خيارات “أنصار الله” بعد اجتماع الرياض الأخير
المساء برس – تقرير خاص/ لا يريد العالم العربي وخصوصاً دول منطقة الجزيرة العربية وخصوصاً اليمنيون وبالأخص المؤيدون للرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي والتحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن، أن يدركوا أن الولايات المتحدة تسعى لجر المنطقة إلى حربها ضد إيران، من ناحية، وإلى تفتيت المنطقة بأدوات وأموال عربية من ناحية ثانية.
بمعنى أنها تسعى لأن تجعل من اليمنيين والسعوديين والإماراتيين وقوداً تستخدمهم لحربها ضد إيران دون أن تخسر هي أي جندي أمريكي، هذا ما تبين مؤخراً من مجرد زلّة لسان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال مؤخراً إن الحرب في اليمن ستستمر لمنع تحول “الحوثيين” إلى “حزب الله” آخر على حدود بلاده الجنوبية، بالإضافة إلى ما تبين من اجتماع رؤساء أركان الجيوش ووزراء خارجية الدول المشاركة في التحالف، قبل يومين، وهذا اعتراف واضح وصريح بأن الحرب لم تكن كما زعموا في البداية أنها لإعادة الشرعية، وذلك يعني بالضرورة أن السعودية لن تسعى لإيجاد حل وتسوية سياسية تخرجها من هذه الحرب، رغم أنها بالفعل تريد الخروج من الحرب لكنها لا تجرؤ على رفض توجيهات ورغبات الولايات المتحدة، وهذا بالضبط ما قاله السعوديون خلال زيارتهم لروسيا “نريد إيقاف الحرب في اليمن لكن الولايات المتحدة تضغط علينا بقوة للاستمرار، نحن نتمنى أن تستخدم روسيا ضغوطات دولية وإقليمية لوقف الحرب وتحقيق تسوية سياسية”.
هذا يؤكد أن الولايات المتحدة هي من تحارب اليمن وهي من تضغط على السعودية لمحاربة اليمنيين وتريد استمرار الصراع في المنطقة وتريد أن تجر إيران إلى هذا الصراع من خلال تكرار اتهامها أنها تدعم “أنصار الله” بالسلاح وبالتالي تجد إيران نفسها أنها أمام حلفاءها “المفترضين” في اليمن بحاجة إلى المساعدة والدعم فعلاً وتبدأ بتصعيد نبرتها ولهجتها تجاه السعودية التي تقود الحرب ضد اليمن وربما تبدأ إيران بتقديم سلاح فعلاً لأنصار الله لدعمهم، وهنا سيصبح للولايات المتحدة ذريعة وأدلة تثبت بها وجود دور إيراني في اليمن، وهذه الأدلة تخوّل لها دفع السعودية وغير السعودية لأن تقدم على مواجهة إيران مباشرة، بمعنى أن واشنطن تسعى لشن حرب عسكرية ضد إيران ولكن بجنود وأموال الخليج.
وهذه الحرب إن وقعت في حقيقة الأمر ليست لوجود خلاف كبير بين أمريكا وإيران لدرجة قد يصل معها الوضع إلى الحرب ولكن هناك نوايا لنشوب حرب عسكرية، فقط خدمة للمشروع الإسرائيلي التوسعي في المنطقة، ما يعني أن هناك أهداف استراتيجية يمكن تحقيقها في وقت واحد بالنسبة لإسرائيل هي: تفتيت المنطقة من خلال مشاريع التقسيم وقد بدا ذلك واضحاً من خلال دعمها بقوة لمحاولة أكراد العراق إعلان الانفصال، ودعمها للإمارات لتنفيذ مشروعها جنوب اليمن الرامي ليس إلى تقسيم اليمن شمالاً وجنوباً فقط بل إلى تفتيت الجنوب إلى كنتونات تظل متناحرة فيما بينها بينما تتفرغ الإمارات لإدارة استثماراتها في الجزر اليمنية وإسرائيل للتحكم والسيطرة على الممر الدولي في باب المندب وجزيرة ميون التي ستصبح قاعدة عسكرية أمريكية إسرائيلية مشتركة، هذا أولاً.
وثانياً: تدرك إسرائيل أن أي تحرك توسعي لها في المنطقة سوف يقابله تحرك عسكري مماثل من قبل “حزب الله” وحلفائه في المنطقة الذي يمثل محور المقاومة، ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن السعودية وإسرائيل تسيران في خط واحد بالتوازي فعندما تعتبر أمريكا وإسرائيل أن حزب الله يمثل خطراً ويجب مواجهته وعندما يقول محمد بن سلمان أن الحرب في اليمن ستستمر حتى لا يكون هناك حزب الله آخر في اليمن فهذا يعني أن الجميع متفق على أن حزب الله عدو لكل من أمريكا وإسرائيل والسعودية والإمارات ولكل من رفعه سلاحاً في وجه محور المقاومة ضد الكيان الصهيوني الإسرائيلي الغاصب والمحتل للأراضي المقدسة في فلسطين.
