وكان رفض وزير المستعمرات البريطاني مبنياً على أن منح الجزيرة اليمنية لليهود قد ينهي علاقة العرب مع بلاده ويهز ثقتهم فيها.

أصبحت الفاتنة النائمة على صدر المحيط الهندي في مرمى مخالب الأشقاء وأنياب الأصدقاء الساعين جميعهم لمنح إسرائيل ما تتمنى، في إطار علاقاتهم التطبيعية معها، فقد ادعت الصومال ملكية سقطرى، وطلبت من الأمم المتحدة تحديد الجرف القاري للجزيرة، في حين كانت اليمن تفتح ذراعيها لآلاف اللاجئين الصوماليين، وكانت الصومال حينها تحت أنقاض دولة دمرتها الحرب الأهلية، ولم تكن ذريعتها ابتعاد سقطرى 100 كيلو متر عن سواحلها و300 كيلو متر عن السواحل اليمنية؛ سبباً كافياً لادعاء الملكية، بل كانت بحسب مراقبين بإيعاز إماراتي، لكن الصومال بعدها تمردت على حليفتها أبو ظبي وألغت عقدها مع موانئ دبي.

مسارات عدة اتخذتها محاولات السيطرة على سقطرى اليمنية، أبرزها المسار الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية، والذي عنونته بمكافحة الإرهاب، كعادتها، حيث سعت لنشر قواعد عسكرية متكاملة في الجزيرة لما أسمته القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن، وروجت حينها أن تلك القواعد ستكون جزءاً مهماً من الحرب العالمية على الإرهاب، حسب توصيفها، ولم يكن ذلك سوى أحد خيوط اللعبة الدولية الكبيرة لتمكين إسرائيل في النهاية من السيطرة على الجزيرة والتحكم في طرق الملاحة الدولية، وهو ما تعمل الإمارات الآن على استكماله في إطار إبداء ولائها التام للكيان الغاصب الذي تجردت من عروبتها ومبادئها بإعلان التطبيع معه وتنفيذ مشاريعه وخططه الاحتلالية للمنطقة العربية.

المصدر: مقال منشور للكاتب في موقع البوابة الإخبارية اليمنية

قد يعجبك ايضا