توضيحات حول إغلاق الطرقات وفتحها

عبدالرحمن الأهنومي – وما يسطرون|

الطرقات المغلقة ليست قضية مستجدة اليوم ، بل منذ تسع سنوات يعاني الناس في أسفارهم معاناة شديدة ، وقد بدأت المشكلة أولا بالغارات التي كان يشنها تحالف العدوان على الجسور والطرق بهدف تقطيع أوصال اليمنيين ، وتمزيق أسفارهم بين المحافظات.
وقد دمر العدوان أكثر من 150 جسرا ، وحوالي ثلث الطرق المعبدة في اليمن (بطول 5 آلاف إلى 6 آلاف كيلومتر).

علاوة على ذلك ، ومع كل تقدم ميداني كان يحرزه العدوان ومرتزقته على الأرض ، كانوا يشرعون في إغلاق الطرق الرئيسية ، وينصبون نقاط تفتيش وخطف للمسافرين فيها ، وقد خطف الألاف من نقاطهم وبعضهم لا زالوا إلى اليوم مختطفين في سجون المرتزقة.

وبقدر ممارسات المرتزقة في خطف للمسافرين ، وتقطيع أوصال اليمنيين وقطع الطرق أمامهم، والتنكيل بالناس في كل مسبلة ، يتاجرون بمآسيهم بين فينة وأخرى ، ويقدمون أنفسهم كضحايا لا مجرمين.
فمثلا في تعز ، منذ أعوام ونحن نتابع حملات إعلامية مدججة بكل أنواع وأساليب وأشكال وصور الدعايات ، وبأننا نحاصر تعز ونقطع طرقاتها ونحاصر الناس فيها، ولقد بلغ مستوى الحملات حول “حصار تعز” إلى حد تبينها من قبل ناطقي الإدارة الأمريكية وبريطانيا بمختلف مستوياتهم العليا والدنيا ، بينما الحقيقة شيء آخر تماما!
يغلق المرتزقة مداخل مدينة تعز من جبهاتهم بشكل كامل ، وحتى من جهة الغرب التي يسيطر عليها طارق عفاش وتربط تعز بالبحر وموانئه مغلقة ، ومن داخل مدينة تعز تربض ثكنات ومتارس المرتزقة في المداخل وترابط وتترصد كل شيء وتغلق كل منفذ وطريق ، ومع ذلك استمر المرتزقة في الحملات الدعائية التي بلغت ذروتها إلى حد أن جعلها بايدن وإدارته مهمة أساسية لتحركات أمريكا ونشاطها الدبلوماسي والسياسي.

جرت مفاوضات عدة حول طرقات تعز ، وفي السنوات الأولى كانت هناك مبادرة جادة من جانبنا ، وقد أعلن المخلافي رفضها حينما كان قائد ما يسمى المقاومة في تعز ، ثم تكررت الجولات ، وفي كل مرة يرفضون جملة وتفصيلا أي طريق يفتح ، ويصرون على فتح ما يحقق لهم أهداف عسكرية.

في آخر جولة من جولات التفاوض ، والتي جرت في العاصمة الأردنية عمان ، طرح الوفد الوطني الممثل لصنعاء مقترحا يتضمن فتحا لثلاث طرق رئيسية وحيوية وقريبة من المدينة ، رفض ممثلي المرتزقة والعدوان جملة وتفصيلا المبادرة ، بل واعتبروها التفافا على فتح الطرق ، وأصروا على فتح شارع الحوبان الذي يعد جبهة عسكرية يتمترسون فيها من جهتهم ، وفقط ظلوا يطالبون على أن تقوم القوات المسلحة بإخلاء هذه المناطق من التواجد العسكري ، وكان إصرارهم على إخلاء هذه المناطق ، ورفضهم لفتح الطرق الرئيسية الثلاثة ، هو أن يفتحوا ثغرات عسكرية وأمنية تمكنهم من تمدد سيطرتهم الميدانية إلى مناطق خارج مدينة تعز ، ولم يكونوا يسعون لفتح الطريق إلى تعز.
خلال تلك المفاوضات وجه الرئيس المشاط بنزول اللجان العسكرية لمباشرة فتح طريق الخمسين – الستين، في تعز ، وقامت بنزع الحواجز الترابية وأجرت تأمينا كاملا للمرور ، وقام المرتزقة بإطلاق النار على باص أراد المرور من الطريق ، وفيه ناشطين وإعلاميين ومنعوا حافلات من المرور وأطلقوا عليها النار ، فقط يعتبرون فتح الطريق إلى تعز ، بأن يتم إخلاء الوجود العسكري الذي يمنع تقدمهم إلى الحوبان خارج مدينة تعز ، ويرفضون فتح الخطوط ومنها خط الخمسين الستين الذي يصل إلى وسط المدينة.

