صراخ في “البيت الأبيض” و “بكنغهام”.. ما الذي فعله اليمن بأكبر قوتين عسكريتين في العالم؟
حلمي الكمالي – وما يسطرون|
يبدو أن ما تصنعه العمليات اليمنية المستمرة ضد الملاحة الإسرائيلية وكذلك السفن الأمريكية والبريطانية دعماً لغزة وضمن الرد على العدوان الأمريكي البريطاني، قد تسبب بزلزال كبير ومدمر داخل دواوين أمراء الحرب في البيت الأبيض وبكنغهام، والتي تشتعل اليوم سخطاً وحسرةً لعجزها عن التصدي لعمليات “اليمن الفقير” وهي “القوى العظمى” وصاحبة النفوذ والهيمنة العالمية.. فما الذي فعله اليمن ليحدث كل هذه الهزات في صلب الكبرياء الغربي.
جبال من الخيبة والفشل تملئ أجواف الساسة والقادة العسكريين الأمريكيين مع تصاعد الضربات اليمنية ضد البوارج الحربية الأمريكية التي لم تفلح في فك الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية، كما لم تفلح في النأي عن نفسها من وجع وأضرار هذه الضربات؛ وهي ما نرى وما نسمع جزء منها في تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين يؤكدون على لسان إدارة بايدن وقيادة الكونغرس ووحداتها المختلفة، عجزهم عن التعامل مع من تسميهم بالحوثيين.
ويجب الإشارة إلى أن العجز الأمريكي لا يتعلق فقط بالجانب العسكري المباشر، بل أن جوانب الإخفاق تشمل جهات كثيرة ومجالات عديدة، بينها وأهمها التقنية الحربية واللوجستية اليمنية التي فاجأت العدو الأمريكي، وسجلت خرقاً كبيراً ووميتاً في دفاعاته الحديثة، والتي من الواضح أنها جاءت من خارج حسابات الأمريكي وكذلك قواعده في هذا المضمار، إلى جانب فشله الاستخباراتي العميق والذي يذرف الأمريكي دموعاً كثيرة مقراً بهذا الفشل على وجه الخصوص.
علاوة على ذلك، فإن شعور العجز والخيبة هذا الذي يعتري الإدارة الأمريكية، هو نفسه الذي يصيب الإدارة البريطانية التي تشارك الولايات المتحدة في تحالف الذل والهوان لحماية الكيان الصهيوني، والذي يتعلق أيضاً بنفس جوانب الإخفاق الأمريكي العسكرية والتقنية والاستخباراتية، بالإضافة إلى ما تسببت به هذه المشاركة من أزمة اقتصادية خانقة وارتفاع للأسعار في المملكة المتحدة بسبب استهداف القوات المسلحة اليمنية للسفن البريطانية، ومنعها من المرور في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب رداً على اعتدائها على اليمن.
هذه الإعترافات التي تضرب معاقل المؤامرات في أمريكا وبريطانيا، والمصحوبة بضجة عارمة في الشارع الغربي، نظير ما يعيشه من ارتدادات عكسية للتدخلات الفاشلة للأنظمة والحكومات الغربية في الشرق الأوسط، هي مشهد مصغر يلخص حقيقة دخول العالم مرحلة آفول الهيمنة الغربية، هذه المرحلة التي بدأ اليمنيين في كتابة سطورها الأولى من باب المندب، ومن قلب هذه المنطقة الحيوية التي على ما يبدو أنها المبتدأ والمنتهى لكل الامبراطوريات والقوى.
رغم كل هذا الإعترافات الأمريكية البريطانية بالعجز والفشل في البحر الأحمر، ومع ذلك لا يبدو أن صنعاء قد استعرضت إلا شيئاً يسيراً من قوتها الحربية، فالواقع يؤكد أنه ما يزال في جبعتها الكثير والكثير، ولعل هذا ما أشار إليه بشكل صريح قائد الأنصار، السيد عبدالملك الحوثي، والذي أكد في خطابه الأخير، أن لديهم” بإذن الله تعالى مفاجآت لا يتوقعها الأعداء نهائيا، وستكون مفاجئة جدا للأعداء وفوق ما يتوقعه العدو والصديق”، مشيراً إلى أن “مفاجآتنا إن شاء الله ستأتي فاعلة ومؤثرة”.
إلى ذلك، رغم كل الوجع الكبير الذي ألحقه اليمن بالتحالف الأمريكي البريطاني لحماية الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، إلا أن المرحلة القادمة قد تكون أشد وجعاً على هذا التحالف إذا في استمر في عدوانه على اليمن، وواصلت الولايات المتحدة دعمها المطلق لاستمرار العدوان الصهيوني على غزة، حينها قد لا يستطيع الأمريكي ومن معه الخروج من تداعيات هذه المرحلة أو حتى العودة إلى المرحلة السابقة، وهي تداعيات قد تتجاوز حدتها المنطقة والإقليم.