المؤشرات الأولية لتورّط الإمارات باغتيال العلامة الحبيب بن سميط
المساء برس – تقرير خاص: يحيى الشرفي| لم يعد هناك من مجال للشك في أن الإمارات العربية المتحدة تقف خلف عملية اغتيال العلامة الحبيب عيدروس بن سميط في مديرية تريم بمحافظة حضرموت قبل عدة أيام، وهي أول حادثة اغتيال تطال أحد أبرز علماء الصوفية في اليمن وفي معقلهم بتريم.
إذ كشف القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات أحمد سعيد بن بريك وهو محافظ حضرموت السابق عن من يقف خلف عملية الاغتيال، ببيان لم يكن بيان تعزية لأسرة الشهيد بن سميط بقدر ما كان إعلان موقف ومرحلة جديدة، إعلان يراه مراقبون أنه يأتي برغبات إماراتية على لسان جنوبيين متحالفين.
وصحيح أن البيان أشار بأصابع الاتهام إلى القوات العسكرية التابعة لما يعرف بسلطة “الشرعية” التابعة لهادي، إلا أن البيان ككل يكشف عن الجهة الحقيقية التي تقف خلف عملية الاغتيال التي لم يعد هناك من مجال للشك في أنها كانت الخطوة الأولى لتنفيذ مخطط الإمارات باستكمال السيطرة العسكرية على كامل الجغرافيا بمحافظة حضرموت، والذي لن يحدث إلا بالتخلص من القوة العسكرية الأبرز في المحافظة والمتمثلة بالمنطقة العسكرية الأولى ومعسكراتها المتوزعة على المحافظة، كي تحل محلها قوات النخبة الحضرمية التي فتحت الباب مؤخراً لعمليات تجنيد جديدة لشباب من حضرموت تم اختيارهم بعناية ممن تمكن حلفاء الإمارات من كسب ولائهم لأبوظبي تحت غطاء الولاء للمجلس الانتقالي الجنوبي، هذه عمليات التجنيد الجديدة هي من ستتولى زمام الأمور العسكرية في أكثر من منطقة في حضرموت بدل القوات الموالية لحكومة هادي والإصلاح، ولعل الهدف القادم لهذه القوات سيكون منفذ الوديعة الذي تتجه الإمارات عبر النخبة الحضرمية للسيطرة عليه بعد تمكنها من إصدار قرار بإبعاد العميد هاشم الأحمر الموالي للواء علي محسن الأحمر من الوديعة وتعيينه قائداً للمنطقة العسكرية السادسة وترقيته لرتبة لواء.
ولتوضيح ما حدث بشكل أكثر يجدر بالقارئ ربط الأحداث التي سبقت عملية الاغتيال ببعضها البعض في محافظة حضرموت، هذه الأحداث التي بدأت في يناير الماضي بقيام عناصر من تنظيم القاعدة الذي يتخذ من وادي المسيني غرب المكلا منطقة معزولة كأكبر مقر له في حضرموت بعد إخراجه باتفاق غير معلن مع القوات الإماراتية من المكلا في مايو 2016، بقصف أحد المواقع العسكرية التابعة لـ”لواء بارشيد” وبث صور لعملية القصف ونشرها على الإنترنت.
بعدها بأكثر من شهر أعلن التحالف، “القوات الإماراتية” تحديداً، بتنفيذ ما وصفها بعملية “الفيصل” التي زعم أنها تهدف لتطهير وادي المسيني والمناطق المجاورة له من تنظيم القاعدة.
في تقرير سابق لـ”المساء برس” وتقارير أخرى نشرتها مواقع إخبارية عربية، تم الكشف عن وجود نشاط لتنظيم القاعدة في وادي المسيني، تمثل بتحركات غريبة للتنظيم، وتبين لاحقاً أن هذه التحركات كانت عبارة عن انسحاب التنظيم من وادي المسيني ونقل كميات السلاح التي تم الاستيلاء عليها عام 2015 من معسكرات الجيش اليمني وجرى تخزينها بالوادي طوال الفترة الماضية، وانتهى الأمر بعد هذا الانسحاب غير المعلن بتنفيذ ما يمكن وصفها بـ”مسرحية المواجهة بين التنظيم والنخبة الحضرمية والقوات الإماراتية في وادي المسيني” والتي انتهت بسيطرة النخبة على تلك المناطق.
