تقرير تحليلي أمريكي: الأهداف الخفية لأمريكا والسعودية وراء الحرب على اليمن

المساء برس – وكالات

يجمع محللون سياسيون غربيون وخبراء جيوسياسيون وتقارير أمريكية أن كل شيء عن الحرب على اليمن ما هو إلا لذر الرماد على العيون، ومخفي وراء قصة كبيرة ..

الجغرافيا السياسية والبترو-سياسية، التي تهدف للسيطرة على مضيق باب المندب وخليج عدن، ومضيق باب المندب، ممر مائي يصل البحر الأحمر بخليج عدن والبحر العربي، يقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.

يربط البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر من خلال قناة السويس. ويعد ممراً إجباري يتيح الوصول للمحيط الهندي والمحيط الهادئ ويشكل بوابة دخول لمنطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى كونه منفذا هاما يربط غرب وشرق آسيا بقارة أفريقيا ومن ثم إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، فهو مفترق طرق استراتيجي للشحن الدولي وعن طريقه تمر أهم الشحنات النفطية.

كما يعد مضيق باب المندب وكذا مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران من الممرات الرئيسة في هذه المنطقة الحيوية والمنتعشة بحركة الشحن النفطية على طول البحر الأحمر.

وفي تقرير تحليلي نشره الخبير الجيوسياسي داريوس ناظم رويا في مركز “Strategic Culture” الأمريكي للدراسات الإستراتيجية تحت عنوان: “الأهداف الجغرافية الإستراتيجية للولايات المتحدة والسعودية وراء الحرب في اليمن”، يؤكد فيه أنه لطالما ينظر بيت آل سعود إلى اليمن بأنه كجزء تابع لنفوذ الرياض، فإن الولايات المتحدة تريد أن تتأكد من أن السعودية يمكنها السيطرة على باب المندب وخليج عدن، وجزر سقطرى.

ويرى داريوس أن المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال تخشى بشكل واضح من أن يصبح اليمن رسميا محاذيا لإيران، وأن تؤدي الأحداث هناك إلى ثورات جديدة في شبه الجزيرة العربية ضد آل سعود.

وكانت الولايات المتحدة تماما تشعر بالقلق كثيرا عن هذا أيضا، ولكنها تفكر من حيث المنافسات العالمية، وهو منع روسيا أو الصين أو إيران من وجود موطئ قدم استراتيجي في اليمن، كوسيلة لمنع القوى الأخرى من الإطلال على خليج عدن وباب المندب.

ويؤكد الخبير الجيوسياسي داريوس، بالإضافة إلى أهمية اليمن الجيوسياسية في الإشراف على الممرات البحرية الإستراتيجية، فهناك أيضاً ترسانة الصواريخ العسكرية الخاصة بها.

صواريخ اليمن قد تصل إلى أي سفينة في خليج عدن أو باب المندب

وفي هذا الصدد، فإن الهجوم السعودي على مستودعات الصواريخ الإستراتيجية في اليمن يخدم مصالح الولايات المتحدة. والهدف ليس فقط لمنعهم من استخدامها للرد على القوة العسكرية السعودية، ولكن لمنعهم أيضا من أن تكون متاحة للحكومة اليمنية التي ستنحاز إلى روسيا أو الصين أو إيران. وفي أكتوبر من عام 2016 اتهمت الولايات المتحدة، الحوثيين وقوات صالح –حسب توصيفها- استهداف سفينة تابعة للبحرية الأمريكية “يو اس اس ماسون”، قبالة السواحل اليمنية، على الرغم من نفي الجيش اليمني قطعا بأي هجوم على أي سفينة أمريكية.

يضيف داريوس: ومع ذلك، وبعد أربعة أيام من “الهجوم المضاد” تغيرت القصة تماما: لم يكن هناك أي دليل رسمي أن مقاتلي الحوثي، أو القوات المتحالفة معهم، كانوا مسؤولين عن استهداف السفن الأمريكية، فقد ذكر موقع (Military) الأمريكي المختص بالدفاع والبحرية الأمريكية، أن المتحدث باسم البنتاغون صرح (الخميس 13 أكتوبر/تشرين الأول 2016)، أن الولايات المتحدة لم تحدد بعد الجهة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ على السفن الحربية البحرية في البحر الأحمر.

