هل نشهد تصعيداً عسكرياً بالعمق السعودي؟ مؤشرات تغيير صنعاء للخارطة العسكرية جنوب المملكة

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|

قالت وسائل إعلام سعودية اليوم الإثنين إن المملكة تعرضت لهجوم بحري بزورق مفخخ، ناقلة عن التحالف أن الهجوم تم تنفيذه من قبل “الحوثيين” في إشارة للقوات البحرية التابعة للجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء.

وزعمت السعودية أنها اعترضت الزورق البحري المفخخ، زاعمة أيضاً أن الزورق تم إطلاقه من الحديدة، وحتى اللحظة لم تعلن قوات صنعاء عن تنفيذها أي هجوم بحري ضد الأهداف السعودية الموضوعة بقائمة بنك الأهداف التي سبق وأعلنتها صنعاء في 2020 والتي وصفتها بأنها تشمل أهدافاً حساسة جداً إلى جانب الأهداف التي أسمتها بـ”الاقتصادية” برية أو بحرية والأهداف العسكرية.

حديث السعودية عن تعرضها لهجوم بحري اليوم الإثنين يأتي بعد عدة أسابيع من تعرض منشئات اقتصادية بحرية هامة جنوب غرب السعودية لهجمات مشابهة كالذي زعمت وقوعه اليوم، فبعد أن كانت قد أخفت حقيقة تعرضها لهجوم زاعمة حينها أنها قامت باعتراض زوارق بحرية مفخخة كانت تستهدف سفنها، تم الكشف في وقت لاحق من خلال ما نشرته الصحافة الغربية خاصة الأمريكية أن أهدافاً اقتصادية بحرية تعرضت لهجمات ودمار آخرها الهجوم على ميناء ينبع غرب المملكة على ساحل البحر الأحمر أواخر أبريل الماضي الذي تبين أنه تعرض لهجوم كبير وأخفت السعودية حقيقة ما حدث في حين لم تعلن قوات صنعاء هي الأخرى عن العملية وهذه ليست العملية الوحيدة أو الأولى التي يتم تنفيذها من دون أن يتم الإعلان عنها من قبل قوات صنعاء.

بالتزامن مع احتدام المعارك على أبواب مأرب عادت العمليات البرية لقوات صنعاء داخل العمق السعودي وبدأت مواقع عسكرية تتساقط تباعاً منذ عدة أسابيع

وبالتزامن مع هجمات قوات صنعاء البحرية التي زادت مؤخراً مستهدفة أهدافاً اقتصادية وعسكرية بحرية سعودية، صعدت قوات صنعاء أيضاً من عملياتها البرية المباشرة وبدأت باستئناف التوغل داخل الأراضي المتنازع عليها بين اليمن والسعودية والواقعة منذ عقود تحت وصاية الدولة السعودية في كل من جيزان ونجران وعسير، وهذا التوغل والعمليات البرية لصنعاء يأتي بالتزامن مع اشتداد واحتدام المعارك على أبواب مدينة مأرب آخر معاقل قوات الإصلاح وهادي الموالية للتحالف في المناطق الشمالية لليمن، وهي المعارك التي من المرجح أن تكون قوات صنعاء قد غيرت من استراتيجيتها العسكرية الهجومية وحولتها لمعركة استنزاف في محاولة منها ضرب عصفورين بحجر واحدة، الأول إسقاط التحالف وطرده من مأرب عسكرياً، والثاني استنزاف ما تبقى من قوات موالية للتحالف في معركة مأرب بحيث لا يمكن معه من استخدامها في معارك بمناطق أخرى كالساحل الغربي أو تعز أو الجبهات الحدودية.

وعموماً فإن الغرض من هذا التصعيد البري لقوات صنعاء على الحدود والتوغل بالعمق السعودي وعودة العمليات البرية ضد المواقع والقواعد العسكرية السعودية جنوب المملكة يأتي بالتزامن مع التصعيد بالهجمات البحرية أيضاً ضد أهداف اقتصادية وعسكرية بحرية سعودية، يضاف إلى ذلك إدخال قوات صنعاء منظومة دفاع جوية مخصصة للطائرات بدون طيار “الدرون” والتي تستخدمها المملكة للرصد والاستطلاع من جهة وتنفيذ الهجمات الجوية من جهة ثانية خصوصاً وأن المملكة تستخدم طائرات ذو تقنية عالية ومتطورة جداً كطائرة “إم كيو 9” الأمريكية، أو طائرة “وينج لونج” الصينية المنافسة للأمريكية، أو طائرة (CH4) الصينية أيضاً والشبيهة بالطائرة السابقة، وجميعها تعد من أحدث وأقوى ما أنتجته الصناعات الحربية الأمريكية والصينية، ومع ذلك فقد استطاعت قوات صنعاء مؤخراً من إسقاط طائرتين الأسبوع الجاري الأولى داخل الأراضي السعودية والثانية بمحافظة الجوف شمال اليمن وبالقرب من الحدود الجنوبية السعودية، واللتين جرى إسقاطهما بصاروخ أرض جو لم يتم الكشف عنه حتى اللحظة وفق تصريحات متحدث قوات صنعاء العميد يحيى سريع، الأمر الذي يؤكد أنه وبالتزامن مع التصعيد العسكري البري والعملياتي ضد الأهداف والمواقع والعمق السعودي تسجل صنعاء أيضاً تفوقاً جديداً في الوصول إلى مرحلة تحييد الطائرات بدون طيار عبر امتلاكها منظومة دفاع جوي والتي من المرجح أن يكون قد تم نشرها على الحدود اليمنية السعودية.

