ما الذي سيحدث في تهامة؟ ولماذا تهتم وسائل الإعلام الغربية منذ أيام قليلة بتهامة؟
خاص – المساء برس|
آخر ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية بشأن تهامة هو تقرير نشرته مؤسسة جيمس تاون تناول بالتفصيل طبيعة الوضع في منطقة تهامة “الساحل الغربي لليمن”، وقبل ذلك زادت وسائل الإعلام الغربية من الحديث ونشر المواد الإعلامية والتقارير بشأن الساحل الغربي لليمن والحديث عن دور إسرائيلي.. فما الذي يحدث في تهامة وماذا تنتظر هذه المنطقة؟
قبل الحديث عمّا نشرته المؤسسة الأمريكية، يجب التطرق إلى طبيعة المؤسسة التي نشرت هذا التقرير وكيف أنشئت وما هدفها.
مؤسسة جيمس تاون هي مؤسسة أمريكية مقرها في واشنطن تأسست في 84م من القرن الماضي كمنصة لدعم المنشقين السوفييت ودعم تفكيك الاتحاد السوفييتي، واليوم تقول المؤسسة إن مهمتها تثقيف صانعي السياسة حول الأحداث والاتجاهات التي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية في أي مكان بالعالم للولايات المتحدة الأمريكية.
تقرير المؤسسة تناول منطقة تهامية اليمنية عبر مساحتها وطبيعتها الجغرافية وتشكيلتها السكانية وعلاقتها بالقرن الأفريقي، وهنا تقول المؤسسة إن السيطرة على تهامة أمر بالغ الأهمية للسيطرة على شمال غرب اليمن.
وتقول المؤسسة إن السكان المحليين في تهامة تعود أصولهم إلى دول بأفريقيا، مضيفة إن هذا الجزء من السكان تعرضوا للتهميش منذ فترة طويلة.
وتضيف المؤسسة في تقريرها إن موقع تهامة الاستراتيجي على طول البحر الأحمر وموانئه كانت محط تركيز القوى الخارجية لفترة طويلة، وأضافت إن كلاً من الإمارات والسعودية بدرجة أساسية وتليهما قطر كانت مهتمة ولها نشاط في هذه المنطقة منذ العام 2015، لافتة إلى أن تركيا تتطلع إلى تأسيس نفوذ لها في هذه المنطقة.
وفيما يبدو أن الإعلام الغربي والمؤسسات البحثية التي توجه صانعي القرار بدأت تروج لمسألة الحكم الذاتي في تهامة، تناول التقرير تفاصيل الصراع الذي شهدته تهامة أوائل القرن الماضي وكيف كانت تهامة اليمنية مرتبطة بمنطقة جيزان جنوب غرب السعودية وكيف دعمت بريطانيا محمد الإدريسي للسيطرة على تهامة لأن ذلك كان في سياق مواجهة العثمانيين.
وتقول المؤسسة إن من يقاتلون الآن ضد الحوثي ضمن ما يسمى “مقاومة تهامة” يمكن تذكيرهم بإمارة الإدريسي والحكم الخارجي والذاتي، مضيفة إن هناك مكون في تهامة اسمه “مجلس مقاومة تهامة” واصفة إياه بالذراع السياسي لقوى تهامة، مضيفة إن هذا المكون يستند في حركته إلى ما يطمح إليه من أهداف وصفها التقرير بـ”المتواضعة” على رأسها إصلاح واقع المجتمع التهامي الذي تعرض للتهميش السياسي والاقتصادي.
هي إذاً فيما يبدو إشارة من مركز الدراسات الأمريكي إلى أن بإمكان أي جهة إقليمية أو دولية لها مصالح في هذه المنطقة، تحقيقها من خلال استغلال هذا الجانب وهذه الطموح المتواضعة لتهامة.
