هل فشلت الرياض في تحجيم الإمارات جنوب اليمن (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
فشلت السعودية في تحجيم دور الإمارات في المناطق الجنوبية لليمن، بدليل تحقيق أبوظبي تقدماً في أكثر من ملف حاولت السعودية عرقلتها فيه.
وفي الوقت الذي كانت السعودية قد وجهت فيه مسؤولي الحكومة الموالية لها (حكومة معين والعليمي) بالعودة إلى عدن وممارسة مهامهم من هناك ابتداءً من اليوم الـ6 من أغسطس، إلا أن هذا التوجيه الذي جاء قبل أيام على لسان رشاد العليمي المقيم في الرياض لم يلقَ أي تجاوب من قبل مسؤولي حكومته، وهو ما يكشف أن الإمارات لا تزال تعرقل عودة هؤلاء المسؤولين إلى عدن مستخدمة في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي الذي ورغم تقليص السعودية لحجم قوته العسكرية داخل عدن إلا أن الواضح أن ذلك لا يزال غير كافٍ لإضعافه إلى الحد الذي يمكن معه إعادة الحكومة إلى عدن من دون أن يكون هناك أي تهديد لها من قبل الانتقالي المدعوم إماراتياً.
في السياق أيضاً يرى مراقبون سياسيون إنه سواءً جرى الالتزام بالتوجيه الصادر من الرياض (بلسان العليمي) بشأن عودة كل المسؤولين إلى عدن أم لم يتم الالتزام به، ففي كلا الحالتين يعتبر ذلك تأكيداً لحقيقة أن المسؤولين الموالين للتحالف السعودي الإماراتي مجرد دمى تحركها الرياض أو أبوظبي حسبما يتوافق مع مصلحتيهما فقط أو كلما اقتضت الحاجة لكل طرف في سياق صراعهما المتناغم على النفوذ والهيمنة جنوب اليمن.
وفيما يتعلق بصراع النفوذ في باب المندب الذي ظهر للسطح مجدداً قبل أيام، تبين من خلال الخطوات الأخيرة التي أقدمت عليها الإمارات، بأن الرياض فشلت في فرض إرادتها ورغبتها في عدم السماح لأي طرف تابع للإمارات من أن يفرض تواجده العسكري في المناطق المطلة على المضيق الاستراتيجي والأهم على مستوى العالم.
حيث كانت الإمارات قد دفعت بطارق صالح للسيطرة على المناطق المطلة على المضيق في الجزء الجنوبي الغربي لمحافظتي تعز ولحج، إلا أن هذه الخطوة قوبلت بفيتو سعودي وبرفض مجتمعي جنوبي نظراً لانتماء طارق وقواته للمناطق الشمالية، حيث كانت السعودية قد دفعت بقبائل الصبيحة، حسب ما يؤكده أيضاً إعلام طارق صالح، واستخدام الرياض لهذه القبائل كأدوات لمنع الإمارات من فرض طارق سيطرته على المناطق المطلة على المضيق في رأس العارة والمضاربة أقصى جنوب غرب لحج.
في المقابل لم تستسلم الإمارات للفيتو السعودي، وذهبت للالتفاف على هذا الرفض باستخدام أدوات أخرى تابعة لها إلا أنها حرصت هذه المرة على أن تتحاشى التصادم مع قبائل الصبيحة، حيث أوعزت أبوظبي لنائب عيدروس الزبيدي في الانتقالي ونائب طارق صالح في القوات المشتركة في الساحل الغربي وقائد ألوية العمالقة، “أبو زرعة المحرمي”، أوعزت له للدفع بأي قوات تكون جنوبية للسيطرة على هذه المناطق لتعود بذلك أبوظبي للسيطرة على مناطق المضيق بأدوات جنوبية، وفي سبيل ذلك وجه المحرمي قائد اللواء الثاني عمالقة حمدي شكري الصبيحي، المنتمي لقبائل الصبيحة لنشر قواته في رأس العارة والمضاربة الأمر الذي أسقط الحجة على قبائل الصبيحة التي سبق ومنعت طارق بقوة السلاح من التواجد وطردته بشكل مهين وبطريقة كشفت مدى ضعف طارق عسكرياً على أرض الواقع عكس ما يصوره إعلام أبوظبي.
أما ورقة الضغط الثالثة التي استطاعت فيها الإمارات أن تسحبها من السعودية وتحولها لصالحها، فتمثلت في التسوية الأخيرة التي جرت بين المجلس الانتقالي الجنوبي وبين عناصر تنظيم القاعدة في محافظة أبين والتي ظلت تستخدمها السعودية كأداة عسكرية غير رسمية لمواجهة الانتقالي عسكرياً ومنع تمدده شرقاً وبقائه محصوراً في عدن.
وفي هذا السياق كشفت مصادر مطلعة عن اتفاق تم بين الانتقالي وعناصر القاعدة في أبين قضى بأن تنسحب قوات الانتقالي التي تقاتل في أبين باسم “سهام الشرق” وهي العملية التي أطلقها الانتقالي قبل أكثر من عام للسيطرة على كامل محافظة أبين شرق عدن وفشل في إكمالها بعد أن غرق في معركة استنزاف لقواته التي يتم تصفية قياداتها واستهداف عناصرها يومياً بعمليات خاطفة لعناصر التنظيم ونصب الكمائن والعبوات الناسفة لاغتيال قيادات الانتقالي القادمين من الضالع ويافع.
وحسب المصادر فإن الاتفاق أيضاً قضى بأن يعين عيدروس الزبيدي، عبداللطيف السيد والذي كان في السابق قيادياً في تنظيم القاعدة، أن يُعيّن قائداً عاماً للحزام الأمني في أبين على أن تصبح عناصر تنظيم القاعدة في أبين مجندة رسمياً ضمن الحزام الأمني وتبقى مسيطرة على مناطقها الحالية، ما يعني قيام الإمارات باحتواء الأداة العسكرية التي كانت تستخدمها الرياض لمواجهة تمدد الانتقالي شرقاً.
بهذه الملفات الثلاثة تكون الإمارات قد استطاعت الالتفاف على السعودية جنوب اليمن وأفشلت الرياض التي عملت بكل قوة خلال الفترة الماضية على تحجيم الإمارات جنوباً.