تقرير.. كيف تعاطى الحوثيون مع زيارة نتنياهو لسلطنة عُمان؟
تقرير ـ المساء برس| لم يصدر أي موقف رسمي من جماعة أنصار الله “الحوثيين” على الزيارة التي قام بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان، وهي الدولة الخليجية الوحيدة شبه المتحالفة والمتعاطفة مع سلطات صنعاء، وهو ما يدعو للتساؤل: هل يخجل الحوثيون من الرد بشكل رسمي على العمانيين أو التعليق على انخراطهم أكثر في التطبيع مع إسرائيل؟.
في هذا السياق قال مصدر قيادي في أنصار الله، رفض كشف هويته، إن المواقف المعلنة من قيادات الجماعة هي تعبير واضح عن موقف أنصار الله من الزيارة.
واعتبر المصدر الذي تحدث لـ”المساء برس” إن المواقف المعلنة من قيادات أنصار الله خصوصاً السياسيين منهم كحمزة الحوثي ومحمد البخيتي ومحمد علي الحوثي وحسين العزي نائب وزير الخارجية “هي مواقف تمثل وجهة نظر أنصار الله كونها صادرة من القيادات السياسية للحركة”، مضيفاً إن أنصار الله عبروا عن موقفهم – إلى جانب ما أعلنه القياديون في الحركة – بما تم نشره في صحيفة “المسيرة” من موقف “رافض ومدين لاستقبال السلطان قابوس بن سعيد لرئيس وزراء إسرائيل في السلطنة”، وهو الموقف الذي نشرته الصحيفة على لسانها، الأمر الذي عدّه المصدر أنه “موقف رسمي صادر عن الجماعة كون الصحيفة الناطقة باسم أنصار الله تبنته ونشرته” حسب وصفه.
صحيح أن المتحدث باسم أنصار الله محمد عبدالسلام لم يعد مقيماً في مسقط، حيث كان يستغل تواجده خارج اليمن للتحرك على المستوى الخارجي والتواصل مع جهات إقليمية ودولية بتنسيق مع وزارة خارجية حكومة الإنقاذ بصنعاء، وصحيح أن معظم قيادات أنصار الله البارزين خصوصاً منهم في المكتب السياسي للجماعة علقوا بالرفض والاستنكار وإدانة ما أقدمت عليه عُمان وسلطانها قابوس بن سعيد مؤخراً إلا أن الشارع اليمني يرى بأن ذلك لا يكفي طالما وأن هذه المواقف والردود لم تصدر من الحوثيين بشكل رسمي، فيما يتساءل عدد من السياسيين النخبويين في اليمن عن ردة فعل زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي من هذه الزيارة وهل سيتطرق ويعلق عليها في أي خطاب مستقبلي له كما فعل من قبل رداً على تطبيع دول خليجية أخرى كالسعودية والإمارات مع إسرائيل؟، هي تساؤلات تبقى الإجابة عليها مرهونة بقادم الأيام.
-
التحالف يستغل الحدث
في إطار الحرب الإعلامية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات ضد جماعة أنصار الله بهدف ضرب الحاضنة الشعبية لهم في مناطق سيطرتهم التي تأوي 70% من سكان الجمهورية اليمنية، يبدو أنه – أي التحالف – استغل زيارة نتنياهو لعمان لتوجيه “الذباب الإلكتروني” لشن هجوم على أنصار الله من باب أن الجماعة التي ترفع شعار محاربة إسرائيل، متحالفة مع عُمان التي تنخرط هي الأخرى في التطبيع مع إسرائيل والحديث بشكل مكثف عن “ما الذي سيقوله الحوثيون أو يفعلونه تجاه عمان حليفتهم التي تطبع مع إسرائيل؟”، بل إن الأمر تجاوز ذلك ليتجهوا نحو نشر شائعات تقول إن القياديين في أنصار الله واللذين كانا مقيمين في مسقط محمد عبدالسلام وعبدالملك العجري التقيا برئيس الوزراء الإسرائيلي، وهي الشائعات التي دفعت بالعجري إلى نشر صورة تجمعه بعبدالسلام في الساحة الحمراء أمام مبنى الكرملين في العاصمة الروسية موسكو، والتي دحضت شائعات وجودهما أصلاً في عمان، كما تجدر الإشارة هنا إلى أن عبدالسلام والعجري كانا قد اجتمعا قبل 3 أيام، أي قبل يوم من زيارة نتنياهو لمسقط، اجتمعا في موسكو بنائب وزير الخارجية الروسي في زيارة رسمية رتبت لها كلاً من وزارة خارجية صنعاء ووزارة خارجية موسكو.
