صنعاء تسحب قبائل الشمال الشرقي من يد التحالف وأنبوب النفط تحت السيطرة

مأرب – المساء برس| يبدو أن صبر القبائل اليمنية في المناطق الشمالية الشرقية لليمن وهي القبائل الممتدة والتي تشكل التكتل السكاني لمحافظتي الجوف ومأرب، يبدو أن هذا الصبر على ممارسات “عساكر التحالف” بدأ ينفد.
ذلك ما ترجمته التحركات القبلية الأخيرة التي اصطفت إلى جانب قوات صنعاء وجماعة أنصار الله وانتفضت في وجه قوات “هادي” التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ضد اليمن.

    انقلاب ضد التحالف بالجوف

أواخر مايو ومطلع يونيو الماضيين كان الشارع اليمني على موعد مع حدث عسكري وقبلي هام شهدته إحدى مديريات محافظة الجوف وهي مديرية المتون الخاضعة لسيطرة قوات الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، والتي شهدت انتفاضة شعبية مفاجئة ضد التحالف والقوات التابعة له بعد تنسيق مع سلطات صنعاء وأنصار الله، وهو ما أدى إلى سقوط المديرية بالكامل من يد التحالف وانضمامها للمناطق الجغرافية والمديريات الغربية التي تسيطر عليها قوات صنعاء بمحافظة الجوف وهي المديريات ذات الكثافة السكانية الأعلى في هذه المحافظة الشمالية التي يشكل 70 من مساحتها صحراء مترامية الأطراف وغير مأهولة بالسكان.
وإثر انقلاب أبناء المتون على التحالف حينها، حاولت القوات الموالية للسعودية الانتقام من قبائل المديرية عبر استهداف منازلهم بشكل مباشر وهو ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وبالإضافة إلى ذلك قيام قيادة قوات هادي في الجوف عبر اللواء هاشم الأحمر بتهديد القبائل بشكل مباشر بقصفهم بالطيران الحربي التابع للتحالف إذا وقفوا مع قوات صنعاء في وجه التحالف.
وبعد هدوء المعارك بين قوات صنعاء والتحالف في المتون ظلت المديرية في حالة هدنة غير معلنة، إلا أن حالة اللاسلم واللاحرب التي عاشها القبائل جعلت المتون في وضع غير مستقر لتستأنف العمليات العسكرية بين الطرفين (قوات صنعاء والتحالف) مؤخراً غير أنها هذه المرة كانت قبائل المتون أكثر اصطفافاً مع قوات صنعاء ووفقاً لمصدر قبلي في الجوف تحدث لـ”المساء برس” مساء اليوم فإن “مديرية المتون ستكون خلال الأيام القليلة القادمة ضمن المناطق الخارجة عن سيطرة التحالف كلياً وستلحق بمديرية صرواح بمأرب التي استعادتها قوات الجيش واللجان الشعبية مؤخراً ولم يتبقَ منها سوى 10% بيد الشرعية”.

    “كوفل” تحت نيران الحوثيين

وقبل ذلك بشهرين تقريباً حدثت تغيرات عسكرية في جبهات مأرب التي شهدت تساقط مواقع عسكرية هامة جداً في يد قوات صنعاء بعد تمكنها من الوصول بقواتها إلى المرتفعات الجبلية المطلة على مدينة مأرب بينها تبة مطار صرواح المطلة مباشرة على معسكر كوفل أحد أكبر وأهم المعسكرات الاستراتيجية في محافظة مأرب، والذي يتبع المنطقة العسكرية الثالثة وكان قد سقط بيد قوات “هادي” عام 2016 بعد أن أمطر طيران التحالف مرافق المعسكر بالكامل بأكثر من 100 غارة جوية.

