المراسل الصحفي الدولي أنور العنسي يتحدث عن إهانة عفاش لثابت جواس في حرب 94
متابعات خاصة – المساء برس|
نشر المراسل الصحفي الدولي المعروف أنور العنسي في صفحته على فيس بوك مقالاً تحدث فيه عن قصة حدثت في العام 1994 خلال الحرب التي شنها نظام عفاش في تلك الفترة على المحافظات الجنوبية بعد اعتراض نخبة الجنوب السياسيين المشاركين في سلطة الوحدة آنذاك على سياسات النهب والسلب والفيد التي مارسها علي عبدالله صالح ورموز نظامه بما في ذلك تنظيم الإخوان ضد المحافظات الجنوبية.
تتضمن القصة كيف حاول علي عبدالله صالح إهانة ثابت جواس الذي كان قائداً لمعسكر في محافظة ذمار بعد الوحدة وحاول الهرب بعد اندلاع الحرب نحو الجنوب وقيام مجموعة من قبائل جنوب ذمار بقطع الطريق أمامه بحجة ضيافته لديهم فيما كانوا يهدفون لتأخيره عن الخروج من ذمار بينما تصل قوة عسكرية وأمنية إليهم من صنعاء لاعتقاله.
وتحت عنوان “ثابت جواس، القاتل والمقاتل. للأمانة التاريخية فقط!” كتب أنور العنسي تفاصيل القصة التي كان شاهداً رئيسياً فيها وطرفاً من أطرافها بتوجيهات من صالح نفسه.
“بعد وقت فصيرٍ من اندلاع حرب العام 1994 في اليمن أقتيد جواس أسيراً إلى صنعاء ، وإتصل بي شخصٌ من مكتب الرئيس الراحل علي عبدالله صالح لإبلاغي بتوجيه من (الأفندم) بالذهاب إلى حيث يجري اعتقال جواس ، بغية إجراء لقاء معه كان المقصود منه كما فهمت إهانته وإضعاف معنويات مقاتلي الحزب الاشتراكي (الجنوبي) الذي يسعى لانفصال الشمال عن جنوبه!
قلت لهذا المسؤول “إن الرئيس يعرف موقفي من الحرب منذ أن عدنا من الأردن عقب التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق الفاشلة ، لكنني سأذهب للقاء جواس حتى أفهم كيف اشتعلت الحرب من معسكر (با صهيب) الذي كان يقوده في مدينتي ذمار”.
قال لي الرجل ” هذه هي التعليمات التي لدي ، وعليك أن تعرف أن مخالفتها ونحن في حالة تعبئة وطنية لن تخدمك”!
عندما وصلت إلى منزل مخصص لاعتقال جواس نزل إليَّ حليق الوجه ، مرتدياً ثيابه التقليدية قميصاً ومعوزاً ، ومشذباً لشاربيه .. لابد أن حضوري أثار ريبته بسبب شهرتي كمذيع ، لكنني حاولت تهدئة روعه بقدر ما استطعت.
قلت له بدايةً “اعتبرني صديقاً لك ، وقل لي بالتفصيل الممل ماذا حدث ، وأعدك أنني لن أسيئ استخدام حديثك”.
أفادني بتفاصيل كثيرة سأذكر أهمها:
أولاً .. أن قراره بالانسحاب من ذمار كان للاحتفاظ بالأرواح بعدما اكتشف حجم القصف المزدوج على جنوده من مواقع عدة من ضواحي المدينة التي جرى تجهيزها من قبل الحرس الجمهوري وقوات مختلفة أخرى.
ثاني ذلك أنه عندما قرر مغادرة ذمار كان آخر المغادرين كما قال ، لكن قبيلةً في ضواحي ذمار أصرت على استضافته ريثما تتواصل مع السلطات في صنعاء لإرسال قوة خاصة لاعتقاله.
ثالث أمر ، وهو الأهم ، أنه عندما وصل إلى صنعاء وتمت مواجهته بالرئيس صالح ، قال له الأخير “أنت في وجهي ، ولا تقلق”!
أتذكر حينها أن دمعةً كبيرةً فرَّت من عين جواس ، وأنا بطبعي لا أتحمل ضعف الأسود عندما تكون جريحة .. قمت على الفور ، ووضعت قبلةً على جبينه ، ففرت دمعة أخرى من عينه في حالة ضعف إنساني غريبة.
خرجت من هذه المقابلة غاضباً ، وإتصلت بالرئيس صالح الذي عاد إلي بعد ساعات وقال لي “من قال لك إنني طلبت منك إهانته؟”!
لم أجد جواباً ، شعرت أن الرئيس إما أنه يكذب ، أو أنه تعوّّد على أكل الثوم بأفواه الآخرين.
في كل الأحوال .. مات رجال كثيرون ، وسيموت آخرون بسبب أنهم كانوا (رجالاً) وليس لأنهم كانوا متشبثين بالحياة!”، انتهى المقال.
وعلى الرغم من إهانة صالح لجواس في تلك الفترة إلا أن الرجل لم يحذر من نظام عفاش فعاد للعمل معه كواحد من بين ضباطه في المؤسسة العسكرية التي تولى قيادة جزء كبير منها علي محسن الأحمر، والذي بقي جواس بعد حرب 94 ضابطاً تابعاً له رغم معرفته بأن محسن قائد الذراع العسكري للإخوان المسلمين الذين أصدروا فتاوى تكفير ضد أبناء الجنوب وقيادات الحزب الاشتراكي مدنيين وعسكريين من بينهم جواس لتبرير اجتياح الجنوب ونهبه، وكرر جواس الخطأ مرة ثالثة حين قبل أن يتم استخدامه كغيره من القيادات العسكرية في الحروب الست ضد أنصار الله في محافظة صعدة من قبل كلاً من صالح ومحسن ، الأمر الذي يظهر التناقض الذي كان يعيشه جواس الذي رفض الحرب العدوانية على أبناء الجنوب ليشارك في حرب عدوانية أخرى تحت قيادة صالح ومحسن ضد أبناء محافظة صعدة شمال اليمن.