توسع أمريكي عسكري غير معلن شرق اليمن.. ماذا يحدث في مطار الريان بالمكلا؟ (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
كشفت مصادر مطلعة عن تنامي الأعمال الإنشائية السرية في قاعدة مطار الريان بالمكلا في حضرموت جنوب شرق اليمن والتي تخضع للسيطرة الكاملة لقوات أمريكية وإماراتية منذ السنوات الأولى للحرب على اليمن.
وتفيد المعلومات الواردة باستمرار أعمال ردم في البحر قبالة مطار الريان الدولي الذي بات قاعدة عسكرية مغلقة للأمريكان والإماراتيين، حيث تهدف أعمال الردم إلى إضافة لسان بحري أكبر من اللسان البحري السابق الذي سبق وأنشأته الإمارات والولايات المتحدة سراً لتحويل المطار الذي يقع على الشاطئ إلى قاعدة عسكرية قادرة على استقبال سفن عسكرية حربية.
ويأتي تسريع أعمال إنشاء اللسان البحري في مطار الريان بعد أيام من كشف مسؤول دفاعي أمريكي في تصريح لقناة سكاي نيوز عربية (الأمريكية الناطقة بالعربية والتي تبث من الإمارات) أواخر شهر رمضان المنصرم، والذي كشف فيه المسؤول الدفاعي الأمريكي عن وجود عسكري أمريكي في جزيرة سقطرى الخاضعة لسيطرة القوات الإماراتية، حيث قال المسؤول الدفاعي الأمريكي حينها أن البنتاغون يعمل على توسيع وتعزيز منظوماته الدفاعية الصاروخية للقوات الأمريكية في جزيرة سقطرى وذلك للتصدي للهجمات الصاروخية اليمنية التي تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل في المحيط الهندي.
وكان هذا التصريح الأمريكي الذي أقر ولأول مرة بوجود عسكري أمريكي في سقطرى قد جاء بعد أيام قليلة على إعلان صنعاء توسيع دائرة استهدافاتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل من خلال منع مرورها أيضاً من المحيط الهندي نحو طريق الرجاء الصالح وذلك لزيادة الضغط أكثر على كيان الاحتلال الإسرائيلي لوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عن القطاع.
التطورات الأخيرة بشأن الوجود العسكري الأمريكي جنوب شرق اليمن، تعيد التذكير بحقيقة ما يحدث في مطار الريان في المكلا بحضرموت شرق اليمن والذي أصبح قاعدة عسكرية مغلقة للأمريكان والإماراتيين، حيث كان “المساء برس” قد كشف في تحقيق سابق في نوفمبر 2022 عن تفاصيل إنشاء الإمارات لساناً بحرياً هو الأول الذي يتم إنشاؤه خلف مطار الريان بما يسمح لتحويله لميناء بحري عسكري قادر على استقبال سفن عسكرية متوسطة وكبيرة بدلاً من استخدام الإمارات ميناء المكلا المدني الذي يستطيع المواطنون رصد أي تحركات إماراتية أو أجنبية فيه بسهولة في حين لا يمكن رصد الحركة في مطار الريان أو الميناء الصغير الذي جرى إنشاؤه بلسان بحري في المنطقة الخلفية للمطار على البحر كون المنطقة مغلقة بالكامل ولا يُسمح لأي يمني حتى ولو كان ضابطاً رفيعاً في قوات ما تسمى (الشرعية) من الوصول إليه أو الدخول لقاعدة مطار الريان.
مطار الريان (القاعدة العسكرية المغلقة إماراتياً بوجه أي ضابط يمني)
وفي التحقيق المشار إليه سابقاً، كشف ضابط عسكري بالمنطقة العسكرية الثانية ومقرها المكلا، قيام القوات الإماراتية بتدمير سلاح المدرعات التابع للمنطقة العسكرية الثانية، ما يعني تدمير الإمارات لسدس سلاح المدرعات اليمني بالكامل، إضافة إلى ذلك تدمير سلاح الدفاع الجوي بما فيه من منظومات دفاع جوي وصواريخ أرض جو ومضادات طيران.
