تقرير بالتفاصيل الدقيقة عن نموذج الدولة التي تريد الشرعية إعادتها لصنعاء
المساء برس – تقرير: محمد عارف| تحولت مدينة تعز لمدينة أشباح يسكنها الموت، فلا يكاد يمر يوم إلا وهناك جرائم قتل وإعدامات وسلب ونهب، تتزامن تلك الجرائم مع خلافات عاصفة بين فصائل التحالف ، هذه الخلافات التي وصلت حد التصفيات والإعدامات ، لم تقتصر الجرائم على مناطق محددة بل تحولت المدينة كلها لساحة مفتوحة ” لكن أبشع تلك الجرائم الإعدامات والتصفيات الميدانية التي تمارسها فصائل التحالف” والتي بدأت تظهر على السطح خلال الفترة الماضية بشكل كبير ، كاشفة ما يحدث في المدينة من جرائم ..
“ساحة إعدام”
مع دخول الحرب الى مدينة تعز شهدت المدينة أساليب مختلفة للقتل مارستها فصائل التحالف ومن هذه الممارسات الإعدامات والتي كانت تتم في الشوارع واماكن أخرى منها “عبارات المياة ” وكانت سائلة عصيفرة أول ساحة إعدام في المدينة وذلك بسبب مكانها المهجور ” بمثابة نفق تحت الأرض مغطاه بالأعلى بشباك من الحديد عدا أماكن مفتوحة تخلل النفق من السطح ” وتقع السائلة تحت سيطرة فصائل الإصلاح ، لكنها خلال السنتين الماضتين كانت تتخذها القاعدة وفصائل متطرفة أخرى للإعدام ، حيث أعدمت المئات من المواطنين وأيضا الأسرى المحسوبين على الحوثي.
“سبب اختيار السائلة”
اتخذت ”فصائل التحالف “من هذه السائلة مكان للإعدام كونها مكان مهجور وتحت الأرض، ما يجعل من تنفيذ واخفاء الجريمة أمر سهل ،وهذا السبب لاختيارها مكان لممارسة القتل ، بحسب مصادر موثوقة .المصادر قالت بأن الفصائل يأتي بالضحية إلى أعلى النفق ويتم إطلاق الرصاص عليهم والرمى بهم إلى الأسفل ” قاع السائلة “، وهكذا يتم الاعدام والاخفاء في وقت واحد، مع تزايد عمليات الإعدامات تكدست الجثث في السائلة لفترات طويلة كونهم لا يرفعون الجثث، حتى تعفنت الجثث وفاحت رائحتها وهو ما بعث الرعب في الساكنين الذين غادروا المنطقة ، وأيضا تصاعد الأصوات المعارضة لهذه الأعمال ، توقفت الإعدامات في السائلة قبل عام من الآن، لكن الإعدامات لم تتوقف لكنها أصبحت تمارس بأشكال وأماكن جديدة.
“خلافات الفصائل”
مع تصاعد الخلافات بين الفصائل وتقسيم المدينة إلى مربعات يتحكم بها مليشيات تتبع تلك الفصائل ، تزايدت عمليات الإعدامات لكن هذه المرة كانت تتم بشكل سري، وتتم أخفاء الجثث في أماكن مجهولة، لكن لم يستطيع أحد أن يتكلم بهذه الجرائم، أما لاعتبارات سياسية أو خوفا من أن يلقى نفس المصير وهكذا ظلت تلك الجرائم حبيسة الكتمان حتى يوم الثلاثاء الماضي من العام الجاري حينما عثر سكان محليون في مدينة على ست جثث عليها اثار تعذيب وضعت في حوش أحد المدارس شرقي المدينة، بحسب مصادر محلية ”ان مواطنون عثروا على أربع جثث في حوش مدرسة روضة الاقصى جوار الاستخبارات بحي الجمهوري وعليها أثار تعذيب، مشيرة بان الجثث كانت منتفخة ومتفسخة و انها ليست قديمة ، وأضافت المصادر ” تم العثور على جثتين بالقرب من مدرسة الروضة.
هذه الحادثة كشفت الكثير من المستور حول الجرائم التي تمارسها الفصائل، وبحسب مصادر موثوقة فأن فصيل القاعدة الذي بات يسيطر على مواقع كثيرة في المدينة” أكثر الفصائل التي مارس الإعدامات والتصفيات ” وأضافت استخدمت القاعدة القتل والتعذيب بطريقة سرية، وبعد ذلك تقوم بدفن الجثث في أماكن وأحواش في مناطق سيطرتهم.
وبحسب المصادر فأن الفصائل تستخدم مقبرة وادي المدام الواقعة اسفل مدرسة ثانوية تعز الكبرى للدفن وإحفاء الجثث التي تم تصفيتها، مؤكدة أن هناك المئات من الجثث تم دفنها خاصة خلال الأشهر الماضية.
