ساحاتنا بطولات… وساحاتهم غدر
معن بشور – وما يسطرون|
بعد أن اتضح للعدو ولحلفائه أنّ شعار «وحدة الساحات» لم يكن شعاراً خطابياً يُطلق في المناسبات، بل بات مترجماً في ملحمة «طوفان الأقصى» إلى عمليات بطولية، تمتد من غزة إلى عموم فلسطين، إلى جنوب لبنان، إلى القواعد الأميركية في العراق وسوريا، إلى البحر الأحمر وباب المندب، إلى الشوارع العربية والشوارع الممتلئة بأحرار العالم… ظنّ الصهاينة، ومن ورائهم المخابرات الأميركية والغربية، أنهم يستطيعون أيضاً أن يفتحوا «وحدة ساحاتهم». فاختاروا يوماً ذا دلالات في حياة مقاومتنا العربية والإسلامية للمشروع الصهيوني الأميركي، وهو يوم اغتيال الشهيد القائد قاسم سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس، ليشنوا عمليات إجرامية على امتداد ساحات المقاومة، فيستمروا في وحشيتهم في غزة وعموم فلسطين، ويستمروا في مواجهتهم في لبنان عبر المعارك المحتدمة في جنوبه، ثم اغتيال الشهيد القائد الكبير الشيخ صالح العاروري ورفاقه في قلب عاصمته. إلى سوريا التي يمطرها العدو بين اليوم والآخر بصواريخ من طائراته محاولاً أن يستكمل الحرب عليها بحروب متواصلة، وصولاً إلى كرمان الإيرانية، حيث استُشهد أكثر من مئة مواطن إيراني يزورون ضريح الشهيد سليماني. وصولاً إلى اليمن حيث استهدفت البحرية الحربية الأميركية شجعان اليمن بعملية أدّت إلى استشهاد بعض أبطالهم. إنّ وحدة الدم العربي-الإسلامي التي تأخذ كل يوم بعداً جديداً في حياة أمّتنا وفي تاريخها المعاصر، تشكّل رداً مؤهلاً، لا لطرد الاستعمار من بلادنا فقط، ولا لهزيمة الكيان الصهيوني في فلسطين فقط، بل أيضاً لتكون مناسبة لإشعال ثورة على مستوى العالم تطرد كل استعمار وكل استغلال وكل استبداد.
وكم يخطئ مرتكبو المجازر والمحارق والاغتيالات حين يظنون أنهم بحرب الإبادة التي يشنّونها، والدماء التي يسفكونها من عروق أبناء أمّتنا العربية والإسلامية الممتدة من فلسطين إلى لبنان، إلى اليمن، إلى سوريا، والعراق وإيران، هم قادرون على إطفاء جذوة المقاومة في الأمّة، وينسون أنّ دماء شهداء أبناء الأمّة والإقليم لم تؤد يوماً إلّا إلى إشعال لهيب المقاومة في عالمنا العربي والإسلامي، بل على مستوى العالم كله.
وحين تحتشد عشرات الملايين لتشييع الشهداء في عواصم ومدن الإقليم كافة، ومعهم مئات ملايين الأحرار في العالم، فذلك مؤشر على أنّ ساعة النصر لم تعد بعيدة، وأنّ قوافل الشهداء قناديل نور وضياء تشق لهم الطريق وتنيرها أمامهم.
إنّ وحدة الدم العربي-الإسلامي التي تروي تربة المقاومة في كل أرضنا، هي الرد الأفعل على جرائم العدو وحلفائه وأتباعه، بل هي الدعوة لكي نتجاوز كعرب ومسلمين كل الخلافات والصراعات والفتن المدمّرة التي عشناها، وما زالت آثار بعضها موجودة، والتي كان العدو يسعى إلى استثمارها واستغلالها في حربه المستمرة على أمّتنا والإقليم منذ عشرات السنين.
الرحمة والخلود لشهداء غزّة وعموم فلسطين، وجنوب لبنان، وشهداء سوريا والعراق واليمن وصولاً إلى شهداء كرمان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والنصر للمقاومة نهجاً وثقافة وعملاً.