الملف اليمني يتحرك بشكل سريع دولياً.. أبرز المستجدات وموقف صنعاء
صنعاء – المساء برس| يشهد الملف اليمني على المستوى الدولي تطوراً نوعياً لم يسبق أن حدث منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف على الحرب التي تشنها دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات وبدعم أمريكي وبريطاني وتورط إسرائيلي كشفته صحف غربية.
هذا التطور تمثل في إعلان عدد من أبرز المسؤولين في الدول الغربية الكبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا مضيهم نحو عمل جاد لوقف الحرب في اليمن ودعوا السعودية والأطراف اليمنية إلى وقف القتال فوراً والاستعداد لمشاورات تتم خلال مدة لا تزيد عن 30 يوماً حسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين.
واشنطن كانت أبرز العواصم الغربية التي شهدت تغيراً نوعياً في موقفها بشأن الحرب في اليمن فبعد أيام من إعلان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن بلاده مستمرة في دعم السعودية في حربها باليمن، غيرت الخارجية الأمريكية أمس الثلاثاء موقفها معلنة دعوتها لوقف فوري للأعمال القتالية في اليمن لتتوالى بعدها المواقف الدولية من أكثر من جهة بالتزامن مع تصريحات من المبعوث الأممي تصب في نفس الشأن وترحب بدعوة واشنطن لوقف القتال والاتجاه نحو حل سياسي.
-
بيان للمبعوث الأممي مارتن غريفيث
المبعوث الأممي إلى اليمن أعلن قبل ساعات في بيان رسمي نُشر على صفحته بتويتر أنه سيعمل على عقد مفاوضات جديدة بين أطراف النزاع باليمن في غضون شهر، مرحباً بالدعوات الدولية الأخيرة لاستئناف العملية السياسية ووقف الأعمال العسكرية.
وأكد غريفيث أنه سيتعامل على وجه السرعة للتوصل إلى اتفاق يحدد “إطار المفاوضات السياسية وتدابير بناء الثقة خاصة تعزيز قدرات البنك المركزي اليمني وتبادل الأسرى وإعادة فتح مطار صنعاء”.
-
فرنسا تعلن: نقود جهوداً كبيرة مع الأمم المتحدة لوقف الحرب
من جانبها نقلت الصحافة الفرنسية عن وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي قولها إن “هناك تحركاً فرنسياً بالتعاون مع الأمم المتحدة لوقف الحرب في اليمن والتمهيد لحل سياسي نهائي يقود إلى إنهاء الأزمة الإنسانية التي لم نر لها مثيلاً”، مشددة على ضرورة انخراط جميع الأطراف السياسية في اليمن في المفاوضات التي ترتب لها الأمم المتحدة الشهر المقبل.
-
موقف واشنطن “مفاجئ وشبه متناقض”
في ساعات متأخرة مساء أمس الثلاثاء صدر بيان من وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت فيه تأكيد واشنطن ضرورة وقف الحرب في اليمن بسرعة وبدء مفاوضات الشهر المقبل بين أطراف الصراع.
وعلى لسان وزير الخارجية مايك بومبيو قالت واشنطن إنه “حان الوقت لوقف الأعمال القتالية في اليمن بما في ذلك الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ويجب أن تتوقف الضربات الجوية للتحالف في جميع المناطق المأهولة بالسكان في اليمن”، داعياً إلى أن تتم المفاوضات بين الأطراف اليمنية خلال نوفمبر المقبل.
بيان بومبيو جاء بعد ساعات من حديث لوزير الدفاع جيمس ماتيس، يتناقض مع ما أعلنه بومبيو من بعده حسب مراقبين، حيث قال ماتيس إن “على جميع الأطراف المنخرطة في الصراع باليمن أن تجلس إلى طاولة التفاوض خلال الثلاثين يوماً المقبلة على أن يكون التفاوض على أساس وقف إطلاق النار وانسحاب الحوثيين من الحدود ومن ثم توقف القصف الجوي”، وهو ما يشير إلى أن لوزارة الدفاع الأمريكية رؤية مزمنة لإنهاء الحرب في اليمن تبدأ أولاً بانسحاب قوات صنعاء من السعودية ووقف إطلاق النار في الجبهات الداخلية من كل طرف ومن بعد ذلك تتوقف السعودية والإمارات عن تنفيذ الغارات الجوية، الأمر الذي يراه مراقبون أنه من المستحيل أن يقبل به الحوثيون وحلفاءهم.
