المساء برس يحصل على معلومات عن التطورات العسكرية وعلاقة طارق بالفخ الذي وقع فيه الإصلاح
المساء برس – تقرير: يحيى محمد/
كشفت الأحداث العسكرية الأخيرة التي شهدتها جبهات القتال في كل من صنعاء ومأرب والجوف عن أن السلام في اليمن لن يكون إلا عبر اليمنيين أنفسهم وبدون تدخل خارجي، وهذا ما ترجمته التطورات السياسية التي تلاحقت بعد الأحداث العسكرية.
فالتفاهمات التي حدثت بين الأطراف اليمنية في مأرب والجوف والتي وصلت إلى مستوى اللقاء بقيادات بارزة كمحافظ الجوف التابع للشرعية أمين العكيمي بقيادات عليا من سلطة صنعاء وكذا ما تم تسريبه من معلومات بشأن وجود تفاهمات بين قيادات مأرب وقيادات صنعاء للاتفاق على الوضع السياسي الجديد لدى سلطة مأرب والعلاقة مع سلطة صنعاء وتبعية الأول للأخير، هذه التطورات لم تكن لتحدث لو كانت قد تمت بتدخل خارجي، حيث إن جميع التفاهمات والخطوات التي أقدمت عليها قيادات مأرب والجوف التابعة للشرعية تجاه سلطة صنعاء تمت بشكل منفرد وبعيداً عن القرار الخارجي وهذا ما أدى إلى تحقيق تفاهم تاريخي، تقول مصادر رفيعة إنه سيتم الكشف عن تفاصيله في الوقت المناسب.
ماذا حدث في نهم وكيف كان الوضع قبل التصعيد
القيادي بأنصار الله عضو المكتب السياسي ونائب رئيس مجلس الشورى محمد البخيتي كشف أن هدنة بين القيادات العسكرية كانت قائمة في كل من جبهات القتال في نهم وصرواح وجبهات الجوف، غير أن هذه الهدنة لم تكن معلنة مراعاة لظروف حزب الإصلاح الموالي للتحالف السعودي والذي يتعرض لضربات عسكرية من التحالف السعودي بين الحين والآخر.
استمرت الهدنة العسكرية منذ أواخر العام 2017 وحتى تفجير الوضع عسكرياً قبل أسبوعين من قبل حزب الإصلاح الذي دفع بمقاتليه إلى شن هجوم على نهم، حينها كان الإصلاح يعتقد أن قوات صنعاء لا تملك قواتاً كبيرة في هذه الجبهات نظراً لتوقفها عن القتال على مدى العامين الماضيين.
مصادر عسكرية رفيعة في صنعاء كشفت لـ”المساء برس” إن من دفع بالإصلاح إلى تفجير الوضع عسكرياً في نهم هو تيار طارق صالح الموالي للإمارات مستخدماً في ذلك قائد العمليات المركزية المشتركة صغير بن عزيز الذي رفض العمل مع وزير دفاع الشرعية محمد المقدشي ودفع بقيادات عسكرية تابعة للمقدشي إلى التمرد على توجيهات وزيرهم وتنفيذهم توجيهات بن عزيز وكان من بينهم قائد المنطقة العسكرية الثالثة الذي اصدر المقدشي أمراً بوقفه عن العمل قبل 4 أيام.
الدور الذي لعبه طارق صالح وصغير بن عزيز
بالتزامن مع توجيهات بن عزيز لقوات الإصلاح بتحريك جبهة نهم، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حراكاً كبيراً من قبل الناشطين الموالين لتيار الإمارات من المنتمين لحزب المؤتمر المتواجدين خارج اليمن، وصاحب ذلك أيضاً تغريدات لطارق صالح تشجع الإصلاح على تحريك جبهة نهم والحديث عن أن هدف قوات الساحل الغربي وقوات الشرعية واحد وهو “استعادة الجمهورية وإنهاء الانقلاب”.
ظن الإصلاح بأن هناك قراراً بتصعيد الوضع العسكري في نهم وأن التحالف السعودي قرر الهجوم والتقدم نحو صنعاء، وبناءً على ذلك شنت قوات الإصلاح هجوماً في جبهة نهم في اليوم الأول أدى إلى السيطرة على تبتين من التباب التي كانت تحت سيطرة قوات صنعاء.
المزاعم التي يروجها إعلام الإصلاح بأن الهجوم في نهم بدأته قوات صنعاء ليست صحيحة، فباعتراف إعلام الإصلاح فإن أول من شن الهجوم في نهم هي قوات الشرعية، وقد تناقلت وسائل الإعلام التابعة للشرعية والإصلاح إن الشرعية شنت هجوماً في نهم وسيطرت على مواقع عسكرية وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف “الحوثيين”، وفي اليوم التالي أعلن المتحدث باسم قوات صنعاء العميد يحيى سريع إن قواته صدت هجوماً “للعدو” في جبهة نهم.
موقف صنعاء من نقض الإصلاح للهدنة
تفجير الوضع العسكري في نهم اعتبرته قوات صنعاء نقضاً للهدنة العسكرية غير المعلنة، وعلى إثر ذلك شنت هجوماً مضاداً أدى إلى إسقاط 17 لواءً عسكرياً بكامل عتادها العسكري تابعة للشرعية بيد قوات صنعاء، ووفقاً لمصدر عسكري وثيق فإن عدد القتلى فقط من قوات الإصلاح في نهم بلغ 350 قتيلاً في حين لا يعرف كم هو الرقم الحقيقي لعدد الجرحى، وبحسب ما أعلنه متحدث قوات صنعاء في البيان العسكري فإن الآلاف من قوات الشرعية سقطوا بين قتيل وجريح وأسير ومعهم من سمحت لهم قوات صنعاء بالهروب من مواقعهم التي كانوا يتواجدون فيها بعد تركهم القتال وعدم التعرض لهم أثناء هروبهم نحو مأرب.
