عدن.. انفجار الموقف وانقسامات المواقف “تقرير شامل”
المساء برس – تقرير خاص – محمد عارف| انفجر الوضع في محافظة عدن جنوبي البلاد بين المجلس الإنتقالي التابع للإمارات وهادي وحكومته هذا الانفجار جاء بعد ايام من الغليان شهدها المدينة , تطور اليوم الأحد إلى إشتباكات عنيفة شهدتها اغلب مديريات المحافظة .
التهدئة قبل الإنفجار .
قبل ثلاث إيام تصاعد التوتر إلى مستويات مرتفعة بين الجانبيين هذا التوتر جعل التحالف يلعب دور الباحث عن التهدئة وحاول ان يظهر كأنه شوكة ميزان , تارة يرجح الكفة للإنتقالي وتارة لهادي وظهر ذلك في بيانه الصادر ليلة أمس والذي حذر فيه من انزلاق الأمو إلى مربع العنف لكنه في المقابل اعتبر خطوات الأنتقالي مطالب شعبية حقيقة هدفها اصلاح الإختلالات في الحكومة ، لكنه في المقابل اصدرت الرياض بيانا تصف خطوات الإنتقالي بالإنقلاب على شرعية هادي ، لم يكتف التحالف بإصدار بيانات ضبابية حتى قامت قيادة قوات التحالف يوم أمس السبت بلإلتقاء بقادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك بعد ساعات من لقاء مماثل بين التحالف وبن دغر في القصر الرئاسي في المعاشيق ,بحث في القاءيين سبل التهدئة , لكن هذا لم يحدث ، فحدث ما كان الجميع يحذر منه .
انفجار الوضع
قبل أنفجار الموقف استيقظ سكان المحافظة على شوارع مقطوعة ومدرعات واطقم عسكرية تملاء المدينة تطور المشهد إلى مواجهات عنيفة بين قوات الإنتقالي التابع للإمارات وقوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي ، هذه الإشتباكات اندلعت في أغلب مديريات المحافظة ، حيث تركزت في محيط اللواء الثالث حماية رئاسية بجبل حديد حيث تعرض المعكسر للقصف بالدبابات وقذايف الهاون وايضا في مديرية دار سعد في محيط اللواء الرابع حماية رئاسية وفي جولة الكراع الرابطة بين محافظة عدن ولحج شمال المديرية وامتدت الاشتباكات إلى خور مكسر والمنصورة وجولة كالتكس وإلى الطريق البحري .
هذه المواجهات تسببت بإغلاق اغلب الشوارع الرئيسية بالاضافة إلى إغلاق مطار عدن الدولي ومغادرة طائرات اليمنية المتواجدة بداخله إلى الخارج دون مسافرين، وبحسب “موقع عدن الغد ” فأن طائرات اليمنية غادرن صباح اليوم المطار إلى خارج البلاد مضيفا ان الطائرات غاردن دون مسافرين وقامت بإنزال من كانوا على متن البعض منها .
العمليات العسكرية
أستمرت المواجهات منذ الساعات الاولى من اليوم وحتى العصر سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى وبحسب مصادر صحفية فأن 13 قتيلا على أقل سقطوا جراء المواجهات وأكثر من 20 جريح .
وبحسب مصادر عسكرية تحدثت للمساء برس فأن المواجهات كانت عنيفة جدا حيث استخدمت فيها الاسلحة الثقيلة ، تقدمت خلال الساعات الاولى قوات المجلس الإنتقالي حيث قامت بالسيطرة مقر رئاسة الوزراء ومبنى القضاء , لتستمر بعد ذلك المواجهات حول جبل حديد بكريتر بين لواء تابع للإنتقالي وبين اللواء الثالث حماية رئاسية، وفِي دار سعد في جولة الكراع واللحوم قوة من الحزام الأمني واللواء الخامس ومجموعة تابعة لمدير أمن لحج تواجه اللواء الرابع حماية رئاسية وايضا في مديرية خور مكسر ودار سعد .
هذا وتحدثت مصادر صحفية أن القوات التابعه للأنتقالي سيطرت على معسكر النقل بخور معسكر ومعسكر حديد في كريتر، وهو ما نفته مصادر تابعة لهادي حيث قالت ان قوات الحماية الرئاسية سيطرت على مديرية خور مكسر والتواهي بالكامل .
في المقابل تحدثت مصادر صحفية ان مسلحي الانتقالي قصفون بالمدفعية القصر الرئاسي في كريتر.
من جهة أخرى قالت مصادر مقربة لهادي في عدن للمساء برس أن قوات هادي أسرت مجموعة من قوات طارق صالح كانت تقاتل في صفوف الإنتقالي .