ورصد “المساء برس” ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن ماتيس من أن “السعودية والإمارات مستعدتان للانخراط في مسار التسوية السياسية في اليمن”، مشيرة إلى أن دعوة ماتيس إلى إنهاء الحرب في اليمن هذه المرة كانت قوية.
وبالعودة إلى بيان الخارجية الأمريكية أمس الثلاثاء، وفيما يبدو أنه اعتراف أمريكي بأن الحرب هي بين اليمن والسعودية قال بومبيو إن المشاورات التي ستكون تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة في نوفمبر القادم يجب أن تكون في بلد ثالث”.
وفي حديث لـ”المساء برس” اعتبر مصدر سياسي موالي لحكومة “الشرعية” وموجود خارج اليمن إن بيان بومبيو “تجاهل الإشارة إلى حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وشرعيته المعترف بها دولياً وصور الحرب في اليمن وكأنها بين الحوثيين والسعودية فقط”، ولفت المصدر إلى تخوّف “الشرعية” من تجاهل المجتمع الدولي لها من خلال تجاهل التمسك بأن يكون الحل في اليمن بناءً على المرجعيات الثلاث، مشيراً إلى أن “الدول الغربية لم تعد تذكر من قريب ولا من بعيد هذه المرجعيات كأساس للحل في اليمن بما في ذلك واشنطن”.
وفي تأكيد من واشنطن أن ما طرحه ماتيس في المنامة السبت الماضي حول التسوية في اليمن بات رؤية تحملها أمريكا للحل، قال بومبيو إن المشاورات “يجب أن تفضي لتدابير بناء الثقة لمعالجة القضايا الأساسية للصراع ونزع السلاح من الحدود وكي تصبح كل الأسلحة الكبيرة تحت المراقبة الدولية”، وهو حديث مشابه لما قاله ماتيس من أن السلاح الثقيل يجب نزعه من كل مكان في اليمن بما في ذلك الصواريخ الباليستية بالإضافة إلى نزع الأسلحة الثقيلة والصواريخ من الحدود والاكتفاء بالجمارك والشرطة فقط بدون وجود قوات عسكرية.
ترويج واشنطن لهذه الرؤية يبدو أنه سيكون محور المفاوضات المقبلة والتي يبدو أنها لن تكون مفاوضات جادة كون ما يطرحه الأمريكيون تعتبره صنعاء تدخلاً صارخاً في الشأن السيادي اليمني الذي لا يمكن له أن يحدث مهما كلف الثمن.
-
بريطانيا تعلن تأييد واشنطن
على لسان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي جاء إعلان بريطانيا تأييدها لـ”دعوة الولايات المتحدة إلى وقف التصعيد فى اليمن”.
وقالت “ماي” أمام البرلماني البريطاني اليوم الأربعاء: “بالتأكيد ندعم الدعوة الأمريكية لوقف التصعيد فى اليمن”، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد “لن يكون مؤثراً على الأرض إن لم يرتكز على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحاربة”.
-
دعوة المفوضية الأوروبية
بدورها أيضاً تجاوبت المفوضية الأوروبية مع تصريحات المسؤولين الأمريكيين، حيث دعت المفوضية لإنهاء الأزمة في اليمن ووضع حد لمعاناة المدنيين.
وأكدت متحدثة باسم المفوضية عن دعم جهود المبعوث الأممي، وقالت: “لقد اتسم موقفنا بالوضوح منذ البداية وعبرنا باستمرار عن دعمنا للمسلسل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، وهذا ما أعربنا عنه في تصريحاتنا وفي خلاصات قمة المجلس الأوروبي”، مذكرة بأن هناك “12 مليون شخص يواجهون مجاعة رهيبة في اليمن والحل الوحيد لإنهاء هذا الوضع هو وقف الحرب والعمل على المسار السياسي”.
