بالوثائق الإمارات تحتل سقطرى باسم “الشرعية” والمنفذ: معين.. ما المطلوب من السقطريين؟
تقرير خاص – المساء برس|
تتعرض اليوم جزيرة سقطرى لمؤامرة هي الأخطر على الإطلاق منذ سيطرة الإمارات عليها عام 2017، هذه المؤامرة تكمن خطورتها في أن منفذيها الخارجيين وجدوا من يمرر لهم مؤامرتهم من داخل الحكومة المنفية بالرياض.
ذلك يعني أن الخطر يكمن في أن المترتبات القانونية الدولية التي يمكن أن تلحق بالدولة المحتلة لجزيرة سقطرى ستسقط بعد أن أصبح المنفذ هو صاحب السلطة الشرعية، بمعنى لا تورط إماراتي أمام القضاء الدولي في هذا الشأن إذ لا يمكن مقاضاة حكومة معترف بها دولياً بأنها تحتل بلادها.
نقول ذلك لأن ما كشفه اليوم محافظ سقطرى المنفي هو الآخر في الرياض من تصريحات وردت ضمن وثيقة رسمية رفعها إلى الرئيس المنتهية ولايته والخاضع للإقامة شبه الإجبارية في الرياض تضمنت معلومات خطيرة.
فخلافاً لما ورد في الوثيقة بشأن تعليق العمل بالإجراءات التي ينص عليها القانون اليمني في المنافذ والمطار الدولي لسقطرى ودخول شخصيات من جنسيات أجنبية دون تأشيرة وأختام دخول ووصول سفينة إماراتية عليها معدات اتصال وأدوات مختلفة من دون إذن من حكومة ما تسمى “الشرعية” والتي نقلت معدات اتصالات عسكرية تمهيداً لإنشاء قاعدة استخبارية مشتركة بين إسرائيل والإمارات على أرض جزيرة سقطرى وإفراغ معسكرات الدولة في سقطرى من السلاح وإخراجه خارج الجزيرة وجلب نحو 1000 مسلح من خارج الجزيرة يعملون لصالح الإمارات وإقامة مواقع عسكرية من قبل قوات الانتقالي ومن خلفهم القوات الإماراتية شرق وغرب الجزيرة وفي الساحلين الشمالي والجنوبي للأرخبيل وحرم المطار الدولي، ومنع سلطات المنافذ الرسمية من أداء عملهم وإخراج عينات من الأشجار النادرة عبر المنافذ.. خلافاً لكل ذلك تضمنت الوثيقة ما يعد اعترافاً صريحاً بأن هناك من داخل أعلى قيادة بسلطة هادي من يعمل سراً لصالح الإمارات وينفذ لها كل ما تريده بصفته الرسمية في حكومة هادي.
لم يعلن رمزي محروس محافظ سقطرى عن اسم هذا المسؤول بحكومة هادي صراحة لكن ما تضمنته الوثيقة يشير وبشكل واضح أن معين عبدالملك رئيس الحكومة هو من ينفذ توجيهات أبوظبي في سقطرى ويوجه بتنفيذ بشكل مباشر للمسؤولين الذين صعدتهم أبوظبي مؤخراً إلى مناصب قيادية في سقطرى بحيث لا تبدو الإمارات وكأنها تنتهك سيادة اليمن في المناطق الجنوبية وتحديداً سقطرى.
محروس كشف أن الحكومة وجهت بتفويض موظفين مؤيدين للانتقالي بصلاحيات المحافظ المالية، وهو ما يعني أن رئاسة حكومة هادي معترفة رسمياً بسلطة المجلس الانتقالي التابع للإمارات في سقطرى، وذلك ينفي صفة الانقلاب والاحتلال الإماراتي في جزيرة سقطرى أمام المجتمع الدولي.
ليس هذا إلا جزءاً يسيراً مما يُخطط لأرخبيل سقطرى من قبل أبوظبي، فوفقاً للمعلومات التي حصل عليها “المساء برس” من مصادر موثوقة في سقطرى لم يعد لحكومة هادي أي مسؤولية أو سلطة على سقطرى، وسبق لمسؤول بحكومة المنفى لم يُكشف عن هويته أن صرح لقناة “الجزيرة” القطرية أنهم كحكومة رسمية معترف بها لم يعودوا يعرفون ما الذي يحدث في الجزيرة.
