هل قدم الحوثيون تنازلاً بالحديدة لأجل هؤلاء؟ 500 مريض بالسرطان شهرياً
صنعاء – المساء برس| سلّطت وسائل إعلام صينية الضوء على الوضع الإنساني في اليمن خاصة فيما يتعلق بمرضى السرطان الذين زادت أعدادهم بشكل لافت خلال فترة الحرب التي شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات ودعم مباشر من واشنطن ضد اليمن منذ مارس 2015.
وزاد أعداد المصابين بمرض السرطان بسبب حالات السمية الشديدة التي يتعرض لها المواطنون جراء انبعاث الغازات السامة من القنابل التي يلقيها التحالف من الجو فوق المناطق الآهلة بالسكان خاصة المناطق الحدودية التي تمطرها طائرات التحالف يومياً بعشرات الغارات الجوية.
الحصار يمنع وصول الدواء
تنقل وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” عن محمد الضبيبي أحد مواطني مدينة عبس شمال غرب اليمن بمحافظة حجة قوله إن الحصار الذي يفرضه التحالف على اليمن يعيق وصول الأدوية اللازمة لعلاج ابنته خديجة البالغة من العمر خميس سنوات والتي تعاني من سرطان في بطنها.
وتصف الوكالة الصينية إن محمد كافح كثيراً حتى تمكن من إحضار ابنته إلى أحد مستشفيات العاصمة صنعاء الحكومية لعلاجها على أمل أن تعيش، مضيفة على لسانه إنه “صرف كل أمواله على العديد من الأدوية التي لا تتوفر لدى المستشفى الحكومي بسبب الحصار”.
خاص بـ”المساء برس”| كيف تسبب التحالف بانعدام أدوية الأمراض الخطيرة؟
وفقاً لمصادر خاصة لـ”المساء برس” فإن تجار الأدوية يلجأون لإدخال كميات قليلة من الأدوية الخاصة بمرض السرطان والأمراض الأخرى التي تكون قيمة أدويتها مرتفعة الثمن وأن هذه الأدوية تدخل بصعوبة إلى اليمن بسبب الحصار الذي تفرضه قوات التحالف على المنافذ البحرية.
وأشارت المصادر إلى أن العراقيل التي يختلقها التحالف لوصول الشحنات الدوائية التجارية تتسبب بارتفاع تكاليف نقلها ووصلها إلى اليمن عبر ميناء الحديدة الذي يعد الميناء الوحيد الاستراتيجي الذي تدخل عبره الكميات التجارية من الأدوية والأغذية والمشتقات النفطية لعموم اليمن.
ولفتت المصادر إلى أن أسباب انعدام أدوية الأمراض الخطيرة ومن ثم ارتفاع أسعارها بالقول “إن ارتفاع تكاليف النقل وتأمين السفن التجارية من المخاطر التي من المحتمل أن تقع فيها بسبب قصف التحالف وعملياته العسكرية على الحديدة تسببت برفع تكلفة تأمين هذه السفن وهو ما ينعكس على ارتفاع تكاليف الدواء وبالتالي يرتفع سعره ولا يعود المواطن قادراً على شرائه خاصة مع تدهور سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية بسبب السياسات التي اتخذها التحالف في الجانب الاقتصادي ضد اليمن والتي أراد منها الضغط على سلطات صنعاء وأنصار الله بينما في الحقيقة انعكست على المواطن اليمني ليس فقط في مناطق سيطرة سلطات صنعاء بل في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات التحالف جنوب اليمن والتي أثرت على المواطنين بشكل كبير جداً أكثر من المواطنين بمناطق سلطة صنعاء نظراً لانعدام الأمن وانتشار الجماعات المسلحة وغياب الدولة جنوب اليمن”.
صنعاء اتخذت قراراً هاماً لتخفيف معاناة مرضى السرطان بشكل كبير
مطلع ديسمبر الجاري حصل “المساء برس” على وثيقتين صادرتين من وزير الصحة في حكومة الإنقاذ في العاصمة صنعاء المحسوبة على جماعة أنصار الله “الحوثيين” وجهت فيها الوزارة جميع المستشفيات الحكومية ومدراء مكاتب الصحة في محافظات الجمهورية بالكامل بإجراء العمليات الجراحية الخاصة بأمراض الأورام الخبيثة وعلى رأسها السرطان بالمجان.
وحسب الوثيقة الموقعة من وزير الصحة الدكتور طه المتوكل فقد تم توجيه مكاتب الصحة ومستشفيات الجمهورية الحكومية لإجراء جميع العمليات المرتبطة بمرض الأورام السرطانية والممكن إجراؤها في اليمن بالمجان بما في ذلك الرقود بعد وقبل العمليات، وأشارت وثيقة التوجيه إلى أن “الوزارة تلقت مذكرة من رابطة مرضى السرطان يفيدون فيها بأن مرضى السرطان يمرون بظروف في غاية الخطورة في ظل العدوان والحصار ويحتاجون إلى تقديم المساعدة لهم وبالذات في مجال العمليات الجراحية والرقود”، وبناء على مذكرة الرابطة، وجه المتوكل “وعليه وعملاً بما تقتضيه المصلحة العامة يتم التوجيه بإجراء العمليات والرقود مجاناً لمرضى الأورام وبالتسيق مع الرابطة أو الجهات ذات العلاقة في ذلك”.
وترافق التوجيه الصادر من وزارة الصحة بصنعاء بوثيقة أخرى تتضمن قائمة بتوزيع العمليات الجراحية في مستشفيات العاصمة مع نوع الأورام التي ممكن إجراء العمليات لها في اليمن.