هذا وحلّقت طائرات التحالف السعودي على علوٍ منخفضٍ فوق مناطق متفرقة من عدن، في ظل إغلاق معظم الشوارع الرئيسية والمدارس والجامعات في المحافظة، الأمر الذي أدى إلى غياب شبه كامل لمظاهر الحياة العامة في اغلب مديريات المدينة .
إنقسام المدينة والمواقف
تسببت الاشتباكات في أنقسام المدينة إلى نصفين نتيجة لسيطرة كل طرف لأجزاء منها , فبحسب مصادر محلية فأن الاتشباكات عمت اغلب مديريات عدن ففي خور مكسر افضت المواجهات على سيطرة قوات هادي على النصف في المقابل سيطرة قوات الإنتقالي على النصف الأخر ، أما منطقة العريش وصولا الى جولة سوزوكي وخط ريمي وخط العلم وصولا إلى دار سعد بيد قوات هادي بالاضافة الى مديرية كريتر اما الطريق البحري و جولة كالتكس وصولا الى البريقة بيد قوات الإنتقالي اما مديرية المنصورة منقسمة بين الطرفين واما الشيخ عثمان خالية من اي انتشار للطرفين.
وفي صعيد أخر أنقسمت مواقف القيادات الجنوبية جراء ما يحدث في عدن ، حيث وصف رئيس وزراء هادي السابق خالد بحاح حكومة هادي بالمهترئة التي تتساقط ، فكتب بحاح تغريدة قال فيها الشرعية المهترئة تتساقط حتى وإن حاولت الاستجداء أنه ليس سجال إعلامي وليست مطالب شعبية آنية إنها قضية وطن في إشارة واضحة لتأييدة لخطوات الأنتقالي ، أما رئيس الحركة الشبابية في الحراك الجنوبي فادي باعوم فقال إن هناك صراع أجندة إماراتياً سعودياً لا يصب في مصلحة الشرعية اليمنية، مشيراً إلى أن ما يحصل في عدن هو نتيجة صراع بين الرئيس عبدربه منصور هادي ودولة الإمارات حول جزيرة سوقطرة، وأمور أخرى.
ورأى باعوم في مقابلة مع الميادين أن ما يجري في عدن مفتعل لصرف النظر عن أمور أخرى، لافتاً إلى أن هناك اختلافاً بين السعودية والإمارات حول السيطرة على بعض المناطق، وأنه ليس للرئيس هادي أيّ غطاء سعودي كافٍ.
واضاف باعوم أن الرئيس هادي واقع في ورطة وأن قواته باتت لعبة في أيدي الآخرين، واصفاً الشرعية اليمنية المتمثلة بهادي بأنّها “دولة احتلال”.
إحتواء الموقف وبن دغر يقول الحقيقة
بعد ساعات من الاشتباكات العنيفة عقد بن دغر لقاء في مجلس الوزراء لمناقشة ما اسموه اعتداءات قوات المجلس الإنتقالي والحزام الأمني على المباني الحكومية عدن ، ليخرج بعد ذلك هادي بتصريح يدعوا فيه إلى وقف القتال فورا وأعادة القوات العسكرية إلى ثكناتها .
من جهته أعتبر بن دغر إنّ ما يجري هو انقلاب على الشرعية ومشروع الدولة الاتحادية وطالب بالامتناع عن “الممارسات غير الواعية” في عدن.
وفي تغريدات له على تويتر رصدها المساء برس، قال بن دغر “لابد من كلمة صادقة، لاينبغي أن تذهب جهود العرب ودماؤهم في اليمن إلى سقوط الوحدة وتقسيم اليمن” واضاف بن دغر اليمن يتمزّق “لأننا نصمت ولا نصرخ ونخاف قول الحقيقة”.
وناشد رئيس حكومة هادي كلا من السعودية والإمارات ودول التحالف السعودي بـ “الصراحة والصدق” في التعامل مع الأزمة في عدن التي تنحو شيئاً فشيئاً نحو المواجهة العسكرية الشاملة وطالبهم بإنقاذ اليمن من التقسيم والتقزيم.
الإنتقالي يحاول الخروج من مأزقه
منذ ادراك المجلس الإنتقالي للمأزق الذي وضع نفسه فيه ، حاول اخراج نفسه من ذلك المأزق بتحول التصعيد من تصعيد عسكري إلى تصعيد شعبي لكن ذلك التصعيد قوبل بتصعيد عسكري من قبل هادي بهدف إستغلال ذلك المأزق بغية احراج وأحراق الانتقالي أمام خاضنته الشعبية عن طريق جر الإنتقالي إلى مربع العنف وهو ما حدث بالفعل حيث اندلعت الاشتباكات فحاول الانتقالي تلافي ذلك التصعيد فخرج ببيان بعد ساعات من المواجهات يؤكد التزامه بـ “النهج السلمي” في المطالبة بتغيير الحكومة والوقوف على الاختلالات في كافة المحافظات والوزارات التي انعكست سلباً على توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة للمواطن.