وأضاف بيتر كوك المتحدث باسم البنتاجون: “إننا لا نعرف من ضغط على الزناد” ! وقال كوك “لا نزال نقيم الوضع. لا يزال هناك بعض الأوجه لهذا (الحادث) التي نحاول أن نستوضحها بالنظر إلى التهديد المحتمل لشعبنا …لذلك هذا لا يزال وضعا نقيمه بعناية” حسبما نقلت له رويترز ووكالات أخرى.

حتى أن شبكة سي أن أن قالت إن المسئولين كانوا غير متأكدين من معرفة ما حدث حد بروز تفسير يقول بأن الأمر كان يتعلق بإنذار كاذب (..) بسبب عطل أو خلل في نظام الرادار في مدمرة أمريكية.

وحسبما يذكر موقع “Zero Hedge” الأمريكي: دخلت الولايات المتحدة أحدث تورط عسكري في منطقة الشرق الأوسط، عندما شنت “يو اس اس نيتز” عدة صواريخ توماهوك واستهدفت منشآت الرادار في اليمن.

وأمام معطيات متراكمة كهذه، صريحة (ومريبة في الوقت ذاته)، يتوقف موقع “Zero Hedge” الأمريكي: هنا تحديدا على المرء أن يتساءل، الآن، إذا كانت الصواريخ التي سقطت بالقرب من السفن الأمريكية مجرد فبركة، تستدعي الولايات المتحدة لشن تدخل أجنبي آخر في اليمن؟ يتابع الخبير الجيوسياسي الأمريكي: بطبيعة الحال، إذا لم يكن الحوثيون وحلفاؤهم، فإن البديل المنطقي الوحيد هو خصم الحوثيين في اليمن: المملكة العربية السعودية وأدواتها.

وللعودة إلى تحليل الخبير الجيوسياسي، داريوس، يؤكد أن دعم الولايات المتحدة للسعودية في الحرب على اليمن هو من أجل التحكم والسيطرة على مضيق باب المندب وخليج عدن وأنابيب النفط.

اليمن جوهرة جيوسياسية

في تقرير تحليلي للخبيرة الجيوسياسية، كاثرين شاكدام، نشر على موقع “مينت برس” الأمريكي، أشارت فيه إلى أن السعودية تدّعي أنها تقاتل من أجل الديمقراطية وإنقاذ اليمن من إيران، لكن تصرفات التحالف السعودي الوحشية يكشف جانبا آخر لهذه القصة “السيطرة على ممرات النفط”.

وكشفت الباحثة كاثرين، أنه منذ بداية هذه الحرب ضد اليمن الفقير، بررت المملكة العربية السعودية تدخلها العسكري من أجل استعادة الحكومة الشرعية ووضع نفسها على أنها الفاعل المسؤول لحماية التوازن داخل المنطقة.

ولكن في الواقع كما تؤكد الخبيرة، هو أن اليمن يمثل الكثير من الجائزة الجيوسياسية للرياض.

ولفتت إلى أن اليمن يمثل جوهرة جيوسياسية، ولذا تعتبر المملكة العربية السعودية اليمن مثل ما كانت الهند إلى التاج البريطاني في القرن الـ19، كونها المفتاح الجيواستراتيجي لتوجيه النفط في العالم، عن طريق باب المندب، ولذا تعمل السعودية جاهدة للسيطرة عليه كبديل لمضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران من خلال بناء خط لأنابيب النفط في المنطقة الشرقية من حضرموت.

من جانبه قال موقع “مينت برس” الأمريكي في تقرير منفصل، إنه على الرغم من أن المملكة العربية السعودية قد استنفدت الكثير من الجهود والموارد الكبيرة في حربها ضد اليمن، إلا أنها حققت نقطة للسيطرة على وسائل الإعلام لسرد الصراع.

ولفت الموقع أن رقص الرياض على أنغام جنون العظمة السياسية والدينية، وإصرار وسائل إعلامها وشركات الرياض الدعائية اللوبية في أنحاء العالم على أن حرب اليمن صراع طائفي، حتى وإن كان على حساب إراقة دماء أكثر شعوب المنطقة فقراً.

ويرى الموقع الأمريكي، أن كل هذا، بطبيعة الحال، هو أكثر قليلا من أسطورة أو خرافة بيعها لجمهور السذج لتغطية الطموحات الجيوسياسية الحقيقية، والسباق الحقيقي الوحيد للسيطرة على ممر نقل النفط في العالم.

