هل هناك انقسام سعودي أمريكي بشأن اليمن؟ وهل تغتنم الرياض الفرصة؟

تقرير خاص – المساء برس|

فسر مراقبون تصريحات نائب رئيس تحرير صحيفة عكاظ السعودية الرسمية عبدالله آل هتيلة والذي تسرب عبره الرياض رسائلها غير المباشرة أو تهديداتها للفصائل التابعة للتحالف جنوب البلاد، بأنها تكشف وتعكس حجم الأزمة السياسية بين الرياض وواشنطن بشأن التعامل مع الفصائل المسلحة التابعة للتحالف جنوب اليمن والتي بدأت واشنطن تتعامل معها بشكل مباشر من دون المرور عبر السعودية.

هذه التصريحات كان آخرها ما قاله آل هتيلة بشأن المؤتمر الذي ينظم في واشنطن والذي شاركت في تنظيمه منظمة توكل كرمان المدعومة من قطر وتركيا، هذا المؤتمر الذي ينعقد غداً لقي هجوماً سعودياً فُسر على أنه هجوم موجه للولايات المتحدة بشكل مباشر أكثر من كونه هجوماً ضد المؤتمر الذي تنظمه منظمة تتبع الإخوان.

تصف السعودية مؤتمر واشنطن بأنه تهديد لأمن المنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص وأن هناك أطرافاً إسرائيلية ومنظمات إرهابية تشارك فيه، بحسب ما قاله هتيلة، على الرغم من أن مشاركة إسرائيليين في هذا المؤتمر لا يمثل مشكلة للسعودية كونها تسارع الخطوات نحو التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني لكنها تنتظر موافقة واشنطن على بعض الشروط التي تصب في مصلحة السعودية وتأتي على حساب الإمارات التي تريد تقديم نفسها البديل الأفضل لواشنطن والغرب بشكل عام في المنطقة لكن مشكلة السعودية هي في أن يأتي طرف دولي آخر ويتعامل بشكل مباشر مع الأطراف اليمنية بعيداً عن السعودية ومن دون المرور عبرها.

الولايات المتحدة الأمريكية هي المشرف المباشر والرئيسي على الحرب على اليمن التي تنفذها بشكل مباشر السعودية تليها الإمارات، لكن ذلك لا يعني أن تتقاطع وتتضارب مع بعضها البعض مصالح البلدين في اليمن.

يرى البعض أن السعودية قد تصطدم مع الولايات المتحدة في اليمن في تفاصيل تكتيكية لكنها تظل بالنسبة للنقاط الاستراتيجية بعيدة المدى متوافقة بشكل تام مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى وإن وصل الصدام بين السعودية وأمريكا إلى مستويات عالية فإن ذلك لا يعني أن واشنطن قد تستخدم الأطراف اليمنية التابعة للتحالف كأدوات لضرب التحالف نفسه أو ضرب الرياض تحديداً وحتى وإن حدث مثل هذا الشيء كما هو متوقع حالياً بالنظر إلى تحركات وتصريحات المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ فإن ذلك لا يعدو عن كونه في سياق الخلاف المؤقت بين محمد بن سلمان تحديداً والرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل شخصي فيما تظل العلاقات بين الرياض وواشنطن متينة وقوية ولا تزال الرياض حتى اللحظة أداة بيد واشنطن ولن تستطيع الرياض الخروج من العباءة الأمريكية نظراً لحجم التوغل الأمريكي في السعودية عسكرياً وأمنياً ومادياً على المستوى الاستراتيجي منذ ما قبل خمسينات القرن الماضي وبمجرد خروج بايدن من البيت الأبيض فإن علاقة التابع والمتبوع بين الرياض وواشنطن ستعود كما كانت عليه طوال السبعة العقود الماضية.

كشفت مصادر خاصة أن الرياض سعت خلال الفترة القليلة الماضية منذ مطلع أكتوبر الماضي وحتى وقت قريب للبحث عن مخرج لها من الحرب في اليمن التي أغرقتها في مستنقع لم يكن محمد بن سلمان يتوقعه مطلقاً.

وقالت المصادر أن من بين المساعي التي نفذتها الرياض البحث مع كل من سلطنة عمان ومع إيران مسألة الضمانات الأمنية التي تريد الرياض انتزاعها من صنعاء مقابل وقف الحرب على اليمن ورفع الحصار والانسحاب العسكري الكلي من كامل الأراضي اليمنية.

بدورها صنعاء تلقت رسائل السعودية التي أتت عبر الوسطاء العمانيين ومن قبلهم الإيرانيين بكل ارتياح وتفهّم قاد إلى اتخاذ صنعاء قرار مساعدة الرياض في تبديد مخاوفها وأوهامها التي خلقتها البروباجاندا الإعلامية الغربية التي تستغل الصراع في المنطقة لاستمرار ابتزاز الدول المنخرطة في الصراعات في المنطقة بما فيها الحرب على اليمن في بيع الأسلحة من المصانع الغربية لهذه الدول وعلى رأسها السعودية.

قبول صنعاء تبديد مخاوف الرياض المصطنعة أساساً لم يأتِ على حساب السيادة اليمنية أو التفريط بأي شبر من جغرافيا وسماء ومياه اليمن ومصالح الشعب اليمني العليا الاقتصادية والسياسية والأمنية وطموحها في الخروج من أي وصاية خارجية على اليمن وفي الوقت ذاته حاولت صنعاء مراعاة وتفهّم مخاوف السعودية وتبديدها قدر المستطاع لتعود الكرة من جديد إلى الملعب السعودي والتي تستطيع إن أرادت اتخاذ القرار المناسب الذي سيخرجها من المستنقع اليمني كما قد تستسلم السعودية من جديد لأي ضغوط أمريكية تمارس ضدها وتفرض عليها عدم القبول بأي تقارب مع اليمن وعدم الانخراط في أي عملية سلام في اليمن لإبقاء المصالح الأمريكية قائمة على حساب اليمن والسعودية ودول المنطقة وتبقى واشنطن هي الرابح الوحيد.

هذه الظروف الحالية تدعو للتساؤل عما إذا كانت الرياض ستستغل صدامها السطحي والمؤقت مع بايدن للخروج من الحرب في اليمن بسلام قبل أن يغادر بايدن البيت الأبيض أم ستظل الرياض مستسلمة لواشنطن حتى يأتي الرئيس الجديد للبيت الأبيض ولا زالت الرياض غارقة في مستنقع الحرب باليمن ويتعذر حينها الخروج من هذا المستنقع؟.

قد يعجبك ايضا