الصواريخ اليمنية تطيح بمنظومة باتريوت والرياض تضطر لشراء منظومة “ثاد”
صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
أطاحت الصواريخ اليمنية التي تطورها وتعمل على تصنيعها وحدة التصنيع العسكري بوزارة الدفاع في العاصمة اليمنية صنعاء بمنظومة الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” وهي المنظومة التي تنشرها السعودية على أراضيها للحماية من الهجمات الصاروخية الجوية من اليمن.
وعلى الرغم من التكاليف الباهضة التي تدفعها الرياض للولايات المتحدة مقابل تشغيل منظومة باتريوت إلا أن هذه المنظومة عجزت عن إسقاط معظم الصواريخ الباليستية التي يطلقها الجيش اليمني التابع لحكومة الإنقاذ على مدى الأربعة الأعوام الماضية بسبب الحرب التي تشنها الرياض وأبوظبي على اليمن منذ 26 مارس 2015.
وسبق أن اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام حشد جماهيري من مؤيديه أن السعوديين لا يستطيعون التعامل مع الأسلحة الأمريكية ومنها منظومة الدفاع الجوي “باتريوت باك3” وأن الخلل في عدم كفاءة المنظومة للتصدي للصواريخ التي يطلقها “الحوثيون” حسب وصفه ليس المنظومة بل في المشغلين لها، وكان حديث ترامب هذا للدفاع عن سمعة “الباتريوت” التي تأثرت بسبب كشف كبريات الصحف الأمريكية حقيقة المزاعم السعودية بأنها تمكنت من التصدي للصواريخ التي تطلقها القوات اليمنية والتي كان منها بركان 2H الذي أطلق في نوفمبر 2017 على مطار الرياض.
واشنطن تمنح الرياض منظومة الدفاع الجوي “ثاد”
مطلع مارس الجاري أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” أنها قد منحت شركة “لوكهيد مارتن” 946 مليون دولار نيابة عن السعودية مقابل نظام الدفاع الصاروخي “ثاد”، وتعتبر هذه المنظومة هي “جوهرة التاج الأمريكية في أنظمة الدفاع الصاروخي”، وقد بررت “البنتاجون” هذا الإجراء بالقول إن السعودية تعد واحدة من أهم الشركاء الاستراتيجيين لأمريكا، وتعتبر أول مستورد للأسلحة الأمريكية لا يمكن التخلي عنه.
ووفقاً لتقرير نشرته قناة “CNBC” الأمريكية، وترجمه “المساء برس” فإن هذه المنظومة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات هي الدفعة الأولى فقط من صفقة أسلحة تم توقيعها بين الرياض وواشنطن تبلغ قيمتها 15 مليار دولار.
وأضافت القناة إن السعودية وقعت عقداً مع واشنطن لشراء منظومة صواريخ “ثاد” للدفاع الجوي من شركة لوكهيد مارتن، وأن هذه الصفقة البالغ قيمتها 15 مليار دولار تتضمن بيع 44 قاذفة من هذه المنظومة بالإضافة إلى معدات أخرى تتبع المنظومة، بما فيها الرادارات والصواريخ قطع غيار البطاريات.
البنتاغون يعلن سحب عدد من منظومات باتريوت من الشرق الأوسط
في سبتمبر العام الماضي قررت وزارة الدفاع الأمريكية سحب 4 منظومات دفاع جوي من نوع “باتريوت” من ثلاث دول عربية هي الكويت والأردن والبحرين، وكان القرار بمثابة تأكيد على فشل المنظومة في مهامها التي أنتجت لأجلها وهي الدفاع عن أجواء المنطقة التي تنتشر فيها هذه المنظومة، وبقدر ما أعاد هذا القرار إلى الواجهة الحديث مرة أخرى عن مدى قدرة وفاعلية الصواريخ الباليستية المصنعة محلياً والتي تطلقها القوات اليمنية على السعودية، بقدر ما أثار القرار العديد من التساؤلات حول مدى فاعلية تلك المنظومة في التصدي للصواريخ والأجسام المعادية في الصراعات التي نشأت في منطقة الشرق الأوسط ومنها الحرب السعودية على اليمن.
اليمنيون يطيحون بمنظومة باتريوت
ورصد “المساء برس” تقريراً لمجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، قالت فيه إن “هناك معلومة غير صحيحة تزعم أن منظومة باتريوت نجحت في اعتراض الصواريخ الباليستية التي تطلقها القوات اليمنية على الرياض ويتم الترويج لنجاح هذه المنظومة على نطاق واسع”.
وتابعت المجلة: “لكن الواقع يقول أنها لم تسقط حتى الصواريخ قصيرة المدى، ما يعني أنها ستكون أكثر فشلا في حالة استخدامها لاعتراض صواريخ متطورة مثل تلك التي تطورها كوريا الشمالية”.
وفي تحليل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” كشفت فيه إن “تحليل الصور ومقاطع الفيديو لإطلاق صواريخ باتريوت لاعتراض الصاروخ الباليستي اليمني الذي استهدف مطار الرياض والمنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، يشير إلى أن القصة قد تكون خاطئة”.