الضابط الذي تحفظ “المساء برس” عن كشف هويته حينها، للحفاظ على سلامته، مد “المساء برس” بتسجيلات صوتية تثبت صحة المعلومات التي يكشفها لأول مرة، والتي تتضمن “قيام القوات الإماراتية بإرسال مذكرة من القيادة والسيطرة داخل قاعدة مطار الريان إلى المنطقة العسكرية الثانية حملت توجيهات صارمة بإخراج كامل سلاح المدرعات التابع للمنطقة العسكرية وأسلحة الدفاع الجوي بالكامل”، يؤكد الضابط أن قيادة المنطقة قامت بتنفيذ التوجيهات على الفور، واستمرت عملية نقل أسلحة المدرعات والدفاع الجوي مدة طويلة، ونقلت هذه الأسلحة إلى داخل مطار الريان من الجهة الساحلية على الشاطئ.
يؤكد الضابط بالمنطقة العسكرية، أن كل ألوية المدرعات التابعة للمنطقة العسكرية الثانية تم سحب كل سلاحها المدرع والذي يتضمن ما يلي:
دبابات تي 55 الروسية بالكامل، ولم تسمح الإمارات سوى ببقاء دبابتين فقط داخل المنطقة العسكرية الثانية.
دبابات بي ام بي بالكامل.
عربات شيلكا المجنزرة السوفييتية.
سلاح المدفعية بالكامل.
عربات المدرعات الخاصة بالاقتحامات بالكامل.
كما يؤكد الضابط أن الإمارات سحبت كل صواريخ الدفاع الجوي التابعة للواء 190 دفاع جوي والذي يقع مقره شرق المكلا جوار المطار، واللواء 190 دفاع جوي هو لواء الدفاع الجوي الوحيد الخاص بتغطية كامل الجغرافيا المنتشرة عليها المنطقة العسكرية الثانية، حيث تم سحب كل سلاح اللواء الجوي وهو كالتالي:
كل صواريخ الدفاع الجوي (فولجا) الروسية الصنع.
كل صواريخ الدفاع الجوي السوفييتية (دفينا).
80 % من مضادات الطيران (م/ط) ولم يتم الإبقاء إلا على كمية قليلة جداً من مضادات م/ ط تم تسليمها لقوات النخبة الحضرمية لاستخدامها كبديل عن منظومات الدفاع الجوي التي تم سحبها اللواء 190”.
وتكشف التفاصيل أيضاً أن الإمارات سحبت من قوات النخبة الحضرمية التي أنشأتها الإمارات، ما كانت قد سلمتها من مدرعات أمريكية من نوع أوشكاش، حيث تم سحب كل الكمية التي مُنحت للنخبة لاحقاً.
مصير سلاح المدرعات اليمني الذي سحبته الإمارات من جنوب شرق اليمن
كانت الكارثة في المعلومات اللاحقة التي حصل عليها “المساء برس” من مصدرين موثوقين الأول عسكري يتبع المنطقة العسكرية الثانية والثاني مصدر أمني سبق أن نفذ مهمة أمنية اعتيادية في محيط مطار الريان، لكن هذه المهمة الأمنية كشفت للمصدر ما تفعله القوات الإماراتية بسلاح الدروع اليمني، الذي كان قد تم تجميعه في منطقة ميناء المطار.
تكشف التفاصيل أن الإمارات قامت بحفر خندق بعمق 5 أمتار من أول نقطة لليابسة إلى آخر نقطة يصل إليها اللسان البحري الذي أنشئ لاحقاً، داخل هذا الخندق تم ردم كامل سلاح المدرعات بما فيه من دبابات تي 55 ودبابات بي ام بي ودبابات شيلكا والمدافع وعربات المدرعات الصغيرة (الاقتحامات)، وفي منطقة أخرى تم حفر حُفر كبيرة ووضع صواريخ الدفاع الجوي الفولجا ودفينا ومضاطات الطيران وتفجيرها بالكامل ومن ثم أخذ حكام الصواريخ بعد تدميرها وكبسه فوق الدبابات والمدرعات التي وضعت في الخندق عند الميناء، كل هذا السلاح تم ردمه داخل الخندق.