ومرة أخرى كشفت مصادر قبلية في حضرموت لـ”المساء برس” عن إنشاء معسكرات سرّية لتنظيم القاعدة، بعض عناصر التنظيم جرى نقلهم من مناطق وسط اليمن، وتحديداً من شبوة، إلى هذه المعسكرات التي تم اختيار مواقعها بعناية كي تكون بعيدة عن أنظار السكان المحليين من بادية حضرموت من ناحية، وتكون قريبة من المناطق الحدودية، وكشفت المصادر أيضاً أن التحركات تقف خلفها شخصيات قبلية شمال حضرموت تعمل في مجال التهريب ولها علاقة مباشرة بعناصر تابعة للاستخبارات الإماراتية وتتلقى توجيهاتها وأموال أنشطتها عبر مخابرات أبوظبي، لافتة أن الأنشطة تتمثل في نقل عناصر القاعدة إلى المعسكرات الجديدة التي تم إنشاؤها في الصحراء الشمالية الشرقية لحضرموت بشكل لا يلفت انتباه السكان المحليين بالإضافة إلى نقل المؤن الغذائية بشكل يومي لهذه المعسكرات.
بعد عملية وادي المسيني تم تنفيذ عملية عسكرية في وادي الذهب وهي مناطق غنية بالمعادن أبرزها الذهب، ويُقال إن التنظيم كان يسيطر عليها لكونها مناطق غنية بالذهب فعلاً.
وبعد سيطرة النخبة الحضرمية الموالية للإمارات على المناطق التي كان يتواجد فيها التنظيم وانسحب منها طواعية ودون قتال، حسب معلومات حصل عليها “المساء برس” من مصادر عسكرية شاركت في عمليات السيطرة، وقعت حادثة اغتيال الشهيد الحبيب عيدروس بن سميط في مدينة تريم معقل الصوفية في اليمن، وبعدها أعلن تنظيم داعش الإرهابي تبنيه للعملية.
عقب ذلك صدر بيان عن القيادي الجنوبي الموالي للإمارات ورئيس الجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي احمد سعيد بن بريك، بدا وكأنه بيان تعزية لأسرة الشهيد بن سميط، إلا أن البيان حسب ما ورد فيه حمل دلالات واضحة تكشف وقوف الإمارات بشكل مباشر عبر أدواتها في الداخل بالوقوف خلف حادثة الاغتيال تمهيداً لما هو قادم.
بن بريك كشف في بيانه عن “اتخاذ قرار باستكمال السيطرة على وادي حضرموت بما فيه عاصمته سيئون”، مستغلاً ما وصفها بحالة الانفلات التي تشهدها المناطق التي تسيطر عليها قوات المنطقة العسكرية الأولى التي لا تزال محسوبة في ولائها لهادي وحكومته، والتي اتهمها بن بريك في بيانه علناً بوقوفها خلف حادثة الاغتيال واصفاً إياها بالأجهزة الفاشلة، وأنها لا تؤتمن على حفظ أمن واستقرار وادي حضرموت وحماية أهله، ومحرضاً في الوقت ذاته أنه سبق وأثبتت بعض الوقائع تورط عدد من عناصرها في عمليات التخريب والتدمير والتصفية.
كما قال بن بريك في بيانه إن “الحاجة اليوم أصبحت ملحّة أكثر من أي وقت مضى كي يستلم زمام الأمور العسكرية والأمنية أبناء حضرموت الوادي والصحراء الذين هم أقدر على حماية أرضهم وعرضهم وتحقيق الأمن والإستقرار”، وهي إشارة واضحة يقصد بها استلام زمام الأمور العسكرية للنخبة الحضرمية الموالية للإمارات.
ولكي يعطي بن بريك إشارة البدء ويؤكد أن الضوء الأخضر من قبل الإمارات قد صدر لبدء التنفيذ، قال “إن الجمعية الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ندعم تلك الخطوة وبقوة من خلال اتصالاتنا وتحركاتنا التي نجريها مع الأخوة في التحالف العربي وكافة الشركاء”.
مما سبق بات جلياً أن الإمارات تمضي في مخططها دون مواربة أو توقف وما إن تنفذ جزئية حتى تنتقل إلى الأخرى بعد أن تستكمل الإعداد اللازم والمسبق وتوجه وسائلها الإعلامية لذلك، وورقتها التي تستخدمها ليل نهار هي “محاربة تنظيم القاعدة” الذي تقوم أجهزتها الاستخبارية بتوجيهه كيفما تشاء ساعة بالسيطرة على مناطق وأخرى بالانسحاب منها لتحل محلها نخبة حضرموت المدعومة من أبوظبي.