“عودة التعاونيات” سور ريمة العظيم.. حين ينازل اليمني الجبال

صحافة – المساء برس|

يعد السور الذي أقامه أهالي قرية عزلة بني الجعد في مديرية الجعفرية بمحافظة ريمة لإسناد طريقهم الوعرة والمشهور بـ(سور ريمة العظيم)، شاهدا حيا على عظمة الإنسان اليمني وشموخه وقوة إرادته، حيث ينتصب السور المشيد من حزم الصخور الحجرية الصلبة بارتفاع أكثر من 12 مترا وبطول يمتد إلى 160 ، فوق تضاريس جبلية وعرة وخطيرة، الأمر الذي يجعل من تشيده بأدوات بسيطة وإمكانيات متواضعة بذلك الشكل الهندسي الجميل، واحدا ضمن أهم المنجزات التي حققتها المبادرات المجتمعية التعاونية في اليمن خلال سنوات الحرب، ومعلما بارزا من معالم البلد.

250 مليون تكلفة مشروع سور ريمة العظيم و85 مبادرة تعاونية تعمل حاليا في ريمة

سور ريمة العظيم الذي تصدرت صوره منصات التواصل الاجتماعي في اليمن ولفت انتباه الكثير خارجها، هو واحدا ضمن مجموعة من الأسوار والحواجز التي شيدها المواطنين لإسناد مشروعهم التعاوني (طريق نعمة بني الجعد بمسافة تزيد عن 3 كيلو و700 متر)، سيسهم في إيصال الطريق لأول مرة إلى أكثر من ست قرى يتجاوز تعداد سكانها الآلاف، وأكبرها على الإطلاق.

    الحاجة

الحاجة والمعاناة التي تكبدها الأهالي نتيجة لعدم وصول الطريق إلى مناطقهم وكون أقرب نقطة للطريق إلى قراهم تبعد مسافة 4 كيلو متر، يضطرون إلى قطعها مشيا على الأقدام في منحدرات جبلية خطيرة حتى في حالات المرض والولادة والجنائز والأفراح، كان دافع الأهالي لأخذ قرار منازلة الجبال العاتية وتطويعها وبناء الحواجز حول التلال الترابية وتثبيتها لمدهم بشريان حياة طال انتظاره”، بحسب الرئيس التنفيذي لمشروع طريق سور ريمة الشيخ محمد الجعدي، في حديثه لبناء.

ويذكر الجعدي، “ذهبنا للعمل بإمكانيات متواضعة جدا والناس يعيشون في المنطقة أشد الأزمات المعيشية قبل ثلاثة أعوام، هب الشباب للعمل ليلا ونهارا بكل جهد وإصرار وتكفلت الأسر بإعداد مؤن الطعام للعاملين، وأنفق الأهالي رجالا ونساء قدر ما يستطيعون من أموالهم وأكثر من المستطاع أحيانا، وتكفل المغتربين بالجزء الأكبر من التكاليف وعلى رأسهم الشيخ عبد الله حيدر الذي تحمل بمفرده أكثر من نصف تكلفة المشروع التي وصلت حاليا إلى 250 مليون ريال، فاطلق الأهالي على مشروعهم أسمه كتعبير امتنان لمأثره الكريمة التي لم تكن الأولى من نوعها”.

    صعوبات وشهيد

وحول الصعوبات التي واجهتهم بالعمل وأين وصل المشروع، يوضح،” تمكنا من شق 2 كيلو متر واسنادها بالجدران الداعمة، أكثر من كيلوا منها تمر فيها السيارات حاليا فيما باقي المسافة تم تقسيمها إلى عدة مقاطع وسنواصل شقها عندما تكون الإمكانيات متوفرة.

“السفارة الصينية باليمن: سور ريمة دليل على الذكاء الخالد لليمنيين”

ويضيف، “المناطق التي مرت منها الطريق إلى عزلتنا وعرة جدا وشاهقة، واحتجنا لإسنادها بالعديد من الأسوار، أصيب الكثير من العاملين واستشهد منا الأخ ياسر محمد أحمد سعد الحاج الذي اندفنت الصخور فوقه، والتزمنا بدفع التعويضات لأملاك المواطنين في العزل المجاورة وأبرز الصعوبات التي تواجهنا الان تتمثل في إيجاد تمويل كافي لتكملة المشروع.
وناشد رئيس مشروع طريق سور ريمة العظيم، السلطة المحلية بتحمل مسؤوليتها وإيجاد تمويل مناسب لتكملة المشروع الذي سيعود بالفائدة على المناطق المحرومة.

