الغذاء العالمي هل يُدار إسرائيلياً؟.. تقرير بالوثائق يكشف استخدام المنظمة سلاح التجويع ضد شمال اليمن
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
مع بدء العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سارعت اليمن ممثلة بحكومة صنعاء التي يتواجد فيها مناطق سيطرتها أكثر من 75% من سكان اليمن، إلى مساندة الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في التصدي للكيان الصهيوني الذي يرتكب المجازر اليومية بحق المدنيين في قطاع غزة المحاصر، فكانت مساهمة اليمن عسكرياً في دعم الشعب الفلسطيني كمحاولة لتخفيف الضغط العسكري الصهيوني المتركز على قطاع غزة.
وجاءت مساهمة اليمن العملية، كجزء بسيط ويسير في مقابل ما تقدمه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من دعم عسكري بالسلاح والمعلومات اللوجستية وحشد القطع البحرية الأمريكية إلى محيط فلسطين المحتلة في مياه البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر لحماية الكيان الإسرائيلي من أي هجمات تستهدف الكيان من خارج فلسطين المحتلة، إضافة إلى كميات الأسلحة التي قدمتها واشنطن لتل أبيب منذ بدء القصف والعدوان على قطاع غزة بقنابل وصواريخ محرمة دولياً ويتم استخدامها لأول مرة وتجريبها على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة.
لكن المساندة الغربية في قتل أبناء غزة والمرفوع عنها أي سقف، لم تقتصر على الدول والأنظمة فقط، حيث كشفت وثائق رسمية أن المنظمات الأممية العاملة بمجال حقوق الإنسان والإغاثة مساهمة هي الأخرى بدعم الكيان الصهيوني ومحاربة الفلسطينيين وأي دولة أخرى تساند الشعب الفلسطيني، وهو ما تبين من خلال ما قام به مؤخراً برنامج الغذاء العالمي في مناطق شمال اليمن ذات الكثافة السكانية الأعلى.
بنهاية سبتمبر الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي اضطراره لتقليص المساعدات الإنسانية والغذائية لليمنيين، تحجج البرنامج حينها بتقليص تمويلاته من الدول المانحة، وكان القرار بالنسبة لحكومة صنعاء مفاجئاً جداً لعدم وجود أي سبب يدعو لاتخاذه، راجعت صنعاء القرار لدى المنظمة الأممية ومكتبها الإقليمي ولكن دون فائدة.
بعد ذلك وبعد أسابيع قليلة من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعلن برنامج الغذاء العالمي وقف مساعداته الإغاثية كلياً عن اليمنيين، وكان واضحاً أن اتخاذ هذا القرار قد جاء بعد التهديدات التي أطلقها زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي ضد الكيان الصهيوني في كلمته الأولى التي ألقاها بعد أيام قليلة من عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في عدة مواقع عسكرية للكيان الصهيوني في غلاف غزة.
ذهب البرنامج الأممي إلى اتخاذ قرار وقف المساعدات تحت مبرر عدم وجود التمويل المالي، ولكن وبعد التدقيق في وثائق البرنامج وتقاريره الرسمية يتضح أن الهدف من إيقاف المساعدات كان سياسياً ومرتبط بدرجة أساسية بموقف صنعاء والشعب اليمني مع الشعب الفلسطيني.
حسب التقارير الرسمية تبين أن تمويلات برنامج الغذاء العالمي العام الماضي 2022 بلغت 1.1 مليار دولار ولم يعلن البرنامج العام الماضي إيقاف مساعداته كما فعل الآن، المفاجأة هي أن تمويلات البرنامج خلال 9 أشهر فقط من العام الحالي 2023 بلغت أكثر من تمويلاته للعام الماضي كاملاً، حيث حصل البرنامج بحسب وثائقه الرسمية على مبلغ 1.16 مليار دولار هذا المبلغ هو ما تلقاه البرنامج حتى نهاية سبتمبر الماضي أي أن تمويل البرنامج لتسعة أشهر من هذا العام أكثر من تمويله للعام الماضي كاملاً وفارق الزيادة في التمويلين هو 60 مليون دولار، ومع ذلك أعلن الغذاء العالمي في اليمن وقف مساعداته الإغاثية متخذاً من نقص التمويل مبرراً لذلك.
لقد كشفت الأرقام الصادرة عن البرنامج الأممي ذاته، حقيقة أن البرنامج يستخدم كأداة بيد الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على الدول والشعوب التي ترفض الإملاءات الأمريكية، ومن المعروف أن مسؤولي المنظمات الأممية هم عبارة عن مسؤولين سابقين في الإدارات الأمريكية السابقة ويعملون لمصلحة الولايات المتحدة وسياساتها واستخدام الغذاء والتجويع سلاحاً ضد من تريد واشنطن استهدافهم وعقابهم وهو بالضبط ما حدث مع الشعب اليمني في المناطق الشمالية فقط.
دليل آخر على أن الولايات المتحدة تستخدم التجويع سلاحاً ضد اليمنيين لموقفهم مع الشعب الفلسطيني ومساندتهم للمقاومة الفلسطينية وتوجيه ضربات قاسية للكيان الصهيوني خاصة ضربة قطع الملاحة البحرية الإسرائيلية عن الكيان في البحر الأحمر، يتمثل في ما كشفه مصدر خاص لـ”المساء برس” يعمل كشريك تجاري لبرنامج الغذاء العالمي في اليمن، هذا المصدر أكد أن قرار وقف المساعدات الغذائية عن اليمنيين من قبل الغذاء العالمي تم تطبيقه فقط على المواطنين في المناطق التي تديرها حكومة صنعاء بينما لا يزال مستمراً في المناطق التي يسيطر عليها التحالف السعودي الإماراتي.
في سياق متصل بهذا الشأن أيضاً يكشف مصدر مطلع لـ”المساء برس”، أن “قرار برنامج الغذاء تقليص المساعدات، والعمل على إيقاف المساعدات، لمئات الآلاف من الأسر المتضررة والمسجلة في كشوفات البرنامج، تأتي في ظل وجود أطنان من المواد الغذائية الموجودة في مخازن البرنامج وشركائه، ناهيك عن المواد التي يتم تخزينها في مخازنه حتى تنتهي وتتلف”.
وفي رسالة بعث بها محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى، للبرنامج احتجاجاً على تقليص المساعدات الغذائية في اليمن، قال الحوثي “لقد تم تبرير القرار بأنه ناتج عن القيود التمويلية التي يواجهها برنامج الأغذية، لكننا نعتقد أن هناك خيارات أخرى يمكن اتخاذها لتجنب وقف المساعدات الإنسانية، فمن الممكن، على سبيل المثال، تحويل المساعدات العينية إلى نقدية، ما سيوفر نفقات التشغيل، وسيسمح للمستفيدين باستخدام المساعدات في شراء الغذاء الذي يحتاجونه”، ولكون الأمر ليس متعلقاً بنقص التمويل أساساً، فلم يوافق البرنامج على مقترح الحوثي المنطقي.
لقد أصبح من الواضح أن واشنطن دفعت ببرنامج الغذاء العالمي لاتخاذ قرار قطع المساعدات كورقة ضغط أمريكية ضد حكومة صنعاء، الهدف من ذلك هو إجبار القيادة السياسية والجيش اليمني في صنعاء على التراجع عن قرار الحرب المعلن ضد الكيان الصهيوني ومساندة المقاومة الفلسطينية عسكرياً في المعركة ضده ووقف القصف المستمر على مناطق جنوب كيان الاحتلال بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة وكذلك قطع الملاحة عليه في البحر الأحمر.