    كيف أصبح معسكر كوفل بصرواح تحت نيران الحوثيين فجأة؟

في العاشر من أبريل الماضي كشف مصدر عسكري في مأرب عن حدوث خيانات في صفوف قوات “الشرعية” في مأرب أدت إلى سقوط مواقع عسكرية مهمة جداً بيد الحوثيين ومقاتليهم.
وأكد المصدر في تصريح لـ”المساء برس” حينها إن “القوة العسكرية في اللواء 81 بصرواح والتي سيطر الحوثيون على عدد من التباب المهمة التي كانت في نطاق هذا اللواء، أبلغت أكثر من مرة بوجود زحوفات متكررة من قبل الحوثيين”، وأن القوة العسكرية المتواجدة “لا تكفي لصد هذا الزحف”، مطالبة بتعزيز المواقع بقوات عسكرية وعتاد عسكري، والأهم من ذلك “توفير غطاء جوي كثيف لحمايتهم من تقدم الحوثيين”.
وأشار المصدر إلى أن كل تلك المخاطبات العسكرية بين المعسكر والقيادة في مأرب لم تجدِ نفعاً حيث لم تصل أي تعزيزات من قيادة قوات التحالف بمأرب بالإضافة إلى عدم إسنادهم بأي غطاء جوي وهو ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بشكل كبير من قوات “الشرعية” التي بقيت منتظرة وصول التعزيزات، لافتاً إلى أن ما تبقى من القوة انسحبت وتركت كامل الأسلحة والعتاد العسكري في مواقعها التي كانت تسيطر عليها.
وفي الوقت الذي لم تكن فيه الاتهامات التي وجهها المصدر العسكري في مأرب بوجود خيانات، واضحة وموجهة لطرف معين، أكد مصدر قبلي في مأرب لـ”المساء برس” إن تقدمات قوات صنعاء في مأرب منتصف العام الجاري تزامنت مع فقدان “الشرعية” للحاضنة الشعبية في المناطق التي كانت تسيطر عليها امتداداً من نهم وحتى تخوم مدينة مأرب من الجهة الغربية، وهو ما يؤكد أن قوات صنعاء عملت خلال الفترة الماضية على كسب القبائل المنتشرة في المناطق التي كانت تسيطر عليها “الشرعية” في مأرب.
غير أن إفادة المصدر القبلي لا تعني نفي ما صرّح به المصدر العسكري التابع لـ”الشرعية” والذي رجح حدوث الخيانة “إما من داخل قيادة القوات اليمنية في مأرب أو من قيادة قوات التحالف من قبل الضباط الإماراتيين والسعوديين المتواجدين في مقر قيادة التحالف هناك”.

    نهم.. صنعاء تستعيد ما سيطر عليه التحالف خلال عام كامل في 3 أيام

أيام قليلة فقط شهدت تحركات عسكرية كبيرة جداً ومن أكثر من محور لقوات صنعاء تمكنت خلالها أواخر العام الماضي من استعادة كل ما سيطرت عليه القوات الموالية للتحالف في نهم خلال عام كامل، والتي انتهت بوصول قوات صنعاء إلى المرتفعات الجبلية المطلة مباشرة على معسكر “فرضة نهم” الذي ظل تحت سيطرة قوات التحالف لأكثر من عامين كاملين.

