بعد كشف خطة اقتحام العاصمة عسكرياً.. الحوثيون يفشلون خطة جديدة
المساء برس – خاص/ شهر كامل وأكثر من التحريض والعمل الدؤوب لتوظيف تصريحات ناشطي وسياسيي طرفي الحكم في صنعاء “أنصار الله والمؤتمر” لإثارة الفتنة وإشعال الصراع بين الطرفين، بالتزامن مع بث سيل من الشائعات الكاذبة عبر المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.
كان هذا ملخص ما شهده أغسطس الماضي والأيام العشرة الأولى من سبتمبر الجاري والذي تم بإشراف وتمويل مباشر من قبل التحالف الذي ترك القتال في الجبهات بشقيها “الداخلية والخارجية” وصبّ جل اهتمامه وتركيزه على الأمل الوحيد لإسقاط العاصمة صنعاء، وهو تفجير الوضع بين حلفاء الحكم فيها من الداخل حتى تتسهل مهمة اقتحامها عسكرياً، فما الذي حدث بعد هذه المدة؟.
“خطة الحرب بالشائعات”
كل من الرياض وأبوظبي كانتا تؤملان خيراً، في إحداث شرخ في صنعاء، فكانت النتائج عكسية، لم ينل التحالف بلح الشام ولا عنب اليمن، فلا هو الذي حقق رغباته في إسقاط صنعاء من الداخل ولا هو الذي حافظ على مكاسبه العسكرية في الجبهات.
وبالنسبة لؤلئك المترقبين حدوث انقسام ثم مواجهات مسلحة بين أنصار الله والمؤتمر، فقد مثّل لقاء “13 أيلول” بين زعيمي المكونين ضربة قاصمة وقاسية لهم على المستويين المادي والمعنوي، بالنظر إلى الجهود التي بُذلت من قبل قيادة التحالف وحلفائه في الداخل في سبيل تأجيج الصراع، والتعجيل بوقوعه، وبالنظر أيضاً إلى ذلك الزخم الإعلامي الكبير جداً والذي ظل يروج لشائعات لم يكن لها أي أساس من الصحة، بل إن بعضها، ومن حجم المعلومات المبالغ فيها وغير العقلانية، لم تكن مُصدقةً من قبل عامة المواطنين.
“نتائج عكسية تماماً”
وطيلة شهر وأكثر ظلت وسائل الإعلام الموالية للتحالف تبث شائعاتها “المعقولة وغير المعقولة” وبشكل عشوائي ومُلفت وفاضح في نفس الوقت، وبدلاً من أن تعمل هذه الشائعات على تأجيج الموقف وإثارة أنصار كل طرف ضد الآخر، أتت النتائج عكسية تماماً.
فالشائعات التي كانت تسعى لاستعطاف أنصار رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح والتي كانت معظمها تتحدث عن حصاره من قبل الحوثيين تارة، وتهديده تارة أخرى، وإبقائه تحت الإقامة الجبرية تارة ثالثة، ومقتل نجله تارة رابعة، وغيرها وغيرها، كل تلك الشائعات لم تؤثر في نفسيات أنصار المؤتمر ولم تستعطفهم وتستثير مشاعرهم للخروج بأسلحتهم ونصرة زعيمهم، كما كان يُراد لها، بل إنها خلقت في نفوس مؤيدي صالح، وربما جزء منهم، اليقين أن من يملك القوة هم الحوثيون وأن المؤتمر لم يعد يملك القوة كما يقول ويلمح صالح في أكثر من خطاب له، ولو كان كذلك لما تمكن الحوثيون من “التنكيل به ومحاصرته وتهديده و.. و.. و..” كما تقول أخبار مواقع التحالف، وهذا الانطباع هو ما تولّد لدى من كانوا يتلقون يومياً سيلاً من هذه الشائعات.
يُضاف إلى ذلك أن ظهور شائعات كـ”حصار صالح أو حبسه أو وضعه تحت الإقامة الجبرية” ثم يظهر الرجل فجأة في تشييع “خالد الرضي”، أو في لقاء تلفزيوني أو خطاب، كان يقود إلى نتائج عكسية تعزز لدى القارئ والمتابع القناعة أن ما ينشر مجرد أخبار كاذبة.
