تصعيد خطير في الجنوب الانتقالي يدعو للسيطرة على المؤسسات
عدن – المساء برس| دعا المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات اليوم الأربعاء إلى انتفاضة جنوبية في وجه حكومة المنفى “الشرعية” والسيطرة على المؤسسات الحكومية بما فيها الإيرادية وطرد مسؤوليها مؤكداً أنهم اليوم أمام مفترق طرق مع “الشرعية”.
وأعلن بيان صادر عن المجلس، حصل “المساء برس” على نسخة منه، عن أن “محافظات الجنوب كافة باتت مناطق منكوبة نتيجة للسياسات الكارثة التي تنتهجها ما تسمى بالشرعية وحكومتها، كما نعلن أننا في حل عن أي التزام يربطنا بهما، ونؤكد لأبناء شعبنا الصابر في كل محافظات الجنوب على دعمنا لانتفاضة شعبية تزيل كل هذا العناء”.
ودعا الانتقالي مناصريه إلى السيطرة الشعبية على كل المؤسسات الإيرادية “التي تقوم عصابات الفساد بنهبها، وطرد مسؤوليها الفاسدين بكافة الوسائل السلمية”.
وشدد البيان على مناصري المجلس الانتقالي أن “تكون الانتفاضة سلمية وأن يحافظوا على الممتلكات العامة والخاصة ويمنعوا المندسين الذين سيسعون إلى إثارة الفوضى والتخريب”، لافتاً إلى أنه “يجد نفسه اليوم أمام مفترق طرق، فإما أن نشق طريقنا نحو مستقبل حر ونعيش بكرامة على أرضنا، أو نرتضي لشعبنا الرضوخ لمن لم يكونوا يوماً أمناء وحافظين للأمانة، وأذاقوه سقم العيش وويلات الفقر والجوع والمرض، منذ تحرير الجنوب وعاصمته عدن وهم يتباهون بتعذيبه وتجويعه وشن حرب الخدمات عليه، في محاولة بائسة من اجل إنهاكه وإذلاله وتركيعه”.
وفي إشارة إلى احتمال تفجر الموقف عسكرياً بين مسلحي الانتقالي ومن تبقى من قوات “الشرعية” في قصر معاشيق وألوية الحماية الرئاسية، دعا الانتقالي من وصفهم بـ”قوات المقاومة الجنوبية الباسلة”، إلى الاستنفار والجاهزية “استعداداً لمواجهة مثيري العبث والإفساد لحماية شعبنا في انتفاضلته المشروعة حتى تحقيق كامل أهدافه المتمثلة في طرد حكومة العبث وتمكين أبناء شعبنا من إدارة محافظاتهم، والاستفادة من عائدات ثرواتهم وإيراداتهم وبناء مؤسساتهم المدنية والعسكرية والأمنية”.
كما دعا الانتقالي القطاعات العسكرية والأمنية التابعة لـ”الشرعية” إلى “الوقوف مع خيارات شعبنا والانتصار لأمنه وكرامته وسيادته”، كما دعا أيضاً قيادات السلطة المحلية في المحافظات الجنوبية إلى “تحديد موقف واضح من الانتفاضة”، داعياً دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات إلى “اتخاذ مواقف مساندة لانتفاضة شعبنا والتداعي إلى اتخاذ الإجراءات العملية التي تساعد على إنهاء الحرب وتأمين حل عادل يضمن أمن واستقرار وسلامة الشعبين الشقيقين في الشمال والجنوب”، بالإضافة إلى “تجميد أرصدة الفاسدين الهاربين إلى أراضيها”، كونها أموال الشعب ولا يملكون أي حق فيها، حسب البيان.
وتجدر الإشارة إلى أن المحافظات الجنوبية خاضعة فعلياً لسيطرة الجماعات المسلحة التي شكلتها الإمارات بعد سيطرتها على مدينة عدن منتصف 2015 ولم يعد لحكومة هادي أي تواجد فعلي على الأرض، كما تتحكم الإمارات بالقوة العسكرية الإماراتية بالمنافذ البرية والبحرية والموانئ والمطارات الجنوبية وتمنع إعادة تشغيلها وتستخدم عدداً منها كقواعد عسكرية ومقار لقياداتها العسكرية الميدانية المتواجدة في اليمن.
وكانت مصادر رفيعة في عدن قد كشفت في وقت سابق اليوم الأربعاء عن تحركات إماراتية لتجييش غضب الشارع الجنوبي ضد التحالف والحكومة الموالية للرياض “الشرعية” على خلفية تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، لتنفيذ انقلاب ناعم ضد حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي.
