الكوليرا يفتك باليمنيين : إحصائيات مفزعة وجدل حول الأسباب

يقترب عدد ضحايا وباء الكوليرا الذي تفشى مؤخراً في العاصمة صنعاء من حدود 2000، منهم ما يزيد عن 1500 مصاب سُجلوا في مراكز «الكوليرا» المتواجدة في العاصمة صنعاء وبعض المستشفيات الحكومية الأخرى، إلا أن هناك عدداً كبيراً من الضحايا لم يحظوا حتى بشهادة وفاة.
في غضون 48 ساعة من إصابة والدته بـ«الكوليرا»، تحولت حياة جمال الريمي (30 عاماً) إلى جحيم. فجمال الذي سارع إلى إسعاف والدته، مساء يوم الجمعة الماضي، إلى مركز أزال المخصص لاستقبال المصابين بـ«الكوليرا» في منطقة نقم غرب العاصمة صنعاء، عاد حاملاً والدته التي فارقت الحياة، بعدما استنجد بعدد من مستشفيات العاصمة صنعاء العامة والخاصة التي فشلت في إنقاذ حياتها، لعدم وجود الإمكانيات الكافية لمواجهة «الكوليرا»، التي تجهز على جهاز المناعة وتصيب وظائف الكلى وتتسبب بضمور في المخ وتؤدي إلى هبوط حاد في ضغط الدم حتى الوفاة.
وأثناء تواجد مراسل «العربي»، صباح الأحد، في مستشفى أزال في العاصمة، لاحظ خروج خمس جثث لنساء كبار في السن كن يعانين من «الكوليرا» في ساعات فقط، وهو ما أثار تساؤلات حول العدد الحقيقي لضحايا وباء الكوليرا الذي اجتاح صنعاء الأسبوع الماضي وأصبح الوضع في ظله كارثياً.
تناقض
وتشير آخر إحصائية لضحايا الكوليرا، صادرة مساء السبت عن وزارة الصحة العامة في حكومة الإنقاذ، إلى وصول إجمالي الحالات المشتبه بإصابتها بوباء الكوليرا إلى 1681 حالة في أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء، إب، حجة، ذمار، عمران، الضالع، تعز، ريمة، البيضاء، الجوف، المحويت، والحديدة، فيما لم تذكر الوزارة وجود وفيات.
ويفيد مصدر طبي في محافظة حجة، بدوره، بأن وباء الكوليرا، الذي انتشر في عدة مديريات بالمحافظة، أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 18 شخصاً خلال الأيام الماضية، في حين بلغ عدد الإصابات بالوباء 2046 شخصاً بينهم نساء وأطفال. وفي محافظة المحويت أيضاً سُجل ارتفاع مخيف للإصابات مطلع الأسبوع الجاري تجاوز الـ200 حالة، فيما تجاوزت الإصابات المعلن عنها من قبل السلطات الطبية في محافظة الجوف الـ50 حالة.
وفي ظل تناقض أرقام الضحايا الذين سجلوا في المشافي العامة والخاصة، يموت العشرات بصمت في منازلهم بسبب الوباء، لعدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج في المستشفيات التي تفوق قدرات الأغنياء، ناهيك عن الفقراء والمعدمين الذين لا يجدون قوت يومهم.
«أطباء بلا حدود»
وأعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» ومسؤولون في وزارة الصحة في صنعاء، يوم الأحد، الاشتباه في إصابة مئات الأشخاص بـ«الكوليرا» في اليمن. وقال ممثل المنظمة في اليمن، غسان أبو شعر، في تصريحات لوكالة «فرانس برس»، «(إننا) قدمنا العلاج لأكثر من 570 حالة على الأقل في الأسابيع الثلاثة الماضية، ممن يشتبه بإصابتهم بالكوليرا في مناطق عدة»، مشيراً إلى «ارتفاع كبير في حالات الإصابة خلال الأسبوع الماضي».
مصدر الوباء
وفي ظل الإرتفاع في عدد الضحايا، يتساءل الكثير من المواطنين حول مصدر الوباء الذي لا يزال حتى الآن مجهولاً. حكومة «الإنقاذ الوطني»، برئاسة عبد العزيز بن حبتور، اعترفت، الأحد، خلال لقاء عقد في وزارة الصحة، بأن الوباء غير طبيعي وغير مسبوق. وأكد بن حبتور «قيام حكومته بواجباتها تجاه المجتمع ومكافحة هذا المرض في حدود ما هو متاح من إمكانيات»، موجهاً وزارة الصحة بـ«إجراء المزيد من القراءة والتحليل الطبي المخبري والإحصائي عن الكوليرا والكشف عن أسباب انتشاره على هذا النحو غير المسبوق».
سلاح جرثومي
ونشرت صحيفة «الثورة» الرسمية، قبل تفشي الوباء بأسبوع، تصريحاً لمصدر عسكري اتهم فيه طيران «التحالف» باستهداف العاصمة صنعاء بالغازات السامة. ووفقاً للصحيفة، فإن طيران «التحالف» أفرغ، الأسبوع الماضي، في سماء صنعاء غاز «الكيمتريل» الذي تنتج منه سحابة بيضاء، في حادثة هي الثانية في أقل من شهر. وبحسب تقارير مراكز الدراسات العسكرية العالمية، فإن غاز «الكيمتريل» يُستخدم لأغراض عسكرية وأغراض بيئية، حيث يتسبب بانتشار أنواع كثيرة من البكتيريا والفيروسات القاتلة التي تنتشر عبر الهواء وتصيب الآلاف من الضحايا. وفيما لا يزال استخدام «التحالف» أسلحة جرثومية مجرد فرضية قابلة للصحة والخطأ، فإن تراكم القمامة في شوارع العاصمة صنعاء نتيجة إضراب عمال النظافة منذ عدة أيام فاقم الوضع البيئي وزاده خطورة

العربي – رشيد الحداد 

 

  • الصورة تعبيرية .

قد يعجبك ايضا