-
ردود قيادات أنصار الله الفردية
-
محمد علي الحوثي – تغريدة بصفحته على تويتر
زيارة رئيس وزراء كيان الاحتلال لعمان مدانه والهدف منها عزل عمان من أي لعب لدور إيجابي في المستقبل مع حلفائها وأصدقائها وكان الأحرى بها أن تأخذ العبرة من دول طبعت وخسرت في الأخير شعبها أولا والأمة بكلها ثانيا فالشعب العماني المفعم بالعروبة موقفه معروف “رفض التطبيع”
-
حمزة الحوثي – تغريدة بتويتر
أمتنا الإسلامية والمنطقة مقبلة على تصعيد أكبر يراد له أن يفضي إلى معركة كبرى ومصيرية بين شعوب الأمة من جهة، واليهود ونفيرهم ومنافقيهم المسلمين(وإن اختلفت أشكالهم وتباينت أدوارهم)من جهة أخرى، وماموقف مسقط المخزي مؤخرا تجاه الاحتلال الصهيوني إلا خطوة في مسار التحضير المتسارع لذلك.
-
حسين العزي – نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ وقيادي بأنصار الله
1- موقفنا من العدوالإسرائيلي واضح وضوح الشمس في رابعةالنهار وقدكناومازلناوسنبقى نتمنى أن يكون هذا الموقف هوموقف كل العرب والمسلمين وكل العالم إلا أننا مع ذلك لانفرض موقفنا على أحد ولانتدخل في شؤون أحد ولانوجه عدائنا لغيرإسرائيل هي فقط عدونا وأما ماسواها فنسالم من سالم ونقاتل من قاتل.
2- عدونا إسرائيل ومن يقاتلنا نيابة عن إسرائيل فقط. ونقطة على السطر.
-
سليم المغلس – عضو المكتب السياسي لأنصار الله – مقال مطول وشديد اللهجة
عنوان “وصمة عار يختم بها قابوس بن سعيد حياته”
“… ابى قابوس بن سعيد الا ان يكتب صفحة سوداء في تاريخه مسيئا لنفسه ومسيئا لشعب عمان الحر الابي وحضارته الضاربة في عمق التاريخ (…) بان يقبل هذا الدور المخجل ليتصدر ويبدأ بتدشين هذا التطبيع ويتقدم بمثل هذه الخطوة التي خجل منها بقية الانظمة العميلة واضعا في حساباته انه سيكون اقل العملاء حظا في ردود الفعل الغاضبة من قبل الشعوب العربية والاسلامية لما يحظى من سمعة طيبة وعلاقات متزنة مع الجميع خصوصا محور المقاومة ليتجرأ في الاقدام على هذا الجرم وبتلك الوقاحة التي ظهر بها والتي اختارها لنفسه ليخط خطا يبدأ به ويسبق به اخوانه من العملاء ومن ثم تتوالى اللقاءات العلنية لبقية الانظمة العميلة (…) الا يعلم ان في اليمن شعبا لا يلين ولا يساوم على قيمه ومبادئه وقضاياه فلا احد في هذا الكون سيمنعه من التعبير عن موقفه المبدأي والثابت جراء هذا السقوط المدوي والمخزي كوصمة عار يختم به عمره وحياته هو اختارها لنفسه وعليه ان يتحمل تبعات ذلك اما نحن لم نكن نود له ان يقع في هذه الخاتمة المشينة والسيئة”.
-
محمد عايش يعلق ومحمد البخيتي يرد عليه
رئيس تحرير صحيفة الأولى محمد عايش والمقيم خارج اليمن كتب معلقاً على الحدث أن الزيارة كانت انتصار إسرائيلي آخر على العرب، مضيفاً إن الضربة بشكل أساسي موجهة إلى محور المقاومة الذي لطالما اعتبر السلطنة قريبة منه،وأضاف “ولاندري ما الذي سيقوله المحور عن عمان بعد اليوم، أما الحوثيون فسيصمتون، فمسقط بالنسبة إليه رئة وحيدة يتنفسون عبرها منذ بداية الحرب”.
محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لأنصار الله، رد على ما كتبه عايش بمنشور على صفحته في الفيس بوك قائلاً: “نعم، نتفق معك في أن زيارة نتنياهو لسلطنة عمان انتصار إسرائيلي آخر على العرب، ونحن ندين كل الخطوات التطبيعية للحكومات العربية والإسلامية تجاه إسرائيل، وهذا هو موقفنا الثابت والمبدئي الذي لم ولن يتغير، وهذه هي حدوده”، مضيفاً “ولكي لا تختلط عليك الأمور ولا على غيرك دعني ألفت عنياتكم الى قاعدتين أساسيتين تحكمان علاقتنا مع الغير:
القاعدة الأولى تقول، أن علاقتنا مع اي حكومة لا يعني بالضرورة رضانا عن كل مواقفها ولا تحمل مسؤليتها والعكس صحيح. وبالتالي فإن زيارة نتنياهو لعمان يعبر عن إرادة حكومتها وليس إرادتنا، كما أن عداءنا لأمريكا وإسرائيل يعبر عن إرادتنا وليس إرادة حكومة عمان.
القاعدة الثانية تقول، أن عداءنا لأمريكا أو لإسرائيل لا ينسحب على كل من يقيم علاقة دبلوماسية مع أيا منها”.
