“الجارديان” البريطانية تكشف معلومات جديدة “تورط السعودية بانتشار الكوليرا”

المساء برس – خاص/ أصبح الوضع الإنساني في اليمن الأكثر كارثية على المستوى العالمي، يقلق الشعوب والمنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية أكثر من السياسيين اليمنيين أنفسهم.

ففي تقرير أخير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، سلطت الصحيفة الضوء على الكارثة الإنسانية التي حلّت بالبلد الأفقر في الشرق الأوسط، كاشفة عن معلومات جديدة تؤكد تورط التحالف بقيادة السعودية في انتشار وباء الكوليرا في اليمن.

حيث أفادت الصحيفة أن السعودية لم تسمح للطائرة الأولى التي تحمل مساعدات طبية بالهبوط في مطار صنعاء إلا بعد مرور أربعة أسابيع من بدء تفشي وباء الكوليرا، ما يعني أن السعودية كانت السبب في تفشي وباء الكوليرا في اليمن.

“تدمير اليمن صحياً”

يقول التقرير إنه وعلى مدى الأربعة أشهر الماضية أدى تفشي وباء الكوليرا إلى تدمير اليمن صحياً، وقد وصفت الأمم المتحدة أن الوباء في اليمن هو الأسوأ عالمياً، وقد بلغ عدد الحالات المصابة بوباء الكوليرا يقترب من (450) ألف حالة، ووفاة 1915 حالة، معظمهم أطفال ونساء، نظراً لعدم مقاومة أجسامهم للمرض.

وقال التقرير إن وباء الكوليرا يعد حالة الطوارئ الإنسانية الأوسع نطاقاً في اليمن، “ويتطلب توفير المساعدات الطارئة لـ 20 مليون نسمة، بعد أن انهار النظام الغذائي، وحالياً يعاني (4.5) مليون طفل وامرأة حامل ومرضعة من سوء التغذية الحاد، وأن 45% فقط من المرافق الصحية هي التي تعمل وبكفاءة هي الأدنى في تاريخ اليمن الحديث، فيما يفتقر 14.8 مليون شخص إلى الرعاية الصحية الأساسية. ويحتاج نفس العدد المساعدة للحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي.

“ضحايا المدنيين”

منذ مارس 2015، قادت السعودية تحالفاً من دول عربية لاستعادة الحكومة اليمنية الموالية لها، واستخدمت لذلك القصف الجوي، وفرضت حصاراً جوياً وبحرياً، ومشاركة القوات البرية. وتوفر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لهذا التحالف الدعم اللوجستي والمعدات العسكرية. واتهم السعوديون إيران بمساعدة المتمردين (أنصار الله والمؤتمر) على الحكومة الموالية للسعودية، رغم عدم وجود أدلة على هذا الادعاء بالإضافة إلى إنكار سلطات صنعاء وإيران لادعاءات السعودية.

وجاء في تقرير الجارديان “بسبب الحرب التي يشنها التحالف فقد لقي ما لا يقل عن 10 آلاف شخص مصرعهم وأصيب 40 ألفاً آخرين في هذا الصراع، ويتهم الجانبان استهداف المدنيين وانتهاك لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من وجود قذائف أطلقها الحوثيون عشوائياً على بعض المناطق وأصابت مدنيين، إلا أن ذلك لا يساوي شيئاً بالنسبة للدمار والقتل الذي حل بالمدنيين والأبرياء بسبب ضربات التحالف الجوية والذي يمتلك ترسانة عسكرية كبيرة جداً ومتطورة”.

ويضيف التقرير إن القوات الجوية السعودية شنت هجمات عشوائية تسببت في مقتل معظم المدنيين وإصابتهم أثناء النزاع. واستهدفت الغارات الجوية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمزارع والمدارس والبنية التحتية للمياه والأسواق والميناء الرئيسي في الحديدة. بالإضافة إلى أنها تفرض حصاراً بحرياً وجوياً وتسبب هذا الحصار الذي تفرضه السعودية في نقص العديد من المواد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والوقود والإمدادات الطبية.

“دليل قاطع لتورط السعودية بانتشار الكوليرا في اليمن”

لم تسمح السعودية للطائرة الأولى التي تحمل مساعدات طبية بالهبوط في صنعاء إلا بعد مرور أربعة أسابيع من بدء تفشي المرض. هذا ما كشفته الصحيفة في تقريرها، بشأن أسباب تفشي وباء الكوليرا، معتبرة ذلك أنه تورط أكيد للسعودية في انتشار الوباء، مشيرة إلى أن الحكومة الموالية للسعودية لم تدفع للموظفين العموميين العاملين في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله. وأن 30 ألف عامل في القطاع الصحي لم يتلقوا رواتبهم منذ عام تقريباً، وأن عمال الصرف الصحي يومهندسو المياه في صنعاء أضربوا عن العمل أكثر من مرة بسبب عدم صرف رواتبهم التي أوقفتها حكومة المنفى بعد نقل البنك المركزي.

ولعدم وصول الدواء إلى المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله فإن نسبة الإصابة بالمرض في مناطقهم كانت أكثر من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الموالية للسعودية، وقال تقرير الصحيفة البريطانية إن 17 حالة إصابة في مناطق سيطرة أنصار الله يقابلها 10 حالات إصابة في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة هادي، بالإضافة إلى أن 80% ممن أصيبوا بوباء الكوليرا هم من سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، بينما 20% منهم يسكنون مناطق سيطرة حكومة عدن، والسبب في ذلك، وفقاً لمراقبين، هو التركز السكاني الكبير ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء حيث يمثلون 80% من حجم السكان، بينما تسيطر حكومة هادي على مناطق يسكنها 20% من إجمالي سكان اليمن البالغين قرابة (30) مليون نسمة.

“بسبب استراتيجية السعودية لاستهداف المدنيين”

يؤكد التقرير أن الأرقام الكارثية في معدل الإصابات بالوباء ليس بسبب الحرب الأهلية في الداخل اليمني، “بل نتيجة مباشرة لاستراتيجية التحالف الذي تقوده السعودية لاستهداف المدنيين والبنية التحتية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”.

مشيراً إلى أن انتقادات دولية كثيرة وجهت للولايات المتحدة وبريطانيا بسبب دعمها العسكري وتقديمها للأسلحة ودعم التدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، وأن تلك الانتقادات لم تؤدِ إلى تحقيق أي تغيير في السياسة لكلا البلدين.

وفي ديسمبر 2016، حظرت إدارة أوباما بيع القنابل الموجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية بسبب المخاوف من إصابات المدنيين في اليمن، غير أن ذلك لم يدم طويلاً ففي مايو 2017 وافقت إدارة ترامب على بيع أسلحة للسعودية بقيمة 500 مليون دولار كجزء من صفقة بقيمة 110 مليار دولار. وفي الشهر التالي “يونيو”، فشلت جهود أصوات قليلة في مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لفرض تصويت بوقف بيع الأسلحة للسعودية.

أما بريطانيا فقد رفضت المحكمة العليا الشهر الماضي ادعاءات تقدم بها نشطاء حقوقيون بريطانيون تتهم الوزراء في الحكومة البريطانية بانتهاك القوانين من خلال مواصلة بيع طائرات مقاتلة وقنابل موجهة بدقة للسعودية في الوقت الذي تستخدمها الأخيرة ضد المدنيين في اليمن. وفي ظل غياب إدانة دولية قوية للعمليات التي تقودها السعودية، فإنه من الصعب توقع نهاية سريعة لهذه الحالة الطارئة الصحية العامة والأزمة الإنسانية الأوسع نطاقاً على مستوى العالم.

قد يعجبك ايضا