توكل تقلب الطاولة على قيادة الإصلاح وتسحب القاعدة الشعبية لصفها
المساء برس – تقرير خاص| قالت الناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام ” توكل كرمان ” إن السعودية والإمارات ارتكبتا جرائم إبادة بحق الشعب اليمني وأنهما استغلتا ما وصفته “الانقلاب ” على الشرعية بصنعاء لمزاولة ” الاحتلال والنفوذ ” على اليمن ، جاء ذلك خلال كلمة ألقتها يوم أمس في القمة العالمية ببريطانيا.
هذا الموقف أغضب حزبها ” التجمع اليمني للإصلاح ” وجعله يخرج بتصريح لرئيس الحزب محمد اليدومي يتبرأ فيه من كرمان، جاء ذلك في تصريح نقلته صحيفة “الشرق الأوسط السعودية” عن اليدومي قوله “هذه المرأة لا تمثل الإصلاح لا من قريب ولا من بعيد، فالمملكة فى مواقفها وتضحياتها من أجل اليمن واضحة لكل ذي عينين، ولا ينكرها إلا جاحد أو لئيم”.
بعد ذلك أصدرت الأمانة العامة للحزب بياناً أعلنت فيه تبرأها من توكل كرمان وأن مواقفها لا تمثل حزب الإصلاح ولا قيادته، وهو موقف رسمي يتم إعلانه لأول مرة منذ بدء توكل مهاجمة التحالف عقب الأزمة الخليجية.
هذا الموقف عده مراقبون أنه أعلن تحت الضغط السعودي بالنظر إلى أن قيادات الحزب تقيم في السعودية ومن بينهم من لا يستطيع المغادرة لفرض السعوديين ما يشبه الإقامة الجبرية عليهم.
وكانت كرمان قد شنت حملة ضد التحالف خلال الأيام الماضية، خصوصاً بعد أحداث عدن الأخيرة حيث وصفت لأول مرة دور التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بـ”العدوان السعودي الإماراتي”.
كيف برز نجم توكل؟
كانت توكل كرمان أبرز من أيد الحرب التي تقودها السعودية والإمارات على اليمن، وسخرت وسائلها الإعلامية وبعض أنشطتها الحقوقية لخدمة التحالف، لكن مع بداية الأزمة الخليجية، بدأت كرمان بانتقاد السعودية والإمارات حتى وصلت بوصف تحالفهم بـ”الإحتلال”.
حصلت كرمان على جائزة نوبل للسلام عام 2011 حيث ذاع صيتها في تلك الفترة بسبب مشاركتها في الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت في يناير وفبراير من نفس العام ضد نظام صالح، وبسبب عمل توكل في المجال الحقوقي والصحفي فقد كانت هي الشخصية البارزة إلى جانب البرلماني أحمد سيف حاشد، وآخرين من السياسيين والصحفيين المؤثرين في الرأي العام، لكن شهرتها زادت حين عملت وسائل إعلام حزب الإصلاح على تلميعها أكثر من غيرها ما أكسبها حضوراً وشهرة في الداخل والخارج.
بعد تنازل الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن منصب رئيس الجمهورية بمبادرة رعتها دول الخليج أوعز حزب الإصلاح إلى توكل بنسج علاقات جديدة للحزب مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار المكانة الحقوقية والسياسية التي أصبحت تمثلها توكل كرمان بالنسبة لليمن والعالم بنيلها جائزة نوبل للسلام.
مثّل حصول توكل على “نوبل للسلام” سبباً لنقلها نقلة نوعية واحتفل اليمنيون جميعهم “معارضة ونظام” في 2011 بحصول توكل على الجائزة لكونها أول امرأة عربية وأول يمنية تحصل على هذه الجائزة.
كانت علاقة توكل برئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي جيدة جداً لكنها بدأت تتأثر بعد تحول مواقف توكل مؤخراً تجاه دول التحالف وانتقادها للسعودية والإمارات بسبب ما ترتكبه الدولتان من مجازر ضد اليمنيين المدنيين، وقد أكسبها ذلك تعاطفاً كبيراً في الداخل اليمني الذي بدأ يرحب بمواقفها الأخيرة لاصطفافها إلى جانب الشعب اليمني.
لكن مواقف توكل الجديدة تجاه التحالف بقدر ما أكسبتها تعاطفاً شعبياً بقدر ما أفقدتها أيضاً ترتيباً تنظيمياً قيادياً في الحزب الذي بدأت قياداته تهاجمها وتعلن براءة الحزب من مواقفها تجاه التحالف، آخرها ما كتبه اليدومي وأشرنا إليه أعلاه، والبيان الصادر اليوم عن الأمانة العامة للحزب بتجميد عضويتها.
الإصلاح.. مواقف بالإكراه
بالإضافة إلى بيان الأمانة العامة للإصلاح الذي أعلن البراءة من توكل ومواقفها وتجميد عضويتها، هناك اليوم من يعتبر أن مواقف قيادة الحزب المتواجدين في السعودية ليست مواقف حقيقية وأنها تأتي بضغوط سعودية بحكم إقامتهم داخل الرياض وجدة وعدم قدرتهم على المغادرة والعودة إلى اليمن، خاصة بعد أن بات المشروع الإماراتي الهادف إلى التخلص من دور الإصلاح السياسي والعسكري واضحاً ومكشوفاً.
