صحيفة دولية تكشف أن “وديعة السعودية” ليست مجانية
صحافة – المساء برس| تقرير: عبدالرزاق الجمل|
بعدما كانت السعودية قد أعلنت في وقت سابق أنها تعتزم إيداع ثلاثة مليارات دولار أمريكي في بنك عدن، أعلنت الأسبوع الماضي عن وديعة بمليار فقط.
وعلى رغم أن الوديعة السعودية للبنك جاءت بغرض إنقاذ الريال في المناطق الخاضعة لسيطرة تشكيلاتها المسلحة، حيث يشهد انهيارا غير مسبوق، إلا أنها لم تحدث تغييرا يُذكر، بل إن أسعار الصرف شهدت مزيدا من التراجع في تلك المناطق خلال اليومين الماضيين. في المرات السابقة، كان سعر الصرف يتأثر بمجرد الإعلان عن وديعة قادمة، لكن الأمر تغير حاليا وبشكل كبير، بعدما اتضح أن ودائع الرياض لها حسابات لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي ولا بوضع الشعب اليمني.
وحتى لا تُعلق على الوديعة آمال أكبر من حجمها، قال محافظ بنك عدن المعين من قبل السعودية، أحمد أحمد غالب المعبقي، إن الوديعة السعودية البالغة مليار دولار ليست الحل للوضع الاقتصادي الكارثي في مجمله العام باليمن، وإنما متنفس للبنك ولحكومة عدن لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية. على حد تعبيره.
ثمن باهظ:
وبعيدا عن الجانب الاقتصادي، من المهم الإشارة هنا إلى أن وعد السعودية برفد بنك عدن بثلاثة مليارات دولار، جاء خلال وعقب تشكيل ما سُمي بـ”مجلس القيادة الرئاسي”. حينها كانت السعودية تسعى إلى إقناع الجميع بصواب خطوة إجبار هادي على التنحي، على اعتبار أنه العائق الرئيسي أمام عمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي التي تنوي القيام بها، وفي مقدمة تلك العمليات دعم العملة الوطنية اليمنية.
غير أنها لم تف بما وعدت به رغم مرور نحو عام على تشكيل مجلس القيادة، لأن الهدف منها لم يكن اقتصاديا ولا إنسانيا وإنما سياسيا بالدرجة الأولى.
كان هدف السعودية في بادئ الأمر، دعم المجلس الذي شكلته ليتمكن من التواجد في عدن، وخلق رضا أو التفاف شعبي حول هذا المجلس، لكن الانتقالي بقي المسيطر على المدينة، والمتحكم بكل صغيرة وكبيرة فيها، ومن شأن رفد البنك بالوديعة في ظل ظرف كهذا، أن يخدم نفوذ الإمارات بشكل رئيسي، ويعزز شعبية أدواتها. كان عرقلة عمل المجلس في عدن من أسباب خلاف السعودية مع الانتقالي، وأيضا استدعاء عيدروس الزبيدي إلى الرياض ومنعه من العودة إلى عدن.
صحيح أن الوضع بدأ يتغير في عدن على مستوى النفوذ، بعد دفع السعودية بقوات “درع الوطن” إلى المدينة وإلى محافظات خاضعة لسيطرة الانتقالي، وصحيح أن الرياض بحاجة إلى تقويض نفوذ أبوظبي، إلا أن ثمن الوديعة تغير، وبات مرتبطا بأمور أخرى أيضا، وفق كثير من المحللين والمتابعين.
ومع أن أهداف السعودية الجديدة غير معلومة حتى اللحظة، إلا أن الحديث عنها ارتبط بالوديعة بشكل كبير مؤخرا، حتى من قبل المحسوبين على طابور التحالف. مع الإشارة إلى أن الهدف الرئيسي يبقى صراع النفوذ مع الإمارات.
في السياق، يقول الصحفي سيف الحاضري، إن الثمن الذي سيُدفع سياسيا مقابل الوديعة سيكون كبيرا. ويضيف ساخرا: الاتفاق كان الإطاحة بالرئيس هادي ونائبه مقابل ثلاثة مليار دولار، والمؤمنون عند عهودهم إذا عاهدوا. نطالب بالمبلغ المتبقي اثنين مليار، ونرفض هذه المغالطة.
ويتفق مراسل وكالة “شنخوا” الصينية، الصحافي فارس الحميري، مع هذا الطرح، حيث كتب عبر حسابه على موقع تويتر: لا شيء يمنح بدون مقابل.. هذه المـرة المقابل سيكون ثقيـلا مؤلما.
تحجيم الانتقالي:
ما يمكن فهمه من خلال هذا الإجراء، هو أن السعودية اتجهت نحو تثبيت وجود مجلس القيادة في عدن، ومن ثم دعمه، كونه الجهة التي تعتقد الرياض أنها قادرة على تمرير مشاريعها من خلاله، ولهذا أتت به، بخلاف الانتقالي الذي وإن كان أحد أدواتها إلا أن له مشروعه الخاص الذي يتعارض مع مشاريعها.
في هذا السياق، ربما حرصت السعودية على تجفيف أي دعم للانتقالي وحرمانه من أية عائدات. على سبيل المثال، يستقبل ميناء جدة في السعودية ما يقارب 60 ألف حاوية ترانزيت متجهة إلى ميناء الحاويات بعدن.
وفق المعلومات المتوفرة، يتقاضى ميناء جدة رسوم “ديميرنج” على الحاوية في اليوم ما بين 20 إلى 50 دولارا، أي بإجمالي متوسط 2 مليون دولار في اليوم، و60مليون دولار شهريا و720 مليون دولار سنويا، والتي من المفترض أنها مستحقة لميناء الحاويات في عدن، لكن السعودية تستحوذ عليها.
يمكن القول إن هذه الخطوة العملية مؤشر إلى وجود رغبة سعودية جادة في تحجيم المجلس الانتقالي جنوبا لصالح المجلس الذي شكلته قبل نحو عام.
المصدر: تقرير لصحيفة عرب جورنال الدولية