تؤكد مصادر “المساء برس” أن كامل السلاح المسحوب من العسكرية الثانية تم تجميعه وتلغيمه وتفجيره وكبسه داخل الخندق ليكون بمثابة قاعدة تزن مئات الآلاف من الأطنان من الحديد، هذا الخندق هو ما تم البناء عليه لاحقاً ليصبح رصيفاً أو لساناً بحرياً جعل من ميناء مطار الريان ميناءً يستطيع استقبال السفن الكبيرة والمتوسطة.
وبالعودة لما كشفه الضابط بالعسكرية الثانية، فإن سلاح المدرعات الذي تم تدميره وتحويله لخرسانة من الحديد لبناء لسان بحري بمطار الريان لاستخدامه كمرفأ للسفن العسكرية الأجنبية (الإماراتية والأمريكية)، كل ذلك السلاح كان لا يزال يعمل وأن جزءاً بسيطاً فقط من كل ذلك السلاح هو ما كان معطلاً جزئياً وكان بحاجة فقط لتبديل بعض قطع الغيار، إلا أن قرار الإمارات ابتداءً والذي يعتقد أنه قرار أمريكي بالدرجة الرئيسية كان التخلص من سلاح المدرعات والدفاع الجوي شرق اليمن بالكامل كما فعلت واشنطن سابقاً في عهد نظام علي عبدالله صالح والتي دمرت بمعية نجل شقيقه عمار محمد عبدالله صالح والذي كان حينها وكيل جهاز الأمن القومي اليمني، منظومات الدفاع الجوي اليمني بذريعة إبعادها من الوقوع بيد التنظيمات الإرهابية.
غرف عمليات أمريكية عسكرية تحت الأرض بمطار الريان
وفي تقرير سابق منتصف مايو العام الماضي، كشف “المساء برس” عن مصدر موثوق أنه ومنذ نحو 7 أشهر من ذلك الحين، يجري العمل على إنشاء ما يطلق عليه الضباط الأمريكيون قاعدة داخل مطار الريان بـ(Command and control operations) وهي عبارة عن غرف عمليات عسكرية ومراكز للقيادة والسيطرة على مساحات واسعة تحت الأرض داخل مطار الريان بالمكلا.
وقال إن التجهيزات التي تم تركيبها وإنشاؤها داخل هذه المساحات الواسعة تحت الأرض داخل المطار بلغت تكاليف باهظة الثمن، حيث قام أحد المحلات التجارية في المكلا العاملة في مجال تجارة أنظمة وشبكات التكييف والتبريد ببيع ما قيمته 12 مليون ريال من المواد والأجهزة التي تم تركيبها داخل هذه المراكز الواقعة تحت الأرض، مؤكداً أن هذه الأجهزة هي ما تم شراؤه من محل واحد فقط داخل المكلا خلافاً لبقية الكميات من نفس المجال التي تم شراؤها من محلات أخرى، أو التي تم استيرادها من الخارج وحملها على طائرات أمريكية خاصة إلى المطار. بالإضافة إلى ذلك، تم تزويد تلك المساحات التي تم إنشاؤها تحت الأرض بتحصينات خرسانية صلبة تحميها من التأثر بأي أضرار ناجمة عن أي هجمات صاروخية أو جوية تتعرض لها.
هذه التجهيزات، هي عبارة عن غرف عمليات عسكرية مركزية ومخصصة لقيادة مهام عسكرية استراتيجية وطويلة المدى وليست حالة طارئة أو مؤقتة، بدليل حجم التجهيزات التي تمت على أعلى مستوى من التقنية والترتيبات الفنية والإلكترونية، وتخضع بشكل مباشر للأسطول الأمريكي الخامس وقيادة المنطقة المركزية الوسطى.