القوات السعودية في المهرة.. توطين للسلفيين من نيجيريا وفرنسا وتغيير ديموغرافي
ترجمة خاصة – المساء برس| في تقرير لمجلة فرنسية، سلطت فيه الضوء على التواجد العسكري السعودي في محافظة المهرة جنوب شرق اليمن، قالت المجلة إن القوات السعودية استقرت في المهرة منذ عامين تحت غطاء الحفاظ على السلام في حين الهدف الحقيقي من هذا الوجود العسكري هو “بناء خط أنابيب للنفط”.
وفي التقرير الذي ترجمه “المساء برس” أجرت مجلة “لكسبريس” مقابلة مع الشيخ عبدالله بن عيسى آل عفرار، ووصفته بأنه سلطان بدون مملكة، مرجئة ذلك إلى حكم عائلته لمدة 600 عام للمهرة، آل عفرار المقيم حالياً في سلطنة عمان وصف الوجود العسكري السعودي في المهرة إنه “احتلال غير شرعي” مضيفاً إن “محافظة المهرة بالفعل موقعها مثالي بالنسبة لخطتهم الإستراتيجية، ففي النهاية، ستسمح للسعوديين، إذا تمكنوا من الاستقرار هناك بشكل دائم، من تأمين صادراتهم النفطية”، وتضيف المجلة الفرنسية معقبة على حديث آل عفرار بالقول إن هذا الهدف بالنسبة للسعودية هو أولوية مطلقة.
وتنقل المجلة الفرنسية عن آل عفرار قوله “في عام 2017، وصل الجنود السعوديون إلى المهرة دون إخطار السلطات المحلية احتلوا بسرعة ميناء نشطون، على بحر العرب، ومنفذي شحن وصرفيت، وهما نقطة عبور مهمة بين عمان واليمن ثم استولوا على مطار الغيضة”، مضيفاً إن الرياض فعلت ذلك على الرغم من أن المحافظة كانت تعيش في سلام وظلت كذلك إلى قبل وصول القوات السعودية، حسب قوله.
ويضيف بن عفرار “لم يكن هناك في المهرة لا حوثيين ولا جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش أو القاعدة، ومع تدفق الأسلحة جوا، وقطع الرحلات الجوية المدنية، تدخل المحتل الجديد، بسرعة كبيرة، في الحياة السياسية لهذه المحافظة التي يبلغ عدد سكانها 650 ألف نسمة، والتي تشكل واحدة من 22 محافظة في اليمن”.
تعقب المجلة الفرنسية على حديث بن عفرار بهذا الشأن بالقول إنه بمقابل الوجود السعودي تم الإطاحة بالمحافظ السابق للمهرة، محمد بن كده، في نوفمبر 2017، تحت ضغط من الرياض، لصالح تعيين راجح باكريت، مضيفة “وكلاهما يمني – سعودي، لكن الأخير ظهر سريعا أنه دمية يتلاعب بها السعوديون”.
يقول بن عفرار عن باكريت إنه يتلقى جميع توجيهاته من الرياض وأنه ليس حراً، مشيراً إلى أن تعيينه تزامن مع تعزيز كبير للقوات السعودية في أوائل العام 2018.
كما نقلت مجلة “لكسبريس” عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية تأكيدها أن السعوديين أسسوا خمس قواعد عسكرية رسمية في المهرة، مضيفة “لكن المصادر المحلية تعتقد أن هناك ستة أضعاف هذا العدد”.
الرياض استقدمت نيجيريين من شمال أفريقيا وفرنسيين ووطنتهم بالمهرة
كما كشفت المجلة عن توافد مئات اللاجئين السلفيين من غرب اليمن فضلاً عن النيجيريين من شمال أفريقيا وبعض الفرنسيين إلى مدينة قشن بالمهرة وأن السعودية منحتهم الأرض للإقامة فيها وتقدم لهم ما يحتاجونه من الغذاء عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، حسب سكان المهرة فإنهم يرون هذا التحرك السعودي واستقدام السلفيين من اليمن وخارج اليمن بأنها “محاولة من الرياض لتوسيع نفوذها”، مشيرة إلى احتجاج نسائي في يناير 2018 من نساء المهرة ضد الوجود السلفي ونتيجة لهذا الاحتجاج تم إلغاء بناء مركز ديني سلفي كانت الرياض تنوي إنشاءه هناك للموالين لها.