بطريقة أو بأخرى تمهد الدراسة الأمريكية لمسألة الأقاليم التي ظلت حكومة هادي ومسؤوليها يرددونها منذ بداية الحرب على اليمن في مارس 2015 وحتى الآن وهو الأمر الذي فجر الصراع في اليمن نظراً لعدم وصول الأطراف اليمنية التي كانت تتحاور في مؤتمر الحوار الوطني ومن ثم في الموفمبيك إلى اتفاق بشأن مسألة شكل الدولة اليمنية القادمة ومدى قبول الشارع اليمني بتقسيم اليمن إلى أقاليم ومدى صلاحية كل إقليم.
ويلفت التقرير إلى طبيعة وضع المليشيات المسلحة المناوئة للحوثيين في تهامة، وركز التقرير على أن هذه القوات مشتتة وليس لديها هدف واضح بعد أن تنتهي الحرب مع الحوثيين، مشيراً إلى أنها لا زالت منقسمة فيما بينها، بين من يدعم المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات وبين من يؤيد حكومة هادي.
كما أكد التقرير إن الإمارات حاولات توثيق أمتن العلاقات مع المسلحين المنتشرين في الساحل الغربي من خلال دعمهم بالسلاح والمال طوال الفترة الماضية ورغم ذلك لا تزال هذه القوات ضعيفة جداً مقارنة بقوة وتماسك الانتقالي والحوثيين.
ورجح التقرير أن تزداد التوترات بين طارق صالح وبين المقاتلين المنتمين لتهامة، وذلك بالنظر إلى أن طارق بدأ يصبح هو المسؤول عن إمداد وتموين هذه القوات وأن ذلك قد يخلق صراعاً بين هذه الفصائل المتعددة في تهامة للتنافس على النفوذ والعتاد العسكري والأموال التي يقدمها التحالف.
ويضيف التقرير إنه ومع تزايد الانقسامات داخل مكونات تهامة التي كانت متحالفة بشكل هش مع بعضها البعض، فإن ذلك قد يمكن الحوثيين من تحقيق مكاسب عسكرية إذا ما شنوا أي هجوم، لكن التقرير لفت إلى أن اتفاق الحديدة الذي رعته الأمم المتحدة يبقي على جمود التحركات العسكرية هناك باستثناء بعض الهجمات البسيطة.
ويلفت التقرير إلى أن تقليص السعودية لنفقاتها على المسلحين الذين يقاتلون إلى جانبها ضد الحوثيين في الساحل الغربي بالتزامن مع انخفاض الدور الإماراتي في المنطقة بعد أزمة كورونا، فإن هناك فرصاً كبيرة للقوى الخارجية لزيادة مشاركتها في تهامة وأماكن أخرى في اليمن، وأشار التقرير في هذا الجزء إلى أن هناك صراعاً بين تركيا وقطر من جهة والإمارات والسعودية من الجهة المقابلة على النفوذ في القرن الأفريقي والخريج.
ويكشف التقرير إن تركيا قد تعمل على تكرار تجربتها في الصومال بعد أن أصبحت هناك أكبر قوة عسكرية خارجية متواجدة في الضفة الغربية للبحر الأحمر، وأن بإمكانها تكرار هذا التجربة في الضفة الأخرى للبحر الأحمر “تهامة”، مشيراً إلى أن تركيا بإمكانها أن تدعم وتمول الجماعات المسلحة في تهامة وتكسبها إلى صفها.
وألمحت المؤسسة في تقريرها إن هدف تركيا من ذلك هو القيمة التي تمثلها منطقة تهامة بكونها منطقة مناسبة عقارياً لاستثمارها ليس من قبل تركيا فقط بل من قبل قطر وروسيا أيضاً، حيث ذكّر التقرير بالعلاقات الجيدة وطويلة الأمد بين روسيا وتركيا مع تهامة منذ زمن طويل.
وذكر التقرير إن ساحل تهامة وميناء الحديدة ساهمت في إنشائه روسيا في خمسينيات القرن الماضي وأنها كانت تهدف إلى الحصول على موطئ قدم دائم لها في هذا الموقع الجغرافي الهام والحساس عالمياً.