الجيش اليمني الأكثر قوة بعد (850) يوم حرب وحصار.. هُزِمَ التحالف (تقرير موسّع)
المساء برس – خاص/ عامان وأربعة أشهر من الحرب المتواصلة والقصف الجوي والبحري والبري ضد القوات العسكرية اليمنية التابعة لتحالف صنعاء (أنصار الله والمؤتمر) ولا تزال هذه القوات موجودة على الأرض تقاتل وتقتحكم وتدير المعارك وتطور من أسلحتها وعتادها العسكري وتبتكر كل يوم طريقة جديدة لاختراق نيرانها الترسانة العسكرية التي تملكها دول التحالف.
وبعد 850 يوم من الحرب والحصار لا تزال القوة العسكرية التابعة لتحالف صنعاء موجودة ولم تضعف كما كان مخططاً لها من داخل الرياض، بل والأكثر من ذلك – وهي حقيقة تؤكد فشل التحالف في إسقاط اليمن عسكرياً – أن الجيش اليمني الموالي لصنعاء أصبح اليوم أكثر قوة وعدة وعتاد عسكري أكثر من أي وقت مضى.
“المعركة لا زالت مستمرة”
يتحدث حلفاء صنعاء اليوم بلغة “المتحكم بمجريات الأمور”، ومن موقع القوة يعلن زعيم حركة أنصار الله أن معركة الجيش اليمني لا زالت مستمرة بل إنه يحدد الفترة الزمنية التي سيستمر فيها اليمن في الحرب مع السعودية وكأن قرار إنهاء الحرب من عدمه بيد صنعاء وليس الرياض، فهل وصلت القوات العسكرية اليمنية الموالية لأنصار الله والمؤتمر من القوة والخبرة العسكرية والقتالية حداً يسمح لها بالسيطرة على مجريات العمليات الحربية في مختلف الجبهات.
يرى أحد المحللين العسكريين إن مجريات العمليات العسكرية على الأرض منذ فبراير من العام الجاري تؤكد بأن التحكم بمسار هذه العمليات أصبح بيد قوات صنعاء، وأن غرفة العمليات المركزية التي تدار منها كافة العمليات العسكرية في الجبهات الداخلية والخارجية هي من تحدد التصعيد العسكري في هذه الجبهة أو تلك والتهدئة في أخرى.
ويؤكد المحلل العسكري الذي فضّل عدم ذكر اسمه في تصريح لـ”المساء برس” إن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن تحول من المخطط والمدبر للعمليات الهجومية إلى المخطط لإدارة العمليات الدفاعية، وأصبحت غرفة عمليات التحالف تواكب المعارك بناءً على العمليات الهجومية المفاجئة هنا وهناك التي تدار من غرفة عمليات قوات صنعاء.
ويرجع المحلل العسكري في الجيش اليمني ذلك إلى أن الخبرة العسكرية والقتالية في الجيش اليمني والقوات المساندة من اللجان الشعبية موجودة أكثر من تلك التي تخطط وتدير المعارك في غرفة عمليات التحالف، رغم أن الأخيرة لديها من الخبراء العسكريين الأجانب من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ما يكفي لإسقاط دولة بكامل جيشها وعتادها العسكري، لافتاً إلى أن العائق في ذلك هو عامل الانتماء الجغرافي للأرض “فمن يقاتل في أرضه ليس كمن يقاتل في أرض غيره مهما تباينت القوة العسكرية والتسليح المتطور”.
“عقيدة الجيش اليمني.. سلاح قبل أن تكون مبادئ”
يشير الصحفي والمفكر الجيوسياسي اليمني الأستاذ أحمد الحبيشي إلى أن عامل الجغرافيا والانتماء للأرض هو ما يمنح أي مقاتل عقيدة راسخة في قلبه تترجم عن طريق تمسكه بسلاحه واستمراره في القتال حتى النصر أو الموت دون ذلك.
ويقول الحبيشي في تصريح لـ”المساء برس” إن المقاتل اليمني يقاتل على أرضه ودفاعاً عن أرضه وكرامته بينما من يقاتلون في صفوف التحالف إما من المنتمين لأطراف سياسية مناهضة لأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام – وبالتالي تقاتل وفقاً لأيديولوجيا حزبية جهوية – أو مقاتلين أجانب – مرتزقة – لا يقاتلون بأي عقيدة.
ولفت الحبيشي إلى نقطة مهمة تحدد – من وجهة نظره – المنتصر من الخاسر في المعركة وهي مسألة الولاء التي يدين بها مقاتلو كلا الطرفين، وضرب الحبيشي مثلاً على ذلك قائلاً: “الرئيس صالح الصماد يتفقد أبطال الجيش واللجان الشعبية، وبن دغر يتفقد مرتزقة الجنجويد الذين يقاتلون تحت إشراف قوات الاحتلال، الأول يتفقد مقاتليه من منطلق المسؤولية المهنية والثاني بناء على توجيهات التحالف”، مشيراً إلى أن ذلك يمثل نقطة بالغة الأهمية عند المقارنة بين الطرفين.