وقالت المصادر لـ”المساء برس” إن أبوظبي وعبر قيادة قواتها المتواجدة في عدن ضخت أموالاً هائلة لكل من طارق محمد عبدالله صالح وذياب محسن بن معيلي لشراء ولاءات القيادات المؤتمرية في الجنوب وتعز ومحافظتي الجوف ومأرب في وقت واحد للدفع بتحريك الشارع ضد حكومة هادي على وقع الاحتجاجات المتصاعدة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار سعر العملة الوطنية والتدهور الأمني في مناطق سيطرة التحالف والشرعية.
كما أكدت المصادر إن السعودية تعمل جنباً إلى جنب مع الإمارات لتنفيذ هذا المخطط، عبر الدفع بتأزيم الوضع الاقتصادي في اليمن ككل حيث يتحكم البنك الأهلي السعودي بإيرادات اليمن كما تفرض السعودية حصاراً اقتصادياً قوياً على اليمن وتتعمد عرقلة وصول الحوالات المالية بالعملة الصعبة القادمة من خارج اليمن عبر المغتربين كما أنها تتحكم بإيرادات البترول المصدرة والتي تم استئناف تصديرها مؤخراً بشكل غير معلن عبر شركات أجنبية جزء منها تتبع الملكية الإماراتية.
وقالت المصادر إن زيادة الحصار الاقتصادي من قبل السعودية هدفه إيصال الشارع اليمني وخاصة في المحافظات الجنوبية إلى حالة سخط بالتزامن مع توجيه الإمارات لهذا السخط ضد حكومة المنفى “الشرعية” وتحميلها مسؤولية الوضع المنهار.
وأضافت المصادر إن التحالف يهدف إلى خلق وضع جديد في المحافظات الجنوبية يهدف إلى فرض حكومة جديدة لـ”الشرعية” تتوافق مع التوجهات الإماراتية والسعودية، مشيرة إلى أن التوافق بين السعودية والإمارات على من يتولى قيادة الأمور في الجنوب تحت قيادة الرياض وأبوظبي هي القيادات المؤتمرية المنشقة عن مؤتمر صنعاء عبر العميد طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق علي صالح وعبر الوزير السابق في حكومة الإنقاذ بصنعاء ذياب محسن بن معيلي والذي تم إقالته بعد هروبه إلى مأرب وتأييده للتحالف.
وأشارت المصادر إلى أن ذياب بن معيلي مهمته كسب ولاءات القبائل في الجوف ومأرب لصالح الرياض وأبوظبي والتخلي عن هادي وحزب الإصلاح، مؤكدة في الوقت ذاته أن أبوظبي قدمت مبالغ مالية كبيرة لتسهيل مهمة بن معيلي، وتجدر الإشارة إلى أن بن معيلي كان قد التقى في أغسطس الماضي طارق صالح في معسكره بالمخا جنوب غرب اليمن.
كما كشف مصدر استخباري في صنعاء أن التحركات في المحافظات الجنوبية خطيرة وتهدف إلى خلق قيادة سياسية يمنية جديدة تمرر كل الأهداف التي يسعى من أجلها التحالف بقيادة السعودية والإمارات وأبرزها تمرير أنبوب النفط السعودي عبر المهرة والتحكم بكميات البترول والغاز المصدرة وعبر أي شركات يتم تصديرها بالإضافة إلى انتزاع القرار السيادي على جزيرتي ميون وسقطرى والتحكم بالممر الدولي عبر باب المندب وتحويل الموانئ والمطارات في الجنوب للعمل تحت إدارة موانئ دبي.
المصدر الاستخباري في صنعاء أكد في تصريح خاص لـ”المساء برس” أن المعلومات الواردة بخصوص ما يحدث في المحافظات الجنوبية تؤكد أن وزير الداخلية في حكومة المنفى أحمد الميسري يعمل ضمن مخطط التحالف، مشيراً إلى أنه وحسب ما ورد فإن “الرجل موعود بمنصب رئيس الحكومة” نظراً لحالة التوافق التي تمت بينه وبين أبوظبي بعد زيارته إليها والتي أتت بعد تصريحاته لقناة أمريكية والتي كشف فيها عدم قدرته على الدخول والخروج من اليمن أو زيارة السجون في المحافظات الجنوبية إلا بتوجيهات وموافقة من الإماراتيين في اليمن.