تقرير يكشف ماوراء وقوف الرياض فجأة مع طارق.. وما مصير الإصلاح ودور الانتقالي المؤقت
المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
إذا كان هناك توافق دولي – غربي تحديداً – على تغيير قواعد اللعبة جنوب اليمن، وتبديل أدوات مكان أخرى، كما يعتقد الانتقالي الذي يبدو مخدوعاً بأن ما يحدث من متغيرات وتطورات من أنها في صالحه كون الطرف الذي سيتم التضحية به هو حزب الإصلاح وأنه سيكون هو البديل، فلماذا الآن يحاول الأوروبيون تحريك ملف الانتهاكات الإنسانية في عدن التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات والمتهم فيها الانتقالي؟
هذا التساؤل يتطلب أن يكون للمجلس الانتقالي الجنوبي قد كوّن إجابة عليه، وإذا لم يفعل ذلك حتى الآن فيمكن القول وبكل تأكيد أن المجلس الجنوبي المدعوم من الإمارات يمتلك من الغباء ما جعله لأن يكون أداة سيتم استخدامها كقفاز محلي لمصلحة تمكين وعودة أبناء عفاش للحكم في الجنوب تحت غطاء توحيد الجهود والقوى وبذريعة مواجهة التقدم الحوثي في شبوة.
أليس من الغريب أن يصب تركيز سفراء الاتحاد الأوروبي خلال زيارتهم لعدن على ملف الانتهاكات الإنسانية في عدن، ومن ذلك لقاء السفراء باللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان اليوم؟، ومناقشة اهمية الآليات المحلية والوطنية والدولية للمساءلة ومحاربة الإفلات من العقاب؟، في الوقت الذي ينتهك فيه طارق صالح وقواته في الساحل الغربي في كل يوم حقوق أبناء تهامة البسطاء الذين يمنع إيصال صوتهم لأي وسيلة إعلامية والذين يتم استقطاع أراضيهم الزراعية في المخا والخوخة ويختل وعلى امتداد الشريط الساحلي للساحل الغربي الجنوبي لليمن يومياً لصالح ضباط وبلاطجة نظام عفاش؟، وكل ذلك من دون أن يوجه لهم أي إدانة أو تهمة أو مطالبة بتحقيق لا من سفراء الاتحاد الأوروبي ولا من التحالف السعودي، بينما ذلك لا ينطبق على الانتقالي والإصلاح في الجنوب، وعما قريب سيتم استخدام ملف الانتهاكات الحقوقية والإنسانية ضد المجلس الانتقالي إن حاول عرقلة سيناريو الرياض وأبوظبي الجديد في الجنوب على المدى القريب.
بذريعة سقوط مديريات بيحان
يدرك الجميع أن من يسيطر على مديريات بيحان الثلاث التي خرجت عن سيطرة قوات حزب الإصلاح وهادي هو المجتمع المحلي القبلي نفسه، وعلى هذا الأساس فإن أي تحرك عسكري لطارق صالح والانتقالي الجنوبي نحو شمال شبوة يعني الاصطدام بأبناء هذه المناطق ولأن العناصر البشرية التي سيتم استخدامها في أي قتال – إن كان هناك قتال أساساً – ستكون قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ما يعني أن التحالف سيدفع بحرب جنوبية جنوبية يستفيد من خلالها إضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي عسكرياً كون المجلس لا يزال يملك قوة عسكرية لا تزال خارج سيطرة التحالف السعودي – على الأقل نسبياً – بالإضافة للهدف الرئيسي وهو تمكين أبناء عفاش (طارق وشقيقه عمار ومن الإمارات أحمد علي) للعودة إلى الواجهة من جديد في الجنوب وعلى ظهر المجلس الانتقالي.
لماذا قد يقدم التحالف على تمكين عفاش من الانتقالي؟
يقدم المجلس الانتقالي خدمة جليلة للتحالف السعودي، ولرئيس المجلس عيدروس الزبيدي وغيره من قيادات الانتقالي تصريحات واضحة باستعدادهم القتال تحت توجيهات التحالف السعودي الإماراتي سواءً في الجنوب أو في غيره بل إن الانتقالي قدم أبناء الجنوب كأنهم بنادق يوجهها محمد بن سلمان أينما يريد داخل اليمن أو خارجه، غير أن التحالف يدرك أيضاً أن الشارع الجنوبي لم يعد أداة بيد المجلس الانتقالي أو يمثل حاضنة شعبية للانتقالي بسبب سياسات المجلس التي أهانت وأذلت أبناء الجنوب أمام السعودية والإمارات بالإضافة لانهيار قيمة الانتقالي وما كان يمثله عند أبناء الجنوب بعد فضائح المجلس وقياداته التي تكشفت فيما يتعلق بملف التطبيع مع الكيان الصهيوني بما في ذلك الاستعداد للتطبيع مع الكيان ومباركة الانتقالي تطبيع العلاقات بين الامارات وإسرائيل وصمت الانتقالي على ما يحدث في جزيرة سقطرى المحتلة والتي اعترفت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود نشاط عسكري واستخباري لإسرائيل في الجزيرة بفضل الإمارات، كل هذا أسقط الانتقالي من أعين أبناء الجنوب وبالتالي فإن ركون التحالف في المرحلة القادمة على المجلس الانتقالي لأن يكون أداة محلية وغطاء لما ستشهده المحافظات الجنوبية من نفوذ عسكري أجنبي تحت مبررات متعددة ليس مضموناً بالنسبة للتحالف ففي أي لحظة قد يحدث انقلاب داخل المجلس الانتقالي بفعل ضغط الشارع الجنوبي نفسه، وهذا الانقلاب سيقضي بالضرورة على التيار الذي يقوده الزبيدي ويصعد تيار آخر يعيد إحياء المجلس واستعادة شعبيته من جديد بين أبناء وقبائل الجنوب التي هي أساساً ستكون أكبر عائق أمام مخطط التحالف السعودي الإماراتي الذي يتم التأسيس له حالياً.
