صالح الصماد يزور علي عبدالله صالح في منزله.. لماذا الآن؟
المساء برس – تقرير خاص/ فيما يبدو أنها خطوة للتهدئة بين طرفي السلطة في صنعاء، قام رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد ومعه رئيس حكومة الإنقاذ عبدالعزيز بن حبتور بزيارة مفاجئة لرئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح في منزله بالعاصمة صنعاء.
حسب ما نقلته وكالة “سبأ” الرسمية فإن الزيارة أتت للاطمئنان على صحة الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد أن أجرى عملية جراحية ناجحة، حيث أعرب الصماد عن شكر القيادة الروسية لإرسالها الفريق الطبي كما شكر الأمم المتحدة التي سهّلت وصول الريق الطبي، كما تمنى الرئيس الصماد لرئيس المؤتمر “صالح” دوام الصحة والعافية.
الزيارة التي شارك فيها أيضاً عارف عوض الزوكا اعتبرها مراقبون أنها خطوة لرأب الصدع الذي بدأ يتسع ويعود مجدداً بين الطرفين بسبب اعتقال قيادي في المؤتمر متهم اعترف بتنفيذ مخطط يخدم التحالف داخل العاصمة صنعاء، ونظراً للمركز المهم الذي يشغله القيادي المؤتمري في حزبه وفي منطقته فقد أدى ذلك إلى زيادة حدة التوتر بين الطرفين، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن سماح السعودية للفريق الطبي الروسي بالوصول إلى صنعاء في هذا التوقيت تحديداً رغم رفضها لذلك منذ عام تقريباً وما تلا ذلك من تصريحات لصالح بأنه تلقى دعوة لحضور مؤتمر الطاولة المستديرة في روسيا لمناقشة حل “الأزمة اليمنية” أدى ذلك أيضاً إلى توتر العلاقات بين صالح وجماعة أنصار الله الذين يرون في خروجه من اليمن يأتي بضغوط من التحالف كي يتسنى له اتخاذ مواقف ضد حلفائه تخدم التحالف.
كيف أدى سماح التحالف للفريق الطبي الروسي بالوصول إلى صنعاء إلى عودة التوتر بين أنصار الله وصالح؟
يرى مراقبون أن اهتمام كبريات الصحف الغربية خاصة الأمريكية بخبر الفريق الطبي الروسي الذي وصل صنعاء لإجراء عملية جراحية وفحوصات طبية لصالح أن هذا الاهتمام دليل على أن للقصة ما وراءها وأن هناك ما هو أبعد من إنقاذ حياة صالح حسب ما نقلته وسائل الإعلام السعودية، حيث تطرقت عدة تقارير في هذا الخصوص إلى خلفيات سماح السعودية للفريق بالوصول إلى صنعاء في هذا التوقيت تحديداً رغم أن الطلب بوصول الفريق مقدم للتحالف منذ عام تقريباً.
ويرى الساسة الغربية أن السعودية باتت يائسة من إيجاد حل للخروج من المستنقع الذي غرقت فيه في اليمن، وأنهم توصلوا إلى قناعة أن الرئيس السابق صالح هو من سيساعدهم في الخروج من هذا المأزق وبالتالي فإن حياته أهم بكثير من حياة عبدربه منصور هادي.
أكثر من مصدر سياسي في صنعاء أكد لـ”المساء برس” أن العملية الجراحية التي أجريت لصالح كانت في مقر السفارة الروسية، في الوقت ذاته يربط السياسيون بين وصول الوفد الطبي الروسي في هذا التوقيت وبين الزيارة التي أجراها الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا لأول مرة في تاريخ المملكة.
ولا يُستبعد أن يكون صالح قد أجرى اتصالات عبر السفارة الروسية بالمسؤولين الروس في الوقت الذي كانوا فيه مشغولين بالوفد السعودي، كما لا يستبعد أيضاً أن تكون هناك اتصالات قد تمت أيضاً بين صالح والسعوديين قبل أن يقوموا بزيارتهم لروسيا.
ووفقاً لترجيحات المصادر السياسية فإن السعوديين ربما توصلوا إلى اتفاق مقايضة مع صالح، بحيث يسمح التحالف للفريق الطبي الروسي بالوصول إلى صنعاء لعلاج صالح مقابل تحرك الأخير في فك تحالفه مع أنصار الله وإشعال أزمة من الداخل حتى يسهل على التحالف إضعاف أنصار الله وحلفائهم الآخرين.
وبالنظر إلى تصعيد المؤتمر وأدواته مؤخراً للوضع الداخلي وتحريض الشارع ضد جماعة أنصار الله وتحميلها مسؤولية انقطاع الرواتب وعودة التوتر مجدداً بين الطرفين وكل هذا حدث بعد أن أجرى صالح العملية وأجرى بعدها مقابلة تلفزيونية بثتها قناة “اليمن اليوم” التابعة له، بالنظر إلى كل ذلك تصبح ترجيحات المصادر السياسية السابقة أقرب إلى الصواب.
