في وثائق “بندورا”.. ماذا ورد عن غالب القمش رجل صالح الاستخباري وعميل واشنطن باليمن لعدة سنوات

تقرير – المساء برس|

ورد اسم رئيس الاستخبارات العامة في اليمن سابقاً، غالب القمش، جهاز الاستخبارات المعروف باسم “الأمن السياسي” ورد اسمه وبيانات حساباته المصرفية السرية في “أسرار سويسرية” وهو مشروع تحقيق صحافي تشاركي قام على تسريبات خاصة ببيانات حسابات مصرفية سرية من البنك السويسري العملاق “كريديه سويس”، حيث ورد ضمن الحسابات السرية حسابات للقمش حصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية.

الأموال الأمريكية التي كانت تصل إلى القمش عبر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت تصل باسم دعم المخابرات اليمنية لمحاربة الإرهاب، كان هذا الغطاء الظاهري لهذه الأموال فيما الحقيقة هي ان هذه الأموال كانت مقابل انخراط نظام صالح مع المخابرات المركزية الأمريكية لاعتقال مواطنين يمنيين وتعذيبهم وترحيلهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية وسجون غوانتانامو تحت غطاء مكافحة الإرهاب، الحقيقة أن مكافحة الإرهاب الأمريكية كانت بحد ذاتها غطاءً لتدخل أمريكي عسكري وأمني في الدول التي تسعى أمريكا فرض وجودها والتحكم بها عسكرياً وسياسياً وأمنياً كما حدث في اليمن، والتي زاد فيها التواجد الأمريكي العسكري بشكل كبير خلال العقد الأخير من حكم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.

البنك العملاق السويسري “كريدي سويس” خرجت منه وثائق تثبت وجود 18 ألف حساب بنكي للعديد من الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية والتجارية حول العالم بما في ذلك اليمن، وجميع هذه الحسابات هي سرية، لكن يبدو أن مصدراً من داخل البنك قام بتسريب هذه الوثائق وإرسالها إلى صحيفة ألمانية مرفقة ببيان من المصدر الذي وصفه التحقيق الاستقصائي بـ”مصدر غير معروف” المصدر برر تسريبه لهذه الوثائق بالقول إن قوانين حماية السرية المصرفية في سويسرا غير أخلاقية، لكونها تتستر على أموال مسؤولين ونافذين يختلسون الأموال من بلدانهم ويأتون بها لادخارها في بنوك سويسرا بينما بلدانهم بحاجة ماسة إلى مثل تلك الأموال.

بدورها الصحيفة الألمانية قامت بمشاركة تلك الوثائق مع مشروع “تغطية الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP.ORG”، ولاحقاً تم مشاركة هذه البيانات والوثائق مع 46 مؤسسة صحفية وإعلامية من بينها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ليبلغ عدد من عملوا من صحفيين في هذا التحقيق 600 صحفي وصحفية من مختلف بلدان العالم، حيث خرج هذا التحقيق بكمية هائلة من المعلومات والأدلة التي تثبت تورط مسؤولين وحكام سابقين وحاليين في اختلاس الأموال من بلدانهم وحفظها في بنوك سويسرا، بالنسبة لهذه الوثائق فإنها تكشف الستار عن أكثر من 100 مليار دولار موجودة في بنك “كريدي سويس” وتمتد هذه الوثائق منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى نهاية 2020.

حصة غالب القمش التي تم كشفها حتى الآن من هذه الأموال هي أكثر من 5 ملايين دولار.

تفاصيل أكثر:

نقلاً عن “درج” وهو موقع متخصص بالتحقيقات الصحفية الاستقصائية وشريك في التحقيق الاستقصائي التشاركي الذي شمل 46 مؤسسة إعلامية وصحفية حول العالم، ننشر لكم ما يلي عما ورد عن غالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي سابقاً.

وجد الصحافيون أن 15 من كبار الشخصيات المخابراتية البارزة من جميع أنحاء العالم، وبعض أفراد أسرهم، كانوا أيضاً عملاء للبنك.