وقال البخيتي “إذا كنا لا نشترط على المكونات السياسية اليمنية التي تقاتل في صف العدوان قطع علاقتها مع دول العدوان فكيف تريدنا أن نشترط ذلك على الدول الأجنبية ذات السيادة خصوصاً دولة عمان التي تقف ضد العدوان الأمريكي على اليمن، وبالتالي لا ينتظر منا احد المبادرة إلى قطع العلاقة مع سلطنة عمان أو الإساءة لها أو نسيان موقفها المشرف المناهض للعدوان وسعيها الصادق والنبيل لتحقيق السلام بين اليمنيين، مع احتفاظنا بحق إدانة اي خطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من قبل أي حكومة عربية حتى وإن كانت سلطنة عمان، لأن ذلك لا يخدم إلا أعداء الأمة”.
-
العلاقة بين عمان وإسرائيل ليست جديدة
يرى مراقبون ومهتمون بالصراع العربي الصهيوني أن زيارة نتنياهو لسلطنة عمان لم تكن مفاجئة إذ أن هذا هو اللقاء الخامس الرسمي بين مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين عمانيين ولمسؤولين إسرائيليين إلى عُمان، ففي عام 1994 زار رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عمان واستقبله السلطان قابوس، وفي العام التالي زار وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي القدس المحتلة لحضور جنازة “رابين” والتقى شمعون بيريز رئيس حكومة إسرائيل حينها، وفي العام التالي 96م تم الاتفاق بين عمان وإسرائيل لفتح مكاتب تمثيل تجاري بين البلدين في كل من مسقط وتل أبيب، هذه المكاتب توقفت عام 2000 بعد تجميد عمان لعلاقاتها بإسرائيل تضامناً مع الانتفاضة الفلسطينية، وفي عام 2008 التقى وزير الخارجية العماني بن علوي بوزير خارجية إسرائيل تسيبي ليفني في العاصمة القطرية الدوحة، وفي العام 2016 زار وفد عماني رسمي إسرائيل للمشاركة في جنازة شمعون بيرز، وأخيراً في 26 اكتوبر هذا العام يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسقط ويستقبله بحفاوة سلطان عمان.
وحسب المراقبين أيضاً فإن مسقط ورغم هدوئها وابتعادها عن الأضواء والنأي بنفسها في التأثير في كثير من الملفات بالشرق الأوسط، إلا أنها تعتبر دولة الوساطات، حيث لعبت أدواراً كبيرة في التوسط بين النزاعات في المنطقة، آخر أدوار عمان تمثل في التوسط بين طهران وواشنطن والهندسة للاتفاق الإيراني النووي الذي تم توقيعه في عهد الرئيس السابق بارك أوباما، وهناك ملفات أخرى توسطت عمان لحلها ونجحت في ذلك بين دول إقليمية في المنطقة غير أنها لا تعلن عن ذلك في معظم الأحيان.
-
مفاجأة غير متوقعة لكنها لا زالت شائعة “المؤتمريون ينخرطون في التطبيع”
المفاجأة في ما حدث في عمان مؤخراً لم تكن في زيارة نتنياهو واستقبال قيادة عمان له، بل في اتجاه المؤتمريين المتواجدين خارج اليمن والذين خرجوا من اليمن بعد مقتل الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وأصبحوا من الموالين للتحالف ولكن بشكل غير معلن، نحو التطبيع مع إسرائيل، وعلى الرغم من انتشار تفاصيل اللقاء بين قيادات المؤتمر ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه لم يعلق أي قيادي مؤتمري ممن وردت أسماؤهم أنهم كانوا ضمن الوفد الذي التقى بكوهين على تلك المعلومات سواء بالنفي أو التأكيد.
وكان الناشط الجنوبي جمال سالم الصبيحي قد كشف إنه تأكد من المعلومات المسربة عن لقاء قيادات مؤتمرية برئيس الموساد في عمان، وقال في صفحته على الفيس بوك إنه اتصل بمدير مكتب الدكتور القربي، عادل العوامي، وقال إن العوامي وهو مقيم مع القربي في عمان أكد له “صحة خبر اللقاء مع رئيس جهاز الموساد”، وأضاف الصبيحي: “وكما أكد حضور قيادات من حزب المؤتمر بالخارج الشيخ كهلان ابوشوارب والاستاذ صالح ابو عوجا والشيخ يحيى دويد والدكتور محمد سالم بن حفيظ”.
ولعل ما يُرجح صحة المعلومات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي هو كتبه الكاتب الصحفي والمقيم منذ سنوات في الولايات المتحدة وتربطه علاقات بجهاز الاستخبارات الأمريكي وكان على اطلاع كبير بخفايا وأسرار نظام علي عبدالله صالح وعبدربه منصور هادي، منير الماوري، حيث غرّد الماوري في صفحته الشخصية بتويتر قائلاً: “نتنياهو لم يؤذي اليمن كما أذاها محمد بن سلمان. إسرائيل لم تقصف اليمن كما قصفتها السعودية. لهذا يشرفني أن أزور إسرائيل ولن أزور السعودية مادام آل سعود يحكمونها”.