كما أضاف تحليل الصحيفة الأمريكية بالقول “يبدو أن الأدلة التي حللها فريق أبحاث من خبراء الصواريخ تظهر أن رأس الصاروخ الحربي حلّق دون عوائق على الدفاعات السعودية وضرب هدفه في مطار الرياض وأدى انفجار الرؤوس الحربية التي انفجرت بالقرب من القاعة الرئيسية إلى قفز المتواجدين من مقاعدهم”.
أما موقع “إن دبليو أو ريبورت” الأمريكي فقد أكد في تقرير موسع نشره في ديسمبر 2018 أنه “لم يحدث أن تمكنت الرياض من إسقاط حتى الصواريخ البسيطة قصيرة المدى التي يطلقها اليمنيون على أهداف داخل الأراضي السعودية”، مضيفاً إن “صواريخ سكود التي تم تطويرها مؤخراً من قبل القوات اليمنية التي تتصدى لقوات التحالف السعودي والتي استهدف أحدها مطار الرياض هي صواريخ كبيرة وبطيئة وعادة ما تطلق من مواقع ثابتة ورغم ذلك لم تتمكن السعودية من إصابة الصاروخ وتدميره على الرغم من أنها أطلقت 5 صواريخ باتريوت لاعتراضه إلا أنها فشلت جميعاً واستطاع الصاروخ الوصول إلى هدفه”، وأشار التقرير إلى أن هذه المعلومات نشرتها “نيويورك تايمز” ومحللون في معهد ميدلبري في مونتيري بولاية كليفورنيا منهم “جيفري لويس” قائد فريق البحث بشأن حقيقة تصريحات المسؤولين السعوديين بخصوص اعتراضهم صواريخ اليمن الباليستية والذي توصل إلى نتيجة مفادها أن “الحكومة السعودية تكذب بشأن اعتراضها الصواريخ اليمنية”.
ويؤكد لويس معلوماته بالقول إن الصاروخ الذي أطلقته القوات اليمنية في نوفمبر 2017 قد أصاب هدفه بمطار الرياض، وأن الصور الحرارية التي التقطت على مستوى أفقي باتجاه الانفجار كشفت وجود دخان وأضرار أرضية، وهذا يؤكد “أن الرأس الحربي وقع بالقرب من المبنى الداخلي للمطار وأن صور الاستجابة للطوارئ وأعمدة الدخان تكشف عن معلومات حول طبيعة التأثير”، وأضاف “تظهر صورة للعمود مأخوذة من موقع مختلف على مدرج المطار تتفق مع الأعمدة التي تنتجها صواريخ مماثلة، مما يشير إلى أن الانفجار لم يكن قطعة من حطام الصاروخ أو حادث غير ذي صلة بل كان الرأس الحربي المتفجر الذي انفجر عند وصوله الهدف”.
ووفقاً للصحيفة ذاتها فإن “النتائج تشير إلى أن الحوثيين الذين كانوا في يوم من الأيام مجموعة متمردة فقط، قد ازدادوا قوة بما يكفي لضرب أهداف رئيسية في السعودية مما قد يغير ميزان الحرب على اليمن الطويلة”، مشيرة إلى أن “القدرات الصاروخية اليمنية تؤكد الشكوك القائمة منذ فترة طويلة حول تكنولوجيا الدفاع الصاروخي الأمريكية” التي يفترض أنها محور استراتيجيات الدفاع الوطني الأمريكي وحلفائها في الشرق الأوسط.
استمرار الحرب يعني استمرار انهيار سمعة السلاح الأمريكي
خلاصة القول إن القدرات الصاروخية اليمنية قد أطاحت نهائياً بسمعة منظومة الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت”، وعلى وقع هذا الفشل الدفاعي لدى الرياض فقد حاولت الأخيرة الاتجاه لشراء منظومة “S 400” الروسية، إلا أن الولايات المتحدة اعترضت ومنعت الرياض من شراء المنظومة التي تقول روسيا إنها تتفوق بشكل كبير على باتريوت الأمريكية، وتعويضاً للرياض لما لحقها من هجمات صاروخية فشلت المنظومة الأمريكية باتريوت في اعتراضها فقد سمحت واشنطن للرياض بشراء منظومة “ثاد” وهي منظومة دفاع جوي أمريكية متطورة أكثر من البارتويرت، لكن مدى فاعليتها لا تزال مجهولة حتى اللحظة.
وتقول خبراء عسكريون في وزارة الدفاع اليمنية بصنعاء إنه ليس من المستبعد أن تتجاوز القدرات الصاروخية اليمنية التي يتم تطويرها يوماً بعد آخر، منظومة الدفاع الجوي الأمريكية “ثاد” التي اشترتها السعودية بدلاً عن “الباتريوت” التي فشلت في إسقاط الصواريخ الباليستية اليمنية أبرزها صواريخ “بركان 2H”.
ويضيف أحد الخبراء العسكريين في حديث لـ”المساء برس” إن من شأن استمرار الحرب على اليمن التي تدخل بعد أيام عامها الخامس، أن يتسبب بالمزيد من السمعة السيئة للأسلحة الأمريكية سواءً الأسلحة المستخدمة للقتال البري أو المنظومات الدفاعية، لافتين إلى أن الأربعة الأعوام الماضية من الحرب تسببت بخسارة واشنطن منظومة باتريوت التي لم تعد قادرة على بيعها لمختلف الدول نظراً لإثبات فشلها في الدفاع عن السعودية أبرز حليف للأمريكيين.