“حي الجمهوري والجهة الشرقية”
حي الجمهوري “الواقع في الطريق المؤدية الى جبل صبر، وقلعة القاهرة، أبرز معالم المدينة” بات مرتعا للمتطرفين، الذين تحولوا في ليلة وضحاها إلى قادة ميدانيين يقاتلون مع التحالف، هذا الحي وبحسب المصادر أصبح المكان المخصص للإعدامات والقتل بعد توقف سائلة عصيفرة، وأضافت المصادر بأن الفصائل المسيطرة على الحي وهي خليط “من كتائب أبو العباس والقاعدة وداعش” قامت بإعدام المئات من المواطنيين والأسرى وأيضا جنود محسوبين على فصائل أخرى، مشيرة أن عملية الإعدام كانت تتم بطريقة سرية، ليتم بعدها دفن الجثث في أحواش المكاتب الحكومية المتواجدة هناك، او احواش المدارس و المنازل، وأكدت المصادر “أن معظم المنازل والمؤسسات الحكومية في الجهة الشرقية من المدينة دُفنت داخل أسوارها جثث مجهولة خلال فترة الحرب”، وأن المؤسسات والمكاتب الحكومية التي تم خلع البلاط منها حينما تم تسليمها قبل شهر من قبل تلك الفصائل، ليس من فراغ “لكن هناك عشرات الجثث تم إخفاءها في تلك المكاتب وتحت البلاط حتى لا يعرفها الناس”، وأشارت المصادر يجب على الجميع ان يعرف حقيقة ما يحدث في مدينة تعز التي حولتها تلك الفصائل إلى مدينة أشباح حد قوله.
“المعسكرات والسجون السرية”
تمتلك كافة الفصائل في مدينة تعز لسجون سرية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، تمارس بها أبشع أنواع الجرائم، وبحسب مصادر عسكرية داخل المدينة “فأن الإصلاح يمتلك سجون سرية في مناطق سيطرته خصوصا في عصيفرة، التي اتخذ الإصلاح من العشرات المنازل سجونا خاصة، يعتقل فيها من يريد في منطقته”، وأضافت المصادر “فصائل الإصلاح تقوم بتصفية العشرات من الأسرى في السجون وتم دفنهم في أماكن سرية في نفس المنطقة، وذلك خوفا من ظهور تلك الجرائم للناس وأضافت المصادر “ليست السجون السرية وحدها من يتم فيها عمليات التصفيات، لكن المعسكرات أيضا تعد أحد الأماكن التي تستخدمها الفصائل للتصفية وأخفاء الجثث في مقابر داخل المعسكرات.
تبادل الاتهامات بين الفصائل.
تتبادل الفصائل الاتهامات حول جرائم التصفيات والإعدامات، حيث يتهم الإصلاح كتائب أبو العباس بقتل وتصفية جنود محسوبين عليه، من جهته يعتبر أبو العباس ان الإصلاح يستغل حادثة الجثث سياسياً، وبعد الحديث عن العثور عن الجثث في حوش مدرسة الأقصى ومبنى الاستخبارات، قام مسلحون يتبعون الفصائل بنقل الجثث ودفنها في مقبرة وادي المدام الواقعة وسط المدينة بالقرب من مدرستي ناصر والثورة وهو ما شكلت لأجله لجنة حكومية من قبل المحافظ انتقلت إلى المقبرة المذكورة وتم استخراج الجثث الخمسة التي وجد منها اثنتان منزوعة الرأس.
في المقابل يتهم السلفيون، الإصلاح، بتصفية العديد من افراده في سائلة عصيفرة الواقعة تحت سيطرة الإصلاح، وأكدت المصادر نفسها “بأنه تم العثور على جثة عليها اثار تعذيب ورصاص في الرأس مرمية في سائلة عصيفرة قبل أيام”.
تبادل الاتهامات التي أصبحت علانية وعلى القنوات يكشف النذر القليل من تلك الجرائم البشعة التي ارتكبتها فصائل التحالف في مدينة تعز طيلة ثلاث سنوات من الحرب.
“المستشفيات مكان للتصفية”
وصل مسلسل التصفيات والإعدامات التي تقوم بها الفصائل إلى التصفيات داخل المستشفيات فلا تكاد تمر أيام إلا ونسمع عن قيام فصيل ما باقتحام أحد المستشفيات داخل المدينة، وقيامه بتصفية أحد الجرحى ، ويعد مستشفى الثورة أكثر المستشفيات التي تعرض للاقتحام من الفصائل، وبحسب المصادر ذاتها “فإن الإصلاح قام بصفية العشرات من المحسوبين على فصيل أبو العباس في مستشفى الثورة وغيرها من المستشفيات خلال الفترة الماضية ، مضيفاً: “في السابق تم تصفية العديد من أسرى (الحوثيين) داخل المستشفيات”.