وأضاف المفكر الحبيشي إن هذه المسألة “الولاء والعقيدة” هي ما يفسر “بقاء القوات العسكرية اليمنية المناهضة للعدوان حتى اللحظة، وتحولها من الدفاع إلى الهجوم ومن التخطيط للاستراتيجية الدفاعية إلى التخطيط للاستراتيجية الهجومية وإدارة المعارك”.
“أسلحة الردع اليمنية”
عندما بدأت الدول الكبرى المصنعة للسلاح لم تبدأ بصناعة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، بل بدأت بالمقذوفات الصغيرة ثم تطورت شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى الترسانة العسكرية المتطورة، والعقول البشرية الغربية التي ابتكرت مختلف أنواع الأسلحة لم تكن لتحقق ذلك لولا التجربة المتكررة والتطوير المستمر.. وبالمثل يسعى العقل اليمني إلى أن يتحرر من التبعية وعدم اللجوء للآخر لمنحه الأسلحة التي يدافع بها عن نفسه، ونظراً للحاجة الملحة فقد اتجه المهندس العسكري اليمني إلى صناعة أسلحته بنفسه بدءاً بالمقذوفات الصغيرة ومن ثم تطوير الصواريخ التي كانت مخزنة في المعسكرات إلى أن وصل إلى صناعة الصواريخ المحلية وتطويرها تدريجياً حتى باتت الصواريخ الباليستية اليمنية الصنع قادرة على ضرب أهداف بعيدة المدى وتشكل تهديداً للأمن القومي والاقتصادي للدول التي تشن حرباً على اليمن، ما يعني أن اليمن باتت تمتلك أسلحة ردع استراتيجية.
ومع استمرار الحرب وغرق دول التحالف في اليمن وعجزها عن الخروج من هذه الحرب منتصرة، تسعى لأن تحقق أعلى معدل لتدمير البنية التحية اليمنية علّها تضعف من قدرات الجيش اليمني وتخضع تحالف صنعاء للاستسلام، لكنها فشلت في تحقيق هدفها واكتسبت بدلاً عن ذلك سمعة سيئة لدى المجتمع الدولي ومنظمات العالم الإنسانية.
“الغرب متخوف من تطوير اليمن للصواريخ الباليستية”
لم يكن أمام الجيش اليمني مع استمرار الحرب إلا أن يتحرك نحو تطوير قدراته العسكرية، مع علم قيادة تحالف صنعاء أن هذا التوجه سيزعج الدول الغربية كـ”الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا”، وهو بالفعل ما باتت تتخوف منه الولايات المتحدة ابتداءً وبريطانيا من بعدها، وتتحدث بذلك التقارير الغربية الصادرة عن مراكز الأبحاث والدراسات عن الشرق الأوسط في واشنطن ولندن وباريس وغيرها من الدول.
واحد من هذه التقارير يقول بأن الولايات المتحدة تشعر بالخطر من تطوير (أنصار الله والمؤتمر) للصواريخ الباليستية، ويكشف أيضاً أن واشنطن تضغط على السعودية وحلفائها ببذل جهود أكبر لإنهاء الحرب في اليمن التي لم تؤدي إلا إلى تعاظم القوى المناهضة لها وتوسع قوتها العسكرية.
وليست زيارة وزير الدفاع الأمريكي للمنطقة الأسبوع قبل الماضي إلا ترجمة لهذه التوجهات الغربية، تحقيق الأهداف في اليمن بشكل أسرع وإضعاف الجيش اليمني ومنعه من تطوير قدراته العسكرية، واستمرار الحرب على اليمن حتى آخر العام الجاري، ولم يتم الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام الرسمية، لكن التسريبات وصلت لوسائل الإعلام الغربية.
“ما الذي حققه التحالف؟”
في الأيام الأولى لعاصفة الحزم التي قادتها السعودية ظهر المتحدث باسم قوات التحالف اللواء أحمد عسيري في مؤتمر صحفي وأعلن تدمير القوة الصاروخية للجيش اليمني والمخازن الاستراتيجية للذخائر ودمر 90 من العتاد العسكري وأعلن السيطرة الجوية والبحرية وأنه في غضون أسابيع سيتمكن من السيطرة البرية.
واليوم وبعد 850 يوم من الحرب والحصار والقصف العشوائي الجوي لا يزال الجيش اليمني محتفظاً بقوته العسكرية وطوّر من عتاده العسكري وبات ينتج الصواريخ الباليستية التي يمكنها ضرب أي عاصمة من عواصم التحالف، كما أنه اكتسب خبرة قتالية لم تكن موجودة لديه من قبل كالدفاع والهجوم البحري وأصبح مؤهلاً لمختلف ظروف القتال في أي وقت وفي أي مكان وقادر على مواجهة الترسانة العسكرية المتطورة.