معظم العملاء الـ15 كانوا يحتلون مناصب كبيرة في أجهزة المخابرات العامة في دولهم. تضمنت البيانات أسماء لعدد آخر من كبار الشخصيات الاستخبارية لكنه تقرر عدم ذكر أسمائهم، لأن فريق الصحافيين لم يستطع تأكيد هويتهم بشكل يقطع الشك باليقين.

إضافة إلى المشير الأردني عمر خير، هناك ثلاثة مديرين لأجهزة مخابرات يظهرون في البيانات وتشهد حيواتهم المهنية مراحل متشابهة: عمر سليمان من مصر والجنرال أخطر عبد الرحمن من الباكستان وغالب القمش من اليمن.

هؤلاء الأربعة أداروا أجهزة وكانت تحت سيطرتهم موازنات “سود” ضخمة كانت خارج إطار رقابة السلطات التشريعية والتنفيذية.

هذه الشخصيات جميعاً أو أعضاء من أسرها، امتلكوا حسابات شخصية بمبالغ كبيرة من دون مصادر واضحة لتفسير الثراء.

وفي وقت من الأوقات، عمل الاربعة مع جهاز الاستخبارات الأميركي “سي أي ايه”. وارتبطت أسماؤهم بصراعات سياسية بدأت مع تدخل الاستخبارات الأميركية في أفغانستان بداية عام 1970، مروراً بحرب الخليج الأولى عام 1990، وما سمي بعدها “بالحروب اللامتناهية” التي سادت أفغانستان والعراق منذ 2001.

ثلاثة منهم: القمش وسليمان والمشير خير، كانوا يديرون مؤسسات عرف عنها أنها انخرطت في التعذيب.

غالب القمش: “الصندوق الأسود”

بينما كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والجنرال أخطر عبدالرحمن مدير الاستخبارات الباكستانية يتعاونان في أفغانستان، بدأ اليمني غالب القميش صعوده المهني.

وبحلول عام 1980، ترأس اللواء القمش جهاز الأمن الوطني اليمني، المعروف (لاحقاً) باسم جهاز الأمن السياسي. وكما كان يفعل الجنرال أخطر في باكستان، فقد نسق اللواء القمش عملية تجنيد اليمنيين الجهاديين في الحرب الأفغانية ضد السوفيات.

كانت شخصية اللواء القمش تطغى على جهاز الأمن اليمني لعقود، كمنفذ رئيسي للمهمات المطلوبة من الرئيس القوي علي عبد الله صالح، الذي حكم البلاد من عام 1978 إلى عام 2012. عندما قصفت القاعدة المدمرة الأميركية “يو أس أس كول” ميناء عدن اليمني عام 2000، كلف الرئيس السابق علي عبد الله صالح اللواء القمش الذي كان متردداً في البداية بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية في ملاحقة المشتبه بهم.

وفقاً لثلاثة ضباط عملوا تحت قيادة اللواء القمش في جهاز الأمن السياسي اليمني، كان اللواء القمش هو المسؤول الأمني الأكثر إثارة للرعب في البلاد. ووصفوه بأنه “الصندوق الأسود” للرئيس صالح. المصادر الثلاثة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أبلغت مشروع OCCRP وشركاءه أن اللواء القمش كان يملك “ميزانية أولية تتكون من ملايين الدولارات” للتصرف بها كما يحلو له.

وبحلول الوقت الذي أصبح فيه اللواء القمش كبير رجال المخابرات في اليمن، ومساعداً للأميركيين على تفكيك الخلايا الإرهابية في أوائل القرن الحادي والعشرين، كان لديه ملايين الدولارات التي لا يمكن معرفة مصادرها مخبأة في بنك كريدي سويس.

كان أحد حساباته، الذي تم فتحه في عام 1999، أي قبل عام من الهجوم على المدمرة كول، يحوي ما يقرب من خمسة ملايين فرنك سويسري بحلول عام 2006، وهو العام الذي فر فيه بعض المشتبه بهم في حادثة “كول” من سجن يمني. وقدر راتب اللواء القمش بما يتراوح بين 4000 و5000 دولار شهرياً، بما في ذلك بدل العلاوات والمكافآت.