الانتقالي واجهة صوتية لامتصاص غضب الجنوبيين
السعودية والإمارات وفي سبيل الإبقاء على وجود المجلس الانتقالي الجنوبي كواجهة فقط فإن عليها أن تنأى بالمجلس عن أي انتفاضة شعبية جنوبية ضده ولهذا فهي حالياً تدفع بطارق صالح وأبناء عفاش عموماً للسيطرة على الساحة الجنوبية بالقدر الذي يجعل هذا الطرف هو المتحكم بالقرارات في الجنوب تحت مظلة التحالف السعودي الإماراتي ومظلة (اتفاق الرياض) بينما يبقى المجلس الانتقالي ظاهرة صوتية فقط يطفئ غضب الشارع الجنوبي عند حدوث اي انتفاضات بتصريحات ومواقف إعلامية فقط.
وعلى سبيل المثال لو طلبت السعودية أو الإمارات أو كلاهما من المجلس الانتقالي الجنوبي الموافقة على إنشاء قاعدة عسكرية في عدن أو شبوة أو المهرة على أن يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي في هذه القاعدة فإن البعض من قيادات المجلس مثل الزبيدي ونائبه بن بريك سيوافقان على ذلك لكن سيبقى العديد من القيادات الجنوبية داخل المجلس ترفض وهذا الرفض سيحظى بتأييد شعبوي ما يقلب الطاولة على الزبيدي والتحالف أيضاً ولهذا سيرفض الزبيدي هذا الأمر من البداية ليس بدافع وطني بل بدافع الحفاظ على استمرار المجلس واستمراره في رئاسة المجلس، لكن لو كان من يفرض سيطرته العسكرية على الجنوب هو طارق صالح وأبناء عفاش بما لديه حالياً من قوات، ففي هذه الحالة سيكون كل ما يطلب من طارق سواء كان الطلب سعودياً أو إماراتياً أمراً لا نقاش فيه وما على طارق سوى التنفيذ المباشر، ولهذا يرى التحالف أن التنازلات التي سيقدمها طارق صالح أكثر بكثير من التنازلات التي سيقدمها المجلس الانتقالي الجنوبي، وإذا ما تصاعدت الأصوات الرافضة شعبياً في الجنوب فإن وظيفة المجلس الانتقالي هنا ستكون تهدئة وامتصاص غضب الشارع بتصريحات إعلامية هنا وهناك وهذا أقصى ما يستطيع فعله إذ لم يعد في تلك اللحظة يملك قوة عسكرية يستطيع الاستعانة بها لا ليقمع الشارع الجنوبي ولا حتى لينقلب على التحالف السعودي الإماراتي بعد أن خلخل التحالف قوته العسكرية وفكفكها سواءً في المعارك مع قوات الإصلاح في شبوة وأبين أو مع قوات صنعاء شمال شبوة.
الجنوب ساحة لتكرار سيناريو 2014 الذي أرادته الرياض وأبوظبي وفشلتا بتحقيقه
إن خيوط اللعبة بدأت تتراءى شيئاً فشيئاً، فبعد 7 سنوات من الحرب الفاشلة للتحالف على اليمن، تحاول الرياض وأبوظبي تنفيذ ما فشلت في تنفيذه في 2014 ولكن هذه المرة بدون وجود جماعة انصار الله وبدون وجود ساحة حرب شمال اليمن، فأبوظبي والرياض وبحسب رواية حزب الإصلاح هما من هندسا لدخول أنصار الله إلى صنعاء بهدف خلق تصادم مسلح بين أنصار الله وحزب الإصلاح للقضاء على الطرفين ويخرج علي عبدالله صالح بما لديه من قوات منتصراً لإعادة ترتيب الأوراق بينه وبين الخليج من جديد مع تقديم المزيد من التنازلات التي كان صالح يقدمها للغرب خلال فترة حكمه، وحينما فشل هدف الرياض وأبوظبي في القضاء على حزب الإصلاح والأنصار معاً وهروب الإصلاح وبقاء الأنصار مسيطرين عسكرياً على الأرض، حدث التدخل العسكري الأجنبي المباشر، اليوم وبعد الهزيمة السعودية التي تلتقتها في اليمن لم تعد الرياض وأبوظبي تسعيان لتحقيق اي انتصار في الشمال، وسيكتفيان فقط باللعب في الساحة الجنوبية من خلال القضاء على الإصلاح والقوات الجنوبية التابعة للانتقالي في الجنوب عبر الدفع بمواجهات عسكرية بين الطرفين وتحت عناوين متعددة منها وقف تقدم صنعاء نحو الجنوب كما يجري الترويج له اليوم أو مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة وهي التهمة التي سيتم إلصاقها بالإصلاح وقواته ويبقى الطرف الوحيد المحتفظ بقوته العسكرية هو تيار مؤتمر عفاش ويمثله طارق صالح وشقيقه عمار وابن عمهما احمد الذي تسعى لندن لاستصدار قرار أممي جديد يلغي القرار 2216 ويرفع العقوبات عنه.