تقرير غربي جديد “غموض الدور الإماراتي في اليمن”

المساء برس – ترجمة خاصة/ مضى ما يقرب من عامين ونصف العام على قيادة السعودية للتدخل العسكري في اليمن بذريعة إعادة “الحكومة الشرعية” بقيادة عبدربه منصور هادي إلى السلطة، ولم يعد هادي وحكومته إلى العاصمة صنعاء كما لم يهتز التحالف بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح رغم تحقيق التحالف انتصارات ضدهم.

كانت الإمارات ضمن التحالف الذي شكلته السعودية ضد اليمن منذ بداية عمليات عاصفة الحزم في مارس 2015، وقد أنفقت جهداً ووقتاً كبيراً، وقدمت كماً هائلاً من الخسائر البشرية والمالية حتى يكون لها دور ملموس والتأثير على الأحداث في البلاد، ومنذ بدء العمليات العسكرية للتحالف ضد اليمن انتهجت الإمارات استراتيجية سياسية وعسكرية مزدوجة حيث دعمت قيادات بديلة لحكومة هادي جنوب اليمن، وهذه الاستراتيجية باتت واضحة بالفعل بعد ظهور الاحتكاكات بين هادي ومساعديه المدعومين من الإمارات من جهة، وبينه وبين القادة السياسيين الإماراتيين من جهة ثانية، وهذا الاحتكاك يعيق عملية استعادة “الشرعية”، كما أن هذه الاستراتيجية تضع السعودية والإمارات في اتجاهين متعارضين قد يتقاطعان عند نقاط تمثل أهمية مطلقة بالنسبة للأمن الوطني للسعودية، كما أنه يضاعف من تهديدات الانقسام بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

“مشاركة الإمارات في الحرب على اليمن”

أصبح من الصعب النظر إلى مشاركة الإمارات في الحرب على اليمن المستمرة منذ 2015م، على أنها تأتي من أجل استعادة الشرعية لأفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، أو أنها تأتي ضمن الهدف الجماعي لبقية أعضاء المجلس الخليجي المعلن، الدفاع عن الأمن الجماعي.

بالنسبة للإمارات فإن اليمن يمثل لها العديد من العوامل الصعبة والفرص الممكنة في نفس الوقت، واليمن أولاً: هو موطن لأكبر عدد من السكان الأصليين في شبه الجزيرة العربية وحالياً يبلغ تعداد السكان في اليمن أكثر من 28 مليون نسمة، وفي العام 2014 كان نسبة 54% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وثانياً: قام الائتلاف المكون من الحوثيين المعروفين باسم “أنصار الله” والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح بالاستيلاء على السلطة في صنعاء وأنشأوا هيكلاً سياسياً بديلاً هو حكومة الإنقاذ الوطني، ورغم أن هذا الائتلاف يشهد حالياً بعض التوترات والفتنة، إلا أنه يسيطر على مساحات كبيرة من البلاد، بما في ذلك المناطق الاستراتيجية وميناء الحديدة، ثالثاً: فإن رقعة واسعة من اليمن تسيطر عليها جماعة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية، وهذا يشكل تهديداً أمنياً خطيراً لدول لالخليج بكاملها، وأخيراً يظل جنوب اليمن المشرف على الطرق البحرية للتجارة الدولية في باب المندب مهدداً لممر التجارة الدولية في باب المندب الذي يسيطر على خطوط النقل البحري بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي وبينهما قناة السويس.

كدولة لها طموح وصف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس دولة الإمارات بـ”إسبارطة الصغيرة” والتي دخلت اليمن تحت غطاء المشاركة في الحرب على اليمن مع دول التحالف لاستعادة الشرعية، فيما لها نوايا أخرى، وفي الوقت نفسه، تسعى إلى توجيه رياح اليمن في دورة مواتية لخدمة مصالحها الاستراتيجية على المدى الطويل. ومن الناحية التشغيلية، شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها واحدة من تحالف من عشر دول في العمل العسكري الأولي.

وتشارك الإمارات في عاصفة الحزم التي يطلق عليها حالياً “إعادة الأمل” بـ(30) طائرة مقاتلة، ولا تزال هذه القوة الجوية نشطة جداً في قصف الأهداف في الأراضي اليمنية، وبهذا فإن الإمارات مسؤولة مع أعضاء التحالف عن معظم الوفيات التي وقعت بين المدنيين في اليمن.

ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة الصادر في 5 سبتمبر الجاري لعبت الإمارات دورا رئيسيا في العمليات البرية، بما في ذلك المساعدة على السيطرة على مدينة عدن الجنوبية وإخراج تحالف الحوثي وصالح منها في يوليو 2015 والاستيلاء على ميناء المخا الاستراتيجي في البحر الأحمر مطلع العام 2017م.

اليوم، تقدم دولة الإمارات دعماً حاسماً للقوات اليمنية من أجل قتال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة رغم أن هذا التنظيم كان يقاتل إلى جانب الموالين للتحالف ويتلقى دعماً بالسلاح، وقد أحرزت عمليات الحرب على القاعدة تقدماً ناجحاً على مدى العامين الماضيين بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر تمدد القاعدة وانتشاره تهديداً أمنياً خطيرة في شبه الجزيرة العربية.

ما حققته الإمارات في اليمن لم تخسر مقابله جنوداً بكميات كبيرة، ورغم أن القوات الإماراتية في اليمن فقدت على أقل تقدير 94 جندياً منذ بداية الحرب وحتى منتصف أغسطس الماضي من بينهم أربعة ماتوا في حادث تحطم طائرة مروحية بمحافظة شبوة، إلا أن هذا العدد يعتبر كبيراً بالنظر إلى عدد القوات العسكرية الإماراتية، حيث إن 94 جندياً إماراتياً يقابله 25 ألف جندي من قوام القوات العسكرية الأمريكية، لقد أعلنت الإمارات في يونيو 2016م أن الحرب في اليمن قد انتهت بالنسبة لها، ولم يكن هذا الإعلان دقيقاً حيث أنها واجهت عبئاً في مكافحة الإرهاب في البلاد والتي تعتبر هدفاً مهماً جداً للولايات المتحدة الأمريكية والسعودية.

المركز العربي واشنطن دي سي

قد يعجبك ايضا