وفي وقت سابق كشفت مصادر صحفية يمنية أن السعودية تفرض الإقامة الجبرية على محمد اليدومي وأنها سحبت جوازه أيضاً، وحصل “المساء برس” على معلومات خاصة تفيد بنقل اليدومي إلى المستشفى بعد تدهور صحتة منذ أن وضعته السعودية تحت الإقامة الجبرية قبل عدة أيام.
أحمد الزرقة وهو المدير التنفيذي لقناة بلقيس التي تملكها توكل كرمان وتبث من تركيا، علّق على ما كتبه اليدومي ضد توكل، بكشف حقيقة الوضع الذي يعيشه الرجل داخل السعودية، وكتب الزرقة قائلاً: “كامل التضامن مع العقيد محمد اليدومي الواقع تحت الإقامة الجبرية في الرياض”.
مواقف توكل تسحب نخب وقواعد الحزب إلى صفها
تمثّل اليوم توكل كرمان رقماً مهماً في حزب الإصلاح بالنظر إلى حجم التأثير الذي قد تتركه في قواعد الحزب لدرجة يمكن القول معها أن كرمان تستطيع أن تؤثر في غالبية قواعد الحزب وقيادات الصف الثاني والثالث أكثر من تأثير الحزب نفسه والذي تخضع معظم قياداته اليوم للإقامة الجبرية في الرياض.
ليست توكل من غيرت مواقفها تجاه السعودية والإمارات، فهناك العديد من الصحفيين والناشطين الذين بدأوا بانتقاد التحالف السعودي برغم أنهم كانوا أبرز المؤيدين له، تصاعدت هذه الأصوات بعد الأزمة الخليجية الأخيرة، وبحسب مراقبين فإن هذه المواقف والتصريحات “ليست حقيقة وليست صادقه”، وإنها فقط مواقف تخدم الدول الداعمة لهم، ويستاءل البعض “أين كانوا هولاء منذ ثلاث سنوات والسعودية تدمر كل شيء في البلد والإمارات تنهب الجزر والمواني؟ فهؤلاء الناشطين والصحفيين هم من سهلوا وسمحوا واعطوا السعودية والإمارات الغطاء الشعبي والإعلامي للقيام بكل تلك الجرائم” حسب قولهم.
وعلق المحلل السياسي عبدالوهاب الشرفي حول موقف كرمان “أنها موقفها منطلق من حماية مصالح جماعتها ، وكتب الشرفي في صفحته على الفيس بوك تعلقيا على منشور كتبه توكل قالت فيه ” عجزك يا هادي وجنبك افقدك شرعيتك ، وختمته بهشتاغ ” العدوان السعودي الإمريكي ” ليكتب الشرفي بوست قال فيه “عجزه وجبنه افقده شرعيته !!، واستدعائه ” العدوان ” وعدم ادانة مقتل عشرات الالاف المدنيين وتدمر البلد بالكامل لم يفقده شرعيته ، هذا هو الفرق بين موقفنا ومواقفكم ، انتم تنطلقون من حماية مصالح جماعاتكم ونحن ننطلق من حماية البلد والمواطنين اولا وقبل كل شيئ.
مواقف كرمان من جماعة “أنصار الله”
منذ بداية الحرب التي شنها التحالف على اليمن ظلت مواقف توكل تجاه سلطات صنعاء معارضة ومهاجمة بقوة ومتمسكة بوصف ما حدث في 2014 بالانقلاب على شرعية هادي، لكن بعد تكشّف المخطط الإماراتي ضد الإصلاح واليمن حاولت كرمان استغلال تجاوزات دول التحالف لإعادة طرح وجهة نظر جديدة نحو جماعة أنصار الله، حيث اعتبرت أكثر من مرة أن سكوت “الشرعية” عما تمارسه الإمارات بموافقة سعودية في اليمن بالنسبة للموانئ والجزر يعتبر خيانة للدماء التي سالت على مدى 3 سنوات، وأن “الحوثيين” أثبتوا أنهم يقاتلون على وطن وأنهم انتصروا في هذه الحرب، بل ودعت ضمنياً إلى ضرورة توحيد صفوف “مأرب وصنعاء” ضد الاحتلال الإماراتي للمحافظات الجنوبية، والتصدي لمشروع تفتيت اليمن وتدميره.
في هذه النقطة.. مواقف كرمان انعكست على غالبية قواعد الحزب في الداخل، وبدأت الأصوات تتعالى لضرورة التخلي عن التحالف وإيقافه عند حده والاتجاه نحو القوى في الداخل والبحث عن حلول سياسية سلمية معها على رأسها جماعة أنصار الله على اعتبار أن الهدف الرئيسي هو الحفاظ على اليمن من المشروع الغربي الذي يسعى لتقسيم اليمن وتدميره وإغراقه في الفوضى اللامتناهية.