اتُهم القمش بانتهاكات مختلفة، بما في ذلك المشاركة في برنامج التسليم الاستثنائي الأميركي (الترحيل السري)، الذي شهد إنفاق الملايين من أموال وكالة الاستخبارات المركزية على المسؤولين في الدول الحليفة لتعذيب مشتبه بهم بالإرهاب واستنطاقهم. وتظهر الوثائق الرسمية أن مبالغ ضخمة دفعت إلى البلدان التي استضافت المواقع السود، وإلى الشركات التي قامت برحلات جوية، وأولئك الذين قاموا بالتعذيب والاستجواب.

وقالت روث بلاكلي من مشروع الترحيل السري- مشروع يضم مجموعة من الأكاديميين البريطانيين الذين حققوا في البرنامج الأميركي- “إذا كان هناك دليل على أن كبار مسؤولي الاستخبارات كانوا يتكسبون مالياً من التواطؤ في برنامج الترحيل والاعتقال والاستجواب الذي قادته وكالة الاستخبارات المركزية، فإن ذلك يستدعي إجراء تحقيق شامل”.

تسليم استثنائي

بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية “مواقع سوداء” في البلدان الحليفة حول العالم -سجون سرية حيث يحتجز فيها المشتبه في أنهم إرهابيون بمعزل عن العالم الخارجي. كما أسند الأمريكيون مهام الاستجوابات إلى أنظمة قمعية مثل مصر والأردن واليمن، حيث تعرض المحتجزين للتعذيب للحصول على معلومات لتعزيز الحرب على الإرهاب. كشف التحقيق التاريخي الذي أجراه مشروع الترحيل السري بقيادة الأكاديميين بالتعاون مع مكتب الصحافة الاستقصائية عام 2019، عن أدلة مستفيضة حول 60 “مسار” لطائرات الترحيل السري شملت أكثر من 120 عملية تسليم فردية.

إذا كان بنك “كريدي سويس” قد شكك في مصدر أموال اللواء القمش أو ملاءمته كعميل، فإن ذلك لم يمنع البنك من التعامل معه. استمرت حساباته لفترة طويلة بعد تورطه في برنامج التسليم السري وفي قمع المعارضين السياسيين اليمنيين.

قال أحد كبار الضباط ممن خدم مع اللواء القمش: “من خلال جهاز الأمن السياسي، كان (القمش) مسؤولاً عن اعتقال جميع العناصر التي كان يُنظر إليها على أنها معارضة لنظام صالح”، في حين أضاف آخر: “لم يكن أحد يعرف كيف أنفقت أموال جهاز الأمن السياسي”.

تراجعت علاقة اللواء القمش مع الرئيس صالح عندما بدأ الرئيس في إعداد ابنه لتولي مسؤولية البلاد. كما أنشأ صالح وحدة استخبارات محلية جديدة، هي جهاز الأمن القومي عام 2002، تحت قيادة ابن أخيه، والذي سرعان ما طغى على جهاز الأمن السياسي. ببطء، بدأ الزعيم في سحب البساط من تحت قدمي اللواء القمش. نجا اللواء القمش حين تمت الإطاحة بصالح عام 2012، ولكن يبدو أنه أدرك أن الكتابة كانت على الحائط وأنه كان في طريقه لفقدان منصبه.

كان القمش قد سحب آخر أمواله من كريديت سويس – 3,834,643 فرنك سويسري – في كانون الثاني/ يناير 2011، بينما كانت الحشود تنزل إلى شوارع عدن عشية إطلاق أول شرارة للربيع العربي. أقيل من منصبه كرئيس لجهاز الأمن السياسي في عام 2014 من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي كان قد وصل إلى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس على صالح. الرئيس منصور عين اللواء القمش برتبة سفيراً في الخارجية. لغاية اليوم لم يتم تعيينه رسمياً في أي مكان ، إلا أن اسمه يظهر على قائمة السفراء العاملين ، كما ذكرت مصادر ديبلوماسية يمنية لـOCCRP.

في الوقت الحاضر، يعيش القمش في اسطنبول في عقار قام بشرائه. وفي السنوات الأخيرة، بقي بعيداً من الأضواء، لكن أبناءه لا يزالون نشطين في الأعمال التجارية في اليمن والبحرين والبرازيل وتركيا.

المصدر: درج + المساء برس

قد يعجبك ايضا