وأكد الموقع أن حرب “الوكالة” في اليمن، ما هو إلا للسيطرة على باب المندب، طريق النفط إلى العالم.

كما أن دعم الولايات المتحدة للسعودية للسيطرة على خط أنابيب حضرموت والموارد المائية في اليمن في منطقة، حيث التصحر يعد مسألة تتعلق بالأمن القومي.

إلى ذلك كشف موقع “ميدل ايست آي” البريطاني، عن برقية سرية ومسؤول حكومي هولندي يؤكد أن الدافع من الحرب السعودية على اليمن، هو طموح الولايات المتحدة لخطوط أنابيب النفط.

في الواقع، كما يرى الموقع البريطاني، تعارض الولايات المتحدة، صراحة، الديمقراطية في منطقة الخليج بأكملها، لأنها تسعى من خلال ذلك “استقرار” تدفق النفط من الخليج إلى الأسواق العالمية.

واعترف، على انفراد، مسؤولون غربيون، وبدون مناقشة علنية، أن “اليمن يمتلك إمكانات لم تستغل حتى الآن لتوفير مجموعة بديلة من طرق الشحن العابر للنفط والغاز لتصدير النفط السعودي، بحيث لا تمر عن طريق إيران ومضيق هرمز.

وفي هذا الصدد، كشفت برقية سرية في 2008 عن طموحات المملكة – حصل عليها ويكيليكس- من السفارة الأمريكية في اليمن إلى وزير الدولة جاء فيها، أن “دبلوماسياً بريطانياً في اليمن، أخبر بولوف (ضابط سياسي بالسفارة الأمريكية) أن المملكة العربية السعودية لها مصلحة في بناء خط أنابيب، بحيث أنها ستقوم بحمايتها وتشغيلها وتكون ملكاً لها بالكامل، من حضرموت إلى ميناء خليج عدن، متجاوزة بذلك الخليج العربي ومضيق هرمز”.

ولكن الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يعارض ذلك دائماً.

الدبلوماسي كشف، أيضاً، أن المملكة العربية السعودية، تحاول من خلال دعم القيادة العسكرية اليمنية، ودفع مبالغ بالسعر المناسب لشراء ولاء شيوخ وغيرها من الوسائل، لضمان الحصول على خطوط تلك الأنابيب من خليفة الرئيس صالح.

وفي مقال نشر في مجلة “القوات المسلحة” الأمريكية، انضم الجنرال، روب تايلور إلى العديد من النقاد الآخرين في الإشارة إلى أن الحرب في سوريا واليمن هي في الواقع حرب خط أنابيب للسيطرة على إمدادات الطاقة..

حيث كل من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا تعمل بشدة لإزالة الرئيس الأسد “حتى يتمكنوا من السيطرة على سوريا وكذا السيطرة على خط أنابيب الخاصة بهم من خلال تركيا”.

مقال الجنرال روب تايلور الذي نُشر في مجلة “القوات المسلحة” الأمريكية تحت عنوان “صراع الأنابيب في سوريا”، تحدث فيه عن عرض قدمته قطر لدمشق في عام 2009 لمد خط أنابيب يحمل الغاز القطري والسعودي ويمر عبر سوريا متجها إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، الأمر الذي لم يلق استجابة من سوريا.

ويقول الجنرال تايلور، أن المملكة العربية السعودية وقطر، فضلا عن تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات، تناور للإطاحة بالأسد على أمل حصولهم على حصة من السيطرة على الحكومة السورية “الجديدة”، وحصة في ثروة خط أنابيب النفط.

في السياق تؤكد الدكتورة كريستينا لين، الباحثة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في مقال نشرته في صحيفة “آسيا تايمز” الصينية أن حروب المملكة العربية السعودية وتركيا تستهدف الاستيلاء على مسار أنابيب النفط في اليمن وسوريا.

وكشفت أن المنطقة العازلة ضرورة تركية لمشروع خط الغاز القطري- السعودي- التركي يمر عبر حلب السورية.

ومن ناحية أخرى ترى الباحثة والدكتورة كريستينا، أن خط الأنابيب هذا سيعود بالفائدة على الدولة السلفية التي تسعى الدول الثلاث لتشكيلها في سوريا واليمن، عبر دعمها لجيش الفتح وجبهة النصرة والقاعدة.

قد يعجبك ايضا