إثارة العداء
تعمل الرياض على إثارة العداء بشكل متعمد بين أبناء المحافظة، حيث نقلت المجلة الفرنسية عن الباحثة بجامعة أوكسفورد والمتخصصة بالشأن اليمني إليزابيث كيندال قولها إنه “على الرغم من رفض أبناء المهرة للوجود السعودي والسلفي تستمر السعودية في التدخل بشأن المحلي بشكل أكبر من خلال إثارة العداء بشكل قوي خاصة على طول الساحل المكتظ بالسكان”.
نقلاً عن مصدر دبلوماسي غربي مطلع على تفاصيل النفوذ والأطماع السعودية في المهرة، نقلت المجلة الفرنسية قوله “لقد استقر السعوديون في المهرة لبناء خط أنابيب للنفط”، تضيف المجلة إن ذلك سيمكنهم من تجنب مرور نفطهم عبر مضيق هرمز الذي لا يزال منطقة تشهد توتراً كبيراً.
وتضيف المجلة “في سبتمبر 2018 قام أبناء المهرة من القبائل بإبعاد فريق من المهندسين السعوديين الذين أرادوا البدء في بناء طريق في منطقة خرخير الصحراوية، على الحدود بين المملكة السعودية واليمن”، لافتة إن الهدف من ذلك “الإعداد لخط الأنابيب الشهير هذا، والذي يجب أن يصل إلى ميناء نشطون، حيث يمكن أن يرى مشروع كامل للبنية التحتية النور. وكدليل على ذلك، كشف مركز صنعاء عن وجود رسالة موقعة من شركة تابعة لمجموعة ابن لادن (هوتا للأعمال البحرية المحدودة) موجهة للسفير السعودي في اليمن، تشكره على قبول إطلاق دراسة جدوى لميناء نفطي”.
ونقلت المجلة عن “فرانسوا فريسون روش” – باحث في “المركز الفرنسي الوطني للأبحاث” ومتخصص بالشأن اليمني، قوله “بالنسبة للسعودية لا يمكن أن يتحقق هذا الحلم القديم ما دام اليمن جمهورية ذات سيادة، لكن اليوم تغير الوضع، سيستخدم السعوديون الوسائل المالية أو العسكرية لفرض أنفسهم في هذه المنطقة وتأمين نقل الذهب الأسود”.
قمع دموي سعودي في المهرة
تؤكد المجلة الفرنسية إن مظاهر الاحتجاج ومناهضة الوجود العسكري في المهرة يتزايد بين المجتمع المحلي، مضيفة إن بعض المراقبين يتخوفون من فتح جبهة أخرى في اليمن خاصة مع وجود سعودي عسكري مسلح مقابل وجود مجتمع محلي مناهض ويرفض هذا الاحتلال.
ولفتت المجلة إلى ما حدث في نوفمبر 2018 من اشتباكات بالقرب من ميناء نشطون بين مسلحين محليين وجنود سعوديين والتي أسفرت عن مقتل شخصين من أبناء المهرة، مضيفة “لكن المحتلين ينكرون مسؤوليتهم ناهيك عن تحذير من ينتقدون صراحة قوات الرياض أو ميليشياتها شبه العسكرية، التي يتم تدريبها من قبل الإماراتيين والسعوديين حسب ما قالت عدة مصادر محلية”، كما أشارت المجلة إلى القمع الدموي الذي تمارسه القوات السعودية وحلفائها المستقدمين من خارج المحافظة ضد أبناء المهرة، مشيرة إلى قتل أسرة بأكملها في إحدى المرات في حين بقيت طفلة هي الناجية الوحيدة من هذه المجزرة، بالإضافة إلى المعتقلات التي أنشأتها السعودية هناك والتي تعتقل فيها كل من يعارض الوجود السعودي العسكري في المهرة.