“تقرير ميداني” المواطنون يتهمون هؤلاء باستثمار أزمة الغاز واستمرارها
المساء برس – استطلاع ميداني| تتضارب الأنباء في الشارع اليمني بشأن سبب استمرار أزمة الغاز المفاجأة والتي صعّدت من معانة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشحّ الموارد الأساسية بفعل الحصار الذي يفرضه التحالف الذي تقوده السعودية على معظم منافذ البلاد.
وفي أول ظهور لهذه الأزمة شهدت أمانة العاصمة انتشاراً غير مسبوق لشباب وأطفال ونساء في محطات الغاز ماكثين لأيام من أجل دبة الغاز فيما يؤكد بعض المواطنين أنهم يمكثون لأيام طويلة أمام المحطات إلا أن مالكي هذه المحطات يقومون بالتلاعب وإخفاء كميات كبيرة من الغاز لكي يبيعونها بسعر مرتفع لأصحاب المطاعم وغيرهم.
وفي نزول ميداني لمراسل “المساء برس” إلى بعض المحطات في العاصمة صنعاء كشف المواطنون أسباباً عدة لاستمرار أزمة الغاز المنزلي، والتي رغم انخفاضها قليلاً خلال الأيام القليلة الماضية بعد دخول كميات كبيرة من مادة الغاز للعاصمة والمحافظات الأخرى إلا أن الطوابير أمام محطات التعبئة تناقصت قليلاً لكنها لم تنتهِ تماماً بفعل استغلال البعض للأزمة للاستفادة الشخصية.
“المواطنون سوق سوداء”
يقول المواطن أديب وهو ماكثا لثلاثة أيام أمام إحدى المحطات إن بعض المواطنين ينتقلون من محطة إلى أخرى، ويضيف “بعد أن يكملوا تعبئة الغاز من محطة ينتقلون إلى محطة أخرى لبيع الغاز في السوق السوداء”، مشيراً إلى أن كل مواطن يُسمح له بتعبئة دبة واحدة فقط.
ويتابع أديب “المفروض أن كل عاقل حارة يقوم بتوزيع دبات الغاز إلى المنازل لكي نحل الأزمة نهائياً لأن هناك بعض المواطنين يشكلون زحمة أمام المحطات من أجل بيع الدبة الغاز بعد تعبئتها في السوق السوداء بسعر مرتفع يتجاوز 7000 آلاف ريال”.
أما المواطن عصام فأشار إلى أنه يعرف أحد المواطنين يظل أمام المحطة لأيام لتعبئة دبة الغاز ومن ثم يقوم ببيعها في السوق السوداء ومن ثم ينتقل إلى محطة أخرى وهكذا”، لافتاً إلى انه “يمكث في أحد المحطات لأربعة أيام وكل يوم يقولون إن الغاز سيأتي ولكن بلا فائدة”.
ويرى المواطن عيسى الشرعبي أن سبب افتعال أزمة الغاز هو المواطن وأضاف: “السبب في افتعال الأزمة هو المواطن وذلك نتيجة قلقه وخوفه من انقطاع الغاز بالرغم من أن شركة الغاز أصدرت بياناً بأن الكميات كبيرة ومتوفرة”، ويؤكد عيسى أنه واثق من أن الأزمة ستنتهي قريباً “خلال الأيام القادمة وذلك بعد أن يطمئن المواطن إن الغاز متوفر وبكميات كبيرة تكفي لأشهر حسب بيان الشركة”.
“مالكو المحطات وعقّال الحارات سبب استمرار الأزمة”
50% ممن جرى استطلاع آلائهم يرون أن لعقال الحارات ومالكي المحطات دور كبير في التسبب باستمرار الأزمة، حيث يرى المواطن أسامة إن “أزمة الغاز تعد مشكلة كبيرة وتسبب معانة للمواطن من حيث الجلوس أمام المحطة لأيام ولا يتم التعبئة”، مشيرا إلى أن السبب في أزمة الغاز “قلق المواطن والازدحام في المحطة والطوابير الكبيرة بالإضافة إلى تلاعب أصحاب المحطة وعقال الحواري الذين يقومون بتقديم الكثير من أسطوانات الغاز أمام الكثير من المطوبرين ويقومون بتعبئة أولاً لبيعها بأسعار مرتفعة”، متسائلاً: لماذا ينقطع الغاز فجأة بالرغم من تصريحات شركة النفط بوجود كميات كبيرة في المحطات.
ومن جهة أخرى يقول الشاب عبدالله أن “أزمة الغاز أرعبت كثيراً من المواطنين حيث اقبلوا إلى جميع المحطات فيما البعض قد مكث في المحطات لأربعة أيام متتالية، مشيرا إلى أن مالكي المحطات يتلاعبون ويماطلون في تعبئة الغاز.
وأضاف الشاب عبدالله قائلاً: “بداية الأزمة ذهبت إلى إحدى المحطات ثم غادرتها بسبب تلاعب مالك المحطة وإخفائه كميات الغاز كي يبيعها في السوق السوداء ثم ذهبت إلى محطة أخرى وبقيت فيها ثلاثة أيام رغم مماطلة صاحب المحطة في تعبئة الغاز من يوم إلى آخر بشكل متعمّد”.
ويتحدث الشاب نواف “أقل فترة أمكث فيها عند محطة الغاز هي ثلاثة أيام لكي أعبئ الأنبوبة من أجل طهي الطعام وحين وصلت أمام المحطة قام المالك بتقديم مجموعة من الأنابيب التي لم يكن مالكوها مطوبرين معنا وقام بتعبئتها قبل كل المطوبرين”، وأشار نواف: “عقال الحواري يقولون إنهم سيصرفون لكل منزل دبة غاز ولكن وللأسف لم يتم صرف شيء كلها أكاذيب”.