سقطت نهم بالكامل بيد قوات صنعاء، لكن الأخيرة لم تقف عند هذا التقدم وواصلت هجمتها العسكرية المضادة على مسارين الأول باتجاه مدينة مأرب والآخر باتجاه مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف، وعلى إثر هذا الهجوم سقط لواءين عسكريين تابعين للشرعية في مأرب – صرواح، و3 ألوية أخرى في الجوف، وحسب الخارطة العسكرية الجديدة التي نشرها الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء بالتزامن مع البيان العسكري يتبين أن قوات صنعاء باتت على بعد نحو 20 كيلو متراً من مدينة مأرب و10 كيلو مترات من مدينة الحزم مركز محافظة الجوف.
غباء الإصلاح يوقعه في فخ طارق وبن عزيز
مصدر سياسي في صنعاء، رفض التعريف بهويته كشف لـ”المساء برس” إن طارق صالح دفع بالإصلاح لتصعيد العمل العسكري في الجبهات الشمالية الشرقية بهدف “ضرب الإصلاح بالحوثيين”، ويضيف المصدر “للأسف وقع الإصلاح في الفخ واعتقدوا أن تشجيع العفافيش لهم حقيقي وأنهم سيتلقون دعماً عسكرياً من الساحل الغربي ومن التحالف، لكنهم لم يستوعبوا الفخ الذي وقوعوا فيه إلا بعد أن توقفت الغارات الجوية للتحالف السعودي في الجبهات واستهدفت بعض الغارات قوات الشرعية ذاتها في مفرق الجوف وصرواح ونهم”.
من التأييد إلى الاتهام بالخيانة.. هكذا تحول موقف ناشطي طارق عفاش
وبعد أن انقلبت الأوضاع العسكرية في جبهات نهم وصرواح والجوف رأساً على عقب وتحولت السيطرة لصالح قوات صنعاء، تحول الخطاب الإعلامي للموالين للإمارات من أتباع طارق عفاش إلى مهاجمة قوات الإصلاح والشرعية في مأرب ونهم، واتهم ناشطو طارق الإصلاح “بخيانة الشرعية وتسليم الجبهات للحوثيين”، مستغلين في ذلك بيان وزارة دفاع الشرعية الذي أقر فيه “بالانسحاب من المواقع العسكرية في جبهة نهم لإعادة ترتيب صفوف الجيش الوطني”.
غريفيث في مهمة إنقاذ بقاء التحالف في مأرب
حالياً يزعم الإصلاح وإعلامه إن المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي زار صنعاء مؤخراً والتقى بالقيادة السياسية في صنعاء على وقع التصعيد العسكري الأخير، يزعم الإصلاح بأن الرجل أتى لإنقاذ الحوثيين ولإيقاف التقدم العسكري الذي تحققه الشرعية في نهم، غير أن الحقيقة هي عكس ما يقال تماماً فالذي يحقق التقدم العسكري هي قوات صنعاء، والذي يحتاج إلى تحرك دولي لوقف التصعيد العسكري هو الإصلاح، لكن الإصلاح لا يستطيع الدفع بغريفيث لتشكيل ضغط على سلطة صنعاء، وهذا ما يعني أن من دفع بغريفيث لزيارة صنعاء والتقدم بوساطة لوقف التصعيد العسكري هو التحالف السعودي الإماراتي بضوء أخضر من بريطانيا التي كانت أول دولة تبدي موقفاً متخوفاً من التحركات العسكرية الأخيرة في اليمن تلتها في هذا الموقف الولايات المتحدة الأمريكية التي رأت أن التغيرات العسكرية في اليمن تهدد المخططات العسكرية التي تبني عليها واشنطن وتدفع بها للرياض لتنفيذها في اليمن.
في هذا الشأن قال قيادي بأنصار الله إن على المواطنين والمتابعين لما يحدث أن يدركوا أن الإصلاح في موقف محرج ولا يستطيع المجاهرة بالحقائق كاملة وأن تزييفه للحقائق سواءً السياسية أو العسكرية هو أمر تتفهمه سلطة صنعاء لأنها تدرك ما يمر به الإصلاح من وضع في مناطق سيطرة التحالف، ولهذا “لم يستطيع الإصلاح وإعلامه المجاهرة بأن زيارة غريفيث لصنعاء هدفها التوسط لصالح التحالف عند الحوثيين والضغط عليهم لوقف التصعيد الذي يهدد التحالف في مأرب فالاعتراف بهذه الحقيقة يعني الاعتراف بانتصار الحوثيين في نهم ومأرب والجوف بمقابل هزيمة الإصلاح، ولهذا عمدوا إلى تزوير وعكس المعلومات”.
هل يتعلم الإصلاح من الدرس؟
في نهاية المطاف تكشف الأحداث العسكرية الأخيرة أن رهانات حزب الإصلاح كانت خاطئة، وتبين أن التحالف السعودي الإماراتي وأدواته الجديدة ممثلة بتيار المؤتمر الموالي لأبوظبي بقيادة طارق عفاش ومن معه لا يريدون الوصول إلى اتفاق في اليمن بوجود الإصلاح، فهل يدرك الحزب حقيقة ما يحاك ضده وهل يستجيب قيادات الإصلاح العقلاء لدعوات قيادات أنصار الله التي تصلهم عبر قنوات الاتصال السرية بين الطرفين أم الغباء سيظل ملازماً للإصلاح إلى أن ينتهي آخر عضو فيه؟.