    صنعاء تنتزع مكسباً استراتيجياً باستعادة صرواح.. فما هو؟

الجمعة الماضية أعلن المتحدث باسم قوات صنعاء العميد يحيى سريع إن قواته وبتعاون من أبناء مديرية صرواح تمكنت من استعادة السيطرة على 90% من صرواح شرق مأرب في عملية عسكرية مدروسة بعناية وتم الإعداد لها بشكل تكتيكي وتنسيق قبلي وشعبي لضمان استمرار السيطرة على هذه المساحة من الآن وصاعداً.
وحسب مراقبين فإن إعلان قوات صنعاء أن استعادة صرواح تم بتعاون من أبناء المديرية يؤكد بالفعل أن قيادة صنعاء اتخذت استراتيجية مغايرة لإدارة المعارك في مأرب والجوف بما يمكنها من الحفاظ على ما تحققه من مكاسب ميدانية وجغرافية ويوسع من المناطق الجغرافية التي تديرها سلطة صنعاء وذلك عبر كسب الحاضنة الشعبية في هذه المناطق لصالحها وإشراكها في تحقيق الانتصارات الميدانية ضد قوات التحالف.
اللافت هو في المكسب الاستراتيجي الذي تحقق لقوات صنعاء والذي تبيّن مؤخراً من خلال تتبع المواقع والمناطق التي تمكنت قوات صنعاء من التقدم فيها واستعادة السيطرة عليها في مأرب والتي تكشف أن التخطيط لاستعادة هذه المناطق كان منذ وقت مبكر جداً وكان له هدف استراتيجي لم يخطر على بال قيادات التحالف بما فيها القيادات الأجنبية التي تدير غرف العمليات المركزية في الرياض، هذا الهدف وحسب ما يشير إليه الكاتب الصحفي أحمد الحبيشي هو السيطرة على المناطق التي يمر منها أنبوب النفط الممتد من مأرب وحتى ميناء رأس عيسى بالحديدة.
ورصد “المساء برس” منشوراً للحبيشي بصفحته على “فيس بوك” قال فيه “في اليومين الأخيرين حققت قوات الجيش واللجان الشعبية تقدماً استراتيجياً في شرق وغرب مأرب، حيث أصبحت تسيطر بشكل مطلق على مسار أنبوب النفط من منبعه في صافر إلى ميناء التصدير في رأس عيسى بالحديدة”، الأمر الذي قد يعد مكسباً استراتيجياً دُرس وخُطط له بعناية فائقة ليتزامن مع المكسب الذي حققته صنعاء مؤخراً عبر مفاوضات السويد التي انتهت بتحييد الحديدة ومينائها الرئيسي والاستراتيجي وباقي الموانئ الأخرى القتال وسحب ورقة الحصار الاقتصادي للتحالف على الميناء ووارداته ورفع يد السعودية من تفتيش وعرقلة أي سفن إغاثية وتجارية وإيكال المهمة فقط للأمم المتحدة.

    الأشراف بمأرب قد تلحق قريباً بحلفاء أنصار الله

يبدو أن استمرار تأييد قبائل الجوف ومأرب لأ”أنصار الله” وسلطة صنعاء وتوالي الانقلابات على التحالف ومن معه لن يتوقف عند هذا الحد، وهو ما تشير إليه الأحداث الأخيرة التي شهدتها مأرب مؤخراً بين قوات الأمن المركزي المحسوبة على حزب الإصلاح وقبائل “الأشراف” وهي إحدى قبائل العمق في مأرب التي يبدو أنها ستلحق قريباً بباقي القبائل التي اصطفت مع سلطة صنعاء، حيث قتل المواطن عبدالله بن فريد بن حيدر على يد أحد أفراد نقطة أمنية بمحيط مدينة مأرب يتبع الأمن المركزي.
ووفقاً للتفاصيل فإن بن حيدر اشتبك مع أفراد النقطة بعد أن أطلق عليه أحد أفرادها النار أثناء إسعافه لزوجته وهو ما أدى لمقتله وإصابة ابنته وعلى إثر ذلك تداعت قبائل الأشراف لتشتبك مع قوات الأمن المركزي المحسوبة على الإصلاح وتُحرق طقمين عسكريين لـ”المركزي” لتنتهي الاشتباكات بوساطة قبلية تدخلت لوقف إطلاق النار الذي استمر لساعتين فجر اليوم الإثنين.
وفيما توقعت مصادر عودة التوتر في مأرب بين قبائل الأشراف والإصلاح في حال رفض سلطة مأرب تسليم القتلة، أفادت مصادر صحفية إن قيادة الأمن المركزي هددت قبائل الأشراف بـ”شن حرب مفتوحة على قبائل الأشراف”، واتهمتها بالعمل على “النيل من مأرب وأمنها وسلطتها”، وأشارت المصادر إلى أن قيادة الأمن المركزي وصفت قبائل الأشراف بـ”المتمردين الذين انخدعوا بانتصارات أنصار الله في صرواح لإقلاق السكينة العامة في المحافظة”، متهمة إياها بـ”التعاون مع أنصار الله”.

قد يعجبك ايضا