نشر صنعاء لمنظومة دفاع جوي بالجبهات الحدودية ونقلها واستخدامها داخل العمق السعودي مكّنها من تحييد الدرون المقاتلة التابعة للرياض ونشر المنظومة الدفاعية بحد ذاته مؤشر بتغيرات قادمة

التطورات العسكرية اللافتة في العمق السعودي جنوباً لم تكن مفاجئة إذ سبق أن توغلت قوات صنعاء وسيطرت على مدن بأكملها جنوب السعودية كالخوبة مثلاً في جيزان وبعض المناطق بخميس مشيط وغيرها من المناطق الأخرى في كل من نجران وعسير والتي شهدت مدنها الجنوبية موجة نزوح كبيرة للمواطنين في تلك المناطق وبقيت تلك المدن الصغيرة مهجورة لنحو ثلاثة أعوام منذ بداية الرد اليمني من قبل قوات صنعاء على التدخل العسكري للتحالف في اليمن وظل الوضع كذلك حتى موعد اتفاقات ظهران الجنوب في 2017 غير المعلنة بين حكومتي صنعاء والرياض والتي قضت بانسحاب قوات صنعاء من المدن السعودية الجنوبية مقابل حصولها على مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية أخرى لم يتم الإعلان عنها رسمياً، غير أن الملاحظ أنه كان من بين تلك المكاسب إجبار السعودية على وقف استهداف المدن الرئيسية الآهلة بالسكان من قصف طيران التحالف وذلك ما فسر لاحقاً التوقف المفاجئ للغارات الجوية على العاصمة صنعاء على سبيل المثال والتي كانت تعيشها العاصمة يومياً منذ انطلاق ما سُمي “عاصفة الحزم” في 26 مارس 2015.

مثلت زيارة متحدث قوات صنعاء للخطوط الأمامية لقواته داخل العمق السعودي وتحدثه وهو يطل على مدينة الخوبة بجيزان رسالة تهديد واضحة للرياض بما ستشهده الخارطة العسكرية جنوب المملكة من تغيير

لكن اللافت في هذا التصعيد الأخير على العمق السعودي أن قوات صنعاء أدخلت منظومة دفاع جوي على خط المعركة بالحدود السعودية، واللافت أيضاً أن هذه المنظومة الدفاعية قد تم إدخالها أيضاً إلى العمق السعودي وبدأت صنعاء باستخدامها من داخل الأراضي السعودية وهو ما يفسر إسقاط قوات صنعاء لطائرة (وينج لونج 2) الصينية، داخل نجران، ما يعني أن هذه المنظومة التي باتت تمتلكها قوات صنعاء يمكن حملها ونقلها من مكان إلى آخر بسهولة، وبما أنه يتم استخدامها في الجبهات الحدودية فإن مجرد إدخالها خط المعركة هناك يشير إلى أن هناك تصعيداً كبيراً قادماً ستقوده صنعاء ضد الرياض في العمق السعودي على كل المستويات برياً وبحرياً وجوياً في استراتيجية عسكرية جديدة لقوات صنعاء هي الأخطر من نوعها ضد السعودية الرامية بكل ثقلها العسكري في مأرب، هذه المؤشرات القوية كللتها زيارة متحدث قوات صنعاء العميد سريع لمواقع قواته داخل العمق السعودي وإلقائه تصريحاً لكاميرا الإعلام الحربي وهو يتحدث من موقع تتمركز فيه قواته يطل بشكل مباشر على مدينة الخوبة في جيزان في رسال تهديد عسكرية قصدت بها صنعاء تهديد الرياض باجتياح المدن الجنوبية للمملكة من جديد.

قد يعجبك ايضا