ترتيبات لقمع قبائل مأرب بالقوة العسكرية وتمرير الجرعة (تقرير)

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

تسعى حكومة التحالف السعودي الإماراتي إلى فرض جرعة سعرية على أسعار المشتقات النفطية في مدينة مأرب وباقي المناطق المحيطة بالمدينة الخاضعة لسيطرة الإصلاح.

وفي مقابل هذه الجرعة احتشدت قبائل عبيدة وأنشأت مطارح للاعتصام السلمي مطالبة بإلغاء الجرعة ورفضت السماح بتمريرها مهددة بإيقاف العمل في مصافي صافر وآبار النفط والغاز في المثلث النفطي بمأرب.

حكومة التحالف التي تعاني من أزمة مالية واقتصادية بسبب سياساتها الفاشلة في إدارة الوضع الاقتصادي، لأسباب متعددة أبرزها عدم امتلاكها فعلياً للقرار الاقتصادي السيادي والذي لا يزال التحالف السعودي الإماراتي هو المتحكم بهذا القرار على كل المستويات والأصعدة، ولأسباب أخرى متعددة منها إقامة معظم مسؤولي حكومة التحالف في الخارج وإنفاق مرتباتهم ومستحقاتهم وبدلات إضافية بالعملة الصعبة وبمبالغ مهولة الأمر الذي يؤدي إلى استمرار تدهور قيمة العملة المحلية في مناطق سيطرة التحالف، إضافة إلى الفساد المالي والإداري وأيضاً استقلال بعض المناطق مالياً وإيقاف توريد إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن مثل محافظتي حضرموت ومأرب.

أمام هذا الفشل الاقتصادي والمالي لحكومة التحالف السعودي، لجأت الحكومة إلى إجراءات احتيالية أبرزها فرض جبايات جديدة ومضاعفة الجبايات السابقة غير القانونية، أي أنها لجأت إلى تمويل احتياجات مسؤوليها من جيوب المواطنين المعدمين أساساً، وكجزء من هذه السياسة التي تواجه بها حكومة التحالف احتياجات مسؤوليها المترفين في الخارج، عملت على رفع جرعة جديدة في أسعار المشتقات النفطية في مأرب على الرغم من أن نفط مأرب من الأرض اليمنية وغير مستورد ما يفترض بأن يكون سعره مدعوماً ومخفضاً كونه في الأصل ملك للمواطن اليمني ومهمة المسؤولين (المقيمين في الخارج منذ 2015) هي إدارة هذه الثروة وتوزيع عائداتها على المواطنين وليس استغلالها لبناء ثروات لنخبة المسؤولين.

حالياً ولكون الحكومة بحاجة ماسة لرفع الجرعة في مأرب ولكون قرار الجرعة أساساً واحداً من شروط السعودية التي رفضت تقديم أي دعم مالي لحكومة التحالف الموالية لها إلا بتنفيذ إجراءات اقتصادية من بينها رفع الدعم عن كافة الاحتياجات الأساسية التي كانت مدعومة بما في ذلك رفع أسعار المشتقات النفطية في مأرب، فإن حكومة التحالف تسعى بكل قوة لفرض هذه الجرعة كونها السبيل الوحيد لاستمرار الدعم المالي لها سواءً المتحصل من المواطنين أو المقدم من السعودية.

تأزم الوضع بين القبائل وحكومة معين عبدالملك

يمثل حكومة معين عبدالملك في هذه الأزمة كلاً من (رشاد العليمي ورئيس أركان قواته صغير بن عزيز ومحافظ مأرب ونائب العليمي أيضاً، سلطان العرادة والذي يعد أيضاً رأس هرم حزب الإصلاح بمأرب إضافة إلى رئيس الحكومة معين عبدالملك الموصوف بكونه أداة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.

بينما يمثل قبائل مأرب، زعامات ومشائخ قبائل عبيدة والذين يسكنون مدينة مأرب ومحيطها ومديرية وادي عبيدة التي تشمل أيضاً منشأة صافر وحقول النفط، وهم أكثر المستفيدين من سعر البنزين والديزل المخفض المنتج محلياً بحكم وجود حقول النفط في مديريتهم وأراضيهم.

إصرار حكومة التحالف والذي تحول بنظر القبائل إلى إصرار متعمد من قبل حزب الإصلاح بصفته هو المتحكم بمأرب والمسيطر عليها عسكرياً وأمنياً ومالياً بقيادة المحافظ، دفع القبائل إلى التحدي والإصرار أيضاً على رفض تمرير هذه الجرعة، واللجوء إلى استخدام أسلوب التهديد بإيقاف عمل آبار وحقول النفط ووقف الإنتاج بحكم وجود هذه الآبار في مناطقهم، وهو ما أصبح بنظر حكومة التحالف تمرداً على (الدولة) وتحدٍ للعليمي والإصلاح والعرادة.