في مارب وخلال المعارك التي خاضتها القوات المسلحة لتحرير مديريات المحافظة من العدوان ومرتزقته ، وصل وفد عماني للتوسط ، والتقى بقائد الثورة الذي قدم بدوره مبادرة من تسع نقاط ، كان من أهمها ضمان حرية التنقل والمرور والسفر للمواطنين ، مرفق صورة المبادرة ،
اعتبر العدوان ومرتزقته وأزلامه تلك المبادرة خطرا ماحقا وساحقا عليهم ، ورفضوها جملة وتفصيلا.
واليوم حينما يعود المرتزق سلطان العرادة فهو لا يسعى إلى فتح الطريق، وإنما يعيد المتاجرة بالموضوع ، وهدفه هو إحداث إثارة إعلامية ودعائية في ظرف حساس وفي مرحلة مهمة ، فليفتح الطريق من جانبه وليرفع نقطة الفلج وبقية النقاط ، فليفتح طريق خولان صرواح ، إن كان حريصا على فتح الطريق فعلا!

لا أحد ضد فتح الطرقات ، إلا المرتزقة الذين قطعوا السبل ، ومزقوا الأسفار ، ونكلوا بالمسافرين في كل النقاط والحواجز والمتارس ، من مارب إلى عدن إلى تعز ، إلى الجوف وغيرها.
الإحصاءات بأعداد المختطفين من ، “الفلج مثلا وليس حصرا” – وهي نقطة تفتيش خارج مدينة مأرب بالألاف ، وبينهم نساء وأطفال وقصر ، بعضهم ما زال مصيره مجهولا في سجون وأقبية العرادة وبقية الأزلام.

ولا ننسى الطالب السنباني الذي نكل به المرتزقة في نقطة تفتيش خارج مدينة لحج ، ولا ننسى أكاديميين وطلاب بالمئات إن لم يكونوا بالألاف ممن قضوا في سجون المرتزقة بالتعذيب ، أو سجنوا لسنوات لا لذنب إلا لأنهم مروا من طريق كان آمنا ، فحوله المرتزقة إلى مصيدة للخطف والتنكيل.

معاناة المسافرين كبيرة جدا ولا يعرفها إلا من يتنقل بين المحافظات ، أما المتسبب في ذلك ، فهو الطرف الذي ينكل بالناس ويختطف المسافرين ، وإن ادعى كذبا وزورا بأنه يريد فتح الطرق.
كل المبادرات التي قدمتها صنعاء بهدف تخفيف معاناة المسافرين ، بل وقامت بتنفيذها على الميدان ، قوبلت بالرفض من قبل المرتزقة ، وأصروا على إخلاء مناطق وخطوط معينة فقط ، وكل أهدافهم من وراء ذلك عسكرية بحتة.
وتكررت مبادرات صنعاء ولم تكن واحدة ولا خمس بل عشرات المبادرات ، إلا أن المرتزقة في كل مرة يرفضون ويصرون على فتح خطوط بعينها ، تتيح لهم التوسع والانتشار العسكري.
وكل التجارب السابقة مع المرتزقة في فتح الطرقات في تعز والضالع، ومارب ،يواجهونها بالرفض ويصرون على إخلاء مناطق محددة ، بما يتيح لهم تمدد سيطرتهم ، وليسوا في وارد تخفيف معاناة الناس والمسافرين.
نقطة أخرى تتعلق بإثارة الجدل حول هذه المساءلة ، وهو التوقيت الذي تحرك فيه المرتزق العرادة ، الذي خرج بتصريح كلامي مجرد من أي خطوة عملية ، فقد جاء بعد حملات وهاشتاقات إعلامية مكثفة ، لا نشك في كل من شارك فيها ، بل نتساءل عن الاستغلال الذي حدث بعدها ، في إطلاق حملة تحريضية دعائية واسعة وكبيرة ضد أنصار الله والقوات المسلحة ، ولا نستبعد أن يكون الهدف هو التشويش على العمليات العسكرية والخطوات المباركة التي يقوم بها أبطال القوات المسلحة ورجالها ، ومعهم الشعب اليمني وقيادته في نصرة غزة ، وتشويه هذا الموقف وتثبيط مناصريه في الأوساط العربية والإسلامية ،لا أشك في ذلك أبدا..
أما العرادة وادعاءاته ، فالمطلوب منه أن يفتح من جانبه أولا ، ويسمح للناس بالسفر عبر مارب التي تحولت إلى ما يشبه قندهار الأفغانية ، من دخلها لم يعد منها ومن مر منها مسافرا اختفى إلى الأبد ، وفي أحسن الأحوال قضى خمس سنوات مخفيا في السجون ذات السمعة السيئة في مارب.
هذا ما أردت توضيحه في هذه المسألة المثارة والمهمة والملحة والضرورية ، حتى لا تلتبس الأمور على أحد..والله الموفق.

——————

المقالات المنشورة في الموقع تعبر عن وجهة نظر الكاتب.

قد يعجبك ايضا