وخففت إجراءات صنعاء بشكل كبير من معاناة مرضى السرطان في اليمن لكنها لم توقفها بشكل كامل بسبب انعدام الدواء الذي تسبب فيه حصار التحالف الاقتصادي على اليمن، ويرى مراقبون إن معاناة الشعب اليمني جراء الحصار الاقتصادي دفع بسلطة صنعاء إلى تقديم تنازلات في المفاوضات الأخيرة التي جرت في العاصمة السويدية الأسبوع الماضي والتي انتهت بقبول وفد صنعاء بورقة تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث قضت بوقف القتال في الحديدة (المدينة والمحافظة) وانسحاب قوات الطرفين من المدينة والمحافظة وإعادة انتشارها حسب ما كانت عليه قبل رمضان الماضي وتوكيل مهمة حفظ الأمن وإدارة موانئ الحديدة للسلطة المحلية مع إشراك الأمم المتحدة كمراقب لتنفيذ الاتفاق ومراقب لما يصل إلى الميناء الاستراتيجي، وهو ما يعني تخفيف الحصار الاقتصادي كون عملية الرقابة والتفتيش ستتحول للأمم المتحدة ووقف عرقلة التحالف للسفن التجارية والإغاثية الواصلة إلى الحديدة.
“شينخوا” عن مسؤول بمركز الأورام السرطانية: 500 مريض بالسرطان شهرياً في اليمن.. السبب غارات التحالف السمّية
بالعودة إلى تقرير “شينخوا” وكالة الأنباء الصينية فإن “الحرب والحصار الشامل تسببا في نقص حاد في الأدوية والأغذية والوقود”، وتضيف الوكالة “ميناء الحديدة هو المنفذ الرئيسي لما يقرب من 80 في المائة من واردات اليمن من الأدوية والمواد الغذائية والوقود، فضلاً عن المساعدات”.
وتنقل عن والد الطفلة خديجة المصابة بالسرطان قوله “آمل أن تقوم الأمم المتحدة التي ترعى محادثات السلام بالضغط من أجل رفع الحصار وإعادة فتح مطار صنعاء من أجل تسهيل استيراد الأدوية وسفر المرضى للعلاج في الخارج”.
محمد المحفدي مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز الوطني للأورام بالعاصمة صنعاء، كشف إن معدل الإصابة بمرض السرطان في اليمن ارتفع ليصل إلى 500 حالة جديدة تصاب بالسرطان في كل شهر.
وقال المحفدي في تصريح لـ”شينخوا” إن المركز الوطني للأوراقم يستقبل ما يصل إلى 500 حالة جديدة مؤكدة كل شهر وأن عدد حالات الإصابة بالسرطان زاد منذ اندلاع الحرب في مارس 2015.
وأضاف المحفدي إن المركز الوطني للأورام في صنعاء هو المركز الوحيد لعلاج الأورام السرطانية في عموم المحافظات اليمنية، مضيفاً إنه “مركز مملوك للدولة ويوفر العلاج المجاني والأدوية لمرضى السرطان بالمجان”.
وأشار إلى أن المركز لا يتوفر لديه جميع الأدوية الخاصة بالأمراض السرطانية والأورام “ولذلك يجب على المرضى شراء العديد من الأدوية من الصيدليات الخاصة بالخارج وهي مكلفة للغاية”.
كما نقلت الوكالة عن رئيس جمعية مرضى السرطان محمد اليادي وهي جمعية غير حكومية قوله إن “الحرب والحصار تسببا في نقص حاد في الأدوية وجعلت من الصعب للغاية نقل هؤلاء المرضى في ظروف حرجة للعلاج بالخارج”.
ودعا اليادي وكالات المساعدات الإنسانية “إلى تقديم المزيد من المساعدات الطبية لمرضى السرطان”، داعياً الأمم المتحدة “للمساعدة في إعادة فتح مطار صنعاء الذي سيسهل سفر الأشخاص الذين هم في حالة صحية حرجة لتلقي العلاج”.
ونقل “المساء برس” عن مصدر مسؤول بوزارة الصحة في حكومة الإنقاذ بصنعاء إرجاءه السبب في زيادة أعداد مرضى السرطان إلى استخدام طيران التحالف السعودي الإماراتي أسلحة وذخائر سامة تؤثر فيما بعد على المدنيين المحيطين بالمناطق التي تتعرض للغارات الجوية وتتسبب بإصابتهم بالسرطان وكذا تشوهات الأجنة الخلقية.
أرقام رسمية من منظمة الصحة العالمية
أواخر أكتوبر الماضي حذرت منظمة الصحة العالمية من تصاعد معاناة 10 آلاف مريض بالسرطان من إجمالي 30 ألف شخص مصابون بالسرطان في اليمن، إذا ما استمرت الحرب التي تشنها السعودية والإمارات والتي ساهمت “في تراجع الموارد المالية المخصصة لعلاجهم”.
وقالت المنظمة في تغريدة بصفحتها على تويتر، ورصدها “المساء برس” في حينه، إن 10% من الـ30 ألف مريض بالسرطان هم من الأطفال وهم بحاجة للعلاج، محذرة من تضاعف معاناة 10 آلاف مريض بالسرطان في اليمن يوماً بعد آخر، وأن حجم التحديات الصحية جراء انقطاع الدواء عن المرضى يتفاقم وهو ما قد يتسبب في موت البعض منهم.