تعز: الإمارات تتخلى عنها والسعودية مشغولة بالدفاع عن حدودها
المساء برس – تقرير خاص/ شهدت محافظة تعز خروج أول مظاهرة تأييداً لعمليات التحالف العسكرية في اليمن ورفع أبناؤها لافتات “شكراً سلمان”.
رغم الأهمية الاستراتيجية والعسكرية البالغة لمحافظة تعز، إلا أن ثمة استراتيجية غامضة يتخذها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ضد اليمن دفعت هذه الاسترايتيجية لتجنيب تعز من حسابات التحالف وإغراقها بالجماعات المسلحة والمتطرفة لتنشغل تلك الجماعات في الاقتتال فيما بينها، بينما ينشغل التحالف وتحديداً القوات الإماراتية بترتيب وضعها وتثبيت أقدامها في الجنوب.
وحتى لا تصطدم القوات الإماراتية وحلفائها من الجماعات المسلحة التي دعمتها ودفعت بها للقتال ضد قوات صنعاء في المخا وموزع، حتى لا تصطدم بالجماعات المسلحة والقوات العسكرية الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي والمحسوبة على حزب الإصلاح في تعز، سعت الإمارات إلى دعم زعيم الجماعة السلفية في المدينة عادل عبده فارع المعروف بـ”أبي العباس” ومكنته من السيطرة على المواقع والتباب الفاصلة بين موزع والمخا وبين شمال ووسط محافظة تعز، فإذا ما قرر حزب الإصلاح وجماعاته المسلحة قتال القوات الإماراتية والجماعات الموالية لها، فإنه سيصطدم بادئ الأمر بجماعة أبي العباس التي ستجد من يساندها في القتال من الجماعات المسلحة المشكلة بإشراف ودعم إماراتي في محافظتي لحج والضالع.
ويقول محللون عسكريون عرب، رصد “المساء برس” آراءهم التي طرحوها في أكثر من قناة تلفزيونية إخبارية إن تعز مدينة مهمة ومن يسيطر عليها يستطيع التقدم نحو صنعاء أولاً ويستطيع أن يمد سيطرته أيضاً إلى الحديدة، والسيطرة على الساحل الغربي، غير أن المحافظة التي تتمتع بهذه الأهمية ظلت خارج حسابات التحالف لأسباب غامضة.
وهناك من يرى أن المسلحين الموالين للتحالف لم يجدوا ترحيباً من قبل البيئة المجتمعية وهو السبب الذي منعهم من التقدم والسيطرة على كافة مرتفعات المحافظة.
رأي آخر يعزز هذه الرواية ويؤكد أن قبول السكان القرويين في تعز بسيطرة قوات صنعاء وتواجدها في تلك المرتفعات منذ العام 2015 وحتى اليوم يؤكد عدم قبولهم بالطرف الآخر أن يكون هو المسيطر على مناطقهم بالنظر إلى واقع المناطق الخاضعة لسيطرتهم وما تشهده من صراع بين الفصائل المختلفة الموالية للتحالف.
وبفعل الحرب ظلت محافظة تعز محاصرة من قبل قوات صنعاء بسبب سيطرة الجماعات المسلحة والمتطرفة والإرهابية لوسط المدينة ولا تزال المدينة محاصرة حتى اليوم باستثناء فترة قصيرة تمكنت قوات هادي خلالها كسر الحصار عن المدينة في أغسطس العام الماضي وسرعان ما عادت قوات صنعاء واستعادت مواقعها.
يؤكد المواطنون في تعز إن الحصار على المدينة لا يشمل المدنيين وإن القوات الموالية لأنصار الله تسمح بدخول وخروج المواطنين من وإلى المدينة بعد التأكد من هوياتهم، حيث يتم اعتقال أي شخص ينتمي للجماعات المتطرفة التي تقاتل في صفوف التحالف فقط، وأما دون ذلك فيتم السماح لهم بالمرور دون اعتراض.
ويمكن القول إن تعز تُركت لمصير مجهول، يرى البعض أن هذا المصير محكوم بحسابات خلف الكواليس، أرادت الإمارات أن تكون كذلك.
يقول مراقبون إن الإمارات لا تسعى إلا إلى السيطرة على جنوب اليمن وتحديداً سواحلها وموانئها وإبقاء التحكم بمنافذ خطوط الملاحة البحرية العابرة من المياه الإقليمية اليمنية تحت سيطرتها، ولهذا فهي لا تجد مبرراً لاستمرار تقدمها نحو محافظة تعز المحسوبة على الشمال اليمني قبل تحقيق الوحدة، الأمر الذي يرجح أن ثمة نوايا إماراتية بدعم انفصال الجنوب عن الشمال اليمني كخيار للبقاء والسيطرة على الجزر والموانئ اليمنية، وهو هدف جغرافي واستراتيجي لطالما حلمت الإمارات تحقيقه منذ سنوات.
وبالنسبة للسعودية فيرى محللون أنها لم تعد اللاعب الأبرز في اليمن بالنظر إلى التمدد والنفوذ الذي تسجله الإمارات جنوباً يوماً بعد آخر دون أن يلقى هذا التمدد أي رد فعل من قبل السعودية.
وعوضاً عن كون المملكة باتت غارقة في مشاكلها الداخلية أبرزها الاقتصادية التي تهدد مستقبلها بسبب استنزاف الخزينة العامة في حربها ضد اليمن، ومواجهتها لحراك شعبية خطير ومقلق، فهي بالإضافة إلى ذلك لم تعد تفكر في مصير نفوذها في اليمن أو إعادة شرعية هادي إلى وضعها السابق، بل إنها اليوم بالكاد تتفرغ للحد من السيطرة وتقدم الحوثيين داخل أراضيها في الجنوب التي تتسقاط مواقعها العسكرية يوماً بعد آخر في أيدي اليمنيين، رغم استعانتها بمقاتلين أجانب يعرفون في قاموس المصطلحات العسكرية بـ”المرتزقة” معظمهم من اليمنيين من أبناء المحافظات الجنوبية، وفرقاً من القوات السودانية، وكل أولئك يقتلون داخل أراضي السعودية للدفاع عنها نيابة عن الجنود السعوديين أنفسهم.