وبحسب البيان الذي لقي المساء برس نسخة منه فإنّ خروج المجلس اليوم يندرج في “الإطار السلمي”، كما أشار أيضاً على تجنب الاحتكاك العسكري وأية مظاهر مسلحة في الجنوب مع الحرص على عدم المساس بمؤسسات الدولة.
البيان أوضح أنه “يثق كل الثقة” أنّ التحالف السعودي “سيتدخل بكل إمكانياته لحل كافة الاختلالات جذرياً، ودعا الجميع إلى الالتزام بالسلمية والحوار والبناء لغاية “تصويب الاختلالات”.
ضوء أخضر سعودي
قال مصدر رفيع مقرب من التحالف ان السعودية منحت ضوء أخضر للإنتقالي للتصعيد ضد حكومة هادي، نافيا ان تكون الرياض تقف بجوار هادي هذه المرة واضاف ” البيان الذي أصدرته الرياض قبل يومين ونشر في صحيفة عكاظ كان بمثابة ” طُعم ” أبتلعته حكومة بن دغر , كان هدفه دفع هادي للتصعيد ضد الإنتقالي وهو ما حدث فخرجت وزارة الداخلية التابعة للحكومة ببيان ترفض التجمعات والتظاهرات الشعبية ،مما ادى إلى دفع المشهد للمواجهات وهذا ما يجعل الرياض تخرج من بوتقة الإحراج أولا وثانيا تفويت فرصة التصعيد العسكري لهادي خلال الايام القادمة وبذات بعد معرفتها بأنه قواته ركيكة مقارنة بقوات الإنتقالي .
واضاف المصدر أن السعودية مستفيدة من اسقاط حكومة بن دغر وذلك بسبب الفساد الهائل الذي تمارسه الحكومة والتي اصبحت اكثر معرقل للعملية العسكرية والسساسية الذي يقودها التحالف , موكدا أن الرياض اصبحت تدرك أن الحكومة تنفق المال العام للحشد الاعلامي الموجه ضد هدف اسقاط الحوثي الذي جاء التحالف من اجله وتدرك ان المليارات المخصصة للشعب تنهبها الحكومة لشراء الذمم والاقلام الاعلامية بهدف الحفاظ ع بقائها في السلطة دون الاهتمام بالهدف المشترك بين التحالف والعالم في محاربة الانقلاب الحوثي بالاضافة ان التحالف أصبح يعي بأن حكومة بن دغر تساعد في تاخير الحسم واداة اساسية تساعد في عدم انهاء الانقلاب والحرب بشكل عام حد قوله .
واشار ان هادي لا يمتلك أي قوة ضغط على التحالف سوى الشرعية التي انطلق منها التحالف للتدخل في اليمن ومنذ ثلاث سنوات وهو يلعب على هذا الوتر الذي مكنه من إستغلال الشراكة مع التحالف بالأبتزازوالفساد المالي بذات وهادي وحكومته لا يمتلكون أي قوة عسكرية ولا سيطرة حقيقية على الارض فذلك عند اقرب تسوية سياسية ستكون خارج اي حسابات ، وكهذا وقع التحالف بقيادة السعودية في” بوتقة “هادي الفاسدة التي طولت مدة الحرب دون اي تقدم ، فكان لابد من الرياض أن تخرج من هذه البوتقة ، فلم تجد أمامها حل غير التصعيد ضد هادي عن طريق المجلس الإنتقالي .
السيناريوهات القادمة
يترقب الشارع اليمني ما ستؤول الأمور في عدن خلال الايام القادمة ، سيما مع التصعيد الأخير والذي يجعل باب التوقعات مفتوح ، فهل سيحقق الإنتقالي مطالبة بإقالة الحكومة أم أن هادي سيخرج من هذا المأزق بأقل الخسائر ؟ وكيف سيكون المشهد السياسي والعسكري سيما وزمام الأمور بيد الرياض والإمارات .
وبحسب المصدر الرفيع الذي تحدث للمساء برس فأن التحالف قد اتخذ قراره بإسقاط حكومة هادي ، لأنها اصبحت معرقلة لعمل التحالف ، ويحاول التحالف التخلص من هذا العبء الثقيل ، وفي حال لم يستجب هادي لهذه المطالب فأن الخيار العسكري قد يكون حاضرا وبقوة حسب قوله .
وفي المقابل يرى مراقبون ان هادي لديه اوراق قد يلعب بها في حال رفعت الرياض عنه الغطاء ، فبالتالي يبقى ما سيحدث سؤال مبهم الأجابة.