تقرير أمريكي لسيناريوهات ما بعد مقتل صالح ومخاطر تصعيد الرياض وأبوظبي
المساء برس – متابعة خاصة| بعد سقوط الورقة الأخيرة التي كان التحالف يراهن عليها في اليمن وتغلب جماعة أنصار الله وحلفائهم على مخطط الإمارات والسعودية لإسقاط اليمن من الداخل عبر استخدام الرئيس السابق علي عبدالله صالح والدفع به إلى الانقلاب على حلفائه وهو الأمر الذي انتهى بمقتله وإفشال الحوثيين وحلفائهم للمخطط بكامله، بعد سقوط هذه الورقة وهي الأخيرة حسبما أوضحنا، يبدو أن الولايات المتحدة لم تعد مؤمنة بتمكن حلفائها السعوديين والإماراتيين من تحقيق تقدم في اليمن لصالح الولايات المتحدة، وهو ما تشير إليه التصريحات الأمريكية الرسمية التي بدأت بتصعيد لهجتها ضد السعودية من بعد مقتل صالح وخسارة الإمارات والسعودية آخر أوراقهما في اليمن.
أبرز المعاهد الأمريكية الحكومية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط والأدنى والتي تمثل تقاريرها ترجمة للسياسات الأمريكية المستقبلية القريبة أو بعيدة المدى نشر المعهد تقريراً للباحث سيامون هندرسون المتخصص في الشؤون الخليجية والذي قال فيه إن السعودية تسعى إلى أن تحقق حربها على اليمن في آخر مراحلها بقاء اليمن بلداً موالياً للسعودية وبدون أن يعيش هذا البلد أي مشاكل.
ويضيف تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن هدف السعودية يتعارض مع الرغبات الإماراتية التي تسعى إلى تقسيم اليمن، ويرجح الكاتب أن هذا التقسيم سيكون مشابهاً لما كانت عليه اليمن قبل العام 1990م.
ويشير التقرير إلى أن كل من الرياض وأبوظبي لا يثق كل منهما بمستقبل الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي.
ويقول التقرير إن التحدي الذي تواجهه السياسة الأمريكية يكمن “في أن أساليبها والنتائج المرجوة منها لا تتوافق تماماً مع الأهداف السعودية والإماراتية، والتي هي نفسها لا تسير على الإيقاع نفسه”، ويضيف إن واشنطن “تشعر بالقلق من تفشي الجوع ووباء الكوليرا وما يرتبط بهما من مشاكل في المنطقة الخاضعة لسيطرة الحوثيين والتي تحاصرها القوات السعودية والإماراتية”.
بعد يومين من مقتل صالح دعا الرئيس الأمركي دونالد ترامب الرياض “إلى السماح بوصول الطعام والوقود والمياه والأدوية بشكل تام إلى الشعب اليمني الذي هو بأمس الحاجة إليها، مع ضرورة أن يتم ذلك على الفور لدواعٍ إنسانية”.
ويقول التقرير “بينما تلقي الرياض باللوم على الحوثيين على الوضع الإنساني، إلّا أنّ الرأي العام الدولي لا يشاركها وجهة النظر هذه، ولا البيت الأبيض على ما يبدو، ويعزى ذلك جزئياً إلى أن الحصار يواصل منع دخول الإمدادات الغذائية التجارية إلى بلدٍ يعتمد على الواردات لإطعام الأغلبية الساحقة من مواطنيه البالغ عددهم 28 مليون نسمة”.
التقرير الأمريكي تطرق إلى الأوضاع الأمنية في العاصمة صنعاء والتي قال عنها إن “الهدوء يخيم على المدينة بعد عدة أيام من القتال العنيف بين من وصفهم التقرير بـ”المتمردين الحوثيين” والقوات التي كانت تدعم علي عبد الله صالح.
