برلمان الشرعية وموقعه من صراع النفوذ بين السعودية والإمارات

الرياض – المساء برس| على الرغم من عدم وجود خلاف جوهري بين السعودية والإمارات في تقاسم نفوذهما في اليمن إلا أن مواقف الطرفين كانت متباينة في عدد من المسائل ومنها على سبيل المثال طبيعة التعاطي مع أعضاء البرلمان الذين أعلنوا تأييدهم للشرعية المنفية خارج اليمن والتحالف العسكري السعودي الإماراتي.
ويشكل البرلمانيون اليمنيون الموالون للتحالف السعودي الإماراتي قرابة ربع قوام أعضاء البرلمان اليمني في صنعاء، ويعد البرلمان اليمني هو المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لم تستطع السعودية أو الإمارات عبر الشرعية المنفية من نقلها إلى عدن، رغم ذلك سعت الرياض إلى شرعنة انشقاق بعض البرلمانيين عن صنعاء وانضمامهم للتحالف السعودي بداية الحرب على اليمن، ورغم قلة عدد الأعضاء الموالين للتحالف إلى أن الرياض دفعت بهؤلاء إلى تشكيل هيئة لرئاسة برلمانيي الشرعية غير أن هذا البرلمان المستنسخ لم يلق تجاوباً واعترافاً من قبل المجتمع الدولي، والأكثر من ذلك أن برلمان الشرعية واجه محاربة من التحالف نفسه عبر الإمارات ثاني مكون رئيسي في التحالف العسكري ضد اليمن.

بالنسبة لأبوظبي فقد حاولت ونجحت نوعاً ما في عرقلة انعقاد جلسات مجلس النواب الموالي للشرعية في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف جنوب اليمن، وتحديداً انعقادها في عدن التي أعلنها هادي أنها عاصمة مؤقتة لسلطته ريثما ينتهي التحالف من محاربة الحوثيين وإعادة الشرعية إلى صنعاء.
وفي المقابل ترى الرياض أن العمل على استمرار برلمان الشرعية في العمل – ولو شكلياً وإعلامياً – أمر مهم للغاية كجزء من الحفاظ على ورقة الشرعية وكنوع من ضمان بقاء التدخل العسكري السعودي وتحالفها في اليمن يأخذ طابعاً شرعياً وغير مخالف للقوانين والأعراف الدولية من وجهة نظر السياسة الدولية التي تفرضها القوى الكبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا لشرعنة وبرير نفوذهما ونفوذ أدواتهما في مناطق مختلفة في العالم ومنها الشرق الأوسط.
كما أن الرياض رأت في احتضان بعض البرلمانيين واستنساخ مجلس النواب اليمني – حتى وإن لم يكتمل النصاب – ضرورة مهمة تحسباً لحدوث أي طارئ بشأن صحة الرئيس المنتهية ولايته والمنفي إجبارياً لدى الرياض، عبدربه منصور هادي، فموته يعني انتهاء شرعية التدخل العسكري للسعودية في اليمن كون الهدف هو إعادة هادي إلى السلطة في صنعاء.

| أين العقبة ونقطة الخلاف بين الرياض وأبوظبي بشأن البرلمان المستنسخ |

تنظر أبوظبي إلى ما تسعى إليه السعودية بشأن من تمكنت من تجميعهم من أعضاء البرلمان اليمني وسعيها لعقد جلسات برلمانية في عدن، ترى أبوظبي أن خطوة كهذه سوف “تكرس استبعاد وكلائها المحلين” حسب وصف أحد مراكز الدراسات العربية (كارنيغي)، فوكلاء أبوظبي من الجنوبيين هم ممن تم تشكيلهم مؤخراً من خارج سلطة هادي وشرعيته كما أنهم أتوا من خارج مكونات وحركات المحافظات الجنوبية المتبنية للقضية الجنوبية منذ العام 2007، وجميع من يوالون الإمارات جنوب اليمن لا يوجد لديهم أي تمثيل في البرلمان اليمني، فمعظم أعضاء البرلمان الممثلين عن المحافظات الجنوبية لا يزالون يؤيدون حكومة صنعاء ويحضرون بشكل يومي جلسات البرلمان هناك، أما من تبقى منهم فإنهم لا يزالون يتمسكون بـ”الشرعية” واستعادتها إلى صنعاء، ولم يحدث أن أعلن برلمانيون جنوبيون من الموالين للشرعية تأييدهم لحلفاء الإمارات.
كما أن أبوظبي ترى في تمكين برلمانيي الشرعية من الانعقاد في عدن أو استمرار انعقادهم في سيئون بحضرموت، حيث انعقد برلمان الشرعية ليومين متتاليين ثم غادر الأعضاء إلى السعودية دون رجعة، ترى أبوظبي في ذلك أنه تقوية وتمكين لحزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) الذي يعتبر خصماً لدوداً لأبوظبي، خاصة وأن ثلثي أعضاء البرلمان الذين حضروا جلسة الشرعية في سيئون كانوا من التابعين لحزب الإصلاح، والثلث الآخر معظمهم من المؤتمر والبقية إما مستقلين أو تابعين لأحزاب يسارية موالية لهادي والتحالف، ويملك الإصلاح 40 مقعداً في البرلمان المكون من 301، وهو ما يعني أن برلمانيي الشرعية لا يتجاوزون الـ(70 – 80) شخصاً فقط بينما البقية وعددهم يفوق الـ210 أعضاء لا يزالون يؤيدون حكومة صنعاء ويحضرون جلسات البرلمان هناك.

| برلمان الشرعية يحاول من الرياض الحضور بموقف من أحداث عدن والجنوب |

الأربعاء الماضي عقدت ما تسمى بـ”هيئة رئاسة مجلس النواب” التابع للشرعية في السعودية، اجتماعاً لبحث أحداث عدن بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وبين قوات الشرعية والإصلاح في عدن وأدت إلى سقوط كافة مؤسسات الشرعية بيد حلفاء الإمارات وطرد مسؤولي الشرعية بما فيهم وزيري الداخلية والنقل وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة إلى خارج اليمن.
ونقلت وسائل إعلام تابعة لـ”الشرعية” بياناً عن اجتماع برلمان الشرعية جاء فيه إن “ما قامت به مليشيات المجلس الانتقالي يعيد البلاد إلى حمامات الدم”، مؤكداً أن “أي تراخ أو تماه أو صمت من دول التحالف حيال الأحداث الأخيرة هو رافد لتواصل غي المليشيات”.
وحذرت رئاسة برلمان الشرعية من “مغبة انحراف التحالف الإماراتي السعودي عن أهدافه والتماهي مع مشاريع صغيرة”، مطالبة في الوقت ذاته هادي بمراجعة العلاقات مع التحالف السعودي الإماراتي، داعية إياه إلى “اتخاذ كافة القرارات المناسبة، لإسقاط التمرد وإعلاء سيادة الدستور”.
وعلى الرغم من أن أعضاء برلمان الشرعية في الرياض ومعظم حكومة هادي في الرياض أيضاً بما فيها القادة العسكريين وجميع الوزراء، إلا أن رئاسة برلمان الشرعية، وحسب ما ورد في البيان، “كلفت الحكومة بمواجهة التمرد المسلح بكل الوسائل التي يخولها الدستور والقانون وبما يحقق إنهاء التمرد وتطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن”.

قد يعجبك ايضا