    سفارة الصين

لاقت الصور المتداولة لمشروع سور ريمة العظيم رواجا كبيرا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث دون الالاف من اليمنيين تحت هاشتاج سور ريمة العظيم، فيما شبهته السفارة الصينية باليمن بسور الصين العظيم واعتبرت المشروع نموذج للتشابه الحضاري بين اليمن والصين، ودليل على الذكاء الخالد للشعب اليمني.

وقالت السفارة، في تغريده لها على “تويتر”، ” هذا سور ريمة القديم، وقد شهد كل الطوب تاريخ اليمن الطويل وحضارته الرائعة. يوجد سور الصين العظيم، والعديد من مدن الصين القديمة لا تزال تحتفظ بالأسوار القديم، هذا تشابه بين الحضارتين الصينية واليمنية.

    85 مبادرة تعاونية

مشروع طريق سور ريمة العظيم الذي أخذ تداوله الصدارة بين كل مشاريع المحافظة التي يزيد ارتفاعها عن سطح البحر200 متر، هو واحدا ضمن أكثر من 85 مبادرة تعاونية تعمل حاليا وفقا للناشط المجتمعي علي قائد الجبل، ومعظمها مشاريع طرق يتم العمل وفق مواصفات فنية مدروسة وستسهم في إنهاء عزلة الكثير من مناطق المحافظة كمشروع طريق الجبوب-كسمة- السهلة- وادي رماع الذي يمتد بطول 25 كيلو متر بمناطق جبلية شاهقة بتكلفتة تقدر بـ3 مليار و250 مليون ريال.

أطلق الأهالي على الطريق أسم “الشيخ عبد الله حيدر”

ويشير الجبل، مدير مشروع الجبوب- كسمة، إلى أن ” الطريق ستصل بين مديرية كسمة والجعفرية من الجهة الجنوبية كطريق رئيسي، وكذلك تربط بين محافظات ريمة وذمار والحديدة الأمر الذي سيسهم باختصار التكاليف والوقت.

3 مليار و250 مليون تكلفة طريق الجبوب – كسمة بطول 25 كيلو

ويؤكد الجبلي أن “توظيف المبادرات التعاونية لمزايا منصات التواصل الاجتماعي لاستقطاب الداعمين والمتبرعين وتشجيع الناس على العمل واستلهام الدروس من التجارب الناجحة وايصال رسائلها إلى الجهات المختصة ووضع حلول للمشكلات التي تواجهها، كان له دور كبير في نجاح تلك المشاريع، إذ لا تكاد مبادرة واحدة من المبادرات التي أنجزت في محافظة ريمة إلا واستفادت من تلك المنصات.

    حراك تنموي

وحول السبب الذي دفع أهالي ريمة للتوجه للمبادرات المجتمعية لحل مشاكلهم التنموية خلال سنوات الحرب، يوضح الناشط المجتمعي الجبل، أن “المحافظة تعرضت للتهميش في المشاريع الخدمية طيلة الفترة الماضية، الأمر الذي دفع أهلها وشبابها في المقدمة إلى تحمل مسؤوليتهم والتوجه لحلول مشاكلهم التنموية من أنفسهم.

“ياسر الحاج شهيد مشروع سور ريمة العظيم “

وتشهد اليمن حراكا تنمويا واسعا ذو طابع تعاوني خلال سنوات الحرب، حيث بادر الأهالي وبجهود ذاتية لإنجاز المئات من المشاريع، حيث بلغت عدد المبادرات التنموية التي نفذت في 13 محافظة يمنية تحت نطاق المجلس السياسي الأعلى في صنعاء خلال عام 2020، 1537 مبادرة، بحسب الإحصائية التي حصلت عليها “بناء”، من قطاع تنمية المحليات بوزارة الإدارة المحلية في حكومة الإنقاذ الوطني.

تمحورت تلك المبادرات حول شق وتعبيد الطرقات بدرجة أساسية يليها إنشاء السدود والحواجز المائية وبناء وترميم المدارس وغيرها من الجوانب التنموية التي تفتقر إليها المناطق الريفية.

المصدر: منصة بناء

قد يعجبك ايضا