ذلك يعني أن سقطرى خرجت تماماً من سيطرة حكومة المنفى.
تفيد أيضاً المعلومات الواردة أن عملية تهجير هادئة للمواطنين تمارسها الإمارات في سقطرى، حيث تستخدم الإمارات الإغراءات المالية ومنح الجنسية لدفع مواطنين من سقطرى لمغادرة الجزيرة نهائياً والانتقال للعيش في الإمارات بهويات وجنسيات جديدة.
ما يحدث اليوم في سقطرى يشبه إلى حد كبير بما فعله اليهود بالشعب الفلسطيني عام 48 من القرن الماضي، واليوم يتكرر ما حدث في فلسطين في تلك الفترة ولكن عبر أصدقاء اليهود وشركائهم.
إغراءات مالية ومنح للجنسية ودفع للمواطنين لبيع أراضيهم ومزارعهم لصالح شخصيات إماراتية بصفة مستثمرين، تماماً كما فعل اليهود مع الفلسطينيين في القرن الماضي والذي انتهى بقيام الكيان الصهيوني على أرض عربية مغتصبة.
ووفقاً لمصادر سياسية رفيعة في سقطرى فإن خروج المواطنين في الجزيرة بمظاهرات للمطالبة بعودة ما تسمى “الشرعية” ليست سوى مضيعة للوقت لا أكثر ولا أقل، حسب توصيف المصادر.
ومن وجهة نظر المصادر ذاتها فإن المطلوب اليوم من أبناء سقطرى هو التصدي المباشر للاحتلال الجديد ومنع وجودهم بأي وسيلة.
المصادر السياسية تؤكد أن مسألة عودة سلطة هادي من عدمها لم تعد ذا أهمية بالنسبة لما يتم تنفيذه اليوم في سقطرى من مخطط يهدف على المدى المتوسط لإخراجها من السيادة والنطاق الجغرافي السياسي اليمني، تضيف المصادر أيضاً أن المعركة اليوم في سقطرى أصبحت معركة تتعلق بالجغرافيا والأرض ذاتها، وبمعنى أدق معركة الدفاع عن استلاب الأرض من أهلها ومعركة مواجهة مشروع استبدال سكان جزيرة سقطرى بآخرين من جنسيات غير يمنية.
ناشطون سياسيون من أبناء سقطرى رغم قلتهم إلا أنهم يتفقون أن المجتمع السقطري ليس مجتمعاً سياسياً ولا يهمه ما يحدث من تغيرات أو من يحكم ويسيطر، فهو مجتمع بسيط أكثر اهتماماته لا تخرج عن أمور الرعي والصيد فقط.
ويرى الناشطون إن أبناء سقطرى لا يدركون مدى أهمية الأرض التي يعيشون عليها من الناحيتين الطبيعية والغنية بالثروات الهائلة وأيضاً الأهمية الجيوسياسية التي طالما مثلت مطمعاً للغازي الأجنبي على مر العصور.
رغم ذلك فإن بوادر اندلاع ثورة في سقطرى ضد الاحتلال الإماراتي بدأت تتصاعد خاصة مع تزايد الوعي لدى المجتمع السقطري الذي بدأ يدرك تدريجياً ما يحدث من حوله وطبيعة التواجد الأجنبي وأهدافه وبالقدر ذاته بدأ المجتمع السقطري يدرك أن حكومة هادي ذاتها هي من تتواطأ مع هذا الاحتلال وذلك بالنظر إلى تجاهلها لأي تحركات عسكرية خارجية في الجزيرة وعدم تعليقها لمجرد التعليق على انتهاك سيادة اليمن من قبل الإمارات في هذه الجزيرة.
ولعل ما ينقص أبناء سقطرى اليوم هو أن يحسنوا اختيار الشخصيات المناسبة سواء سياسية أو عسكرية أو اجتماعية قبلية للالتفاف حولها ومساندتها وتشكيل نواة مقاومة مسلحة بين شعب يدافع عن أرضه وقوات أجنبية محتلة.