بريطانيا ترتب الوضع للعودة إلى جنوب اليمن “تحركات شديدة السرية”
المساء برس – تقرير خاص/ قبل نحو شهرين من الآن شهدت مدينة عدن تحركات خلف الكواليس وبعيداً عن أنظار المهتمين الذين كانوا منشغلين بالأوضاع في صنعاء والصراع بين طرفي الحكم هناك.
كانت تلك التحركات في عدن وميناؤها الاستراتيجي، وتقف خلفها بريطانيا مباشرة، وقد حدث هذا التحرك بالتزامن مع وصول قوات سعودية إلى المدينة فيما عرف حينها بلواء المغاوير.
سابقاً كشف مسؤول أمني في عدن لـ”المساء برس” عن وصول قوات سعودية في الـ18 من أغسطس الماضي، وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته أن تلك القوات تم توزيعها على قصر الرئاسة والميناء البحري ومطار عدن، مضيفاً أن هذا الإجراء سبقه بأسبوعين نقل كتيبة من اليمنيين الذين تم اختيارهم بعناية للتدريب في السعودية لمدة شهر ومن ثم أعيدوا إلى عدن لتولي مهام سرّية، ولم يكشف المسؤول الأمني عن طبيعة هذه المهام.
وفي الوقت الذي كانت فيه الإمارات تشن حملة عسكرية على تنظيم القاعدة، حسب وسائل إعلامها، كانت هناك مشاركات أمريكية لهذه العمليات غير معلنة، وحسب مصادر “المساء برس” فإن الحملة على القاعدة كان مجرد غطاء لتنفيذ مهام أخرى لها علاقة بالمنشئات النفطية والغازية في المحافظات الجنوبية، وبينما كانت الأنظار كلها تتجه نحو الحرب على القاعدة وتمدد المسلحين الموالين للإمارات في المحافظات الجنوبية على حساب القوات الحكومية الموالية لحكومة هادي كان هذا هو ما يشغل ذهن المواطن اليمني، بينما كان هناك من يعبث بعيداً في المياه الإقليمية لليمن وباب المندب.
في 17 أغسطس الماضي أصدرت بريطانيا تحذيراً للسفن التجارية من احتمال شن هجمات من اليمن عند باب المندب. وأصدرت عمليات التجارة البحرية في بريطانيا توجيهات جديدة بأن هناك خطراً متزايداً للهجوم على سفن الشحن التجاري في خليج عدن وباب المندب، ولم تلقَ هذه التحذيرات أي اهتمام أو تغطية إعلامية رغم أهميتها البالغة التي تكمن في السبب الذي دفع ببريطانيا أن تصدر هذا التحذير في الوقت الذي لم يكن هناك أي تهديدات تستهدف باب المندب ولا السفن التجارية ولا خطوط الملاحة البحرية، فلماذا أصدرت بريطانيا هذا التحذير وما الذي كانت تنوي فعله بعد ذلك.
اطلع “المساء برس” على ما جاء في نص التحذير البريطاني الذي أورد عبارة “هناك حاجة إلى تخطيط صارم للعمليات في المياه المحيطة باليمن”، ومباشرة وفي اليوم التالي أعلن الناطق باسم القوات التابعة لحكومة صنعاء، أن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ضد اليمن كان ينوي استهداف سفينة تجارية في باب المندب ثم يرمي بالتهمة إلى قوات حكومة الإنقاذ التي تقودها جماعة أنصار الله وحزب المؤتمر.
وسبق هذه التطورات حدث غريب وهو أن التحالف أعلن أن قوات أنصار الله استهدفوا سفنية حربية إماراتية في ميناء المخا وكانت تحمل على متنها عتاداً عسكرياً، وكان اللافت هو أن أنصار الله لم يعلنوا عن هذه العملية إطلاقاً، الأمر الذي يشير إلى أن ثمة مخططاً كان يحاك بعناية يتعلق بالسواحل اليمنية والمياه الإقليمية.
بالعودة إلى ما نشرته البحرية البريطانية من تحذير وما ورد في هذا التحذير كما أسلفنا أعلاه، حدث بعد ذلك بنصف شهر فقط أن نشرت وسائل إعلام يمنية في عدن خبراً أفاد بتغيير التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن خطوط الملاحة البحرية في باب المندب دون أي مقدمات ورغم نشر تلك الوسائل لخرائط تبين خطوط الملاحة البحرية السابقة والجديدة وتأكيدها أن مصادر الخبر من التحالف ذاته، إلا أن الأخير لم يعلن رسمياً عن هذا الإجراء.
