تداعيات خطيرة لقرار مجلس الأمن الأخير على مستقبل الحل السياسي في اليمن
المساء برس – متابعات
في هذا التقرير تفنيداً لمضامين قرار مجلس الأمن الأخير وتأثيره على مستقبل الحل السياسي في اليمن
اعتبر المحلل السياسي عبد الوهاب الشرفي أن القرار الاممي 2342 الخاص باليمن، و الذي صدر مساء الخميس 23 فبرائر/شباط 2017، بأنه قرار مستغرب صدوره من مجلس الأمن بعد رحلة التفاوضات السياسية التي استمرت لعامين.
و أشار الشرفي إلى أن القرار يمثل نكوص مباشر من مجلس الامن عن تحمل مسئولياته و اهماله المقصود للحالة الانسانية الكارثية التي يعيشها الشعب اليمني، نتيجة الحرب التي تدور منذ عامين على رؤوس المدنيين.
تغطية الحرب
و لفت الشرفي إلى أن هذا القرار يعد مساهمة مباشرة من مجلس الأمن في تغطية العمل العسكري الذي يشن على اليمن و يمنحه المرونة اللازمة للاستمرار و مضاعفة كوارثه التي باتت موثقة حتى من اوعيته الانسانية ذاتها.
و قال الشرفي: أن يأتي مجلس الأمن ليتحدث عن استكمال الانتقال السياسي في اليمن وفقا للمبادرة الخليجية و لقرارات مجلس الأمن السابقة، بعد رحلة عامين من التفاوض هو نوع من العبث. مرجعا ذلك لأن القرار يهدر كل ذلك المشوار السياسي الذي تعاطى مع الحالة السياسية و العسكرية و الانسانية في اليمن على علاتها و التي تكللت بما يعرف بمقترح ولد الشيخ الذي يعد التعبير السياسي الاكثر تحديدا لمفهوم الحل في اليمن.
و أشار إلى أن القرار الأممي لم يعر كل ذلك أي اهتمام و تعاطى مع الشأن اليمني و كأن المسألة لا زالت في البداية و لم تتبلور العملية السياسية خلال الفترة الماضية عن شيء.
و أوضح أن الواجب على مجلس الامن كان هو اصدار قرار يدعم موقف المبعوث الاممي و يدعو للقبول بخارطة ولد الشيخ و البدء بتنفيذها، كون هذا الموقف هو الذي يسرع بالوصول بالعملية السياسية الى نقطة حل عملية.
و أشار الشرفي إلى أن عدم اعارة مجلس الأمن موقف مبعوثه أي اهتمام و العودة للحديث عن انتقال سياسي وفق المبادرة و القرارات الأممية السابقة هو نوع من التراخي الذي يسمح بمزيد من التطويل و المراوغات و من الوصول او الاقتراب من الوصول لحل في الملف اليمني.
معالجة الموقف العسكري
و أكد أن مجلس الأمن يعرف تماما ان استكمال عملية الانتقال السياسي في اليمن بعد التدخل العسكري للتحالف السعودي فيه اصبحت تتطلب معالجة الموقف العسكري و وضع السلطة في البلد أولا، لأن استكمال عملية الانتقال السياسي في البلد تتطلب ذلك الامر لتقف حالة الحرب و لتتشكل السلطة التي ستقوم باستكمال متطلبات الانتقال السياسي في اليمن المتمثلة بالدستور و الاستفتاء عليه و الانتخابات و باقي المتطلبات للانتقال السياسي. مشيرا إلى أن ذلك الأمر يدركه المجلس و بناء على ذلك الادراك خرجت خارطة ولد الشيخ الى العلن بصورة رسمية.
و لفت الشرفي إلى أن خارطة ولد الشيخ على علاتها هي الموقف الاممي الاخير و الذي يتصف بأكبر قدر من التحديد. منوها إلى أن الامم المتحدة و مجلس امنها و جميع الدول الراعية و المعنية بالملف اليمني دعمتها باستثناء “هادي” و حكومته، و هنا كان الواجب على مجلس الأمن ان ينطلق من هذه النقطة و ان يدعم أو أن يدعو للبدء بتنفيذها.
