بين صنعاء وعدن: “أمن المليشيا خيرٌ من فوضى الشرعية”
المساء برس – خاص – المحرر السياسي/ قد تكون الحقائق التي سنوردها في هذا التقرير موجعة للشرعية وحلفائها.. لكنها تظل الحقيقة الدامغة التي لا يمكن للموالين لهادي ووالمناهضين لأنصار الله وصالح إنكارها.
الأمن هو الركيزة الأساسية التي تمكن أي سلطة من بسط نفوذها وممارسة مهامها، وهو أيضاً من يحفظ لهذه السلطة هيبتها أمام فئات الشعب من عدمه، لعل هذه الحقيقة العلمية والتي ثبتت في اليمن وفقاً للواقع المشاهد والمُعاش هي الإجابة الشافية لأهم التساؤلات عن سبب بقاء وصمود حركة أنصار الله ونجاحها في قيادة المناطق التي تسيطر عليها بمعية حليفها المؤتمر بالتزامن مع خوضها أكبر حرب شهدتها اليمن في تاريخها المعاصر، كما أنها إجابة شافية أيضاً لأهم تساؤل عن سبب فشل الشرعية في المحافظات التي تسيطر عليها جنوب اليمن وعدم تمكنها من السيطرة على زمام الأمور الإدارية والمالية والمجتمعية.
تصف الشرعية حركة أنصار الله وحزب المؤتمر بـ”الانقلابيين” ووفقاً لهذا المصطلح فإنه من المفترض أن يكون الانفلات الأمني حاضراً وبقوة في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، وأن الأمن والأمان هو السمة البارزة في المناطق التي تسيطر عليها من تصف نفسها بـ”الشرعية”.
“المليشيا تحمي 80% من المواطنين والشرعية فشلت في حماية 20% فقط”
الانقلابيون الذين يقفون وحيدين في مواجهة الحرب ضدهم ووحيدين في قيادة وإدارة مؤسسات الدولة ووحيدين أيضاً في تولي زمام الحكم لـ80% من سكان البلاد، هؤلاء الانقلابيون اختفت في مناطقهم مظاهر الانفلات الأمني التي كانت موجودة قبل تنفيذ انقلابهم.
أما الشرعية التي تقف إلى جانبها دول الإقليم والدول الغربية الكبرى ومجلس الأمن الدولي والتي تتحمل مسؤولية حماية 20% من مواطني الجمهورية، تشهد مناطقها التي تصفها بـ”المحررة” أكبر انفلات أمني وإداري واجتماعي عرفته اليمن قبل وبعد الوحدة.
“مؤسسات الدولة بين المليشيا والشرعية”
“المليشيات الانقلابية” – كما يحلو للشرعية وصفها – هذه المليشيات التي كانت عبارة عن مدنيين يحملون الأسلحة اليديوية وينتشرون في شوارع وأحياء العاصمة صنعاء وعند بوابات المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للدولة، استطاعت فرض هيبتها وحافظت على ما كانت تقف عليه حارسة في الوقت الذي كان الجميع يتهمها بالملشنة والاستيلاء على مؤسسات الدولة، وهذه المؤسسات هي ذاتها التي عاودت تمارس مهامها بعد تشكيل الحكومة دون أن تحتاج قطعة أثاث واحدة بسبب بقاء “المليشيا” تحرسها من نهب العابثين.
أما “الشرعية” التي كانت تمتلك القوات العسكرية اليمنية الموالية لها وتصرف لها الرواتب والحوافز فشلت في تأمين قصر المعاشيق “دار رئاسة الشرعية” بل فشلت في تأمين بقاء “الرئيس الشرعي” داخل عاصمته المحررة والذي اضطر لمغادرة قصره وآثر العودة إلى منفاه بالرياض، هذه الشرعية فشلت أيضاً في حماية محطات توليد الكهرباء وفشلت في حماية مسؤوليها من عمليات الاغتيال، وفشلت حتى في حماية مقرات الهيئات الدبلوماسية، هذه الشرعية التي فشلت في حماية مؤسسات الدولة في مناطقها المحررة واضطرت لطلب الأموال والمساعدات لإعادة تأثيث مقراتها الحكومية المختلفة التي تعرضت للسلب والنهب من قبل من كانوا يقاتلون معها.
“أمن المليشيا ولا خوف الشرعية”
“المليشيات الانقلابية” وبسبب انعدام الجريمة في مناطقها التي تسيطر عليها واختفاء العصابات الإرهابية وعصابات السلب والسطو المسلح وارتفاع درجة الأمن والاستقرار المجتمعي وإحساس المجتمع بوجود الدولة أو بتوصيف الشرعية “انقلابيون ومليشيا” يمارسون مهام الدولة، هذا الوضع الأمني بالمجمل دفع بمن يهربون من المدن التي تسيطر عليها الشرعية أو تلك التي تشهد حرب شوارع إلى النزوح نحو مناطق المليشيا لأنها بالنسبة لهم أكثر أماناً من مناطق الشرعية، والعاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة المليشيا بات النازحون إليها من مناطق الشرعية ضعف أولئك القادمين من مناطق المليشيا.
أما الشرعية والتي من المفترض أن تكون مناطقها هي الآمنة والمهيئة لإيواء النازحين الهاربين من الحرب في مختلف مناطق الجمهورية، فإن الانفلات الأمني في مناطقها وغياب وجود الدولة وانتشار بدلاً عن ذلك الجماعات المسلحة التي تتصارع فيما بينها من وقت لآخر، تلك الأوضاع هي ما دفعت بالمواطنين – حفاظاً على حياتهم – النزوح إلى مناطق المليشيا الأكثر أماناً واستقراراً، حيث يغادرون مناطق الشرعية ولسان حالهم يقول “أمن المليشيا ولا خوف الشرعية”.
“فريق الأمم المتحدة في اليمن يقرر إبقاء عمله ومقره الرئيسي في صنعاء ويلغي نقله إلى عدن”
المليشيا استطاعت أن توفر البيئة الأمنية والملائمة لاستمرار عمل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى منذ اندلاع الحرب حتى اليوم.
بينما الشرعية فشلت في تأمين مقر إقامة الحكومة في عدن حين قررت إعادتها إلى البلاد وبدء ممارسة مهامها في عهد خالد بحاح، وحينها تراجعت البعثة الدولية العاملة في مكتب الأمم المتحدة في صنعاء عن قرارها الذي قضى بنقل مهام عملها ومقرها من صنعاء إلى عدن.