من جانبه أوجز المواطن عبدالله محمد قائلاً “كل السبب في افتعال الأزمة طمع وجشع التجار يريدون الثراء الفاحش على حساب المواطن المسكين لأن الغاز متواجد وبمكيات كبيرة”، موضحاً أن هناك أدوات للعدوان يريدون افتعال الأزمة لضرب المواطن البسيط وخنقه في عيشه “فكثير من تجار الغاز والبترول هم مازالوا من أدوات العدوان” حسب تعبيره.
وأضاف عبدالله قائلاً “أنا متواجد في المحطة من قبل يومين ولم اعبئ شيء والسبب في ذلك أصحاب المحطة يقومون بإخفاء كميات من الغاز من أجل بيعها بأسعار مرتفعة لأصحاب المطاعم وغيرهم”.
وتقول الحاجة “أم محمد” إن “أزمة الغاز تتسبب بإعاقة وشلل كامل للحياة اليومية كما تسبب في تصاعد أسعار الوجبات الخفيفة والمواصلات حيث يضطر المواطن أن يشتري حتى لا يموت جوعاً مع أن محطات الغاز مليئة لكن أصحاب المحطات يلعبون بأعصاب المواطن البسيط”.
واعتبر المواطن علي المتوكل إن أزمة الغاز المنزلي كارثة كبيرة، وأضاف “إذا لم تُحل المشكلة فسنثور أمام كل متلاعب ومتسبب في معانة المواطنين”.
الشاب أحمد يضيف لـ”المساء برس” إن أزمة الغاز تعود لأسباب منها تلاعب التجار الذين يريدون الضغط على الحكومة للسماح برفع الأسعار إلى 5 آلاف أو 6 آلاف ريال، وهذا واضح، حسب قوله، مشيراً إلى أن “بعض العاملين في المحطات يقومون بإخفاء بعض الكميات حسب رغبة التجار المالكين بهدف الربح الزائد”.
“نحن نريد استمرار الأزمة”
تبين من خلال النزول الميداني أن الأزمة أصبحت مصدراً للكسب غير الشرعي بشكل ملتوي تتجه أصابع الاتهام فيه إلى عقال الحارات الذين يستخدمون مجموعات من الشباب كمطوبرين أمام المحطات بكميات من أنابيب الغاز مقابل بعض الأموال.
أحد الشباب الذين أجرى “المساء برس” استطلاعاً معهم قال بكل وضوح أنه يتمنى استمرار الأزمة لأنه يتكسب منها كل يوم مبالغ مالية لقاء اصطفافه أمام المحطة ومعه أنبوبة أو أنبوبتي غاز يقوم بتعبئتها ثم تسليمها لشخص آخر يتصرف بها في السوق السوداء، وقال “س ع” في حديثه “نخزن ونصترف ونطوبر للغاز يومية وهكذا حسب الله واحنا فاضيين بدون عمل”، غير أن لم يجب على سؤال الموقع: لمن تقوم بتعبئة الغاز ومن يملك الأنبوبة وكم تتقاضى عن كل يوم، إلا بالقول “تخزينة يومياً و1000 قرش بعد التعبئة”، لكن مواطنين آخرين قالوا إن بعض المطوبرين مدفوعين من قبل عقال الحارات الذين يقومون بتجميع بعض الشباب والدفع بهم للمحطات لتعبئة أنابيب لا نعرف من أين يحضرها عقال الحارات ولا أين يقومون ببيعها مرة أخرى، وهؤلاء يتسببون بازدحام المحطات وإعاقة الأهالي عن الحصول على الغاز بشكل أسرع.
“الأزمة جعلتنا نبحث عن بدائل”
الأزمة الأخيرة في الغاز كشفت أن الشعب اليمني لا يمكن أن يُعجزه شيء على الإطلاق، هذا ما كشفته أزمة الغاز التي دفعت بالعشرات من الشباب والموهوبين للبحث عن بدائل للغاز ومحاولة ابتكار اختراعات تقوم بعمل الغاز، وسرعان ما انتشرت الأخبار عن قيام فلان بصنع بديل للغاز باستخدام البترول وآخر باستخدام الفحم وبطارية ومروحة وثالث ورابع… وهكذا، وساعد ذلك إقبال المواطنين على شراء هذه المنتجات البدائية والبسيطة وغير المكلفة واليوم يعمل هؤلاء المبتكرون على تطوير اختراعاتهم كي تكون بشكل فعّال وموفر أكثر، كما أنهم بدأوا بالإنتاج اليومي من هذه الاختراعات وبيعها في الأسواق.
أحد هذه الاختراعات كان يستخدم فيه الهواء وكمية قليلة جداً من البترول لدرجة أن أقل من 250 مل من البترول تكفي لتوليد الغاز وإشعال النار لمدة 7 أيام.
واختراع آخر تم فيه استخدام مادة حمض الخليك “الخل” والنشا والماء وقشرة البرتقال وتم بها توليد الغاز، اختراع آخر استخدمت فيه مخلفات الحيوانات لتوليد الغاز، وهو نظام أصبح يُعمل به في بعض الدول الغربية كبدائل لإنتاج الغاز والطاقة النظيفة وتدوير المخلفات.
وينتظر هؤلاء المبتكرون توجه حكومة الإنقاذ لمساعدتهم والأخذ بيدهم لتطوير ابتكاراتهم كي تكون مشاريع بديلة لإنتاج الطاقة بأقل التكاليف.