قراءة في خطاب صالح الأخير ورسائله المشفرة وما يحدث في الكواليس
المساء برس – تقرير خاص/ جاء تصريح رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح والذي تحدث به أمام عدد من أبناء مديريات محافظة صنعاء أمس الأربعاء، كمفاتيح لفك ألغاز التحركات المؤتمرية الأخيرة ومعرفة ما يدور خلف الكواليس مما لا يتم إعلانه والحديث عنه علناً في وسائل الإعلام المختلفة.
ورغم أن حديث علي صالح يوم أمس تضمن رسائل مشفرة عديدة إلا أنها فُهمت وعُرف المغزى منها بل وفكت شفرات الحراك المؤتمري الأخير والمشبوه – حسب وصف مراقبين – في أكثر من مكان وهو ذاته الحراك الذي أدى إلى عودة التوتر في العلاقة بينه وبين جماعة أنصار الله.
قال صالح في خطابه يوم أمس معلقاً على حراك المبعوث الأممي مؤخراً ومبادرته الجديدة والتي بالمناسبة سرّبها حزب المؤتمر ونشرها في أحد المواقع الإخبارية المحسوبة عليه ويمولها نجل شقيق صالح “يحيى” والتي تعمل من إحدى الدول العربية والتي نشرها “المساء برس” أيضاً نقلاً عن هذا الموقع، تحدث صالح عنها بالقول “أنا كنت أتمنى يا ولد الشيخ أن تكون مبعوثاً أممياً لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ليس مبعوثاً سعودياً هذا غير مقبول، عندما تعلن بصراحة انك مبعوث اممي تحمل مشروعاً من الأمم المتحدة من مجلس الأمن”، وباختصار تكشف هذه الفقرة عن وجود تواصل بين صالح وبين الأطراف الإقليمية وعن تفاهمات قدم صالح من خلالها تنازلات للسعودية مقابل مساعدتها ضد جماعة أنصار الله، لكن هذه التفاهمات ربما وصلت إلى نقطة خلاف دفعت بصالح لأن يخاطب المبعوث الأممي بأن يأتيه بحل من “مجلس الأمن”، وهنا يقصد الرجل أن يقول “ارفعوا عني العقوبات المفروضة من مجلس الأمن”، ومن المؤكد أن صالح يركز على هذه النقطة حيث لن يتمكن من الخروج من اليمن طالما والعقوبات لا زالت مفروضة عليه إلا في حالة واحدة هي أن يخرج إلى روسيا التي ستضمن له البقاء كما ستهيأ له الأجواء لاتخاذ مواقف ضد “أنصار الله”.
كما قال صالح أيضاً عن طبيعة العلاقة بينه وبين الموالين للتحالف “احنا اتركونا واحنا عنسد.. لاتخافوا عنسد احنا وبن دغر وعنسد احنا والدنبوع عنسد احنا وعلي محسن.. هذا لا تخافوا هم بضاعتي هم بضاعتي وخبزي وعجيني افهموا .. افهموا مارضيتوا تقرأوا ولا قريتوا مابين السطور، افهموا هؤلاء بضاعة صالح بضاعة عفاش ايش تشتو..؟؟” وهذه الفقرة بحد ذاتها أثارت بلبلة في الشارع اليمني حيث تم اعتبرها أنها إقرار رسمي من صالح بأنه على تواصل مستمر مع هادي والموالين له والواقفين في صف التحالف، ما يؤكد أن الرجل حتى اللحظة ليس واقفاً إلى جانب “أنصار الله” ضد التحالف وإنما يحاول كسب الوقت حتى يثبت للخارج أنه لا يزال قادراً على عمل شيء وأنه الشخص الوحيد الذي يمكن التعويل عليه لتحقيق أي هدف سواء عسكري أو سياسي ضد “أنصار الله”، وهذا ما تؤكده عبارة “افهموا ما رضيتوا تقرأوا ولا قريتوا مابين السطور…؟؟”.
ومع ربط حديث صالح يوم أمس بلقائه في قناة اليمن اليوم بعد إجرائه العملية والذي تحدث فيه عن وجود دعوة روسية لحضور مؤتمر الطاولة المستديرة، والذي كان بالمناسبة رسالة مشفرة قصد بها تهيأة الأوضاع وإعطاء الخارج الإشارة أنه بات مستعداً للخروج من اليمن في حال رفعوا عليه العقوبات وضمنوا له أن يبقى حزب المؤتمر في يده، بالإضافة إلى ربط ذلك بحديث محمد بن سلمان قبل عدة أشهر في لقاء تلفزيوني مع إحدى القنوات التابعة للسعودية والذي تحدث خلاله عن صالح ومواقفه التي ليست ضد التحالف وأنه فقط يقول ذلك لأنه في صنعاء ولو خرج إلى مكان آخر ستكون مواقفه مختلفة تماماً، كل ما سبق مع ربطه ببعضه البعض يثبت أن الرجل “خائن” وأنه فعلاً يعمل لكسب الوقت وحشد الشارع ضد أنصار الله وتنفيذ دور تم الاتفاق عليه مسبقاً برعاية وتمويل إماراتي، وللقارئ أن يسأل نفسه هل رد صالح على تصريحات محمد بن سلمان التي قال فيها إن صالح ضد الحوثي وهو مختلف معه تماماً ومواقفه ليست حقيقية؟! الإجابة هي أنه لم يرد على هذه التصريحات.
وباختصار يمكن القول أن ما قاله صالح أمس قد كشف حقيقة الرجل وكشف لماذا يسعى جاهداً للخروج من اليمن مع حصوله في الوقت ذاته على ضمانات بعدم تطبيق قرار مجلس الأمن فيما يخصه هو ونجله فقط، وكشف أيضاً ما هو الدور الذي يسعى لتنفيذه في حال خرج صالح من اليمن، خصوصاً وأن الرجل حالياً يعمل على ترتيب أوضاعه في أكثر من مكان، وهذا ما تكشفه تسريبات ما يدور من حديث في اللقاءات الأخيرة التي يجريها صالح مع بعض المشائخ والقيادات المؤتمرية من مختلف المناطق والذين يتوافدون يومياً للاطمئنان على صحته بعد العملية، والتي كشفت بعض التسريبات أن هذه اللقاءات تأتي ضمن خطة ينفذها الرجل لاستقطابهم وكسبهم إلى صفه من جديد وتجييشهم ضد “أنصار الله” لساعة الصفر.
صالح يسعى للخروج من اليمن لخيانة دماء القتلى الأبرياء الذين قتلتهم طائرات التحالف الذي ظل على تواصل مستمر بالمؤتمر، ومن هو فعلاً ضد التحالف ويقف إلى صف الشعب، لا يسعى للهروب ولا يسعى لتقديم نفسه كوسيط “مطيع” وكضمين لتحقيق أهداف التحالف التي لم يستطع تحقيقها عسكرياً بسبب صمود أفراد اللجان الشعبية الموالية لجماعة أنصار الله والمكونة من أبناء مختلف القبائل اليمنية بما فيها القبائل الجنوبية والقبائل التي يسعى صالح حالياً لكسبها إلى صفه وإقناعهم بالتخلي عن أنصار الله والتخلي عن دماء شهدائهم على مدى عامين ونصف، هذا هو ما تتحدث به النخبة السياسية اليوم بعد خطاب صالح الأخير الذي فك شفرات تحركات الرجل الأخيرة ونواياه المقبلة.
اشترك بقناة التليجرام ليصلك كل جديد