مجلس الأمن والأمم المتحدة (الأمريكيان)

وما يسطرون – د. صريح صالح القاز* – المساء برس|

#قف كيف نقتنع أكثر بأن الأمم المتحدة لا تعني أمم العالم؛ بل هي في الأساس الشعوب أو الأمم التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية (دول الحلفاء)؟.

لا شك في أن دول الحلفاء (فرنسا، بريطانيا، روسيا، أميركا) دخلت في سجال بشأن إقرار هيئة الأمم المتحدة وميثاقها؛ لا سيما في مسألة حق (الفيتو)، ورأت أنها نظير ما خسرته في الحرب وما بذلته من جهود في ترتيب (الأمم المتحدة) تستحق تعويضا وتستحق مكافأة لبراءة الاختراع؛ فكان أهم مكافأة كافئة نفسها بها هو حق (الفيتو)،و تحولت من دول حلفاء إلى دول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي مع إضافة الصين كعضو خامس لأسباب سكانية وجغرافية.

والواضح أن هذه الدول فصلت الأمم المتحدة سواءً من حيث الهيكل المؤسسي أو من حيث فصول، ومواد ميثاق الأمم المتحدة؛ بصورة تناسب،و تخدم، مصالحها؛ وتكرس نفوذها العالمي؛ على حساب بقيت العالم.

وسوف نعرج على بعض الاختلالات القائمة في الآتي:
– جعلت قرار مجلس الأمن الذي توافق عليه هذه ال5 الدول ملزم، ونافذ؛ بينما
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تمثل188 دولة غير ملزم.

– على الرغم من أن المادة (109) من ميثاق الأمم المتحدة نصت “يجوز عقد مؤتمر عام من أعضاء الأمم المتحدة لإعادة النظر في هذا الميثاق في الزمان والمكان اللذين تحددهما الجمعية العامة بأغلبية ثلثي أعضائها وبموافقة تسعة ما من أعضاء مجلس الأمن، ويكون لكل عضو في الأمم المتحدة صوت واحد في المؤتمر
على مراجعة ميثاق الأمم المتحدة”؛
فإن هذه الدول ال5 دائمة العضوية عملت على تعديل هذه المادة في 20 ديسمبر 1965؛ بما لا يسمح بنفاذ أي تعديل على الميثاق إلا بموافقتها.

– حين تأسست الأمم المتحدة عام 1945 كان الأعضاء الدائمون 5 وأعضاء الجمعية العامة 46 عضو، وكان يمثلهم 6 أعضاء غير دائمين بمجلس الأمن بنسبة 1 لكل 7,5 عضو.

– في 1965 تم رفع عدد الأعضاء غير الدائمون بمجلس الأمن من 7 إلى 10. ومنذ ذلك الحين حتى وقتنا الراهن أرتفع عدد أعضاء الأمم المتحدة إلى 193 عضو؛ أي أن أعضاء الأمم المتحدة دون ال5 الدول الدائمة العضوية هم 188 عضو، وما زال يمثلهم 10 أعضاء وهو تمثيل متدني بمعدل 1 لكل 18,5 عضو.

– هناك مفاهيم بميثاق الأمم المتحدة (حق تقرير المصير، حق التدخل الإنساني، حق الدفاع عن النفس) مازالت ذات تفسيرات مطاطية، وما زالت الدول ال5 دائمة العضوية؛ تحديدا تستغل هذا الخلل المفاهيمي في تفسيرها بالطريقة التي تتوافق مع قراراتها ومصالحها.

– بريطانيا وفرنسا؛ مثلا كدولتين أوروبيتين متجاورتين؛ أخذتا مقعدين دائمين بمجلس الأمن الدولي. فكم تشكل مساحتيهما، وعدد سكانهما من إجمالي مساحة وسكان العالم؟.
ومن الأكبر مساحة والأكثر سكانا؛ هاتين الدولتين أم دول قارة إفريقيا؟.

– هناك دول كانت مدمرة ومنهزمة حين تأسست الأمم المتحدة مثل- ألمانيا واليابان- لكنها اليوم باتت قوى اقتصادية وعسكرية وازنة، وبات من حقها أن يكون لها تمثيل يناسبها، وهناك دول كانت حين تأسست الأمم المتحدة تحت الاستعمار، أو الانتداب، أو الوصاية مثل: الدول العربية، ودول إفريقية كثيرة؛ لكنها اليوم أصبحت مستقلة، ومن حقها أيضا أن يكون لها تمثيل يناسبها.

– ما زالت معادلة التمثيل الأممي مختلة بصورة جد مجحفة داخل مجلس الأمن؛ سواء فيما يتعلق بالعضوية الدائمة، أو العضوية غير الدائمة، وما زالت الدول ال5 دائمة العضوية مِصرة على بقاء الحال على ماهو عليه دون أن تضع أي اعتبار للمتغيرات الديموغرافية، والسياسية والاقتصادية والعسكرية التي شهدها العالم خلال العقود التي تلت تأسيس الأمم المتحدة.

(*) د. صالح القاز – باحث، ومحلل سياسي، حاصل على شهادتي الماجستير، والدكتوراه في العلوم السياسية من الجمهورية التونسية.

قد يعجبك ايضا