ويؤكد التقرير إن صالح الذي تحالف مع الحوثيين “كان يحاول على ما يبدو الوصول إلى منطقة آمنة حين تعرض موكبه لكمين في الرابع من كانون الأول/ديسمبر. وإذ كان موته يعزز على المدى القصير مركز الحوثيين، الذين تمتد سيطرتهم على الجزء الجبلي الشمالي الغربي من البلاد حيث يعيش غالبية اليمنيين، فقد يفتح المجال أمام اتخاذ خطوة دولية لإنقاذ اليمن قبل أن تصبح دولةً منهارة”.
صالح تواصل مع الرياض الأسبوع الماضي
ويكشف التقرير الأمريكي أنه “لطالما اعتُبر إبعاد الحوثيين عن صالح سبيلاً للحد من التصعيد وتشجيع الحل السياسي. وبالفعل، عندما تواصل صالح أخيراً مع الرياض الأسبوع الماضي، استتبع ذلك جولة أخيرة من القتال، ولكن بعد انشقاقه الذي افتقر إلى التخطيط السليم ومن ثم موته”.
ويرى التقرير إبقاء تحالف الحوثيين مع “صالح الماكر والمتقلب” حسب وصف الكاتب، كان خياراً أفضل من نتيجة انقلابه التي انتهت بمقتله.
“وفي المرحلة القادمة، هناك عدة استراتيجيات يجدر أخذها في عين الاعتبار:
· إحداث شرخ بين الحوثيين وإيران: سيكون المال هو الآلية الرئيسية لتحقيق هذا النهج، ولكن الحوثيين قد لا يشعرون بعد بالضغط الكافي لقبول أي عرض يقدَّم لهم.
· زيادة الضغط العسكري على الحوثيين في الشمال: يمكن القيام بذلك من خلال تعزيز الوحدات السعودية المتمركزة عند الحدود بواسطة قوات إماراتية أكثر كفاءة.
· دعم القبائل غير الحوثية: يمكن اللجوء إلى القبائل الأخرى في الشمال للتصدي لمحاولات الحوثيين السيطرة على المناطق غير الحوثية”.
ورغم ما سردها التقرير من خيارات للتحالف وفقاً لما تراه السياسة الأمريكية اليوم بعد مقتل صالح، إلا أنه عاد لتذكير السعودية خصوصاً أن أي تصعيد عسكري لن يجلب إلى المزيد من الدماء، مذكراً في الوقت ذاته بتاريخ اليمن العسكري والطبيعة الجغرافية الجبلية والوعرة التي تميز المقاتل اليمني عن غيره، إذ قال: “لليمن تاريخٌ سياسي صعب. ففي ستينيات القرن المنصرم، حاولت كل من بريطانيا في الجنوب ومصر في الشمال أن تحكما سيطرتهما على تلك البلاد ولكنهما فشلتا”.
ويقول التقرير أيضاً إن أي تهور للتحالف نحو التصعيد العسكري بعد أن أحكم الحوثيون قبضتهم على مناطق سيطرتهم سيشكل خطراً كبيراً وتهديداً لا بد منه من قبلهم خاصة بعد أن تمكنوا من إطلاق صاروخ الشهر الماضي على العاصمة السعودية الرياض وسقطت شظاياه فوق مطار الملك خالد الدولي، بالإضافة إلى “ادعائهم بإطلاق صاروخ مجنح جوال على مفاعل براكة النووي في أبوظبي”، الأمر الذي يعني تعزيز قدرات الدفاعات الجوية لكل من السعودية والإمارات نظراً لفشل منظومة الباتريوت في إسقاط صواريخ الحوثيين التي تحلق مئات الكيلو مترات فوق الأجواء السعودية والإماراتية وفقاً للمعلومات الواردة، كما يضيف التقرير أنه من الممكن جداً أن تعود تهديدات الحوثيين بضرب السفن العسكرية التابعة للتحالف وهذا يشكل خطراً حقيقياً وتهديداً ستكون عواقبه وخيمة.