كانت خطوط الملاحة البحرية سابقاً تمر من مضيق باب المندب “بين السواحل اليمنية وجزيرة ميون” وبعد تعديلها أصبح الأمر مختلفاً حيث باتت تمر متجاوزة جزيرة ميون “أي من خلف جزيرة ميون ما بين الجزيرة والسواحل الإفريقية” وهو مؤشر عدّه مراقبون أنه ينذر بخطر يتهدد الجزيرة البالغة الأهمية في باب المندب والتي تسيطر عليها حالياً القوات الإماراتية وقوات أمريكية ويجري فيها حالياً تجهيز قاعدة عسكرية خاضعة للولايات المتحدة.
وبالعودة مجدداً إلى التحذيرات التي أطلقتها بريطانيا بشأن حركة الملاحة البحرية في باب المندب والمياه الإقليمية اليمنية وربطها بما أعلنه التحالف من استهداف الحوثيين لسفينة عسكرية إماراتية في ميناء المخا دون أن يعترف الحوثيون بهذه الضربة، وأيضاً تصريح الناطق باسم القوات اليمنية الموالية لأنصار الله بأن التحالف كان ينوي استهداف سفينة تجارية في باب المندب ثم يرمي بالتهمة إلى قوات حكومة الإنقاذ وتزامن كل ذلك مع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن، فإنه يمكن استنتاج ما يلي:
كشفت قوات صنعاء مخططاً بريطانياً يهدف للإيقاع بهم في فخ الإدانة الدولية واتهامهم بتهديد الملاحة الدولية، وقد تأكد لـ”أنصار الله” حينها أن تصعيد التحالف في باب المندب له علاقة بما قد يتم طرحه في مجلس الأمن خصوصاً مع ورود أنباء مشككة تفيد بأن بريطانيا كانت تنوي التقدم بمشروع قرار جديد ضد اليمن وكان من غير المستبعد أن ذلك القرار كان يتعلق بالمياه الإقليمية اليمنية.
ومؤخراً قالت مصادر في خفر السواحل بمحافظة عدن أن خبراء بريطانيين متواجدين جنوب اليمن، وأن تواجدهم يتعلق بقوات خفر السواحل اليمنية وأن قوات من البحرية السعودية بانتظار دور لها في السواحل اليمنية بإشراف بريطاني مباشر وبتوجيهات من الخبراء البريطانيين المتواجدين حالياً في عدن ويتخذون من مقر خفر السواحل بمدينة عدن مقراً لهم بالإضافة إلى وجود قوات أخرى في جزيرة ميون، وأضافت المصادر أن معلومات شديدة السرية لا يمكن التصريح بها نظراً لخطورتها وأهميتها في آن واحد وكلها تتعلق بالدور البريطاني في المياه الإقليمية وباب المندب والدور الذي تسعى لتحقيقه في السواحل اليمنية.
في تقرير استقصائي نشره موقع العربي المهتم بالشأن الجنوبي لليمن والذي يعمل من إحدى الدول العربية، أورد التقرير فقرتين تحت عنوان “قيادة القوات البحرية البريطانية”، وكان نص الفقرتين ما يلي: وعلى الرغم من التكتم الشديد على ما يحدث حالياً في الجنوب، فإننا حاولنا التقصي أكثر حتى استطعنا الحصول على معلومات في غاية الخطورة. المعلومات التي تحصل عليها «العربي» من مصدر عسكري مسؤول تؤكد أن «القوة السعودية عبارة عن لواء يدعى (لواء المغاوير)، ومدعومة بآلاف المقاتلين الجنوبيين الذين تم اختيارهم وفقاً لمعايير خاصة وتم تدريبهم بشكل مكثف»، حيث ستوكل إلى هذه القوة المشتركة مهام عسكرية بحرية في السواحل والمياه الإقليمية اليمنية، ولن تكون خاضعة للسلطات اليمنية.
الفقرة الثانية: كما تؤكد المعلومات أن «هذه القوات المشتركة ستعمل تحت إشراف قيادة القوات البحرية البريطانية، التي ستتخذ من مقر قيادة القوات البحرية اليمنية في التواهي بمحافظة عدن مقراً لها في الأيام القادمة». ويشير المصدر العسكري إلى أن القوات الإماراتية في عدن تعمل في الجنوب على إبقائه مفككاً وخاضعاً لتشكيلات مسلحة غير نظامية لها انتماءات مناطقية وقبلية «لضمان استمرار حالة عدم الاستقرار المجتمعي، بحيث يبقى باب المندب والسواحل اليمنية والجزر تحت إشراف البحرية البريطانية وبعيداً عن اهتمامات القبائل الجنوبية، التي ستكون مشغولة بالصراعات الداخلية الصغيرة فيما بينها».