“سقوط أخلاقي إعلامي”
اللافت هو أن هذه الشائعات كانت تتبنى نشرها وسائل إعلام خليجية بما فيها كبريات الصحف السعودية حتى تحولت هذه الصحف إلى واحة من تلك المواقع الإخبارية اليمنية التي تنشر أخباراً كاذبة بشكل يومي بعضها تجعل القارئ ينفجر ضحكاً حين يصادف أمامه خبراً تحت عنوان “عاجل الحوثيون يطوقون منزل صالح ويجبرونه على الاستسلام” أو مثلاً “الحوثيون يصدرون توجيهات باعتقال صالح واقتياده إلى صعدة” لدرجة أن قناة بحجم قناة “العربية” تنشر مثل هذا العنوان.
“النتيجة النهائية”
فقد إعلام التحالف “الرسمي وغير الرسمي” مصداقيته في الفترة الأخيرة بسبب تعاطيه مع الشائعات التي صنعها بنفسه، وعدم احترام المشاهدين والقراء والمتابعين له، ولم يحقق التحالف ما كان يطمح إليه من إسقاط العاصمة صنعاء من الداخل ولم يحافظ على ما حققه من مكاسب عسكرية سابقة على الأرض، ولم يُضعِف حتى تحالف الحوثي، كأقل نتيجة يمكن تحقيقها.
في مقابل ذلك أدت الأحداث الأخيرة التي عصفت بالعاصمة صنعاء إلى تعزيز الشراكة بين أنصار الله والمؤتمر وإزاحة الحواجز التي كانت بينهما من قبل، أيضاً لقاء زعيم الحوثيين وصالح وجهاً لوجه وتعزيز اتفاقهما كان نتيجة عكسية لما خطط له التحالف، بالإضافة إلى تعزيز نفوذ أنصار الله وتمكينهم من تحقيق مكاسب على مستوى السلطة، والأكثر من ذلك كله لم يتركوا الجبهات كما كان يُراد لهم ذلك، بل عملوا على اتجاهين: امتصاص الضغط الإعلامي والتعبئة المضادة الموجهة للشارع ضدهم، واستمرار التركيز على الجبهات وهنا يجب الوقوف برهة.
في الوقت الذي كان التحالف يعلق أماله على إحداث شرخ في صنعاء، قاده هذا الأمر إلى إهمال الجبهات بالنظر إلى أهمية الهدف الذي يسعى لتحقيقه في صنعاء، بينما استغلت قوات صنعاء التفلت من قبل التحالف في مختلف الجبهات، وسعى الجيش واللجان التابعة لأنصار الله إلى تحقيق مكاسب عسكرية بشكل أكبر وإسقاط مواقع هامة في أكثر من جبهة وقتل العديد من القيادات العسكرية وتحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوف التحالف إجمالاً.
نشير هنا أيضاً إلى تحقيق قوات صنعاء أكبر عملية عسكرية استخبارية ضد التحالف تمثلت في الحصول على الخطة العسكرية لاقتحام صنعاء من أربعة محاور وكان ذلك النجاح في قمة الأزمة بين حليفي صنعاء وسقطت بذلك جهود التحالف على مدى 3 أشهر من الإعداد والتجهيز والتحشيد إلى جبهة نهم استعداداً لتنفيذ خطة الاقتحام التي كان مقرراً تنفيذها خلال إجازة عيد الأضحى، بينما كشفتها قوات صنعاء ونشرت تفاصيل الخطة في وسائل الإعلام عشية العيد.. مثّل ذلك بالنسبة للتحالف ضربة هي الأعنف منذ مارس 2015م وربما كانت تلك الخطة هي السبب الرئيسي في إقالة رئيس أركان القوات الموالية للتحالف محمد المقدشي، الذي تحدثت تسريبات لوسائل إعلامية موالية لحزب الإصلاح إن تسريب الخطة العسكرية لاقتحام صنعاء تمت من مكتب المقدشي نفسه.