ولا مرة قالوا شكرا ولا مرة فتحوا أمامها نافذة.. عن سوريا والعرب
أحمد الكمالي – وما يسطرون – المساء برس|
جاء النفي السوري سريعا وقاطعا على صحة ما زعم به رئيس وزراء كيان الاحتلال نتياهو، بتلقيه “طلب من سوريا كما تركيا، للمساعدة في إغاثة منكوبي الزلزال وارسال مساعدات الإنسانية”.
النفي السريع من دمشق الواقعة تحت ركام حلب وحصار قانون قيصر، حول تصريح نتيناهو الخبيث، هدف إلى قطع الطريق على تناول الموضوع وتكريسه ومع ذلك ما يزال وسيظل الإعلام الخليجي يردده وغير مستغرب إذا وجدت الكثير يسلم به ويبني عليه، فقط لأنهم يريدون ذلك!.
بالنسبة لدمشق وعلى لسان مصدر رسمي لصحيفة “الوطن”، فإنه ” إذا كان نتنياهو قد تلقى طلبا من هذا القبيل فهو بالتأكيد من حلفائه وأصدقائه في تنظيم “داعش” و “جبهة النصرة” والمنظمات الإرهابية الأخرى.”
وجددت سوريا تأكيدها، أن “كيان الاحتلال الإسرائيلي هو سبب الويلات والحروب والتوترات في المنطقة وهو آخر من يحق له الحديث عن تقديم العون والمساعدة، ومن المشين أن يستغل نتنياهو كارثة الزلزال التي ضربت سوريا لتضليل الرأي العام والتغطية على سياسات الاحتلال التوسعية والعدوانية”.
لم تدع دمشق تصريحات نتيناهو للتكهنات ولو لوقت قصير، وهي تعلم أن مغبة ذلك-أي النفي- يعني اطباق الحصارا أكثر، ابتزازها أكثر، التلذذ بضعفها والنيل منها أكثر ومراقبتها تقف عاجزة ومشلولة بفعل أكثر من عشر سنوات مستمرة ومتواصلة من حرب الجماعات التكفيرية المدعومة من الخليج والغرب، وقانون قيصر وزلزال بقوة 7.9 ريختر.
لم يكن بالإمكان هذه المرة الاحتفاظ بحق الرد، لأن السلاح لم يكن صواريخ ذكية من طائرات أف 16 أو35 ، تستهدف قاعدة أو نقطة عسكرية هذه المرة، لم يكن تحرشا يمكن التغاضي عنه بسبب الضعف، لم يكن علقما يكمن تجرعه بمرارة، بل كان سلاحا أشد خطورة، ومن لديه معرفة ولو بسيطة بمقاييس السياسية والتاريخ والحضارة والقضية، يعرف جيد أن المستهدف هذه المرة، عروبة سوريا كهوية ودولة وموقف!
طيلة سنوات خريف الإرهاب، ومع كل مرة تكرر إسرائيل اعتداءاتها بحق سوريا لأسباب ومقاصد ورسائل كثيرة، وقبل أن يرتفع الغبار على شهداء وجرحى الجيش العربي السوري الذين تستهدفهم الغارات، تجد الكثير من المنهزمين قد غرسوا مخالبهم في جراح الشهداء ورفعوا دمائهم عاليا، لا لينددوا بل ليبرهنوا على ما يتمنونه من “خيانة سوريا!”.
بمزايدة على الدم السوري، يطالبون بالرد لا من أجل التمهيد لتكرار اسطوانتهم المشروخة، بكون النظام السوري عاجز وخائن ومطبع، ومن ثم فإن ارتمائهم بأحضان إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر له ما يبرره، وكان القضية هي قضية سوريا وحدها وكأن الصراع بين ليبرمان والأسد !.
لن اغوص في تفاصيل سياسية بملابسات وأسباب عدم الرد السوري والتي جزء منها يعود فعلا بأن سوريا مستنزفة كما يتمنون هؤلاء الادعياء، لكنها لم تستنزف بسبب غزوات حافظ للأردن او اعتداءات بشار على العراق، إنما حوربت واستنزفت لأن حافظ الأسد لم يقبل الجولان بديلا لفلسطين، لأن بشار لن يتنازل عن القدس بصفقة القرن، هذه هي الحقيقة التي يعرفها جميعا، واراد نتنياهو في لحظة تحطيمها، فلم يكن هنالك مجال هذه المرة، للاحتفاظ بحق الرد.
لو لم يكن المرء مؤمن بما آمن به حافظ الأسد ومن قبله ومن بعده كل أحرار الأمة وأصحاب الضمير، لاستسلم للغبن والحنق الذي يضيق منه الصدر ويخرس أمامه المنطق، وهو يسمع ويرى الكثير من الاعراب في كل وقت ومهما كانت الظروف، يغرسون سهام المزايدة والتجني والتنكر والخيانة في خاصرة سوريا..
بل إنه ليسأل نفسه أحيانا بحسرة، عما الذي اقترفه حافظ الأسد بحق هؤلاء الدهماء عندما رفض المضي في طريق السادات !؟
وما الذي يزعجهم في إصرار بشار على ألا يكون نسخة من بن زايد أو بن سلمان !؟
ماهي مشكلتهم في أن تكون سوريا هي سوريا بموقعها وتاريخها ووزنها كعرين للعروبة ورباط أخير للفرس !؟
ولا مرة قالوا لها شكرا ولا مرة فتحوا أمامها نافذة.. وأقصى ما يمكن أن تجده منهم في محنتها اليوم، الالتزام بقانون قيصر والهمز واللمز فوق جراحها والمزايدة..
لك الله يا أرض الياسمين.. لك الله يا شام.