حضرموت محطة صراع قادمة وبوصلة لتحديد مصير المحافظات الجنوبية
رضوان العمري – وما يسطرون|
بالرغم من بعدها عن دائرة الجبهات العسكرية، واتسامها بثقافة السلم المجتمعي التي يتمتع به أبناء المحافظة، إلا أن أطماع دول التحالف ومن ورائها الدول الغربية، حوّلت المحافظة الأكبر والأغنى في البلاد إلى ساحة تجاذبات واستقطابات حادة مما جعلها أحد بؤر التوتر القابلة للانفجار في أقرب وقت.
قبل نحو أسبوع أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي انعقاد الجمعية العمومية للمجلس في 21 مايو القادم،بمحافظة حضرموت، والذي يأتي قبل يوم واحد فقط من الذكرى ال33 للوحدة اليمنية، وبحسب مراقبون فإن اجتماع الجمعية العمومية في حضرموت له دلالات سياسية كبرى تبعثها الإمارات من خلال المجلس الانتقالي وتدفعه أكثر باتخاذ خطوات فعلية في طريق الانفصال عن شمال اليمن إلا أن هذا الطريق محفوف بالمخاطر ولايزال يرفضه جمهور عريض من أبناء المحافظات الجنوبية وبالخصوص أبناء المحافظات الشرقية.
قبل هذا الإعلان كان الانتقالي يفتقر في صفوفه إلى شخصيات عسكرية وسياسية لها ثقل كبير في المحافظات الشرقية، إلا أنه استطاع مؤخراً استقطاب اللواء “فرج البحسني”، نائب المجلس الرئاسي وتعيينه نائباً للمجلس الانتقالي، ويعد البحسني من أكثر الشخصيات العسكرية في حضرموت وذلك لما يتمتع به من نفوذ كبير في المؤسستين العسكرية والأمنية في المحافظة وبالخصوص في ساحل حضرموت، حيث أنه استمر في منصبه قائداً للمنطقة العسكرية الثانية من عام2015 حتى عام 2022، إضافةً إلى محافظ محافظة حضرموت من عام 2017 وحتى عام 2022 ، والبحسني عاد قبل يومين من جولة خارجية ليعمل بشكل مكثف للترتيب لاجتماع الانتقالي في مدينة المكلا مستخدماً سلطته كنائب لرئيس المجلس الرئاسي، إلا أن نفوذ البحسني كما أسلفنا يقتصر على ساحل حضرموت ويقل تدريجياً كلما اتجهنا شمالاً باتجاه وادي وصحراء حضرموت الذي تسيطر عليه قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإصلاح وبعض من قوات درع الوطن مؤخراً الموالية للسعودية.
وفي المقابل اجتمعت يوم أمس مرجعية قبائل حضرموت، المناهضة لتواجد الانتقالي، في مدينة سيئون كبرى مدن وادي حضرموت وقررت أنها ستعقد اجتماعاً موسعاً يوم غد الخميس لتدارس الأوضاع الطارئة بالمحافظة، ومن المقرر أنها ستعلن محافظة حضرموت إقليماً منفصلاً تابعاً للجمهورية اليمنية بحسب مصادر سياسية لقطع الطريق أمام الانتقالي الذي يحاول بكل قوته ابتلاع المحافظة، وتضم مرجعية قبائل حضرموت وحلف قبائل حضرموت شخصيات قبلية واجتماعية وسياسية بارزة ولها ثقل كبير في وادي وساحل حضرموت وتعتبر حجر عثرة أمام تقدم الانتقالي في المحافظة.
في الأشهر الماضية كان الانتقالي قد بدأ يتمدد في وادي حضرموت واستطاع شراء ولاءات قبلية لتحقيق مشروعه وبدأ بإخراج المناصرين له في مسيرات شبه يومية في مديريات وادي حضرموت، إلا أن هذا التصعيد قوبل برفض سعودي تام إذ أن السعودية تعتبر محافظتي حضرموت والمهرة عمقاً استراتيجياً ولايمكن أن تسمح للانتقالي الموالي للإمارات بالسيطرة عليها وبدأت بنشر قوات درع الوطن الموالية في بعض مناطق وادي حضرموت منها منفذ الوديعة الحدودي كحل وسط لنزع فتيل التوتر بين الإصلاح والانتقالي، وبالنظر للسياسة السعودية مؤخراً فإنها تحاول اختراق المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه وتحاول شراء الولاءات داخل المجلس، بعد أن تيقنت بأنه أصبح يمثل تهديداً لها في المحافظات الجنوبية بولائه المطلق للإمارات، وهي لاتريد أن تفتح جبهة جديدة في الجنوب لمواجهته كي لاتخسر الشمال والجنوب معاً، ولهذا فإنها فضلت اختراق المجلس الانتقالي نفسه وربما نسمع انقسامات داخل صفوف الانتقالي في قادم الأيام.
من يوم غد وحتى الأسبوع القادم يسلط الضوء محلياً وإقليمياً باتجاه محافظة حضرموت لمعرفة النتائج التي ستفضيها اجتماعات مرجعية قبائل حضرموت في وادي حضرموت وكذا اجتماع الانتقالي في مدينة المكلا في ساحل حضرموت، بحيث أن الانتقالي إذا استطاع فرض سياسته في محافظة حضرموت يكون قد تقدم خطوات كبرى إلى الأمام في تحقيق مشروعه، وبالعكس إذا استطاعت قبائل حضرموت أن تكسر مشروع الانتقالي في المحافظة فهذا يعني فشل مشروعه في تحقيق الانفصال بل سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المحافظات الجنوبية وستتوالى الطلبات الراغبة بالانفصال عن الانتقالي في أكثر من محافظة جنوبية