مراوغة
و قال: المرونة غير المقبولة التي ابداها مجلس الامن في قراره الاخير 2342 تمنح هادي و حكومته فرصة لمزيد من المراوغة، و هي مراوغة يبنى عليها مراوغة دول التحالف السعودي لاجهاض كامل الجهود التي تتم لإنهاء الحرب على اليمن و لتوجيه الحدث فيه باتجاه استقرار سلطة و وجود حكومة واحدة تتولى ادارة شئون البلد.
و اعتبر أن الحديث الذي اورده القرار الاممي الاخير عن قلقه على المدنيين و كذا عن قلقه بشان توسع القاعدة و تنظيم الدولة في اليمن، هو قلق لا معنى له لأن القرار الاممي بتعاطيه بهذه الصورة مع الملف اليمني يؤخر وصول البلد لحالة استقرار سياسي.
و لفت إلى أن تأخير الوصول لهذه الحالة يعني المزيد من تدهور الوضع الانساني في اليمن، و مزيد من توسع و تمكن الارهاب فيه، لأن عمود الارهاب الاول للوجود و للتوسع و الانتشار هو استثماره لحالة اللاستقرار السياسي الحاصلة في البلد.
تورط اممي رسمي
و أعتبر الشرفي أن هذا القرار مع الأسف جاء ليمنح اللاستقرار فرصة اضافية و أجل متاخر للبقاء في الملف اليمني، و بالتالي فرصة اضافية و اجل متأخر للكارثة الانسانية و للارهاب في اليمن.
و استدرك: حديثنا عن خارطة ولد الشيخ لا يعني اننا نوصفها بالحل المثالي فلنا تحفظات كثيرة حولها، لكن في الأخير شئنا أم أبينا فهي تمثل الموقف الاممي الآن، و التي كان يجب على مجلس الامن ان يتخذ قرارا لدعمها كيما يعكس قدرا من الجدية في التوصل لحل في اليمن، لكن اصداره لقراره بهذه الصيغة يعد دليل مباشر على تورطه مباشرة و رسميا في التلاعب على الحل في اليمن لصالح اجندة الدول الغازية.
تناغم مع مطالب الجبير
و أشار إلى احتمال التنسيق بين التحالف السعودي عبر رعاته الكبار امريكا و بريطانيا و فرنسا مع مجلس الامن يظل أمرا واردا بقوة. لافتا إلى أن المتابع لتصريحات الجبير في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي انعقد في بون الألمانية خلال اشلهر الجاري، و عند حديثه عن الحرب على اليمن كان يتحدث عن حاجة التحالف السعودي لفرصة اضافية عند قوله الحرب في اليمن ستنتهي هذا العام.
و اعتبر أن قرار مجلس الأمن الاخير يمنحه هذه الفرصة الاضافية لأنه بهذه الصيغة يكون قد اعاق التقدم في الحل للملف اليمني انطلاقا من مقترح ولد الشيخ.
مرونة في غير محلها
و أكد الشرفي أن مجلس الأمن تعمد ان يعيد المرونة التي كانت دول التحالف السعودي قد فقدتها بقدر ما تبعا لخارطة ولد الشيخ الى ذات المرونة قبل الخارطة. معتبرا أن هذه المرونة ستترك الملف اليمني مفتوحا لحين تحقيق تلك الدول اجندتها.
و نوه إلى أن مجلس الأمن تجاهل و تخطى الوضع الانساني الكارثي الذي يعيشه المدنيون و كذلك انتشار و توسع الارهاب و حالة اقتراب البلد من التقسيم و الصراعات البينية التي باتت تنمو في المناطق التي توصف بأنها باتت محررة.
تجاهل جرائم الحرب
و كشف الشرفي أن اسوء ما في القرار هو تجاهله الكامل للجرائم التي تتم بحق المدنيين و تعرضهم للقصف بصورة شبة يومية و كذلك تجاهله لمسألة المرتبات التي كان هادي قد تعهد أمام المجلس بأنه سيقوم بدفعها و لم يف بتعهده، رغم استلام حكومته 400 مليار ريال طبعت في روسيا، عوضا عن تجاهله لحالة العقاب الجماعي و الحصار اللامبرر على الشعب اليمني نتيجة استمرار اغلاق مطار صنعاء الدولي، ما يعتبر تخليا صريحا من مجلس الأمن عن القيام بمسئولياته في حماية المدنيين و الدفاع عن القانون الدولي و الانساني.
يمنات