-
موقف صنعاء: بيان لوزارة الخارجية
عبر وزارة الخارجية بحكومة الإنقاذ جاء بيان صادر عن الوزير هشام شرف بالترحيب بالبيان الصادر عن مبعوث الأمم المتحدة غريفيث، ودعا حكومات الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن والتي صرح كبار مسؤوليها بضرورة وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية السلمية “لاتخاذ خطوات وإجراءات عملية وفورية لوضع تلك الدعوات موضع التنفيذ، وليس إبقاءها مجرد تصريحات تحاول من خلالها تلك الدول إسقاط واجب نحو المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني بعد حوالي أربع سنوات من المعاناة وقف حيالها العالم موقف المتفرج”.
وطالب شرف في بيانه أن تنعكس دعوات الدول الكبرى لوقف الحرب في اليمن إلى قرار ملزم يتم إصداره من مجلس الأمن ينص على “وقف العمليات العسكرية ورفع الحظر الجوي وفي المقدمة مطار صنعاء”، مؤكداً أن حكومته كانت ولا زالت تمد يد السلام “سلام الشجعان الذي يخدم الشعب اليمني وسيادته وأمنه واستقراره”.
وفيما يتعلق بالسيادة في اليمن، كان شرف قد صرح يوم أمس الثلاثاء تعليقاً على ما قاله جيمس ماتيس السبت الماضي بخصوص نزع السلاح الثقيل والانسحاب من الحدود وفكرة الحكم الذاتي، علق شرف بالقول إن تصريحات ماتيس هي “تصريحات تخصه هو”.
وأشار في تصريح لقناة “المسيرة” الناطقة باسم أنصار الله، إن اليمن “بلد ذو سيادة ولسنا ممن يعطى له الأوامر ولن نقبل بانتقاص سيادة البلد”، لافتاً إلى أن “اليمنيين يدافعون عن بلدهم ولا يقبلون بما يضر سيادتهم وملف الصواريخ يخص اليمن وتأمينه، ولم نعتدِ على أحد قبل العدوان وتصريح ماتيس في قضية سياسية يؤكد أن واشنطن تنظر لليمن من جانب عسكري”.
وتجدر الإشارة إلى أن اختيار وزارة دفاع صنعاء ليوم السبت الماضي للكشف عن إنتاج صاروخ باليستي ذكي، رسالة رد قوية على ما طرحه وزير الدفاع الأمريكي في المنامة، بل إنها توعدت في اليوم ذاته عبر بيان رسمي “بالكشف عن منظومات صاروخية أخرى قريباً”.
-
السويد تعلن استضافتها مفاوضات اليمن المقبلة
في إطار كل هذه المستجدات أعلنت وزيرة خارجية السويد مارغوت فالستروم اليوم الأربعاء أن بلادها مستعدة لاستضافة محادثات الأطراف المتنازعة في اليمن.
وقالت الوزيرة لوكالة الأنباء السويدية “TT”، إن الأمم المتحدة طلبت “ما إذا كان باستطاعتنا تقديم مكان يجمع فيه مبعوث الأمم المتحدة (مارتين غريفيث) كافة أطراف الصراع اليمني”، مضيفة أن السويد ستكون “سعيدة بذلك”، وأضافت: “لقد دعمنا دائماً المبعوث الأممي سواء في الأمم المتحدة أو في الاتحاد الأوروبي”.
-
هل حقاً تريد أمريكا وقف الحرب في اليمن
يرى مراقبون أن تحرك أمريكا المفاجئ عبر المواقف والتصريحات المعلنة بشأن الحرب في اليمن هي مجرد مهدئات تسعى من خلالها إلى سحب الأنظار الدولية المتركزة على حليفتها السعودية بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي بطريقة مريعة في اسطنبول.
وحسب المراقبين فإنه من المرجح جداً أن تكون المشاورات بين الأطراف السياسية في نوفمبر غير مجدية وقد لا تنتهي إلى أي اتفاق لأن واشنطن يبدو أن لديها رؤية جاهزة وهذه الرؤية غير منطقية ولا يمكن القبول بها مطلقاً وبالتالي فإن فترة المفاوضات التي قد تستمر أكثر من شهر سيتم تسليط الضوء عليها فيما يتم تناسي قضية جمال خاشقجي وبالتالي تنتهي المفاوضات بدون حل جذري بعد أن يكون العالم قد نسي قضية خاشقجي ويعود كل شيء كما كان.