تحليل: المشهد في الجنوب خلال الأسابيع والأشهر القليلة القادمة
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
بدا واضحاً أن هناك إجماع من التحالف السعودي الإماراتي وبرعاية أمريكية وبريطانية، على إخماد انتفاضة أبناء الجنوب، وقد اتفقت كلاً من السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا على توحيد خطابهم بتوجيه المسؤولية تجاه قوات صنعاء بأنها تقف خلف الاحتجاجات والادعاء بأن لدى صنعاء مخطط في المحافظات الجنوبية.. هذه الدعوات أثارت استياء الجنوبيين خاصة بعد الادعاءات التي نشرتها قناة العربية “الحدث” السعودية التي زعمت القاء القبض على خلايا تتبع من اسمتهم الحوثيين في عدن.
بيان دول الرباعية كشف حجم المخاوف من هذه الاحتجاجات التي قد تتطور لأن يصل الأمر للخروج عن سيطرتهم وبالتالي فقدانهم الأدوات التابعة لهم (الانتقالي والشرعية المنفية).
الواضح أن تحالف الحرب على اليمن سيحاول الآن حقن الشارع الجنوبي بحقنة مهدئة لامتصاص غضبه وتلافي حدوث ثورة تجتاح ادوات التحالف إن لم يكن التحالف ذاته.
وحسب المؤشرات الأولية قد يدفع التحالف بإعادة بعض المسؤولين المنفيين إلى عدن، وقد بدأ في ذلك بالفعل بإعادة محافظي عدن وأبين اللذين وصلا اليوم إلى مطار عدن قادمين من القاهرة.
سيجبر التحالف، الانتقالي الجنوبي على السماح بعودة هؤلاء المسؤولين إلى عدن ولكن دون أي أفق بشأن استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، فبينما يريد الإصلاح العودة إلى عدن مع تمكين مسؤوليه من السيطرة الفعلية وجعل القرار بيدهم وليس بيد الانتقالي خاصة السيطرة العسكرية والأمنية، يتمسك الانتقالي بمطالبه المتمثلة بتنفيذ اتفاق الرياض أولاً خاصة الشق العسكري والأمني مع رفضه رفضاً قاطعاً مسألة خروج قواته من عدن وإعادة تسليم المدينة لقوات الإصلاح حتى وإن تم تنفيذ الشق العسكري والأمني من الاتفاق في باقي المدن الجنوبية فهو يعتبر سيطرته على عدن خارجة عن اتفاق الرياض وأن ما ورد في الاتفاق بخصوص عدن هو فقط السماح بعودة الحكومة مع لواء واحد فقط يتبع الحماية الرئاسية تكون مهمته فقط تأمين قصر معاشيق فقط وتأمين تحركات مسؤولي حكومة هادي، ما يعني أن الأزمة ستظل قائمة بين الطرفين ولكن مع إحكام التحالف إمساكه بخيوط اللعبة بالقدر الذي يمكنه من احتواء انتفاضة الجنوب من جهة ومن ثم منع حدوثها مرة أخرى من جهة ثانية على الأقل على المدى القريب.
ولتنفيذ ذلك تشير التوقعات إلى أن التحالف سيقدم على خطوتين أساسيتين:
الخطوة الأولى: هي تكثيف الحملة الإعلامية ضد حكومة وقوات صنعاء والادعاء بأنها من تقف خلف الانتفاضة في المحافظات الجنوبية مع اتهام المناهضين لبقاء التحالف وسيطرته على الجنوب بأنهم “خلايا حوثية” كما سبق وفعل ذلك في مأرب.
الخطوة الثانية: وهي خطوة متزامنة مع الحملة الدعائية في الإعلام تتمثل في شن حملة اعتقالات واسعة في عدن وشبوة وحضرموت ضد أبرز الشخصيات والقيادات والأصوات البارزة والمؤثرة في الشارع الجنوبي والتي لها تأثير وصدى على أبناء الجنوب المتبنية لمواقف مناهضة للتحالف السعودي الإماراتي بالإضافة لاعتقال عدد لا بأس به من المشاركين بالتظاهرات والاحتجاجات السلمية في المدن الجنوبية وكل ذلك سيتم تحت غطاء وبذريعة أنهم يشكلون “خلايا تعمل لحساب قوات صنعاء”.
أما بخصوص ما ورد من تطمينات في بيان دول الرباعية بشأن إمكانية تحسن الوضع الاقتصادي، فقد أفاد مراقبون متخصصون بالشأن الاقتصادي في اتصالات أجراها معهم “المساء برس” بأن ما ورد في البيان مجرد استهلاك إعلامي فقط لامتصاص غضب الشارع الجنوبي، مؤكدين أن الحل لإحداث تعافي اقتصادي حقيقي في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف هو تحييد الملف الاقتصادي عن الصراع بالإضافة لإجراءات أخرى سيحتاج سيتطلب لتنفيذها وقتاً طويلاً جداً بفعل تراكمات ما أحدثته حكومة المنفى وقيادة التحالف من كوارث اقتصادية بدءاً بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وما تلاها من خطوات بقصد تحقيق ضغط سياسي على صنعاء بعد فشل التدخل العسكري.
وعلى فرض أن تحالف الرباعية سينفذ ما وعد به في بيانه الأخير من أنه سيدعم حكومة المنفى مالياً بعد أن تعود إلى عدن، يؤكد المراقبون الاقتصاديون إن هذه الدعاوى زائفة وذلك بالنظر إلى التجربة السابقة، حيث سبق أن تواجدت حكومة المنفى في عدن لعدة أشهر إلا أن بقاءها هناك لم يثمر شيئاً حيث استمر الفساد المستشري في مفاصل سلطة الشرعية التي يقيم أصحاب القرار فيها خارج اليمن، بالإضافة لعدم دعم الاقتصاد اليمني من قبل دول الرباعية كما كانت قد وعدت بذلك سابقاً قبل تشكيل الحكومة، فلو كانت دول الرباعية صادقة في بيانها الأخير لكانت نفذت نفس الوعود التي قطعتها سابقاً قبل تشكيل حكومة معين ولكانت هذه الوعود قد أثمرت في تحسين الوضع الاقتصادي في الجنوب فها قد مر عام كامل على تشكيل الحكومة وبدء ممارسة مهامها ولم يحدث شيء بل زاد الوضع الاقتصادي سوءاً وارتفع الدولار من 700 ريال إلى أكثر من 1100 ريال وسط تأكيدات من خبراء الاقتصاد بأنه سيواصل ارتفاعه حتى يصل إلى 1500 ريال للدولار الواحد، بينما المناطق المحاصرة من كل مكان والتي تسيطر عليها حكومة صنعاء لا تزال محافظة على استقرار العملة لديها ولا يزال سعر صرف الدولار عند حاجز الـ600 ريال للدولار الواحد.