تجد حالياً حكومة التحالف بقيادة الإصلاح بأن السبيل الوحيد لفرض الجرعة هو التهديد وإذا لزم الأمر استخدام الأسلوب العسكري لقمع القبائل وإخضاعهم لرغبات حكومة التحالف، ولكون الصدام العسكري مع القبائل قد اقترب أكثر فقد تصدر الإصلاح منذ أيام قليلة مشهد المواجهة مع القبائل موظفاً في سبيل ذلك كل وسائل إعلامه وأبواقه ونشطائه وصحفيين وحتى الذباب الإلكتروني الذي بدأ يستخدمهم من اليوم للتشكيك في قبائل مأرب بل وصل الأمر بالإصلاح إلى اعتبارهم (متحوثين) وهي التهمة التي يلصقها الإصلاح بكل من يعارضه في مناطق سيطرته.

وبدأ نشطاء الإصلاح بالتحريض ضد قبائل مأرب الرافضين فرض الجرعة عليهم، فعلى سبيل المثال كتب الإعلامي الإصلاحي فارس الحميري بأن أزمة الوقود الخانقة التي تشهدها مدينة مأرب سببها “منع مسلحين قبليين محتجين دخول قاطرات المشتقات النفطية إلى المدينة المكتظة بالسكان والنازحين”، وتحميل القبائل مسؤولية وصول سعر الصفيحة البنزين سعة 20 لتر إلى 50 ألف ريال من العملة التابعة لحكومة التحالف.

أما الإعلام الرسمي للإصلاح فذهب إلى نشر شائعات وأكاذيب على وسائله الإعلامية المعروفة لتشتيت جهد القبائل وتخويفهم ودفعهم لحرف مسار اعتصامهم، ومن ذلك على سبيل المثال ما نشرته صحيفة أخبار اليوم، التابعة لعلي محسن الأحمر، والتي زعمت أن قوات تابعة لصنعاء وصلت خلال الساعات الماضية إلى مدينة الحزم في محافظة الجوف.

مصادر في الجوف نفت صحة هذه المعلومات وقالت إن ما ينشره إعلام الإصلاح هدفه ربط السخط الشعبي في مأرب ضد سلطة الإصلاح وحكومة التحالف، بـ”الحوثيين” حسب توصيفه، وذلك للتشكيك بالقبائل ومطالبهم ولإيجاد حالة انقسام داخل القبائل الرافضة لقرار الجرعة وثنيهم عن استمرار المطالبة بإلغاء الجرعة، وهو ما يراه أبناء مأرب بأنه استهزاء بهم يستدعي الرد.

التهيئة لعمل عسكري ضد القبائل

بالتزامن مع حملة التحريض ضد قبائل مأرب، صدر تصريح في وسائل إعلام حكومة التحالف عن “مصدر رئاسي مسؤول” جاء فيه أن “قيادة الدولة” (أي رشاد العليمي ونائبه محافظ مأرب ورئيس الحكومة) مصرون على تمرير الجرعة وأنهم “يدعمون بشكل كامل قرار الحكومة بمعالجة أسعار المشتقات النفطية وتحريك الأسعار كونها تعتبر الأدنى على مستوى المحافظات اليمنية بأكملها”.

المصدر الرئاسي بحكومة معين والعليمي، زعم أن قبائل مأرب ونخبها السياسية ومكوناتها الاجتماعية والسياسية مؤيدة للقرار، وهو ما يعني أن الحكومة بدأت بالفعل بشيطنة القبائل المناهضة للقرار والتمهيد لاعتبارها متمردة، وهو ما يعني أن الأمور تتجه إلى اتخاذ حكومة العليمي ومعين إلى اتخاذ قرار عسكري بفرض القرار بالقوة وضرب القبائل.

في هذا السياق أيضاً، أصدرت وزارة الداخلية في مأرب قائمة سوداءً بأسماء من وصفتهم “بالمخربين” في مأرب، وضمت هذه القائمة أسماء مشائخ وزعماء من قبائل عبيدة وعدد كبير من الشخصيات المشاركة في مطارح مأرب (مقرات الاعتصام القبلي) الرافضة للجرعة والتي هددت بقطع مرور شاحنات النفط وهددت بوقف عمل آبار النفط ومنشآت صافر في حال أصرت حكومة التحالف والإصلاح على تمرير الجرعة، القائمة السوداء التي أعدتها داخلية الإصلاح بمأرب جاءت من وجهة نظر القبائل كتمهيد للتصعيد ضدهم ومواجهة الشعب تحت مبررات وعناوين كاذبة.

قد يعجبك ايضا