بعد أن كان التوتر بين طرفي الحكم في صنعاء قد هدأ والذي شهد ذروته في الأحداث التي أعقبت فعالية المؤتمر في 24 أغسطس الماضي، عاد هذا التوتر مجدداً بعد وصول الوفد الطبي الروسي وبعد أن ظهر صالح على التلفزيون وشكر التحالف وتصاعدت بعدها أصوات الناشطين من حزب المؤتمر المطالبة بفك تحالف الحزب مع أنصار الله، وعادت حرب الشائعات التي تطلقها مواقع إخبارية محسوبة على حزب المؤتمر، كما تم استغلال حادثة القبض على القيادي في حزب المؤتمر منصور محمد سليمان رئيس المؤتمر في مديرية همدان إحدى المديريات المحيطة بالعاصمة صنعاء، وهذه الحادثة تم استغلالها بشكل كبير لتأجيج الوضع ومحاولة خلق حالة عداء مسلح ضد جماعة أنصار الله.
وسرعان ما حاولت وزارة الداخلية تفادي وقوع أي صراع بسبب إلقاء القبض على القيادي المؤتمري حيث كشفت عن أسباب اعتقاله ومكان الاعتقال أيضاً ونقلت وكالة الأنباء الرسمية تصريحاً لـ”مصدر مسؤول” في وزارة الداخلية أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على مطلوب أمني في شارع صخر بأمانة العاصمة سبق أن تقدم مواطنون بعدة شكاوي ضده، وكانت المصادفة أن هذا الشخص كان معه شخصان آخران هما رئيس فرع المؤتمر في همدان منصور محمد سليمان ونجله، وكشف المصدر أيضاً أن رئيس فرع المؤتمر اعترف بأنهم كانوا بصدد اللقاء بشخصية قيادية بهدف تزويد الشخص المطلوب أمنياً والذي رمز له المصدر الأمني بـ(م.س) بالسلاح لـ”زعزعة الأمن والاستقرار”.
اللافت حسب مراقبين أنه لا يوجد شخصية قيادية في شارع صخر سوى منزل الرئيس السابق رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح.
وبالعودة إلى محاولة الناشطين السياسيين والإعلاميين في المؤتمر لإعادة التوتر بين الطرفين أصدر اعلاميو المؤتمر بياناً أعلنوا فيه انسحابهم من اتفاق التهدئة مع جماعة انصار الله، بسبب ما وصفوه بـ”عدم التزام الطرف الآخر بالاتفاقية”.
وقال البيان الذي نشرته وسائل إعلام المؤتمر إن إعلاميي المؤتمر يؤكدون على أن قيادات في حركة انصار الله تستهدف تقويض مؤسسات الدولة وبناء على ذلك فإنها تعلن وقف العمل باتفاق التهدئة الإعلامية و”تسخير اقلامنا وجهودنا لمواجهة العدوان الخارجي والداخلي الذي يتعرض له بلادنا ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام الحملات المسعورة ضد المؤتمر وقياداته وتحميلها إخفاقات فشل الحركة في إدارة البلاد”، في إشارة اعتبرها مراقبون أنها إعلان تصعيد إعلامي ضد جماعة أنصار الله وأن إعلام المؤتمر يخاطب الحركة على أنها هي المتحكمة بكل شيء وهي من تدير مؤسسات الدولة، مشيرين إلى أن المسؤولية إن وقعت تتحملها حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي وهما المؤسستان المشكلتان بالمناصفة بين أنصار الله والمؤتمر.
وبالعودة إلى زيارة صالح الصماد لرئيس المؤتمر دعت الدائرة الإعلامية للحزب لتفويت الفرصة على من وصفتهم ب”مروجي الفتن” مؤكدة حرص المؤتمر على وحدة الصف الوطني، وتأتي هذه الدعوة عقب زيارة الصماد وبن حبتور لعلي عبدالله صالح.
ونقل موقع “المؤتمر نت” عن مصدر سياسي بالدائرة الإعلامية حرص المؤتمر من “الانجرار إلى المربع الذي يحاول الإعلام المعادي في الخارج وبعض الوسائل الإعلامية في الداخل جر المؤتمر إليه، من خلال الحملات الإعلاميه التي تشن ضد المؤتمر وقيادته بهدف خلط الأوراق وتمزيق الصف وإثارة قضايا جانبيه بعيدا عن القضيه الأساسيه المتمثله بمواجهة العدوان”.
ومن هنا يرى مراقبون أن زيارة صالح الصماد لرئيس المؤتمر لها ما لها من الدلالات السياسية خصوصاً بعد التطورات الأخيرة والمتسارعة في الشأن الداخلي، مرجحين في الوقت ذاته من أن هذه الزيارة جرى فيها مناقشة قضايا حساسة بين الطرفين تتعلق برغبة صالح مغادرة اليمن إلى روسيا واتصالاته مع أطراف خارجية في التحالف وموضوع الشراكة في السلطة مع جماعة أنصار الله والمتهمين من حزب المؤتمر بقضايا فساد منضورة أمام نيابة الأموال العامة وغيرها من المواضيع التي أعادت التوتر داخل صنعاء.