أين إيران من هذا كله؟
يمكن القول أن إيران هي أيضاً لن تقبل بتوسع إسرائيل ليس حباً في فلسطين بل لأن هذا التوسع يمثل خطراً على الإمبراطورية الإيرانية التي لا تريد لأي قوة في المنطقة أن توازيها وتزاحمها، بالإضافة إلى أن إيران تعتبر من ضمن دول محور المقاومة ضد الكيان الصهيوني وهذا بالفعل، فإيران من أكبر الداعمين مالياً وسياسياً للمقاومة الفلسطينية بما فيها حماس، وأيضاً تعتبر إيران بالنسبة لإسرائيل قوة ضاربة تمتلك أسلحة نووية يمكن في أي لحظة تدمير إسرائيل، ولهذا لا بد من تدمير إيران حتى تتمكن إسرائيل من التوسع في المنطقة، وفي الوقت ذاته يجب أن لا يكون تدمير إيران على يد إسرائيل، بمعنى أنه لا يجب أن تكون هناك حرب مباشرة بين كل من إيران وإسرائيل، ولهذا يسعى الأمريكيون ومن خلفهم إسرائيل إلى جعل الحرب بين دول الخليج وإيران مباشرة، فإذا ما حدث دمار لدول الخليج وربما تقسيم أيضاً فهذا لا يهم بالنسبة لإسرائيل المهم أن يتم إضعاف إيران بعيداً عن إسرائيل ودون أن تطلق رصاصة واحدة باتجاه الكيان الصهيوني.
أنصار الله أمام خيارين
أمام هذا المشهد الذي بدأت خطوطة العريضة تتجلى شيئاً فشيئاً ليس أمام “أنصار الله” إلى خيارين:
* إما القتال والدفاع عن اليمن بكامل أراضيه وعن سيادته واستقلاله وعدم تبعيته لأي كان حتى لإيران، ورفض أي مشاريع يريد الغرب والخليجيون فرضها على اليمن بالقوة واستمرار المقاومة وتوسيع خيارات الاستهداف سواء في الحدود السعودية أو حتى ضرب الأهداف الإماراتية داخل الإمارات نفسها، حتى تنتهي الحرب وتنسحب دول التحالف من اليمن.
* أو الخيار الآخر وهو الاستسلام لدول التحالف وتنفيذ رغبات السعوديين والإماراتيين في كل ما يقولونه؛ ولكن عليهم أن يدركوا – وعلى المؤتمر وصالح أن يدرك أيضاً أن محاولاته إخضاع الحوثيين بهدف القبول بتسوية سياسية لا تحقق حتى جزء بسيط من السيادة اليمنية – أنه وحتى الاستسلام لن ينهي الصراع في اليمن وستظل الحرب الأهلية قائمة.
ولهذا تعمل الإمارات بوتيرة عالية على إنشاء كيانات عسكرية مناطقية جداً جداً جداً جنوب اليمن أشبه بما كان قائماً أيام الاحتلال البريطاني “سلطنات ومشيخات” وكل سلطنة لها قواتها العسكرية وهذا بالضبط ما يتم اليوم “النخبة الحضرمية، النخبة الشبوانية، الحزام الأمني في عدن، الحزام الأمني في الضالع، وقريباً سيتم تشكيل الحزام الأمني في تعز، والنخبة المأربية في مأرب، ووو… الخ” وهكذا في كل المناطق حتى في الشمال سيحدث هذا إذا ما قرر أنصار الله الاستسلام ورضخوا لرغبات التحالف، ولن يكون هناك تسوية سياسية حقيقية وسيظل اليمن في حروب مستمرة وتناحرات ونزاعات مسلحة تأخذ طابع الطائفية حيناً والمناطقية والقبلية حيناً آخر وستظل دول التحالف تدعم الكيانات بالسلاح لقتال بعضها البعض بينما تتفرع السعودية لمواجهة إيران والتصعيد معها عسكرياً والإمارات تدير شركاتها في كل من باب المندب وسقطرى، أما إسرائيل ستتفرغ لباب المندب “الممر الدولي” الذي سيصبح تحت سيطرتها كلياً من هنا حتى “تيران وصنافير” التي باتت فعلياً اليوم تحت تصرفها بعد أن تنازلت مصر عنهما لصالح السعودية.
اشترك بقناة التليجرام ليصلك كل جديد